16 نوفمبر، 2024 8:44 ص
Search
Close this search box.

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. موافقة الدول على الدفع بـ”الروبل” تتوالى: رسالة “بوتين” تهز كبار أوروبا !

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. موافقة الدول على الدفع بـ”الروبل” تتوالى: رسالة “بوتين” تهز كبار أوروبا !

وكالات – كتابات :

أعلنت “ألمانيا” و”النمسا” استعدادهما للدفع بـ”الروبل”؛ بعد أن أوقفت “روسيا” إمدادات “الغاز”؛ لـ”بولندا وبلغاريا”، فهل نجح الرئيس؛ “فلاديمير بوتين”، في رسالته إلى كبار “أوروبا” ؟

كان “بوتين”؛ قد أعلن نهاية آذار/مارس الماضي؛ أن: “الدول غير الصديقة” يجب أن تدفع الآن مقابل إمدادات “الغاز”؛ بـ”الروبل”، بعد أن جمد “الاتحاد الأوروبي” و”الولايات المتحدة” أصول عُملات “البنك المركزي الروسي”، على خلفية العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا”.

كانت “روسيا” قد تعرضت لأكبر حملة عقوبات فرضها الغرب منذ بدء الهجوم على “أوكرانيا”، وطالت العقوبات الثروات الشخصية للرئيس؛ “فلاديمير بوتين”، ودائرته المقربة من رجال الأعمال. وبدأ فرض “العقوبات الغربية”؛ على “روسيا”، منذ أن أعلن “فلاديمير بوتين” الاعتراف باستقلال: “لوغانسك” و”دونيتسك”، في “إقليم دونباس” الأوكراني، وتصاعدت وتيرة تلك العقوبات وحدتها وشمولها مع بدء الهجوم على “أوكرانيا”، الخميس 24 شباط/فبراير.

ومع تواصل الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، أرادت الدول الغربية بقيادة “واشنطن”؛ عزلة “روسيا” على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والرياضية، وحتى الثقافية والسينمائية، وفي المقابل تُعتبر الطاقة الروسية من: “غاز ونفط وفحم” من أبرز الأسلحة التي يمكن لـ”موسكو” توظيفها ضد “أوروبا” بشكل خاص.

ماذا حدث بالتحديد في قصة الغاز لـ”بولندا” ؟

صباح الأربعاء 27 نيسان/إبريل، أوقفت شركة الطاقة الروسية العملاقة؛ (غازبروم)، إمدادات “الغاز” إلى: “بلغاريا وبولندا” بسبب عدم سداد البلدين مدفوعات الوقود؛ بـ”الروبل”، فيما اعتبر أقوى رد من (الكرملين) على العقوبات المشددة التي فرضها الغرب بسبب الهجوم على “أوكرانيا”.

وبهذا أصبحت: “بولندا وبلغاريا” أول دولتين يتم قطع إمدادات “الغاز” عنهما من قبل المورد الرئيس لـ”أوروبا”، وقالت (غازبروم) في بيان: “علقت (غازبروم) بالكامل إمدادات الغاز إلى: (بولغارغاز)؛ (بلغاريا)، و(بي. جي. إن. آي. جي)؛ (بولندا)، بسبب عدم سداد المدفوعات بالروبل”. كما حذرت (غازبروم) من أن عبور “الغاز” عبر: “بولندا وبلغاريا” سيتوقف إذا تم الاستيلاء عليه بصورة غير قانونية.

وتعتمد شركة الطاقة الحكومية البولندية على (غازبروم) في معظم وارداتها من “الغاز”. وفي الربع الأول من هذا العام؛ جاء: 53 في المئة من وارداتها من الشركة الروسية، بحسب تقرير لـ”هيئة الإذاعة البريطانية”؛ (BBC)، بينما تعتمد “بلغاريا” على (غازبروم) في أكثر من: 90 في المئة من إمدادات “الغاز”.

وقالت “وارسو” و”صوفيا”؛ إن وقف الإمدادات يُعد خرقًا للعقد من جانب (غازبروم)؛ أكبر شركة لـ”الغاز الطبيعي” في العالم. وقالت (غازبروم): “يجب سداد مدفوعات الغاز الذي تم توريده اعتبارًا من أول نيسان/إبريل؛ بالروبل، باستخدام تفاصيل المدفوعات الجديدة، والتي تم إبلاغ الأطراف المعنية بها في الوقت المناسب”.

وأكدت “بولندا” مرارًا أنها لن تدفع مقابل “الغاز الروسي”؛ بـ”الروبل”، وتعتزم عدم تمديد عقد “الغاز” مع (غازبروم)؛ بعد أن ينتهي في نهاية هذا العام.

وينقل خط أنابيب (يامال-أوروبا)؛ “الغاز الروسي”، إلى “ألمانيا” عبر “بولندا”، على الرغم من أنه كان يعمل في معظم الوقت بصورة عكسية هذا العام، حيث كان ينقل “الغاز” شرقًا من “ألمانيا”. و”بلغاريا”؛ هي بلد عبور إمدادات “الغاز” إلى: “صربيا والمجر”.

وقال وزير الطاقة البلغاري؛ “ألكسندر نيكولوف”، إن بلاده دفعت تكاليف شحنات “الغاز الروسي”؛ لشهر نيسان/إبريل، وإن وقف إمدادات “الغاز” سيكون خرقًا لعقدها الحالي مع (غازبروم).

وأضاف “نيكولوف”: “لأننا نفذنا جميع الإلتزامات التجارية والقانونية، فمن الواضح أنه في الوقت الحالي يتم استخدام الغاز الطبيعي كسلاح سياسي واقتصادي في الحرب الحالية”.

لكن بعد ساعات، حدثت خلالها كثير من التطورات اللافتة، أظهرت بيانات من شبكة مشغلي خدمات نقل الغاز بـ”الاتحاد الأوروبي” أن إمدادات “الغاز الروسية”؛ التي ينص عليها عقد (يامال) إلى “بولندا” زادت مجددًا بعد نزولها إلى الصفر في وقت سابق. وفي الساعة: 0422 بتوقيت غرينتش، سجلت تدفقات “الغاز” المادية عبر خط الأنابيب (يامال-أوروبا) من “روسيا البيضاء” إلى “بولندا”: ثلاثة ملايين و449688 كيلو وات/ساعة، بحسب زعم وكالة (رويترز).

كيف جاء رد فعل “الاتحاد الأوروبي” ؟

جاء أول رد فعل على الخطوة الروسية؛ من جانب “الاتحاد الأوروبي”، الذي أعلن أنه مستعد لسيناريو توقف “الغاز الروسي”، لافتًا إلى سعيه لاتخاذ رد فعل منسق تجاه الإجراءات الروسية في هذا الشأن.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية؛ “أورسولا فان دير لاين”، في بيان، إن إعلان مجموعة الطاقة الروسية؛ (غازبروم)، وقف إمدادات الغاز: لـ”بولندا وبلغاريا”: “هو محاولة أخرى من جانب روسيا لابتزازنا؛ (دول الاتحاد)، بالغاز. نحن على استعداد لهذا السيناريو ونُخطط لاستجابة منسقة”، داعية الأوروبيين إلى الوثوق بالاتحاد. نقف متحدين ومتضامنين مع الدول الأعضاء المتأثرة” من القرارات الروسية.

لكن المتحدث باسم (الكرملين)؛ “دميتري بيسكوف”، نفى الاتهامات بأن “موسكو” تستخدم إمدادات “الغاز الطبيعي” كأداة للابتزاز، وأكد أن “روسيا” مورد موثوق للطاقة وليست ضالعة في أي ابتزاز. “بيسكوف” رفض الكشف عن عدد الدول التي وافقت على التحول إلى دفع ثمن الغاز؛ بـ”الروبل”، تماشيًا مع مرسوم “بوتين” الذي أصدره الشهر الماضي.

وتُشكل الإمدادات من “روسيا” نحو: 40 في المئة من واردات “الاتحاد الأوروبي” من “الغاز الطبيعي”. ومع ذلك، تعهدت العديد من الدول بالاستغناء عن الطاقة الروسية ردًا على غزو “أوكرانيا”. بينما أعلنت “الولايات المتحدة” فرض حظر كامل على واردات “النفط والغاز والفحم” من “روسيا”.

وفي غضون ذلك، ستتخلص “بريطانيا” تدريجيًا من الاعتماد على “النفط الروسي” بحلول نهاية العام، على أن يتبعها التخلي عن “الغاز” في أقرب وقت ممكن. ويقوم “الاتحاد الأوروبي” بخفض واردات “الغاز” بمقدار الثُلثين؛ بحسب إدعاءات التقرير البريطاني.

هل وصلت الرسالة إلى كبار “أوروبا” ؟

ردود الفعل الصادرة عن العواصم الأوروبية تختلف إلى حدٍ كبير عن تلك الصادرة عن “بروكسل”، مقر “الاتحاد الأوروبي”؛ إذ أعلنت الحكومة اليونانية أنها ستعقد اجتماعًا طارئًا لبحث سداد الدفعة التالية لشركة (غازبروم)؛ في 25 آيار/مايو المقبل، حسبما نقلت وكالة (آسوشيتد برس). ويتعين على الحكومة اليونانية أن تُقرر ما إذا كانت ستمتثل لطلب “موسكو” بإتمام الدفع بـ”الروبل”.

وأعلنت “ألمانيا والنمسا” استعدادهما للدفع بـ”الروبل” مقابل إمدادات “الغاز الروسية”، حيث كشف المستشار النمساوي؛ “كارل نيهامر”، في تصريحات إعلامية، عن القرار الذي تم بالاتفاق مع إلى “شركة الطاقة النمساوية”؛ (OMV)، حسبما نقلت تقارير محلية الأربعاء.

بدورها، قالت شركة الطاقة الألمانية؛ (يونيبر) إن خطة الدفع بـ”الروبل”؛ لروسيا: “لا تتعارض مع العقوبات” المفروضة على “موسكو”، ردًا على عمليتها العسكرية في “أوكرانيا”. وأوضح المدير المالي لـ (يونيبر)؛ “تينا توميلا”، في إفادة صحافية، إنه: “بموجب خطة الدفع الجديدة، نعتقد أنه تم الوفاء بعقود التوريد مع روسيا”.

وتُناقض تلك الإعلانات التصريحات الصادرة عن ما تزعمه “مفوضية الاتحاد الأوروبي”، وهو ما يؤكد مدى عمق الأزمة التي تواجه “أوروبا” فيما يتعلق بالاعتماد على مصادر الطاقة الروسية من: “غاز ونفط وفحم”، وبالتالي صعوبة الاتفاق على موقف موحد بشأن حظر تلك المصادر بشكل فوري وكامل، كما تُريد إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”.

فقبل حتى أن يبدأ الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، كانت “أوروبا” تسعى إلى إيجاد بدائل لـ”الغاز الروسي”، وكانت قضية “الغاز الروسي”؛ الذي يصل إلى “أوروبا” عبر خط أنابيب ينقل “الغاز” إلى “ألمانيا” وباقي دول القارة، تُمثل نقطة خلاف كبرى بين “الاتحاد الأوروبي” و”الولايات المتحدة”، وتصاعدت حدة الخلاف مع مشروع (نورد ستريم-2)، الذي أعلنت “ألمانيا” تعليقه مع بدء الهجوم الروسي.

وكانت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية؛ قد نشرت تقريرًا عنوانه: “أوروبا تخشى أن يكون الأوان فات للتخلص من إدمانها للغاز الروسي”، رصد كيف أن الهجوم على “أوكرانيا” قد تسبب في عرقلة جهود “أوروبا” البطيئة لفطام نفسها عن “الغاز الطبيعي” الروسي.

الوقت ينفد، وهو ما يُهدد بترك المستهلكين الأوروبيين يُعانون من البرد، إضافة إلى تعطل المصانع عن العمل خلال الشتاء المقبل، فسواء أغلق (الكرملين) صنابير “الغاز”؛ ردًا على “العقوبات الغربية” أو توقفت “أوروبا” عن شراء “الغاز”، يتفق صانعو السياسة الأوروبيون على أنَّهم بحاجة للتحضير من أجل مستقبل به كمية أقل بكثير من الطاقة الروسية، والأفضل ألا تكون به طاقة روسية من الأصل؛ كما تأمل “واشنطن”.

ومن شأن فك ارتباط سوق “الغاز” الأوروبية عن “روسيا” أن يُمثل تغيُّرًا هائلاً بالنسبة لقارة زاد اعتمادها بصورة كبيرة على “غاز” التربة المتجمدة في “سيبيريا”؛ لدرجة أنَّها لم تُنشيء بنية تحتية تُذكَر للإمدادات البديلة. ويحصل “الاتحاد الأوروبي” على قرابة: 40% من “الغاز” من “روسيا”، وزاد هذا الاعتماد في السنوات الأخيرة. ووفقًا لمركز أبحاث (بروغل-Bruegel)، كان “الاتحاد الأوروبي” يدفع ما يصل إلى: 600 مليون يورو؛ (نحو 722 مليون دولار)، يوميًا لـ”روسيا”.

الخلاصة هنا هي أن تلك الحقائق فرضت نفسها بصورة مباشرة، إذ أعلنت “ألمانيا” أنها ستدفع مقابل “الغاز الروسي”؛ بـ”الروبل”، بعد ساعات قليلة من إغلاق صنبور “الغاز الروسي”؛ لـ”بولندا وبلغاريا”، في إشارة واضحة إلى أن رسالة “بوتين” قد وصلت وأربكت الخطط الأميركية لإعادة هيمنتها وسيطرتها التي تؤكد الأحداث أنها أصيحت في أفول دائم.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة