خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
تأسست ميليشيات “الحشد الشعبي” في “العراق” بهدف الدفاع عن العاصمة، “بغداد”، والتصدي للجهاديين السُنة المنتمين لتنظيم (داعش) الإرهابي؛ غير أن تلك الميليشيات الشيعية تنامت قوتها يومًا بعد يوم بفضل امتلاكها للاسلحة الأميركية وحصولها على الدعم الإيراني.
وبعد سيطرة تنظيم “حزب الله” على “لبنان”؛ وسيطرة جماعة “الحوثي” على “اليمن”، يتساءل الخليجيون والإسرائيليون: هل باتت “إيران” تسيطر على دولة عربية أخرى وهي “العراق” ؟
إنتهاء دور “الحشد الشعبي”..
يقول “يارون فريدمان”؛ المحلل الإسرائيلي لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية؛ إن الميليشيات الشيعية العراقية والمكونة من عشرات الفصائل، كان من المقرر أن ينتهي دورها العام الماضي؛ بعدما حاربت إلى جانب الجيش العراقي وساعدت في القضاء تنظيم (داعش).
وبحسب “فريدمان”، فقد تأسست الميليشيات الشيعية بعد الفتوى الشرعية التي أصدرها المرجع الشيعي العراقي الأعلى، آية الله “علي السيستاني”، الذي دعا لقتال التنظيم السُني المتطرف، (داعش)؛ معتبرًا إياه أخطر تهديد على مستقبل الطائفة الشيعية، التي تمثل 60% من سكان “العراق”.
فلبَّى عشرات الآلاف من أبناء الشيعة دعوة “السيستاني”، وأنضموا إلى صفوف ميليشيات “الحشد الشعبي”.
مهمة محدودة وميزانية متزايدة..
عندما صادق رئيس الوزراء العراقي، “نوري المالكي”، في حزيران/يونيو 2014، على تأسيس تلك الميليشيات؛ كان هدفه الأساس هو الدفاع عن العاصمة، “بغداد”، والوقوف في وجه تنظيم (داعش).
وفي عام 2015؛ قررت الحكومة العراقية تخصيص ميزانية سنوية للميليشيات الشيعية بقيمة ستين مليون دولار تقريبًا، وأخذت تلك الميزانية تزداد عامًا بعد عام.
لكن الأوضاع قد تغيرت خلال الفترة الأخيرة، حيث انتقلت الميليشيات الشيعية من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم؛ وخلال فترة الحرب ضد (داعش) فرضت “إيران” هيمنتها على تلك الميليشيات العراقية مثلما تهيمن على تنظيم “حزب الله” في “لبنان”.
حل الميليشيات.. مهمة خطيرة !
خلال فترة الحرب ضد ما يسمى بـ”تنظيم الدولة الإسلامية”؛ ربما كانت هناك مصالح مشتركة بين “الولايات المتحدة” والجيش العراقي و”الحشد الشعبي”، ولكن بعدما تم القضاء على ذلك التنظيم السُّني في العام الماضي، أصبحت الميليشيات الشيعية تمثل عبئًا اقتصاديًا وعسكريًا ثقيلًا على “العراق”.
وحتى يمكن إضعاف النفوذ الإيراني في العراق، حاولت حكومة بغداد حلّ ميليشيات الحشد الشعبي وضم أفرادها إلى صفوف الجيش النظامي، ولكن تلك المحاولة لم تتحقق بشكل كامل. علما بأن الحكومة العراقية كانت خلال فترة الحرب قد أمدت تلك الميليشيات بكثير من الأسلحة الأمريكية، لذا فإن أية محاولة لحلِّها في الوقت الراهن ربما ستكون محفوفة بالمخاطر.
خلاف داخل صفوف “الحشد الشعبي” !
يرى “فريدمان” أن رئيس هيئة الحشد الشعبي، “فالح الفايد”، الذي يتبنى مواقف معتدلة تجاه “الولايات المتحدة”؛ قد اختلف مؤخرًا مع نائبه، “أبومهدي المهندس”، الذي سارع باتهام القوات الأميركية بالسماح للطيران الإسرائيلي بقصف مواقع الميليشيات الشيعية داخل الأراضي العراقية.
فيما شكك “الفايد” في ذلك الاتهام قائلًا، أمام رئيس الحكومة الحالية، “عادل عبدالمهدي”، إن كلام “المهندس” لا يمثل الميليشيات. وأكد “الفايد” أن الميليشيات باتت خاضعة للمؤسسة الأمنية العراقية. لكن كثيرًا من قادة “الحشد الشعبي” أستشاطوا غضبًا من تصريحات “الفايد”؛ واعتبروها تزلفًا للأميركان.
مساويء “الحشد الشعبي”..
والآن بات هناك صراع داخل قيادة الميليشيات، بين الموالين لـ”إيران” والموالين لحكومة “بغداد”، ممن يريدون استمرار الدعم الأميركي لـ”العراق”.
فالمناوئون لـ”إيران”؛ مثل الشيخ “مقتدى الصدر”، يتهمون “الحشد الشعبي” بإرتكاب أعمال بالسلب والنهب، والإعتداء على المواطنين الأبرياء من أهل السُنة. أضف إلى ذلك أن المعسكر السُني، المدعوم من “قطر” و”تركيا”، يرى أن “الحشد الشعبي” يمثل تهديدًا خطيرًا لمستقبل أهل السُنة في “العراق”.
وكانت “السعودية” و”الإمارات” قد حذَّرتا من أن “الحشد الشعبي” لا يقل سوءًا عن تنظيم (داعش)، وأنه يخدم المصالح الإيرانية. أما “الولايات المتحدة” فقد صنَّفت بعض فصائل “الحشد الشعبي” ضمن التنظيمات الإرهابية.
إسرائيل ليست العدو الوحيد لـ”الحشد الشعبي”..
خلال الفترة الأخيرة؛ تورطت “إسرائيل” هي الأخرى في المعترك العراقي؛ لا سيما بعدما أفادت وسائل إعلام عربية أن الطيران الإسرائيلي استهدف بعض مواقع “الحشد الشعبي” في “العراق”.
وهنا يشير “فريدما” إلى أن “إسرائيل” متهمة بقصف مواقع لميليشيات عراقية؛ لكن هناك أعداء آخرين لـ”الحشد الشعبي” قد يكونوا هم من نفذ تلك الهجمات المجهولة الأخيرة وليس “إسرائيل”. إذ أن تعاون التنظيمات الموالية لـ”إيران”، داخل بلدان العالم العربي، لا يُقلق “إسرائيل” وحدها؛ بل يقلق أيضًا جميع دول المحور السُني المعتدل، الذي يقف في وجه ما يسمى بـ”محور المقاومة”، المكون من “إيران” والنظام السوري و”حزب الله” اللبناني وجماعة “الحوثي” في “اليمن” وأخيرًا ميليشيات “الحشد الشعبي” في “العراق”.
يضيف “فريدمان”؛ بأنه حتى داخل “العراق” هناك أطراف عديدة تعادي ميليشيات “الحشد الشعبي”، مثل السُّنة في غرب البلاد وقوات “البيشمركة” في الشمال، إضافة إلى القوات الأميركية المنتشرة في أنحاء “العراق”. وكل تلك الأطراف تعتبر الميليشيات الشيعية تنظيمات إرهابية.
وحتى داخل المعسكر الشيعي في جنوب شرق “العراق”، هناك مناوئون لـ”الحشد الشعبي”، بقيادة “مقتدى الصدر”. لذا فإن أي هجوم ضد “الحشد الشعبي” قد يأتي من “السعودية” أو “الكويت” في الجنوب أو حتى من الميليشيات الكُردية التابعة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” المتمركزة في شمال “سوريا”.
وبالطبع فإن لـ”إسرائيل” هي الأخرى مصلحة في استهداف المواقع التابعة للميليشيات الشيعية في “العراق” بسبب تعاونها مع “محور المقاومة”، وبسبب مساعيها في نقل الأسلحة الإيرانية إلى أعداء “إسرائيل” في كل من “سوريا” و”لبنان”.