الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. رغم تحذيرات “بايدن” .. “الهند” تتحدى واشنطن وتتوسع في شراء نفط موسكو !

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. رغم تحذيرات “بايدن” .. “الهند” تتحدى واشنطن وتتوسع في شراء نفط موسكو !

وكالات – كتابات :

أصبح شراء “الهند”؛ لـ”النفط الروسي”، واحدة من أكبر الأحجيات التي تواجه محاولات “الولايات المتحدة” معاقبة “روسيا” على عمليتها العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”.

وقال الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، لرئيس وزراء “الهند”، إن شراء “النفط الروسي” ليس في مصلحة بلدك. وحذَّر مسؤولٌ أميركي بشدة من أن تقويض العقوبات قد يؤدي إلى: “عواقب”. وجادل الكثير من المبعوثين الأميركيين والأوروبيين بأن اتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه “روسيا” يُعَدُّ ضرورةً عالمية.

لكن بالنسبة لـ”الهند”، فإن قرار التمسك بحيادها بشأن الهجوم الروسي على “أوكرانيا” لم يُعد مجرد إبقاءٍ على خياراتها مفتوحةً في عالمٍ به مراكز قوة متعدِّدة، بل لقد تطوَّرَ الأمر إلى حالةٍ مُربِحة من الانتهازية الاقتصادية، إذ إن “النفط الروسي” بالنسبة لـ”الهند” هو مجرد صفقةٍ جيِّدة لا يمكن تفويتها، حسبما ورد في تقرير لصحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية.

شراء “الهند” للنفط الروسي ارتفع من صفر لـ 300 ألف برميل..

ارتفعت مشتريات “الهند” من “الخام الروسي” منذ بداية الصراع، حيث ارتفعت من لا شيء؛ في كانون أول/ديسمبر وكانون ثان/يناير، إلى حوالي: 300 ألف برميل يوميًا؛ في آذار/مارس، و700 ألف برميل يوميًا؛ في نيسان/إبريل. يُمثل “النفط الخام” الآن ما يقرب من: 17% من الواردات الهندية، ارتفاعًا من أقل من: 1% قبل الهجوم الروسي. وفي العام الماضي، استوردت “الهند” حوالي: 33 ألف برميل يوميًا في المتوسط ​​من “روسيا”.

مع حظر “النفط الروسي”؛ في “الولايات المتحدة”، واقتراح “أوروبا” الآن حظرًا خاصًا بها، يمكن لـ”الهند” شراء “النفط الخام” بتخفيضات كبيرة، ما يُعزز اقتصادها المتعطش للطاقة بتكلفةٍ أقل. يمكن لمصافي التكرير الهندية أيضًا استخدام “النفط الخام” لصُنع منتجات مثل “الديزل” ووقود الطائرات وبيعه بهوامش ربح أفضل من المعتاد في الخارج؛ بحسب مزاعم التقرير الأميركي.

يقول المُحلِّلون إنه في الوقت الذي تستغل فيه “الهند” الحرب للمساعدة في تأجيج الانتعاش الاقتصادي بعد الجائحة، فمن المُرجَّح أن تزداد التجارة بينها وبين “روسيا” مع استمرار الصراع. قد يُزيد ذلك من تعقيد الجهود الأميركية والأوروبية لخنق شريان الحياة الاقتصادي لـ”روسيا”، إضافة إلى توتُّر العلاقات “الأميركية-الهندية”، حيث يسعى البلدان إلى العمل معًا لمواجهة “الصين”.

وأصبح تغيير اتجاه صادرات “النفط” الروسية واضحًا بعد أيام من شنِّ الرئيس؛ “فلاديمير بوتين”، هجومه على “أوكرانيا”، في أواخر شباط/فبراير 2022، حيث كانت حركة الناقلات التي كانت تتجه من الموانيء الروسية على “البحر الأسود” إلى شمال “أوروبا” تتجه بدلاً من ذلك إلى “الهند”.

قد تزداد حركة المرور هذه بعد أن أعلن “الاتحاد الأوروبي”؛ أمس الأربعاء، 04 آيار/مايو، أنه يأمل في فرض حظر على “النفط الروسي” تدريجيًا في الأشهر المقبلة، وهي الخطوة التي جاءت بعد أيام من قطع “موسكو”؛ “الغاز”، عن “بولندا وبلغاريا”، ما يُزيد من احتمال نشوب حرب طاقة.

وتتجه الناقلات التي تتحرك نحو “الهند” إلى “غامناغار”، في ولاية “غوجارات” الغربية، حيث تمتلك شركة (ريلاينس إندستريز)، أكبر مجمع مصافٍ في العالم، وإلى “فادينار”، أيضًا في “غوجارات”، موقع مصفاة مملوكة لشركة (نايارا إنرجي)، إحدى الشركات الهندية التابعة الشركة الروسية الحكومية (روسنفت).

أوروبا تساعد الهند في هذه التجارة المربحة..

وفي حين أن “أوروبا” قد تبتعد عن مشتريات “النفط الخام” من “موسكو”، فهي حريصةٌ على شراء نفس “النفط” بعد تكريره في “الهند”، وهو أحد الألغاز في كبح عائدات “موسكو” من الطاقة. حيث بلغت صادرات “الهند” من “الديزل” وغيره من المنتجات المكرَّرة إلى “أوروبا”، (حيث يوجد نقصٌ في المعروض منها، 219 ألف برميل يوميًا، وهو مستوى مرتفع جديد، في آذار/مارس)، قبل أن تتراجع في نيسان/إبريل؛ مع ارتفاع الطلب في “الهند”.

في الوقت نفسه؛ تشتري شركات “النفط” المملوكة للدولة؛ في “الهند”، ملايين البراميل من “الخام الروسي” للسوق المحلية، وهو ما قد يُساعد حكومة رئيس الوزراء؛ “ناريندرا مودي”، على تجنُّب ارتفاع أسعار الوقود بعد أن رفعت التجميد؛ في آذار/مارس.

ويستمر التقرير الأميركي في ترويج مزاعمه: ليس من الصعب أن نفهم سبب جاذبية “النفط الروسي” للمشترين في “الهند” وأماكن أخرى، رغم مخاطر الوصم بالعار، نظرًا لهجوم “روسيا” على “أوكرانيا”. يمكنهم الحصول على خصومات كبيرة تبلغ: 30 دولارًا للبرميل أو أكثر، وهي صفقة جيدة جدًا عندما يُباع “خام برنت”، وهو المعيار الدولي، عند حوالي: 105 دولارات للبرميل.

ومع استمرار الدول الأوروبية، حتى الآن، في شراء “نفط موسكو”، قال كبار المسؤولين في الحكومة الهندية إنه من النفاق أن يطلبوا من “الهند” تقليص تجارتها مع “روسيا”. وقد جادلوا بأن “الهند”، وهي دولة نامية، لا تملك رفاهية رفض الطاقة المُخفَّضة الأسعار.

“الهند” و”روسيا” علاقات قديمة..

تعود العلاقات التجارية بين “الهند” و”روسيا” إلى الأيام الأولى للدولة الواقعة في جنوب آسيا كدولة مستقلة، عندما افتقرت إلى تاريخ ائتماني وعُملة راسخة. كانت “روسيا” من بين عدد قليل من التجار الراغبين في شراء البضائع من “الهند” وقبول “الروبية” الهندية في الدفع. ومع اتخاذ “نيودلهي” موقف عدم الانحياز خلال “الحرب الباردة”، استمرت التجارة الثنائية، ما سمح لـ”الهند” ببناء ترسانتها الدفاعية إلى حدٍ كبير بالأسلحة الروسية.

ودَعَمَت “روسيا”؛ “الهند”، سياسيًا في “الأمم المتحدة”، ظلَّت “موسكو” حليفًا ثابتًا عندما أغضبت “واشنطن”؛ “نيودلهي”، مرارًا وتكرارًا، بما في ذلك من خلال مساعدة “أميركا”؛ لـ”باكستان”، عدوة “الهند”، وفرض عقوباتٍ على “الهند” لتطويرها أسلحة نووية، فيما ردَّت “الهند” الجميل بالإمتناع عن قرارات “الأمم المتحدة” لإدانة الهجوم الروسي على “أوكرانيا”.

لماذا لا تبدو “واشنطن” قادرة على معاقبة “الهند” ؟

أما “واشنطن”، فتقدِّم نفسها كشريكٍ دفاعي بديلٍ أمام “الهند”، ما يجعل أيَّ تهديدٍ بفرض عقوباتٍ بسبب زيادة التجارة الهندية مع “روسيا” أمرًا مستبعدًا. وأعتقدت حكومة “الهند” أنها ستحتفظ بعلاقاتٍ جيدة مع “الولايات المتحدة”، بسبب دورها كعنصر تحكُّمٍ حاسمٍ مُحتَمَل أمام التوسُّع الصيني.

وحتى الآن؛ اختارت “الولايات المتحدة” عدم فرض عقوباتٍ أكثر صرامة قد تُجبر دولاً مثل “الهند”؛ على التوقُّف عن شراء “الخام الروسي”. قد يعكس هذا التحذير مخاوف إدارة “بايدن” من أن مثل هذه الخطوة قد ترفع أسعار الضخ للأميركيين.

والآن، مع تحرُّك “أوروبا” لحظر “النفط الخام” والوقود الروسي، من المُرجح أن ترتفع الأسعار، ويمكن لـ”الهند” أن تستفيد أكثر من تكرير “النفط الروسي” وبيع الوقود إلى “أوروبا”.

“الهند” نفسها لديها أيضًا شهية كبيرة لـ”النفط”، وهي ثالث أكبر مستورد ومستهلك لـ”النفط”، وتشحن أكثر من: 80% من احتياجاتها من الخام، خاصة من دول مثل “المملكة العربية السعودية” و”العراق”. وإذا وجد منتجو الخليج أنفسهم يفقدون حصتهم في السوق الهندية لصالح “روسيا”، فقد يؤدي ذلك إلى توتُّراتٍ في منظمة (أوبك+)، منظمة النفط التي ترأسها “الرياض” و”موسكو”.

وفي حين تحرَّكَت (ريلاينس) و(نايارا)، أكبر مصافي التكرير الهندي، نحو الصادرات، بينما حدَّت الحكومة الهندية أسعار الوقود من تشرين ثان/نوفمبر حتى آّار/مارس، قامت شركات النفط المملوكة للدولة في “الهند”؛ بسدِّ الفجوة المحلية عن طريق استيراد ملايين البراميل من “الخام الروسي”.

لكن امتصاص “الهند” لمنتجات الطاقة الروسية لا ينتهي عند هذا الحد. ارتفعت واردات “الفحم الروسي” أيضًا، حيث وصلت إلى مستويات عالية، في آذار/مارس، لم تشهدها منذ أكثر من عامين.

ومع توقُّع انتعاش النمو الاقتصادي في “الهند”؛ إلى ما يقرب من: 8% هذا العام، بعد الركود بسبب الجائحة، فإن “الهند” حاضرةٌ في سوق الطاقة أينما يمكن أن تحصل عليها. تتمثَّل إحدى الإجابات في اتفاقية تجارةٍ حرة جديدة مع “أستراليا”، وهي منتجٌ كبيرٌ لـ”الفحم”. وتتطلَّع “الهند” أيضًا إلى المحادثات التي تُجريها مع “روسيا” لشراء المزيد من فحمها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة