2 مايو، 2024 12:51 ص
Search
Close this search box.

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. هل يهدد الصراع أنظمة عربية بانتفاضات شعبية مرتقبة ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

نشر موقع (ذا جيوبولوتيكس) الأميركي التحليلي مقالًا للكاتب المستقل؛ “ماتيو بيس”، الذي درس العلاقات الدولية في جامعة “تورين”، حول تأثير الحرب الأوكرانية في الأمن الغذائي في الشرق الأوسط واحتمال تجدد احتجاجات “الربيع العربي”؛ التي أطاحت عدة أنظمة في المنطقة منذ 10 سنوات، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية واستعداد أعداد أكبر من الناس للانضمام إلى الاحتجاجات العنيفة.

ويستهل الكاتب مقاله بالقول: أثار غزو “أوكرانيا” وما أعقبه من عقوبات فُرِضت على “روسيا”، قلقَ الدول الأوروبية بشأن إمكانية الحصول على “الغاز الطبيعي”، الذي طالما اعتمدت عليه. وعزَّزت الحرب الضغط على موارد الطاقة، وجاء بصفة خاصة من خلال زيادة أسعار “الغاز والنفط والفحم”. لكن الأمر لا يتعلق بإمدادات الطاقة للدول الأوروبية فحسب، بل إن سوق الغذاء العالمي يتعرض لخطرٍ أيضًا.

وتُعد “روسيا” أكبر مُنتج ومُصدِّر لـ”القمح”؛ (بعد الصين والهند)، بينما تُعد “أوكرانيا” واحدة من أكبر خمس دول مُصدِّرة لـ”القمح” في العالم. وتُعرقل حرب “بوتين” سلسلة توريد “القمح” في عديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ (بحسب وصف التقرير الأميركي الموجه)، والتي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على هذه الصادرات نظرًا إلى الدور المهم الذي يؤديه “القمح” في وجباتها الغذائية الإقليمية. ويمكن أن يُسْهِم ارتفاع أسعار المواد الغذائية في حدوث مجاعة قائمة بالفعل وإثارة غضب الجماهير.

ويوضح الكاتب أنه في عام 2021، أنتجت “أوكرانيا” نحو: 80 مليون طن متري من الحبوب؛ (وهي فئة تشمل القمح والذرة والشعير)، ومن المتوقَّع أن تحصد أقل من نصف هذه الكمية هذا العام. وقال وزير الزراعة الأوكراني؛ “رومان ليشينكو”، إن المزارعين غرسوا ما مجموعه: 6.5 مليون هكتار من “القمح” الشتوي لمحصول 2022، لكن بسبب الحرب في عديدٍ من المناطق الأوكرانية يمكن أن تكون المساحة التي تُحصَد نحو” 04 ملايين هكتار فقط.

“روسيا” شيطان العالم.. هذا المراد من التقرير..

ويُلفت الكاتب إلى أنه مع إعاقة الجيش الروسي استخدامَ موانيء “البحر الأسود”؛ مثل “ميناء أوديسا” أو “ميناء ميكولايف”، تُنقَل الحبوب الأوكرانية الآن عن طريق القطارات عبر “رومانيا” و”بولونيا”. ويجب تغيير عجلات العربات عند الحدود لأن عربات القطارات الأوكرانية، على عكس السكك الحديدية الأوروبية، تسير على مسارات أوسع تعود إلى الحقبة السوفياتية. وهذا يجعل الخدمات اللوجستية بأكملها بطيئة للغاية ومكلِّفة وغير فعَّالة؛ بحسب مزاعم كاتب التقرير.

وتُعد دول “شمال إفريقيا” و”الشرق الأوسط” أكبر مستوردي “القمح” في جميع أنحاء العالم، حيث تأتي الشحنات بالأساس من “روسيا” و”أوكرانيا”. وتستورد “مصر”، أكبر مستورد لـ”القمح” في العالم، منهما نحو: 80% من احتياجاتها. ويستورد “المغرب” أكثر من: 50% من الحبوب، وتستورد “تونس” حوالي: 70%، وتستورد “ليبيا”: 90%. وتُشير هذه الأرقام إلى ضعف جيوسياسي ملحوظ، يمكن مقارنته بطريقة ما باعتماد الدول الأوروبية على واردات “الغاز”.

ويُشير الكاتب إلى أن بلدان “شمال إفريقيا” تتعرض بالفعل لضغوطٍ بسبب الجفاف الشديد الذي يُهدد الإنتاج المحلي للحبوب. ويمتد موسم الأمطار في: “الجزائر والمغرب وتونس”؛ عادةً من آب/أغسطس إلى كانون أول/ديسمبر. لكن في عام 2021، كان هطول الأمطار المتراكم لهذه الأشهر أقل بنسبة: 36%، وكان أقل من متوسط: ​​10 سنوات في “الجزائر”، وأقل بنسبة: 46% من المعدل الطبيعي في “المغرب”، وأقل بنسبة: 48% من المعدل الطبيعي في “تونس”. وانخفض إنتاج “الجزائر” من الحبوب لعام 2021؛ بنسبة: 38%، بسبب انخفاض معدل هطول الأمطار والجفاف.

ونظرًا إلى أن معظم الحبوب الأوكرانية عالقة في موانيء “البحر الأسود”، بدأت هذه المناطق في البحث عن بدائل. لكن المورِّدين البديلين يُضيفون تكلفة شحن أعلى، أو فترات نقل أطول أو جودة مختلفة، مما يُزيد من تسارع تضخم أسعار المواد الغذائية، كما تدخل “الهند” إلى سوق التصدير، وتتفاوض للوصول إلى الأسواق في: “مصر وتركيا والصين”، بعد أن احتفظت دائمًا بمحاصيل “القمح” الضخمة في الداخل بفضل السعر الذي تُحدده الحكومة، وتتوقع “البرازيل” تحقيق أعلى صادراتها من الحبوب في عقد من الزمان. ومن المقرر أن تصل إلى: 2.1 ملايين طن في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، أي ما يقرب من ضعف كل صادراتها في عام 2021.

هل ننتظر ربيعًا عربيًّا جديدًا ؟

وألمح الكاتب إلى أن “الأمم المتحدة” حذَّرت من أن أسعار المواد الغذائية – التي ارتفعت بالفعل بنسبة: 25% خلال العام الماضي – قد ترتفع بنسبة تصل إلى: 22% أو أكثر. وسجَّلت تكلفة سلة الغذاء الأساسية – الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية لكل أسرة في الشهر – زيادة سنوية بنسبة: 351% في “لبنان”، وهي الأعلى في المنطقة. وتلتها “سوريا” بنسبة: 97%، و”اليمن” بنسبة: 81%.

وقبل عقد من الزمان، كانت الزيادة في أسعار المواد الغذائية أحد دوافع الاحتجاجات والاضطرابات التي أدَّت إلى “الربيع العربي”؛ في عام 2011. وقد أثَّر التقلب الشديد في الأسعار في الأسواق الزراعية العالمية في البلدان المعرَّضة بشدة لواردات “القمح”. وأوضحت دراسات عديدة أن هناك علاقة سببية بين ارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ (بنسبة 40% في أواخر عام 2010)، وتزايد انعدام الأمن الغذائي، والانتفاضات في “مصر” و”سوريا”.

وبعد مرور 10 سنوات، لا يزال عديد من التحديات الاقتصادية والسياسية التي أثارت الاحتجاجات بحاجة إلى معالجة. وأدَّت جائحة (كوفيد-19) إلى زيادة ضعف الوضع الاجتماعي والاقتصادي وتؤثر في ارتفاع معدلات البطالة، وخاصة بين الشباب. والنتيجة هي أن أسعار المواد الغذائية المتزايدة يمكن أن تُقلل من تكلفة الفرصة البديلة للتمرد، مع زيادة عدد المواطنين المستعدين لتحمل مخاطر الانضمام إلى الاحتجاجات العنيفة.

ولمنع الانتفاضات الاجتماعية، ظل الغذاء مدعومًا دعمًا كبيرًا عبر التاريخ بوصف ذلك جزءًا من “العقد الاجتماعي” لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. واليوم، هناك عدد من الأسباب التي تُزيد من المخاوف بشأن قدرة الحكومات على دعم سوق الغذاء على المدى الطويل: قيود الميزانية والتعافي البطيء من جائحة (كوفيد-19)، وتأثير الاضطرابات المرتبطة بالمناخ في الزراعة العالمية، وأخيرًا، الحرب في “أوكرانيا”.

ولسوء الحظ، لن تُحَل مشكلة نقص الحبوب في أي وقت قريب، لكنها ستزداد سوءًا مع استمرار الحرب في “أوكرانيا”. وعندما يحدث ذلك، يمكن أن نتوقع حدوث اضطرابات سياسية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويختتم الكاتب مقاله بالقول: إن الحرب تؤدي إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي، ويزيد انعدام الأمن الغذائي من فرص الاضطرابات والعنف. وتُسْهِم الحرب في “أوكرانيا” في الجوع ودفع الناس إلى انعدام الأمن الغذائي في أجزاء أخرى من العالم، مع احتمال نشوء صراعات وأعمال عنف.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب