وكالات – كتابات :
نشرت مجلة (فورين بوليسي) تحليلاً؛ لـ”مايكل هيرش”، وهو مراسل كبير ونائب محرر الأخبار في المجلة، حول الفشل الأميركي في حشد الكثير من دول العالم في مواجهة العملية الروسية العسكرية في “أوكرانيا”. ويرى الكاتب أن ذلك يعود إلى أن الكثير من هذه الدول ليست ديمقراطية أو أنها ديمقراطيات معيبة. علاوة على ذلك فإن “الولايات المتحدة”؛ التي تعظ بالديمقراطية وضرورة احترام النواميس الدولية هي نفسها ديمقراطية محطمة، كما أنها لا تحترم القانون الدولي.
ويستهل “هيرش” تحليله بالقول: في البداية، بدا شن الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، حربًا على “أوكرانيا” بمثابة المبرر المثالي لحملة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، الديمقراطية العالمية. أي تأييد يمكن أن يكون أفضل من مشهد ديمقراطية شجاعة وباسلة تُقاتل مستبدًا وحشيًا ؟.. كما فضل الكاتب صياغة تساؤله.
ويُجيب: كما قال “بايدن” في خطاب ألقاه في “بولندا”؛ في آذار/مارس 2022، تُعد “أوكرانيا” الآن: “في الخطوط الأمامية” في “النضال الدائم من أجل الديمقراطية والحرية”. ولكن على الرغم من نجاح “أوكرانيا” على الأرض ضد جيش “بوتين”؛ (بحسب مزاعم الكاتب التي يرددها قطيع الآلة الدعائية الأميركية)، فإن جهود “البيت الأبيض”؛ في الأشهر التي تلت ذلك، لتصوير الصراع على أنه معركة عالمية هائلة بين الديمقراطية والاستبداد لا يبدو أنه نجح بشكل جيد.
فخارج الحلفاء الأوروبيين الغربيين وشركاء “الولايات المتحدة” القدامى؛ مثل: “اليابان”، فإن الكثير من دول العالم الأخرى ببساطة لا تدعم ذلك. والمشكلة الأولى هي أن معظم هذه البلدان إما ليست ديمقراطيات أو أنها معيبة بشدة باعتبارها ديمقراطيات لدرجة أن الخطاب لم يلهمها. والمشكلة الثانية، أنه في نظر الكثيرين حول العالم، فإن الدولة التي تقوم بالوعظ – الولايات المتحدة – هي ديمقراطية محطمة جدًا ويجب أن تُعالج نفسها أولاً.
ويُضيف الكاتب أن هذه المشاكل كانت واضحة في “البيت الأبيض”؛ هذا الأسبوع، في مطلع آيار/مايو 2022، عندما رحب “بايدن” بقادة من “رابطة دول جنوب شرق آسيا”؛ (آسيان)، ومعظمهم من المستبدين أو يُمثلون دول الحزب الواحد التي لا تظهر أي علامات على التحول إلى الديمقراطية. ومن بينهم، “هون سين”، رجل “كمبوديا” القوي الذي يحكم البلاد منذ مدة طويلة، ورئيس الوزراء التايلاندي؛ “برافوث تشان أوشا”، وهو جنرال سابق استولى على السلطة في انقلاب عام 2014، والزعماء المستبدين لـ”فيتنام ولاوس وبروناي”. ومما بعث على إرتياح “بايدن”، أن رئيس المجلس العسكري في ميانمار؛ “مين أونغ هلاينغ”، وهو عضو آخر في رابطة (آسيان)، لم يكن من بينهم.
ضعف الديمقراطية..
ويُلفت الكاتب إلى أن “كورت كامبل”، كبير مستشاري “بايدن” في “البيت الأبيض” بشأن شرق آسيا، أقر يوم الأربعاء بأن المحادثات؛ “ربما تكون غير مريحة بعض الشيء أحيانًا، لكنها لم تتناول بشكل مباشر قضية ضعف الديمقراطية في المنطقة”. وقال في منتدى في “معهد الولايات المتحدة للسلام”: “أعتقد أنه سيكون لدينا تواصل كامل ونُقر بوجود اختلافات في وجهات النظر”.
وقد أشارت معظم هذه الدول إلى عدم الانحياز في الصراع بين “روسيا” والغرب. حتى أن “إندونيسيا”، وهي عضو بارز آخر في (آسيان) ودولة ديمقراطية، دعت “بوتين” إلى “قمة مجموعة العشرين”؛ التي تستضيفها في تشرين ثان/نوفمبر. وتنضم إلى دول (آسيان) دول أخرى عبر الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأميركا اللاتينية وإفريقيا – وهي دول تضم عددًا من الديمقراطيات؛ ولكنها تضم أيضًا مجموعة من المستبدين والديمقراطيين المشبوهين الذين يُمثلون غالبية سكان العالم. وهم غير مقتنعين بأنه يُلزم عزل “روسيا”، وهي مصدر رئيس لإمدادات “النفط والغاز”، عن النظام العالمي.
وقال “مايكل كوبيدغ”، الخبير في التحول الديمقراطي في جامعة “نوتردام” وأحد مديري دراسة دولية شاملة أجراها معهد “أنواع الديمقراطية”؛ (V-Dem)، والتي صدرت الشهر الماضي: “موقفهم هو من أنت لتخبرنا ماذا نفعل أو تخبرنا ما هي حقوقنا ؟.. الأشخاص الذين يفوزون في التصويت الشعبي في بلدك لا يتم انتخابهم حتى رؤساء. لذلك لا تلقوا علينا العظات”.
ويقول التقرير الذي صُدر عن “فريدوم هاوس”؛ تحت عنوان: “تغيير مسار الديمقراطية المتراجعة في الولايات المتحدة”، أنه: “في خضم: 16 عامًا من التراجع في الحرية العالمية، عانت الديمقراطية في الولايات المتحدة من تآكل خطير”. ووجد التقرير أن “الولايات المتحدة” قد هبطت إلى مستوى الديمقراطيات المعيبة؛ مثل: “بنما ورومانيا وكوريا الجنوبية”، وخلص إلى أن: “إضعاف الديمقراطية الأميركية لم يبدأ بضغط الرئيس السابق؛ دونالد ترامب، المباشر على المؤسسات الديمقراطية والحقوق، وخروجه من البيت الأبيض لم يضع حدًا للأزمة”.
“أميركا” تنتهك النواميس التي تنادي باحترامها..
ويُشير الكاتب إلى أن المنتقدين يقولون بما أن تأطير إدارة “بايدن” للصراع يعمل بشكل جيد داخل “حلف شمال الأطلسي” والغرب – أنضم إليهم حلفاء وثيقون لـ”الولايات المتحدة” مثل: “اليابان وكوريا الجنوبية” – يحتاج الرئيس الأميركي إلى إعادة التفكير في نهجه، إذا كان يُريد حشد المزيد من الحلفاء في جهوده لعزل وإضعاف “روسيا”. ويقولون إن القضية الحقيقية التي يجري اختبارها ليست الديمقراطية في حد ذاتها، بل هي قضية يمكن لمعظم البلدان التعرف عليها بسهولة أكبر وهي قدسية حدودهم بموجب قواعد ما بعد الحرب العالمية الثانية المدعومة بالقانون الدولي الذي أقرته “الأمم المتحدة”.
وقال “بروس غينتلسون”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة “ديوك” ومستشار السياسة الخارجية الأبرز لنائب الرئيس الأميركي السابق؛ “آل جور”، وموظفي تخطيط السياسات بـ”وزارة الخارجية”: “هذا الأمر يتعلق بسلامة الأراضي وعدم استخدام القوة لتغيير الحدود، إلى جانب المعايير الدولية. وهذه هي القضايا الجوهرية. وفي هذا الصدد، فهي تُشبه الكويت عام 1990″؛ عندما كسب الرئيس الأميركي آنذاك؛ “جورج بوش الأب”، إجماعًا دوليًا واسعًا ضد الرئيس العراقي؛ آنذاك، “صدام حسين”. وفي رسالة بريد إلكتروني، أضاف “غينتلسون”، مع أنه يُكِن: “إعجابًا كبيرًا” لقيادة الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، في وقت الحرب، فإن “أوكرانيا” نفسها معروفة منذ فترة طويلة بأنها: “ديمقراطية موضع شك” وواحدة من أكثر دول العالم فسادًا.
واتفق “تشاس فريمان جونيور”، وهو دبلوماسي أميركي كبير سابق ساعد في تأطير مفهوم “جورج بوش الأب” حول: “النظام العالمي الجديد”؛ أثناء أزمة الخليج: 1990 – 1991، مع هذا التقييم. وقد أدان “بايدن” بالفعل الغزو الروسي ووصفه بأنه: “انتهاك صارخ للقانون الدولي”. لكن “فريمان” قال إن “الولايات المتحدة” يجب أن تعمل بجد لاستعادة مصداقيتها على تلك الجبهة، في أعقاب انتهاكاتها الأخيرة للمعايير الدولية، بما في ذلك استخدام التعذيب وغزو “العراق”.
قال “فريمان”؛ لـ (فورين بوليسي): “نحتاج إلى العودة إلى المباديء الأساسية للقانون الدولي التي نحّيناها جانبًا بحماقة، لكن هذه ستكون مشكلة. لقد أنشأت الولايات المتحدة ما يُسمى الآن النظام الدولي الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية ورعته وفرضته على العالم. إذًا أنت لديك ميثاق الأمم المتحدة، الذي يُحدد المباديء الأساسية للقانون الدولي. ولا يمكنك خوض الحرب بدون تبرير من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي كان لدينا (في 1990 – 1991). لكن هذه كانت آخر مرة أخذنا فيها تلك المعايير بعين الاعتبار. وبعد ذلك، انتهكنا كل مبدأ من مباديء القانون الدولي كنا من رواده”.
الاعتراف بالذنب..
ويواصل الكاتب مع “فريمان”؛ الذي يقول إن العودة إلى تلك المباديء الأساسية، مع الاعتراف المناسب بالخطأ، قد يكون المسار الوحيد للمضي قدمًا، إذا أرادت “الولايات المتحدة” أن تكسب الكثير من العالم. وأضاف أن ما لن ينجح هو التبشير بأمجاد الديمقراطية – وهي عادة أميركية قديمة، والتي يعتقد أن فريق “بايدن” يلجأ إليها لتحقيق منفعة سياسية محلية إلى حدٍ كبير.
وقال “فريمان”: “لقد أعتقدت منذ البداية أن هذه لا تعدو أن تكون حماقات. إنه غرور أميركي محض. ومن المفارقات أنه يجب أن يظهر في الصدارة خلال فترة من الواضح فيها أن ديمقراطيتنا تُعاني من اضطراب عميق ولسنا متأكدين حتى من أننا سنحقق انتقالًا سلميًا (للسلطة) في عام 2024”.
وتمتد مشكلة مصداقية “بايدن” إلى الدول الكبرى الأخرى التي لم تتماش مع حملة “بايدن” – والتي لا تزال تُماطل بشأن الغزو الروسي. وقال “راني مولين”، الباحث في كلية “وليام وماري”، إنه بالنسبة لـ”الهند”، فإن القضية لا علاقة لها بالديمقراطية؛ ولكنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بأمن الحدود. وزعيمها الذي يتزايد استبداده، رئيس الوزراء؛ “ناريندرا مودي”، هو شعبوي يؤجج الكراهية الطائفية بين الهندوس والمسلمين، بينما يسعى على المسرح الدولي لإقامة علاقات مع كل من “موسكو” و”واشنطن”. ومنذ بداية العام، عززت “الهند” كثيرًا مشترياتها من “النفط الروسي” المخفض – وهو ما يحتاجه “مودي” بشدة لدعم اقتصاد “الهند” الآخذ في الضعف.
وقال “مولين”، وهو خبير في جنوب ووسط آسيا، إن موقف “مودي” يتعلق بالكامل بالسياسة الواقعية. وهذا يعني الحفاظ على علاقات عملية مع “روسيا” حتى لا يُشجع على شراكة أعمق بين “موسكو” و”الصين”، المعتدي المحتمل الأكثر رعبًا لدى الهنود إلى جانب “باكستان”، التي تتمتع بعلاقة حميمة مع “بكين”. وبالنسبة لـ”نيودلهي”، فإن القضية الأكثر أهمية هي سلامة الحدود بموجب “اتفاقية بانشيل”؛ لعام 1954 – التي يُسميها الصينيون: “المباديء الخمسة للتعايش السلمي” – بين “الهند” و”الصين”.
وقال “مولين”: “في نهاية المطاف، فإن موقف الهند مدفوع بالتفكير في أن تنفير روسيا سيقوض أمنها. الديمقراطية ؟.. ما هي أهميتها ؟.. هذه هي حقيقة الأمر. كل شيء يتعلق بالصين. لذا، فإن تأطير الإجراءات الروسية بطريقة تضمن الاحترام المتبادل لوحدة أراضي الطرف الآخر – هذا من شأنه أن يضرب على وتر مختلف”.
مستوى الديمقراطية انخفض في العالم كله..
ويرى الكاتب أن الحقيقة الصارخة التي يجب على “بايدن” مواجهتها؛ هي أن الديمقراطية في تراجع منذ “الحرب الباردة”. وذكر تقرير صادر عن معهد “أنواع الديمقراطية”: “انخفض مستوى الديمقراطية الذي يتمتع به المواطن العالمي العادي؛ في عام 2021، إلى مستويات عام 1989. الثلاثين عامًا الماضية من التقدم الديمقراطي قُضي عليها الآن. كما أن الديكتاتوريات آخذة في الإزدياد ويعيش فيها: 70 في المئة من سكان العالم – أي: 5.4 مليار نسمة”. ووجدت الدراسة أنه يمكن الآن العثور على الديمقراطيات الليبرالية في: 34 دولة فقط، بانخفاض عن ذروتها التي بلغت: 42 دولة في عام 2012، والتي تضم: 13 بالمئة فقط من سكان العالم.
وأحد الأطراف التي لم تُحسم أمرها في هذا الصراع العالمي حول المعايير الدولية هي؛ “الصين” الاستبدادية، التي سعت إلى إيجاد حل وسط بين “روسيا” والغرب. ويلتزم الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، بشراكته مع “بوتين”، لكن “بكين” إلتزمت في الغالب بالعقوبات الاقتصادية على “روسيا”. ويقول المسؤولون الصينيون إن بلادهم تكره اختيار أي طرف، لكن “واشنطن” جعلت ذلك صعبًا بتصوير الصراع على أنه صراع يتعلق أساسًا بالديمقراطية على النمط الغربي؛ وليس الأعراف العالمية. كما كتب “روبرت مانينغ”، وهو مسؤول مخابرات أميركي سابق وباحث كبير في “المجلس الأطلسي”، في (فورين بوليسي) هذا الأسبوع: “منطق (الديمقراطيات فقط)؛ يمكن أن يؤدي إلى عالم منقسم إلى قسمين أو ثلاثة أقسام”.
ويزعم “هيرش” أن “الصين” تطمع في “تايوان”؛ مثلما تطمع “روسيا” في “أوكرانيا”، ولكن حتى “واشنطن” لا تزال تتبنى رسميًا سياسة: “الصين الواحدة”، التي تنتهجها منذ فترة طويلة، معترفةً بأن “تايوان” جزء من “الصين الواحدة”. و”بكين” غاضبة من تآكل هذه الدعامة الدبلوماسية أيضًا، حيث أزالت “وزارة خارجية” بايدن مثل هذه النصوص من موقعها الرسمي، والذي لم يُعد ينص على أن “واشنطن”: “لا تدعم استقلال تايوان”. ولم تعرض إدارة “بايدن” أي مبادرات جديدة لفطام “بكين” بعيدًا عن “موسكو”.
خطاب الديمقراطية الغربية لا يغري العالم..
وتجري الدول الكبرى الأخرى، حتى تلك الدول الديمقراطية، حسابات تستند إلى عوامل لا علاقة لها بتهديد الديمقراطية. فقد قال الرئيس البرازيلي؛ “غاير بولسونارو”، مؤخرًا إنه سيواصل دعم مشاركة “روسيا” في المنتديات الدولية، مثل “مجموعة العشرين” و”صندوق النقد الدولي” و”البنك الدولي”.
ويقول بعض الخبراء إن التناقضات في نهج “بايدن” للديمقراطية أضرت به أيضًا. وتعرضت “قمة الديمقراطية” الافتراضية؛ التي عقدها الرئيس في نهاية العام الماضي، لانتقادات واسعة النطاق بسبب الطريقة التي بدت تعسفية، حيث تمت دعوة بعض الدول، بينما تم تجاهل دول أخرى. وجرى الترحيب بالرئيس الفلبيني المعادي لـ”الولايات المتحدة”، “رودريغو دوتيرتي”، على سبيل المثال على الرغم من حملته العنيفة من تنفيذ عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، في حين تم استبعاد “سنغافورة” المتحالفة مع “واشنطن”، والتي صُنفت على أنها: “تتمتع بالحرية جزئيًا” في دراسة “فريدوم هاوس” السنوية للحقوق والحريات في جميع أنحاء العالم.
وكان ترتيب “سنغافورة”؛ لدي “فريدوم هاوس”، أعلى أيضًا من بعض المدعوين الآخرين، مثل: “أنغولا والعراق وجمهورية الكونغو الديمقراطية وباكستان ونيجيريا ولبنان”. وفي “الفلبين”، سيحل “فرديناند ماركوس جونيور”، نجل دكتاتور البلاد الذي يحمل الاسم نفسه، والذي قال إنه يريد الاقتراب من “بكين”، محل “دوتيرتي” قريبًا.
وقال “رافايللو بانتوتشي”، الباحث الزائر في مدرسة (إس راغاراتنام للدراسات الدولية) في “سنغافورة”: “البلدان غير الديمقراطية تُعامل على أنها ديمقراطية. إنها مهمة حمقاء تمامًا. وتنفر الناس على الأرض”.
ورغم ذلك، فإن “أوكرانيا” أيضًا ليست “الكويت” في فترة: 1990 – 1991 أي دولة خاضعة للحكم الملكي. بل هي حقًا ديمقراطية مهددة بالخطر. ويبدو أن “بايدن” غير مستعد للتنازل عن الأجندة التي تبناها منذ بداية رئاسته، عندما أعلن في أول خطاب له عن حالة الاتحاد أنه: “في المعركة بين الديمقراطية والاستبداد، ترتقي الديمقراطيات إلى مستوى اللحظة. ومن الواضح أن العالم يختار جانب السلام والأمن”. ويُحب مسؤولو إدارة “بايدن” الإشارة إلى الوزن الاقتصادي لـ”الولايات المتحدة” وحلفائها الغربيين، الذين يُشكلون: “أكثر من: 50 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي”؛ بينما تُمثل: “الصين وروسيا أقل من: 20 بالمئة”، كما قال مستشار الأمن القومي الأميركي؛ “جيك سوليفان”، في شباط/فبراير.
“بايدن” وديمقراطية وهمية..
لدى الرئيس الكثير من الحلفاء – يعيش معظمهم في فقاعة فكرية في “واشنطن” تُعزز الديمقراطية بطريقة وهمية منذ نهاية “الحرب الباردة”، حتى في مواجهة العديد من الانتكاسات. على سبيل المثال، اختلفت هيئة تحرير صحيفة (واشنطن بوست)؛ هذا الأسبوع، حول المساومة على أجندة الديمقراطية في “الولايات المتحدة”، وحثت “بايدن” على إبلاغ: “قادة (الآسيان) الفرديين الذين يلتقي بهم الحقيقة بشأن إساءة استخدامهم للسلطة”.
وحذرت الافتتاحية من أن “الولايات المتحدة” يجب ألا ترتكب نفس الخطأ الذي ارتكبته خلال “الحرب الباردة”، عندما كانت تزرع في كثير من الأحيان مستبدين مناهضين للشيوعية لكي تُتهم في النهاية بالنفاق. وقالت الصحيفة: “في الواقع، عادت الأمثلة السابقة التي بشرت فيها الولايات المتحدة بالديمقراطية، ولكنها مارست السياسة الواقعية لتطارد جهودها الحالية لحشد العالم وراء قضية أوكرانيا. وهذا الأسبوع، لدى بايدن فرصة لإظهار أنه تعلم من ذلك التاريخ”.
يتفق خبراء آخرون مع ذلك على الرغم من أن الكثيرين يعتقدون أن هناك حاجة إلى نهج أكثر دقة. وقال “كوبيدغ”: “أعتقد أن التأطير الجيوسياسي لهذا الصراع سيكون أكثر دقة من بعض النواحي، لكنني لست متأكدًا من أنه سيكون فعالاً بنفس القدر، على الأقل داخل أوروبا”.
ويختتم الكاتب تحليله بقول “كوبيدغ”: “هناك شيء ما يتعلق بوجود هدف ملهم يمكن الاتحاد حوله؛ وهو أمر فعال للغاية. أعتقد أن مقامرة بوتين الفاشلة في أوكرانيا لديها فرصة لتغيير موجة الاستبداد التي كنا فيها”. غير أن “كوبيدغ” قال أيضًا إن مفهوم “بايدن” الكبير لمعركة الديمقراطية ضد الاستبداد لا يزال، في الوقت الحالي، “طموحًا”.