13 مارس، 2024 2:31 ص
Search
Close this search box.

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. شلال المساعدات الأميركية لـ”كييف” يستنزف القدرات العسكرية لـ”واشنطن” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

مع دخول الحرب “الروسية-الأوكرانية” شهرها الثالث، جعلت “الولايات المتحدة” من دعم “أوكرانيا” أولوية أمنية، وهو ما أسفر عن تضخم حجم المساعدات العسكرية الموجهة إليها، لتُعَد حاليًّا أكبر مُتلقٍّ للمساعدات العسكرية الأميركية حول العالم، وهي المساعدات التي تنوَّعت صورها، لتشمل الأسلحة، ورواتب المسؤولين العسكريين، بجانب أشكال أخرى من المعلومات الاستخباراتية، والدعم اللوجستي والتدريب. وقد أثار ذلك تساؤلات عن تداعيات تلك المساعدات على الجيش الأميركي بين مَن يدفع بتعدُّد تداعياتها الإيجابية ومَن يُحذر من مخاطرها المحتملة؛ بحسب ما خلص إليه مقال تحليلي نشره موقع مركز (إنترريغونال) للتحليلات الإستراتيجية.

الآثار الإيجابية..

ساهمت المساعدات العسكرية الأميركية؛ لـ”أوكرانيا”، في دفع وتعزيز الصناعات العسكرية الأميركية؛ وذلك على النحو الآتي:

مصدر الصورة: رويترز

01 – تزايد تصنيع طائرات (الشبح): لقد أثبتت صناعة السلاح الأميركية إمكانية التعويل عليها لانتشال الاقتصاد الأميركي من كبوته، حتى بات نمو المجمع “الصناعي-العسكري” من أهم أهداف إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”. وفي هذا الإطار، عمل سلاح الجو الأميركي على تصنيع الطائرات المُسيَّرة التي يُطلق عليها: (الشبح)، التي دخلت في صفقة أسلحة جديدة بقيمة: 800 مليون دولار لـ”أوكرانيا”، وهي الطائرات التي تبرز أهميتها بالنظر إلى قدرتها على الاستجابة للاحتياجات الأوكرانية من ناحية، وتماثُل قدرتها مع قدرات الطائرات من دون طيار المُسلَّحة المعروفة باسم: (سويتش بليد)؛ التي استهدفت القوات الروسية من ناحية ثانية.

02 – دعم شركات الأسلحة الأميركية: لقد استخدمت “أوكرانيا” صواريخ (ستينغر) و(غافلين)؛ بجانب الطائرات من دون طيار، مثل طائرات (بيرقدار) التركية، و(سويتش بليد) الأميركية بفاعلية دون الحاجة إلى الاقتراب من أهدافها؛ لذا من المتوقع أن تُسفر الحرب “الروسية-الأوكرانية” عن تضاعف ثروات شركات الأسلحة الأميركية، مثل: “رايثيون” و”لوكهيد مارتن”، في ظل “مبادرة المساعدة الأمنية الأوكرانية لوزارة الدفاع الأميركية”؛ (USAI)، و”برنامج التمويل العسكري الخارجي”؛ التابع لـ”وزارة الخارجية”، اللذين يُمولِّان شراء الأسلحة الأميركية، وكذلك تعدُّد العقود المُوقَّعة لإمداد صاروخ (ستينغر) المضاد للطائرات؛ وصاروخ (غافلين) المضاد للدبابات، وهما الصاروخان اللذان قدَّمتهما “واشنطن” بالآلاف إلى “أوكرانيا”.

03 – رفع كفاءة عمليات التدريب: تتولَّى “وزارة الدفاع” الأميركية؛ (البنتاغون)، تدريب القوات الأوكرانية في منشآت عسكرية أميركية بـ”ألمانيا”، وهي الجهود التي تعتمد على التدريب الأوَّلي على المدفعية الذي تلقَّته القوات الأوكرانية بالفعل، وستشمل أيضًا التدريب على استخدام أنظمة الرادار والمركبات المُدرَّعة التي أُعلن عنها مؤخرًا بوصفها جزءًا من حزمة المساعدة العسكرية لـ”أوكرانيا”؛ إذ تُعَد “ألمانيا” واحدة من 03 مواقع تستخدمها “الولايات المتحدة” لتدريب الأوكرانيين خارج بلادهم. وفي هذا السياق، تتولَّى قوات (الحرس الوطني) الأميركية الجزء الأكبر من تدريب الجنود الأوكرانيين.

04 – تحسين عمليات الشحن والتدقيق: يتولَّى الجيش الأميركي مهمة إعداد الشحنات العسكرية، لا سيما مدفعية (هاوتزر)، استعدادًا لإرسالها إلى “أوكرانيا”. وفي سياق متصل؛ نشر الجيش الأميركي، في أوائل آيار/مايو الجاري؛ مقاطع فيديو لعملية شحن تلك المدفعية من عيار 155 ملليمترًا على متن طائرات (C17)، تمهيدًا لوصولها إلى القوات الأوكرانية، كما يتولى الجيش الأميركي الفحوصات النهائية لناقلات الأفراد المُدرَّعة من طراز (إم-113). وقد تعدَّدت بالفعل مقاطع الفيديو التي تُوضِّح كيف يقوم أفراد (الحرس الوطني) بفحص وتجهيز ناقلات الجنود قبل شحنها إلى “أوكرانيا”.

مصدر الصورة: رويترز

05 – اختبار الصواريخ “فرط الصوتية”: في منتصف آيار/مايو الجاري، أعلن سلاح الجو الأميركي عن إجراء اختبار ناجح لصاروخ فرط صوتي تفوق سرعته سرعة الصوت، بعد إطلاقه بنجاح من قاذفة قنابل طراز (بي-52)؛ قبالة سواحل جنوب “كاليفورنيا”؛ إذ تفوق سرعة الصاروخ المُختبَر سرعة الصوت، كما يستخدم صاروخًا معززًا لزيادة سرعته لتصل إلى خمسة أمثال سرعة الصوت. وقد عانى برنامج الأسلحة بالقوات الجوية الأميركية من ثلاثة إخفاقات في اختبار هذا الصاروخ سلفًا؛ من جراء عيوب تقنية أسفرت عن تأجيله. وقد ركَّز (البنتاغون) بدرجة متزايدة على تطوير الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بعد أن أصبحت “روسيا” هي أول دولة على الإطلاق تستخدم ذلك النوع من الأسلحة؛ عندما أطلقت صواريخ (إسكندر) و(كينزال) على “أوكرانيا”.

الآثار السلبية..

ويترتَّب على المساعدات العسكرية الأميركية جملة من التداعيات السلبية؛ التي يمكن الوقوف عليها على النحو الآتي:

01 – استنزاف مخازن (البنتاغون): قد تُسفر المساعدات العسكرية الأميركية – بما في ذلك شحنات الأسلحة التي تُرسلها “الولايات المتحدة” إلى “أوكرانيا” – عن استنزاف الترسانة العسكرية القابعة في المخازن الأميركية؛ التي قد تتزايد الحاجة إليها حال تصاعد التوتر مع “إيران” أو “الصين” أو “كوريا الشمالية” على سبيل المثال؛ إذ تُقلع الطائرات الأميركية بوتيرة شبه يومية من قاعدة (دوفر) الجوية؛ في ولاية “ديلاوير”، وهي محملة بصواريخ (غافلين) و(ستينغر) ومدافع (هاوتزر) وغيرها من الأسلحة التي تُنقل إلى “أوروبا الشرقية”؛ ما يعني أن استمرار الحرب لفترات أطول قد يُقوِّض قدرة “الولايات المتحدة” على شحن كميات هائلة من الأسلحة إلى “أوكرانيا”؛ مع المحافظة في الوقت نفسه على مخزونها الإستراتيجي من الأسلحة الذي قد تحتاجه مستقبَلاً.

مصدر الصورة: رويترز

02 – نقص صواريخ (غافلين) و(ستينغر): وفقًا لـ”مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية”، قدَّمت “الولايات المتحدة” بالفعل أكثر من: 07 آلاف صاروخ (غافلين) إلى “أوكرانيا”، وهو ما يُعادل ثُلث مخزونها تقريبًا، كما أرسلت ما يُعادل ربع مخزونها من صواريخ (ستينغر). وبالنظر إلى محدودية إنتاج كلا الصاروخَين في السنوات القليلة الماضية، يواجه المخزون من كلَيهما مشكلة حقيقية. وفي هذا الإطار، قال السيناتور الجمهوري؛ “توم كوتون”، خلال إحدى جلسات الاستماع التي عقدتها لجنة القوات المسلحة بـ”مجلس الشيوخ”؛ إن: “من المُقلق للغاية أن التقارير أشارت إلى أن الولايات المتحدة قدَّمت ما يتراوح بين ربع وثُلث مخزونها من (غافلين) و(ستينغر) إلى أوكرانيا”، فيما أفاد مساعد وزير الاستحواذ واللوجستيات والتكنولوجيا؛ “دوغ بوش”، بأن القاعدة الصناعية الأميركية ستكون قادرة على استعادة مخزوناتها من كلا الصاروخَين، ولكن هذا لن يحدث على الفور.

03 – تنامي الفجوة بين العرض والطلب: أكد “جريغ هايز”؛ الرئيس التنفيذي لشركة “رايثيون تكنولوجيز”، أن شركته التي تُصّنع أنظمة الأسلحة لن تكون قادرة على زيادة الإنتاج حتى العام المقبل؛ بسبب نقص قطع الغيار؛ فعلى الرغم من تزايد أرباح الصناعات الدفاعية في كل من “الولايات المتحدة” و”أوروبا”، يواجه مقاولو الدفاع التحديات التي تُعاني منها سلاسل التوريد؛ (ومنها نقص العمالة، وتقادُم قطع الغيار، وغير ذلك)، وهي التحديات التي يواجهها المُصنِّعون الآخرون؛ لذا يعمل (البنتاغون) مع مقاولي الدفاع على تقييم خطوط إنتاج أنظمة الأسلحة لمجابهة الاختناقات المحتملة في كل مرحلة من مراحل عملية التصنيع، بجانب دراسة الخيارات المتاحة لتعزيز إنتاج الصواريخ المطلوبة.

04 – تزايد تكلفة تجديد المخزون: أدرجت الإدارة الأميركية التمويل اللازم في مشروع قانون “أوكرانيا” التكميلي لتجديد المخزون الأميركي من الأسلحة المستنفدة، على الرغم من تزايد تكلفة ذلك. وعليه منح (البنتاغون) عقودًا بقيمة: 309 ملايين دولار لتمويل: 1300 صاروخ مضاد للدبابات لإعادة ملء المخزون الأميركي. وبالإضافة إلى أنظمة (غافلين)؛ التي تهدف إلى استبدال تلك المرسَلة إلى “أوكرانيا”، فإن الصفقة التي بلغت قيمتها: 238 مليون دولار، والتي تم الإعلان عنها؛ في 06 آيار/مايو الجاري، بجانب تلك التي بلغت قيمتها: 71 مليون دولار، والتي تم الإعلان عنها؛ في 12 آيار/مايو الجاري، تشمل أيضًا طلبات العملاء الدوليين، ومنهم: “النرويج وألبانيا ولاتفيا وتايلاند”.

05 – حدوث نقص في التمويل: تأمل شركة “لوكهيد مارتن” زيادة إنتاجها من صاروخ (غافلين)؛ من: 2100 إلى: 4000 وحدة سنويًا. ومع ذلك لا يمكن الجزم بشأن إذا ما كانت الأموال المُقدَّمة لها ستُمكنها من توسعة مرافق الإنتاج الخاصة بها أو شراء مواد إضافية من الموردين؛ إذ سيتطلَّب ذلك تمويلاً خاصًّا. وبالتوازي مع ذلك، من المُحتمَل أن يفتقر (البنتاغون) إلى: 5.7 مليار دولار، وهو المبلغ المرغوب لتمويل: 126 مشروعًا عبر مختبرات ومنشآت الاختبار التابعة للخدمات العسكرية؛ التي تم استبعادُها من طلب ميزانية العام المالي 2023 للبناء العسكري.

مصدر الصورة: رويترز

استنزاف حادٌّ !

وختامًا.. مع تزايد حجم المساعدات العسكرية الأميركية المُقدَّمة إلى “أوكرانيا”، وبناءً على تقارير “وزارة الدفاع” نفسها، من المُحتمَل أن يتعرَّض مخزون “الولايات المتحدة” الإستراتيجي من الأسلحة لاستنزافٍ حادٍّ قد يستغرق إعادة مَلئِه ما لا يقل عن: 12 شهرًا، كما قد يستغرق تجديد المخزون الإستراتيجي نحو: 32 شهرًا. وعلى الرغم من المليارات التي تتكبَّدها “الولايات المتحدة” لتخصيص المساعدات العسكرية إلى “أوكرانيا”، يرى “بايدن” أن تكلفة التوقُّف عن إرسال تلك المساعدات ستفوق تكلفة إرسالها.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب