وكالات – كتابات :
نشر موقع (ريسبونسبل ستيت كرافت) تقريرًا؛ لـ”كيت كيزر”، وهي مناصرة رائدة في مجال السياسة الخارجية التقدمية وخبيرة إستراتيجية في القضايا التشريعية، تحدثت فيه عن موقع “الإمارات العربية المتحدة”؛ في خارطة الفساد ودعم الاستبداد، خاصة بعد توفيرها الملاذ الآمن لـ”بوتين” والمقرَّبين منه.
الإمارات على القائمة الرمادية..
تستهل الكاتبة تقريرها بالقول: أثارت حرب “بوتين” على “أوكرانيا” مطاردة – حرفية – بقيادة دول الشمال العالمي للأصول غير المشروعة التي يملكها “بوتين” وأتباعه. ودفع ذلك “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”؛ (USAID)، للإعلان عن برنامج جديد لمكافحة الفساد، والذي يهدف إلى توسيع قدرات الصحافيين الاستقصائيين والمجتمع المدني للمطالبة بإصلاحات هادفة، والتدقيق في تفريغ البيانات الضخمة التي أصبحت بإطَّراد مصدرًا مهمًا للتدفقات المالية، والبحث أيضًا عن الأدلة التي يحتاجها كل من مسؤولي العقوبات ومنظمي البنوك.
وبينما تتجه الأنظار إلى حملة: (#YachtWatch)؛ التي تسعى لمصادرة جميع اليخوت التي يمتلكها الأوليغارشيون؛ (الأثرياء)، الروس، هناك تطور رئيس آخر يحمل تداعيات على فساد “بوتين”. ففي يوم الجمعة، أضافت “مجموعة العمل المالي”، وهي منظمة حكومية دولية لمكافحة غسيل الأموال والتمويل غير المشروع، دولة “الإمارات” إلى: “القائمة الرمادية” لغسيل الأموال، وهي ضربة لسمعة “الإمارات”، إذ ستُعَد بذلك شريكًا مسؤولًا مع “بوتين”، بحسب التقرير.
وعلى الرغم من إلتزام المسؤولين الإماراتيين الحكوميين رسميًّا بالعمل مع “مجموعة العمل المالي”، إلا أن وضعهم على: “القائمة الرمادية”؛ يتعارض مع صورة “دبي” المتوقعة؛ باعتبارها بيئة: “صديقة للأعمال” ومنخفضة المخاطر. كما أن تشديد العقوبات الدولية ضد الأثرياء والإرهابيين وزعماء الجريمة الآخرين الذين يُراكمون أصولهم في “دبي”؛ يُنشيء مزيدًا من المخاطر، بحسب التقرير. وتعني إضافة “الإمارات” إلى القائمة، زيادة التدقيق والمراقبة على تنفيذها للسياسات الفعلية، ويبدو أن أصابع الاتهام تتجه نحو “الإمارات” نظرًا للاكتشافات المثيرة للدهشة حول دور “دبي”؛ باعتبارها مركزًا لغسل الأموال الملطخة بالدماء وتمويل الإرهاب وتحويل أموال الكسب غير المشروع إلى الخارج، بحسب الكاتبة.
الفساد.. سمة مفضلة لدى الدول الاستبدادية..
ستكون هذه المراقبة ضرورية لتحديد هل تؤدي هذه الإلتزامات تجاه “مجموعة العمل المالي” إلى خطوات حقيقية نحو إنهاء دور “دبي”؛ باعتبارها ملاذًا ضريبيًّا عالميًّا رئيسًا، أم ستُمثل مزيدًا من التزييف والتغطية على أوجه القصور النظامية في الحوكمة الضرورية للحفاظ على الحكم الاستبدادي، بحسب الكاتبة. ووثَّق كل من: “جودي فيتوري” و”مايكل تي بيغ”، وهما باحثان في مجال مكافحة الفساد والأمن في مؤسسة (كارنيغي) للسلام الدولي، أهمية الفساد في الاقتصاد السياسي العام لدولة “الإمارات”؛ وأنه: “ميزة وليس خللًا في الاقتصاد السياسي لدبي”.
وتُلفت الكاتبة إلى أن الفساد والملاذات الضريبية وغسيل الأموال؛ (بأشكاله العديدة)، والشركات الوهمية المجهولة والإتجار بالبشر تمر جميعها من “دبي”. ولكن الأمر ليس كما لو أنها ملاذ ضريبي: “غير معروف” أو مركز لغسيل الأموال؛ (كما هو الحال مع شمال داكوتا وسويسرا وولاية ديلاوير). وتذكر الكاتبة التقارير التي قُدمت؛ في أيلول/سبتمبر 2009، والتي أشارت إلى أن “الإمارات” ودول “مجلس التعاون الخليجي” الأخرى؛ (إلى جانب البنوك الغربية)، أسهمت في غسيل ثروات بالمليارات للشعب الماليزي من خلال صناديق الثروة السيادية الخاصة.
الإمارات شريك لروسيا..
تتساءل الكاتبة: إذًا، ما علاقة هذا الأمر بـ”روسيا” ؟.. تُجيب الكاتبة بأن “الإمارات” واحدة من الملاذات الآمنة القليلة للأثرياء الروس وثرواتهم الناجية من العقوبات. كما أنه ليس من قبيل المصادفة أن إستراتيجية النظام الملكي الإماراتي؛ (المتوافقة مع السعودية)، لا تزال تحتفظ بحصتها من الكعكة وتستخدمها أيضًا، ويُريد النظام الملكي أن يبقى صامتًا حيال حرب “بوتين” غير القانونية، بعد توقيعه قبل عامين على استثمارات بالمليارات من قِبل الشركات نفسها التي تفرض “الولايات المتحدة” وحلفاؤها عبر الأطلسي؛ عقوبات متواصلة عليها، ووعدت أن تكون مكانًا آمنًا للأعمال التجارية، في حين خدع حلفاء “واشنطن” أنفسهم لتصديق ذلك، بحسب التقرير الأميركي.
ولهذا السبب؛ يُعد تعيين “مجموعة العمل المالي” خطوة مهمة؛ إذ إن هذه واحدة من المرات الأولى في الذاكرة الحديثة؛ التي تُمارس فيها هيئة دولية ضغوطًا على “الإمارات” لتنفيذ إصلاحات هادفة مثل إثبات أنها تقوم فعلًا بإصلاح الطريقة التي تُجري بها التحقيقات والملاحقات القضائية وغيرها من تدابير الشفافية الأخرى المطلوبة.
كما أنه من اللازم، بحسب الكاتبة، معالجة فساد “بوتين” وأتباعه والسلطة التي يمتلكها، يجب أيضًا على النُّخب في “الولايات المتحدة” أن تُعالج الفساد لديها، ويتطلب تقويض تأثير مجرمي الحرب وزعماء الجريمة والأوليغارشيين على مستوى العالم من “الولايات المتحدة”؛ إخضاع أي دولة تقول إنها: “حليفة” للمساءلة والمحاسبة بسبب تمكينها لهؤلاء المخالفين للقوانين بغض النظر عن جنسيتهم.
التنسيق الاستخباراتي أولًا..
ونظرًا لهوس “واشنطن” و”أوروبا” بمكافحة الإرهاب على مدى عقدين من الزمن، كانت المساءلة مفهومًا نادرًا في العلاقة الثنائية بين “الولايات المتحدة” والنظام الملكي في “الإمارات”، بغض النظر عن الحزب الذي يُسيطر على الحكومة الأميركية. وكان سبب هذا الإحجام عن المساءلة هو الحجة القائلة إنه يجب غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب، في سبيل الحفاظ على تبادل المعلومات الاستخباراتية، أو الحفاظ على النفوذ غير الواضح المعالم الذي لن تستفيد منه “الولايات المتحدة” في حقيقة الأمر.
وبدلًا من ذلك، جعلت “الإمارات” من ذلك ديدنًا بأن تغرس صورة لنفسها على أنها: “إسبرطة الصغرى”؛ داخل “واشنطن”، وذلك بالتبرعات الضخمة لمراكز الأبحاث والحملات السياسية وتوظيف الضباط العسكريين الأميركيين السابقين، بمن فيهم وزير الدفاع السابق؛ “جيمس ماتيس”، مستشارين للتدريب.
والقصة الحقيقية، بعيدًا عن ما تعكسه الصورة الدولية، بحسب الكاتبة، هي أن “الإمارات” وظَّفت أعضاءً سابقين في الجيش الأميركي وأعضاءً من ميليشيا (الجنجويد) السودانية، التي ارتكبت جرائم إبادة جماعية، مرتزقة مأجورين للحرب في “اليمن”. كما شنَّت “الإمارات” عددًا من العمليات داخل “واشنطن” للتأثير في كل من السياسة الفيدرالية والانتخابات الأميركية، كما أن لديها قوة مضادة للثورات تعمل (بالعنف غالبًا)؛ على إحباط الحركات التي يقوم بها الشعب من أجل الكرامة والعدالة في جميع أنحاء المنطقة.
وإذا كانت “واشنطن” جادة بشأن تقويض قدرة النُّخب الثرية فعليًّا ومنعها من جعل العالم رهينة بين أيديها، سواء من خلال الأسلحة النووية أو أسعار “النفط”، أو نقل الثروات إلى الخارج والتي تؤدي إلى مفاقمة عدم المساواة العالمية إلى مستويات غير مسبوقة، يجب أن تكون جادة ليس فقط بشأن تطهير الفساد لديها، بل لدى أي دولة تدَّعي أنها شريك أو حليف مهم. وإلا فإن الفئة الثرية والمستبدين الذين يتحدثون باسمهم سيستمرون في السيطرة على عالم الظل الذي يتسم بالإفلات من العقاب وستغذيه السياسة الخارجية الأميركية بدلًا من مواجهته، بحسب ما تختم الكاتبة.