خاص : كتبت – هانم التمساح :
بدأت الحكومة العراقية تصفية حساباتها وانتقامها من النشطاء السياسيين والصحافيين، الداعين للتظاهرات، عقب توقف التظاهرات مباشرة، فوضعت “قائمة سوداء” لهم بين معتقل ومهدد بالقتل والاختطاف وتفتيش أجهزة هواتفهم وأجهزة الكمبيوتر، مما تسبب في نزوح بعض النشطاء وهروبهم إلى “إقليم كُردستان العراق”.
اعتقالات للنشطاء واختفاء قسري..
وأدانت “منظمة العفو الدولية” حالات تهديد وتوقيف الإعلاميين، وأكدت على أنها تتابع عن كثب التطورات في “العراق” بعد توقف المظاهرات، قائلة: “ما زلنا نرصد حالات مقلقة من تهديد وترهيب للناشطين”.
وقامت قوة أمنية، باعتقال الناشط والمدون، “شجاع الخفاجي”، مؤسس صفحة (الخوة النظيفة)؛ التي يتابعها أكثر من مليون شخص على مواقع التواصل الاجتماعي، وصادرت هاتفه الشخصي والحاسوب دون ذكر الأسباب، دون أن تُعلق الحكومة العراقية، حتى الآن، على الحادث.
وقال الخبير الأمني، “هشام الهاشمي”، أن قوة من الأمن اعتقلت الناشط، “شجاع الخفاجي”، وأقتادته إلى مطار “المثنى” بدون أوامر قبض؛ وأقتادته بطريقة مستهترة، وأضاف “الهاشمي” أن: “أخطر عيب ليس كما أعتقدنا أن يأمر الرئيس فلا يُطاع، لكن المشكلة هي أن ينكر ما وعد به”.
تهديدات لإعلاميين طالبوا بالإفراج عن المعتقلين..
وفي السياق ذاته؛ دعا عدد من العاملين في المجال المدني والإعلامي، في “العراق”، الحكومة العراقية؛ إلى الكشف عن مصير الناشط والروائي، “ميثم الحلو”، الذي اختفى أثره منذ الأيام الأولى للتظاهرات.
وتساءل الإعلامي العراقي، “سعدون محسن ضمد”: “ميثم الحلو، أين ؟.. ميثم؛ منذ ما يقارب السنة مهموم بشؤونه الخاصة ولا يكتب أو يتفاعل مع الشؤون العامة نهائيًا، وصفحته في (فيس بوك) شاهد على ما أقول، فلماذا يختطف أو يعتقل ؟.. وهذا السؤال موجه إلى، فالح الفياض، مستشار جهاز الأمن الوطني، الذي فتح نار اتهاماته على الإعلاميين والمثقفين والمدونين، ففتح الضوء الأخضر لاختطافهم”.
كما أكد أن خطاب التهديد الموجه من رئيس جهاز مُكلف بجمع المعلومات والكشف عن، (المندسين)، غير موفق، (يقصد الأمن الوطني)، فالمنتظر منه أن يكشفهم لنا بصمت، لا أن يهددهم عبر الإعلام، “لأن الكلام الغاضب يرسل رسالة عجز وضعف”، مطالبًا: بـ”إطلاق سراح المعتقلين أو محاكمتهم بشكل علني، بدلاً من أن يخفوهم، كما فعلوا بالعشرات قبلهم”.
أما الكاتب، “جبار العرداوي”، فقد ندد بما تفعله أجهزة الأمن “القمعية” تجاه أصحاب الرأي “الحر” ودعاة الحراك الاحتجاجي السلمي في “العراق”.
وقال إن: “الكثير من الساسة لا يروق لهم وجود صوت احتجاجي على أدائهم في السلطة”، مبينًا أن: “هؤلاء الساسة يحاولون بكل الوسائل لي عنق الدستور الذي يسمح لنا بالنقد والتظاهر والاحتجاج، لكنهم لا يتحملون ذلك، لأنهم دكتاتوريون”.
وتابع “العرداوي” قوله: “ما الذي فعلناه من خرق القانون؛ لكي توجه لنا ولزملائنا تهديدات بالتصفية الجسدية في حال استمرارنا وغيرنا بالتحشيد لتظاهرات الخامس والعشرين من الشهر الحالي”، مضيفًا: “نحن لا نتظاهر بطرًا، بل ننطلق من حاجة إنسانية إلى التغيير، لأن حكومات النظام الحالي فشلت في توفير أبسط مقومات العيش الكريم للإنسان العراقي”.
في حين أكتفى رئيس (الحشد الشعبي)، “فالح الفياض”، الذي وجهت إلى بعض فصائله أصابع الاتهام بترهيب واعتقال إعلاميين وناشطين، بنفي تورطه باعتقال صحافيين.
تهديدات بالقتل !
ويتلقى العديد من الناشطين المدنيين في “العراق”، تهديدات بالتصفية الجسدية في حال تحشيدهم لتظاهرات، الخامس والعشرين من تشرين أول/أكتوبر الحالي. مما دفع الكثير منهم إلى مغادرة مدنهم صوب “إقليم كُردستان العراق”. في حين يكتنف الغموض مصير بعض الناشطين المختطفين منذ بداية التظاهرات، في الأول من الشهر الحالي. ولا تزال قضية مقتل الإعلامي، “آمانج باباني” وأسرته، منذ الأربعاء، في مدينة “السليمانية”، في “كُردستان العراق”، تتفاعل.
وقُتل نحو 100 عراقي، ما بين مدني وعسكري، فيما أُصيب المئات، بعدما شهدت العاصمة، “بغداد”، ومحافظات عدة في وسط وجنوب “العراق”، تظاهرات شعبية عارمة، طالبت بتوفير فرص عمل للعاطلين، وتحسين الخدمات، والقضاء على “مافيات” الفساد التي تهيمن على مؤسسات الدولة العراقية.
“الصدر” يندد بالاعتقالات وتكميم الأفواه..
من جهته؛ طالب زعيم التيار الصدري، “مقتدى الصدر”، بعدم “تكميم الأفواه الحرة”، منددًا بـ”القمع” الذي يطال الناشطين والإعلاميين العراقيين.
وقال “الصدر”، في تغريدة له على حسابه الرسمي في (تويتر): “لا يجب أن نكمم أفواه أصوات الإعلام الحر، وإن أي إعتداء عليه من الدولة لهو قمع لحرية الصوت المعتدل”، داعيًا إلى محاسبة “المعتدين”. وفقًا لتصريحه.
قائمة سوداء بالصحافيين.. ومداهمات..
إلى ذلك، كشف ناشطون عراقيون عن تعرض منازلهم إلى الإقتحام من قِبل جماعات مسلحة بغية ترويعهم وأهاليهم، مشيرين إلى وجود قائمة بأسماء الناشطين الناقدين للوضع السياسي القائم في البلاد.
وقال “علي الصالحي”، الذي يقيم في “أربيل” منذ عدة أيام: “داهمت جهات مسلحة بزي عسكري رسمي، منزلي في إحدى مناطق شرقي العاصمة، بغداد، نتيجة مطالبتنا بالتظاهر، وتحشيد الناس للخروج ضد الحكومة الفاسدة”، مبينًا أن: “صديقي في أحد الأجهزة الأمنية أبلغني بوجود اسمي على رأس قائمة من المدونين والناشطين المطلوبين، مما دفعني إلى الهرب قبيل مداهمة منزلي بيوم واحد”، وقال “الصالحي” إن: “عدة صحافيين عراقيين اضطروا، خلال الأيام القليلة الماضية، إلى ترك بغداد ومدن الجنوب والتوجه نحو محافظات كُردستان، في إجراء إحترازي لمنع اعتقالهم بتهم الترويج ودعم المتظاهرين، لا سيما العاملين في مجالات التدوين والتليفزيون. وقد تلقى عدد منهم اتصالات من أرقام مجهولة هددتهم بالتصفية في حال استمرارهم بمزاولة الصحافة”.
اتهامات لميليشيات “تحالف الفتح”..
إلى ذلك؛ أشر الناشط المدني البغدادي بـ”أصابع الاتهام إلى الجماعات المسلحة الموالية لإيران”، مبينًا أن “(تحالف الفتح) المُشكل للحكومة لا يريد تغييرًا في الوضع الراهن، لهذا يزج بميليشياتهِ ضد كل من يحاول التمرد عليه شعبيًا”.
ولعل أكثر ما يتداول حاليًا بين الصحافيين والإعلاميين العراقيين؛ هي “القائمة”، وقد أكد هذه المعلومة مسؤولون في أحزاب مدنية في “العراق”.
وتضم تلك القائمة أسماء أكثر من 300 شخص من العاملين في الصحافة العربية والأجنبية، ولم يسلم منها ممثلون كوميديون، ولعل أبرزهم صاحب البرنامج الساخر (ولاية بطيخ)، “علي فاضل”، الذي كتب على حسابه الموثق على، (إنستغرام)؛ أن: “جهات أمنية تضع اسمه ضمن قائمه سوداء”.
اتهامات لـ”أبوزينب اللامي” بقتل المتظاهرين..
وبعد أيام من موجة العنف الدموي التي رافقت التظاهرات الشعبية في “العراق”، أتجهت الأنظار المحلية والدولية صوب القيادي في (الحشد الشعبي)، “أبوزينب اللامي”، المتهم بقمع التظاهرات التي اندلعت، بداية تشرين أول/أكتوبر الحالي.
و”اللامي”؛ هو لقب، لـ”حسين فالح”، أبرز قياديي (الحشد الشعبي) المرتبطين بـ (فيلق القدس) الإيراني، إذ يدير أهم مديرية حساسة داخل هيئة الحشد، وهي مديرية الأمن فيها.
ونشرت وكالة (رويترز)، في 17 من الشهر الجاري، تقريرًا وجه اتهامات إلى “اللامي” بالمسؤولية عن نشر قناصين استهدفوا المتظاهرين، خلال الاحتجاجات التي شهدها “العراق”، على مدى أسبوع منذ مطلع تشرين أول، نقلاً عن إثنين من المسؤولين الأمنيين دون الكشف عن هويتهما.
وينتمي “أبوزينب اللامي” إلى محور “ولاية الفقيه” داخل هيئة (الحشد الشعبي)، وهو شخص مقرب من القيادي الحشدي الموالي لـ”طهران”، “أبومهدي المهندس”، ومارس “اللامي” أدوارًا قيادية عسكرية في ميليشيات إيرانية متعددة، أبرزها ميليشيات (كتائب حزب الله) وميليشيات (كتائب سيد الشهداء)، وآخرها ميليشيات (عصائب أهل الحق)، قبل أن يلتحق بمهمته الجديدة؛ وهي إدارة مديرية أمن الحشد، الهيئة التابعة لرئيس الوزراء العراقي.
وينقسم (الحشد الشعبي) في “العراق” إلى محورين فقهيين، الأول هو محور الكتائب العسكرية التابعة لـ”العتبات المقدسة”، التي تتبع مرجعية، آية الله “علي السيستاني”، في مدينة “النجف”، والملتزمة بأوامر القائد العام للقوات المسلحة؛ وفقًا لتوجيهات “السيستاني”، فيما ينتمي المحور الثاني، (كتائب حزب الله في العراق، النجباء، العصائب، سيد الشهداء، سرايا الخرساني)، إلى مرجعية المرشد الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، والتي تمارس مهمات أمنية وعسكرية في داخل “العراق” و”سوريا”، وفقًا لأوامر الجنرال “قاسم سليماني”.
واسم “أبوزينب اللامي”؛ سطع في نجم الإعلام المحلي والدولي، بعد مجزرة التظاهرات التي حصلت في “العراق”، واتهامات طالت “اللامي” بعد انتشار منتسبين أمنيين، قناصة، في أعلى البنايات المقربة من ساحات التظاهر، والتي عملت على قنص المتظاهرين الشباب.
مطالبات بـ”وقفة جادة” ضد الإنتهاكات..
ووصفت “جمعية الدفاع عن حرية الصحافة”، في “العراق”، ما تعرض ويتعرض له الصحافيون والناشطون المدنيون بالـ”سابقة الخطيرة”، فيما طالب صحافيون بـ”وقفة جادة” للحد من هكذا إنتهاكات.
بدوره؛ قال الصحافي، “أحمد حسن الدليمي”، إن: “جميع فريق الوكالة الإخبارية المحلية، في بغداد، حيث أعمل غادر المدينة، بعدما تلقينا سلسلة من التهديدات بالتصفية واقتحام مبنى الوكالة وحرقه على أصحابه والعاملين فيه”.
وتابع: “هذا الإستهتار من قِبل المليشيات والجهات التي تتجول في بغداد مع أسلحة مرخصة وسيارات حكومية؛ دفعنا إلى الإنتقال جميعًا إلى إقليم كُردستان، من أجل الاستمرار في تغطية التظاهرات والأحداث الحالية”.
إلى ذلك، طالب الصحافي العراقي، “الجهات المعنية المسؤولة، بوقفة جادة للحد من هكذا إنتهاكات تطال السلطة الرابعة في العراق”، متسائلاً: “إلى متى نبقى بدون غطاء قانوني”.