خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
دخلت أزمة “سد النهضة”، في ضوء التجاهل الإثيوبي وإعلان المرحلة الثانية من عملية تحزين المياه دون الوصول إلى اتفاق مع “مصر” و”السودان”، مرحلة جديدة من التوتر غير المسبوق بين الدول الثلاث.
ذلك أن “القاهرة” تريد، وكذلك “الخرطوم”، التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد مليء السد وتشغيله، اتفاق يتضمن آلية قانونية ومُلزمة يمكن الاستفادة منه حال بروز مشكلة، لكن “إثيوبيا” تعارض فكرة الاتفاق المُلزم وتؤكد على الإكتفاء: بـ”مباديء إرشادية غير مُلزمة”؛ بينما تُعارض “مصر” و”السودان”؛ هذا المقترح بشدة. بحسب وكالة أنباء (مهر) الإيرانية.
تأثيرات “سد النهضة”..
وتعتمد “مصر” على “نهر النيل” في توفير نسبة 90% من مياه الشرب، وأي نقص في حصة “القاهرة” المائية سيفضي إلى تبعات اجتماعية واقتصادية مدمرة، بينما تعتقد “إثيوبيا” أن “سد النهضة” سوف يؤثر باستثمارات: 4.6% في تحويل هذا البلد إلى قطب إقليمي للطاقة، وقد يقضي على الفقر في “إثيوبيا”.
في غضون ذلك، فالخلاف بين الدول الثلاث ينصب على مقدار فتح “إثيوبيا” بوابات السد؛ حال انخفاض مستوى المياه.
وبتشغيل السد سيكون بمقدور “إثيوبيا” أن تتحول إلى أكبر مصدر للطاقة الكهربائية في “إفريقيا”. ويقع “سد النهضة” على مسافة 20 كيلومتر من “السودان”. و”مصر” تتخوف من انخفاض مستوى حصتها المائية التي تستخدمها في الشرب والزراعة والصناعة. ولذلك تُعارض بقوة قرار الحكومة الإثيوبية إطلاق المرحلة الثانية من عملية تعبئة السد.
إعلان الحرب..
وتزداد بشكل يومي احتمالات الهجوم “المصري-السوداني” على “سد النهضة” الإثيوبي، حيث تفكر البلدان في الاستفادة من الخيار العسكري بسبب تهديد أكثر من 40 مليون شخص في البلدين.
في الإطار ذاته؛ فشلت كل جهود الوساطة ولم يبقى إلا خيار الحرب. وقد أعلن، “مصطفى حسن الزبير”، كبير المفاوضين السودانيين إنطلاق المرحلة الثانية من تعبئة “سد النهضة”. وهذا يعني بداية ساعة الصفر بالنسبة للجانبين، المصري والسوداني، حيث بدأت كلا البلدين في اتخاذ خطوات باتجاه إعلان الحرب على “إثيوبيا”، وإلا تعرضت للمساءلة الشعبية.
وقد نفذت “السودان” و”مصر” مناورات عسكرية بكافة الأسلحة، أيار/مايو الماضي، لكن يبدو أن “إثيوبيا” لا تعبأ كثيرًا بهذه المناورات التحذيرية. وتضغط على تنفيذ المرحلة الثانية من مليء السد، حيث أعلن، “آبي أحمد”، رئيس الوزراء الإثيوبي، قبل أيام، بلاده بناء أكثر من مئة سد صغير ومتوسط على “النيل”، وقال في مراسم افتتاح المرحلة الأولى من طرق (إداما-أوش) بطول 60 كيلومتر: “من المقرر بناء أكثر من مئة سد صغير ومتوسط في مختلف مناطق الدولة، وهذه السدود سوف تلعب دورًا فعالًا في مضاعفة الإنتاج الزراعي بغرض تحقيق الأمان الغذائي الإثيوبي”.
وهو ما يعكس أن مشروع السد لا يقتصر على إنتاج الكهرباء، وإنما في إطار الإستراتيجية الإثيوبية للاستيلاء على مياه “النيل” والاستفادة منها في مشاريع زراعية؛ دون رعاية المصالح المائية “المصرية-السودانية”.
الاستيلاء على “نهر النيل”..
من جهة أخرى، فالضغط الإثيوبي للمضي قدمًا في مرحلة التعبئة الثانية؛ إنما يعكس أن الهدف ليس التنمية وإنتاج الكهرباء فقط، وإنما تسعى “أديس أبابا” للسيطرة على مصادر “نهر النيل” وبيعها الأمر الذي أثار ردود فعل مصرية غاضبة، حيث أعلن، “عبدالفتاح السيسي”، أن كل الخيارات مفتوحة بما فيها العسكري رغم التبعات الدولية.
ورغم أنه لا يمكن تخمين كيفية التعامل “المصري-السوداني” على نحو الدقة، لكن يعتقد الكثيرون أن “مصر” لن تتورع عن أي خطوة من شأنها تخريب “سد النهضة”؛ بالتعاون مع “السودان”، بغض النظر عن التبعات المحتملة.
عدم تأييد دول الخليج !
والجدير بالإهتمام أن “مصر” لا تحظى بالتأييد العربي، وخاصة حلفاءها في دول الخليج، التي تميل في الغالب للقيام بدور الوساطة حتى لا يبدو أنها تقف مع “مصر”.
وفي هذا الصدد؛ يقول “نبيل فهمي”، وزير الخارجية المصري السابق: “المواجهة بين مصر وإثيوبيا ستكون حتمية، لأن جذور أزمة سد النهضة مخبوءة في حقيقة أن مفاوضات الدورات السابقة التي اعتمدت العمل على فرض رؤية أفضت إلى الإضرار بالآخر… أضف إلى ذلك، أن إثيوبيا تسعى اتخذت قرارًا بشأن مصير مجرى المياه من النيل وعبورها باتجاه الدول الأخرى”.
والسؤال: هل تُقبل “مصر” على الخيار العسكري بعد فشل تجربة مارثون المفاوضات الفاشلة مع “إثيوبيا” ؟.. في الحقيقة تصعب الإجابة على هذا السؤال، لكن يعتقد المحللون أنه بالنظر إلى وجود منظومة إسرائيلية لحماية السد ومساندة الصهاينة للموقف الإثيوبي، يتعين على “القاهرة” معرفة أن رأس الأفعى في “إسرائيل”؛ وليس في “أديس أبابا”، والتعامل مع هذا الموضوع وفق هذا الأساس. وحذر الخبراء من خطورة الأيام المقبلة حال استمرار “إثيوبيا” على هذا التهج.