16 سبتمبر، 2024 12:50 م
Search
Close this search box.

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. “نيويورك” تعترف: موسكو نجحت في تجاوز شلال العقوبات الهستيري !

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. “نيويورك” تعترف: موسكو نجحت في تجاوز شلال العقوبات الهستيري !

وكالات – كتابات :

تساءل “كيفن تي دوغان”؛ في مقال نشره موقع مجلة (نيويورك) عن مدى تأثير العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة التي فرضتها الدول الغربية على “روسيا”؛ في أعقاب عمليتها العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”، على الاقتصاد الروسي.

وأوضح “دوغان”؛ أنه بعد ستة أسابيع من قيام “الولايات المتحدة” ودول “مجموعة السبع”؛ باستخدام النظام المالي العالمي سلاحًا لفرض أقسى عقوبات على “روسيا”، أصبحت الأمور واضحة؛ لقد استعاد “الروبل” قيمته التي كان عليها قبل الحرب مقابل “الدولار”، يوم الخميس الماضي، مما يكشف أن ضوابط رأس المال التي وضعها “البنك المركزي” للبلاد كانت ناجحةً، ومع استمرار ارتفاع العُملة يوم الجمعة، فاجأ “البنك المركزي” الروسي؛ العالم، بخفض أسعار الفائدة: 3 نقاط مئوية إلى: 17%، ومع أنها لا تزال مرتفعة، لكنها إشارة إلى أن الموقف الدفاعي للبلاد كان شرسًا للغاية.

لا تزال الدول الأوروبية تشتري الطاقة من الشركات العملاقة التي تُديرها الدولة مثل: (غازبروم)، مما يغمر “روسيا” بعُملات “اليورو” و”الدولار”؛ التي يمكن استخدامها بعد ذلك من قبل أكثر من: 200 بنك غير خاضع للعقوبات.

وبحسب الروايات المتناقلة، يبدو أن الضغط متفشيًا، ويصعب تركيزه، إذ ينقل “دوغان” عن أحد سكان “موسكو”؛ الذي أخبره عبر (تيلغرام) أن متاجر البقالة مليئة بالطعام ومعظمها أغلى بنسبة تتراوح بين: 5 – 10%؛ وتبلغ أسعار “الديزل”: 53.59 روبل للتر، أو ما يُعادل: 2.70 دولار للجالون تقريبًا؛ وهذا أرخص من أي مكان في “الولايات المتحدة”، بحسب التقرير.

كما أن تُجار التجزئة للسلع الفاخرة في حي “تريتياكوفسكي درايف” – المقابل الروسي لحي “روديو درايف” في “كاليفورنيا” – لا يزالون يبيعون الملابس وحقائب اليد بأسعار زهيدة لبعض عملائهم المرموقين، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى مباركة الحكومة للسوق الرمادية؛ (السوق الموازية)، في السلع الفاخرة.

وكان الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، قد وصف العقوبات بأنها: “إعلان حرب”؛ وربما تكون كذلك، لكنها كانت أيضًا أداةً دعائية لـ (الكرملين) أثناء تصعيده لحربه في “أوكرانيا”؛ بحسب زعم الكاتب.

أداة “موسكو” للصمود في وجه العقوبات..

يُذكرنا “دوغان” بأن “روسيا” كانت مستعدة لذلك؛ بوصفها أحد أكبر الاقتصادات في العالم – بإجمالي ناتج محلي يبلغ حوالي: 1.8 تريليون دولار – استفاد “بوتين” من أهم ثروات البلاد، احتياطيات “النفط والغاز الطبيعي”، بحيث أصبحت دول مثل: “ألمانيا”؛ تعتمد عليها بشدة؛ لكن الأمر لا يقتصر على أن بقية العالم قد وقع في موقفٍ حرجٍ، وفقًا للاقتصادي بجامعة كولومبيا؛ “آدم توز”، فقد صيغت الميزانية الروسية قبل الغزو لتحقيق التوازن إذا انخفض سعر “النفط” إلى: 44 دولارًا للبرميل، مما يعني أنه كان قادرًا على جني الكثير من الأموال.

ومنذ عام 2014، عندما واجه “بوتين”؛ “العقوبات الغربية”، لضم شبه جزيرة “القِرم”، جرى إنتاج المزيد من السلع الروسية محليًّا، وتمت إعادة هيكلة الديون لتسديدها بالعُملة المحلية، وفي الفترة التي سبقت الحرب، غادرت “روسيا” بنفسها فعليًّا من النظام العالمي، بينما تعاونت أكثر مع جيرانها الذين كانوا يمنحونها المال، وبالنظر إلى حجم الدولة وقوتها، فقد جعلت من الصعب على العالم عكس مسارها.

ولكن لا يتجاهل “دوغان”؛ بالطبع، أن يسير مع قطيع مزاعم الإعلام الأميركي خاصة، ويدعي أن العقوبات لها تأثير كبير على الاقتصاد الروسي، إذ تزعم “إلينا ريباكوفا، نائبة كبير الاقتصاديين في “معهد التمويل الدولي” ومقره “واشنطن”: “سنرى على الأرجح أشد أزمة شهدتها روسيا في التاريخ الحديث”؛ تم حظر “البنك المركزي” في البلاد من الوصول إلى حساباته الخارجية، مما أدى إلى نقص بمئات المليارات من “الدولارات” و”اليورو”، كما فُصلت أكبر البنوك الروسية عن نظام (سويفت)، مما يحد من قدرة الدولة على أداء الوظائف المالية الأساسية؛ ووفقًا لوكالة (موديز)، غادرت أكثر من: 400 شركة عالمية؛ “روسيا” – بما في ذلك: (ماكدونالدز وستاربكس) وحتى: (غولدمان ساكس) – مما أدَّى إلى تسريح جماعي للعمال الذي من شأنه أن يُضعف الدخل.

تُشير “ريباكوفا”؛ في إدعاءاتها: إلى أن العديد من الروس يُحاولون مغادرة البلاد، وأن هجرة العقول إلى بلدان أخرى في “أوروبا” وجنوب شرق “آسيا”؛ قد يكون له تأثير على المدى الطويل؛ وبالطبع، هناك مطاردة عالمية لكل يخت وشقة فاخرة مملوكة لطبقة الأوليغارشيين الروس، بالإضافة إلى مجموعةٍ أخرى من عمليات حظر التجارة والسفر.

إلى أي حدٍّ تضرر الاقتصاد الروسي ؟

لكن الانطباع بأن العقوبات عزلت اقتصاد “بوتين”؛ (كما تحب الصحافة الأميركية أن تشخصن الصراع)، عن الأسواق العالمية ليس صحيحًا؛ كما يستدرك “دوغان”، يقول “آدم سميث”، الشريك في (غيبسون دن) الذي ساعد، بصفته مستشارًا كبيرًا سابقًا في “وزارة الخزانة” الأميركية، في صياغة عقوبات ضد “روسيا”؛ في عام 2014: “لم يتم استبعاد روسيا من النظام المالي”، في حين أن الكثير من الدول الاستهلاكية في العالم قد اتحدت معًا ضد “روسيا”، فإن العديد من أكبر الاقتصادات في العالم – بما في ذلك: “الصين والهند والبرازيل وإندونيسيا والسعودية” – كانت أقل عدوانية، سواءً بالتعاون مع “موسكو” أو برفض الانضمام إلى العقوبات.

مع وجود أكثر من: 250 مصرفًا في “روسيا”، لم تتم معاقبة الغالبية العظمى منها؛ لذلك، وبحسب الكاتب، هناك بالتأكيد طريقة للانخراط في التجارة الدولية دون استخدام البنوك الكبرى ونظام (سويفت)، وهذا ما سيفعله الروس، وفقًا لـ”سميث”، ويُضيف “دوغان” أنه إذا أردنا أن نرى كيف يقوض الغرب عقوباته بنفسه، فليس علينا النظر إلى أبعد من مبيعات “النفط والغاز” الروسية، إذ ستتم هذه الصفقات، التي تم التفاوض عليها قبل الحرب، بـ”الدولار واليورو”؛ وبينما حاول “بوتين”؛ في السابق، إقناع الدول غير الصديقة بدفع ثمن الطاقة بـ”الروبل”، لم يحدث هذا بالفعل؛ على حد زعم التقرير.

تُشير “ريباكوفا” إلى أن جميع تلك البنوك غير الخاضعة للعقوبات لا يزال بإمكانها الاحتفاظ بالعُملات الأجنبية؛ وهي تعمل بشكلٍ فعالٍ بوصفها مصدرًا بديلًا لـ”الدولار واليورو”؛ التي حُظر على “البنك المركزي” الروسي الوصول إليها؛ وتدعي: “لقد كانت العقوبات ضربةً قاسيةً لفكرة روسيا المحصنة”. يُضيف الكاتب أنه بالنسبة للروس، سيكون من المهم لأغراض الاستقرار المالي تكديس الاحتياطيات الأجنبية.

يُشير “دوغان” في ختام تحليله؛ إلى أنه مع تكيف “روسيا” مع العقوبات، صعدت “الولايات المتحدة” عقوباتها المالية، وعزلت أكبر البنوك في البلاد واستهدفت ابنتي “بوتين”، ومع ذلك، لم يكن لهذا تأثير اقتصادي واسع على سير عمل الدولة؛ يقول “سميث”: ” إن من يديرون الاقتصاد الروسي هم اقتصاديون محنكون، فهؤلاء ليسوا ضباطًا، إنهم يعرفون ما يفعلونه”، من المتوقع أن تضر العقوبات المختلفة التي لم تُطبق بشكلٍ كاملٍ بعد، مثل ضوابط التصدير على أشباه الموصلات ومعدات الكمبيوتر الأخرى، بالاقتصاد الروسي لكن في المستقبل (بحسب مزاعم التقرير الأميركي)، ويضيف “سميث”: “بعض العقوبات ليست مصممة فعلًا لإحداث ضررٍ جسيمٍ على الفور، لكنها ستفعل قريبًا”.

ترجمة: عبدالرحمن النجار

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة