الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. “ألمانيا” تتعرض لحملة شرسة بسبب مساعداتها العسكرية التي لا ترضي واشنطن وكييف !

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. “ألمانيا” تتعرض لحملة شرسة بسبب مساعداتها العسكرية التي لا ترضي واشنطن وكييف !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

باتت “ألمانيا” أمام معضلة حقيقية تجاه الحرب الأوكرانية، حيث يتعرض المستشار الألماني؛ “أولاف شولتز”، لانتقادات من جهات داخلية وخارجية، خاصة من جانب “كييف”، لتحفظه على إمداد “أوكرانيا” بأسلحة ثقيلة ومتطورة كدبابات (ليوبارد) الألمانية الصنع، وتركيزه على الدعم المالي والإنساني عوضًا عن ذلك لدعمها في مواجهة الهجوم الروسي.

وصرح “شولتز”؛ الثلاثاء، أن المساعدات العسكرية التي يمكن تقديمها لـ”أوكرانيا” وصلت إلى الحد الأقصى لتصب الزيت على نار تلك الانتقادات.

وأكد المستشار الألماني أن “برلين” تبحث مع المصانع العسكرية في زيادة إنتاج الأسلحة لـ”أوكرانيا”، لافتًا إلى أنهم لم يرسلوا دبابات (ليوبارد) لـ”أوكرانيا”، وأنهم سيرسلون بدلاً عنها دبابات قديمة يستطيع الأوكرانيون تشغيلها والتعامل معها.

في الوقت ذاته؛ وصل الاستياء الأوكراني من الموقف الألماني لحد إعلان الرئيس الألماني؛ “فرانك فالتر شتاينماير”، ضيفًا غير مرغوب به في “أوكرانيا”، حيث خلال زيارته للعاصمة البولندية، “وارسو”، في 12 نيسان/إبريل الجاري، صرح “شتاينماير” أن الرئيس البولندي؛ “أندريه دودا”، اقترح عليه أن يتوجه كلاهما بصحبة رؤساء دول “البلطيق”: “ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا”، لـ”كييف”، من أجل وضع وإرسال إشارة قوية للتضامن الأوروبي المشترك مع “أوكرانيا”.

وأضاف “شتاينماير”: “كنت مستعدًا لذلك، لكن يبدو كما لاحظت، أن هذا الأمر ليس مرغوبًا في كييف”.

وكانت “ألمانيا” قد تعهدت قبل أيام تقديم مساعدات عسكرية إلى “أوكرانيا”؛ بأكثر من مليار دولار، من أجل مواجهة العملية العسكرية الروسية التي دخلت يومها الـ 56، إلا أن مسؤول عسكري ألماني رفيع، أكد أن الجيش رفض فكرة تسليم أسلحة لـ”أوكرانيا”.

وأوضح نائب المفتش العام للقوات المسلحة؛ “ماركوس لاوبنتال”، في تصريحات للقناة الثانية في التلفزيون الألماني اليوم الأربعاء، أن تلك الخطوة قد تؤثر على الجاهزية العسكرية للبلاد، ولجهة إلتزامات البلاد مع “حلف شمال الأطلسي”؛ بحوالي: 13 ألف جندي ألماني حاليًا، و16 ألفًا العام المقبل. كما أكد أن نقل أسلحة ثقيلة إلى “أوكرانيا” ليس مسألة سهلة.

انتقادات داخلية وخارجية..

تصريحات المستشار الألماني والجيش تأتي في الوقت الذي تعيش فيه البلاد موجة انتقادات طالت المستشار الألماني؛ “أولاف شولتز”، خلال الفترة الماضية، متهمة إياه بالتردد والتخاذل في تسليح القوات الأوكرانية.

كما قوبل ببعض الانتقادات من قبل السفير الأوكراني في البلاد؛ الذي انتقد إحجام “شولتز” عن الإلتزام بتسليم أسلحة ثقيلة للقوات الأوكرانية كالدبابات وغيرها.

“برلين” لا تُفصح عن كل أسلحتها..

وردًا على تلك الموجة من الانتقادات المستمرة منذ أسابيع، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية؛ “آنالينا بيربوك”، في وقت سابق أمس، أن “برلين” لا تُفصح عن كل الأسلحة التي تُرسلها إلى “أوكرانيا” دعمًا لها في مواجهة “روسيا”.

كما أضافت أن بلادها ستُساعد “كييف” على الاحتفاظ بأنظمة أسلحة أكثر تطورًا؛ قد تشتريها وتُدرب الجنود على استعمالها.

وذكرت في مؤتمر صحافي؛ في “ريغا” مع نظيرها وزير خارجية “لاتفيا”: “أن برلين سلمت صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ (ستينغر) وأسلحة أخرى لم تتحدث عنها مطلقًا علنًا؛ ليتسنى لتلك الشحنات أن تتم سريعًا”.

وعند سؤالها عما إذا كانت “ألمانيا” ستُرسل أنظمة مدفعية من طراز (بانزرهاوبيتز 2000)، التي يقول بعض الخبراء إن “أوكرانيا” تحتاجها لشن هجمات مضادة على القوات الروسية في منطقة “دونباس”، قالت الوزيرة إن بلادها ستُدرب جنودًا أوكرانيين على استخدام وصيانة أنظمة أكثر تطورًا قد تحصل عليها من دول حليفة أخرى أو تشتريها.

ودائمًا ما يواجه المستشار الألماني ضغوطًا متزايدة في الداخل من أجل إرسال أسلحة ثقيلة إلى القوات الأوكرانية.

فيما أكتفت “برلين”؛ حتى الآن، بإرسال أسلحة مضادّة للدبابات وصواريخ (أرض-جو) وذخيرة وأسلحة دفاعية فقط للأوكران.

لكن الحكومة تعهدت تقديم مساعدات مالية تبلغ أكثر من مليار يورو؛ حتى تتمكن “كييف” من شراء أسلحة تحتاج إليها للقتال.

يُذكر أنه منذ إنطلاق العملية العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية، في 24 شباط/فبراير الماضي، اصطفت معظم الدول الأوروبية إلى جانب “كييف”، داعمة إياها بالسلاح والعتاد، في خطوة انتقدتها؛ “موسكو”، بشكل حاد، متهمة الغرب بالسعي إلى إطالة النزاع.

“ألمانيا” ليست طرفًا في الحرب..

تعليقًا على تصريحات المستشار الألماني الأخيرة، يقول الباحث والخبير العسكري والإستراتيجي؛ “مهند العزاوي”، أنه: “ليس خافيًا أن هناك عواصم مهمة في حلف الـ (ناتو) تُعارض تسعير الحرب الأوكرانية والإيغال أكثر في تسليح؛ كييف، ومن أبرزها برلين، حيث أن شولتز يتمايز عن المتطرفين ضمن الـ (ناتو)؛ الداعين للمزيد من التصعيد العسكري مع موسكو، وهو يرى أن ألمانيا ليست طرفًا في هذه الحرب وأنها لن تتدخل فيها”.

مضيفًا أن: “هذه الحرب مثلت فرصة؛ لشولتز، بمعنى ما، حيث بادر لتفعيل إستراتيجية تعزيز قدرات ألمانيا الدفاعية والعسكرية، ذلك أن الأزمة الأوكرانية أثبتت ضعف الـ (ناتو) وعدم قدرته على الاستجابة للتحديات الأمنية، حتى أن الرئيس الأميركي السابق؛ دونالد ترامب، وصف الحلف الأطلسي بأنه نمر من ورق، ولهذا فشولتز يعمل على تطوير قدرات بلاده دفاعيًا ولا يُريد استعداء موسكو عبر تزويد كييف بأسلحة فتاكة”.

لافتًا إلى أن إرسال الأسلحة الأوروبية لـ”أوكرانيا”: “هو غالبًا من باب رفع العتب؛ كما هي الحال مع مساعدات ألمانيا العسكرية، علاوة على أن العقيدة الأوكرانية في القتال هي عقيدة شرقية مناظرة ومماثلة للعقيدة العسكرية الروسية، والأسلحة المرسلة في معظمها غربية ويحتاج الجيش الأوكراني بطبيعة الحال للتدرب مكثفًا وطويلاً عليها، وفي هذا الصدد أعلنت واشنطن إبرامها اتفاقًا مع كييف، لتدريب العسكريين الأوكرانيين على استخدام الأسلحة التي تُرسلها الدول الأطلسية، لكن في ظل ضغط العمليات الحربية الروسية وتسارع وتيرتها؛ خاصة مع بدء معركة الشرق الأوكراني الحاسمة، فإن هذا التدريب لن يكون مجديًا ولا يُسعفه الوقت”.

علاوة على أن العديد من دول “أوروبا”، وليس فقط “ألمانيا”، وفق “العزاوي”: “ترى أن الانخراط في هذه الحرب سيرتد في المحصلة كارثيًا عليها وعلى منظومة الاتحاد الأوروبي ككل، ولهذا فالمستشار الألماني لديه رؤية سديدة وحكيمة في هذا الإطار، وهو إلى جانب الرئيس الفرنسي؛ إيمانويل ماكرون، يقودان هذا التوجه ضمن المنظومة الأوروبية والغربية عامة، منعًا لتوسع هذه الحرب لأنحاء أخرى من القارة العجوز”.

مؤشرات على التباين في الموقف الأوروبي..

من جهته؛ يقول “ناصر زهير”، رئيس قسم العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي بمركز “جنيف” للدراسات: “هذه التصريحات؛ وكذلك رفض زيلينسكي قبل أيام لاستقبال نظيره الألماني في العاصمة الأوكرانية؛ كييف، هي مؤشرات إضافية على التباين بين الموقف الأوروبي الغربي والذي تتصدره: برلين وباريس عن الموقف الأميركي من جهة؛ وعن الموقف الأوروبي الشرقي من جهة أخرى، في طريقة التعاطي مع روسيا والأزمة الأوكرانية، حيث أن دول أوروبا الشرقية مثلاً تسير في الفلك الأميركي؛ وهي لا ترتبط بمصالح حيوية مع روسيا كما هي حال دول أوروبا الغربية، التي ترتبط بعقود الغاز والطاقة الضخمة مع موسكو، ولهذا فبلدان شرق أوروبا عامة لا تُعطي الأولوية للمصالح الأوروبية بقدر إعطائها الأولوية لتحالفها مع واشنطن”.

ويُضيف “زهير”: “وهكذا فالدول المحورية في الاتحاد الأوروبي؛ وفي مقدمتها: فرنسا وألمانيا وايطاليا، لن تتراجع عن تمايزها عن الموقف الأميركي عامة وخاصة حول الأزمة الأوكرانية، وهي ستسير في طريقها هذا وبوتيرة أكثر جرأة ومبادرة في المرحلة القادمة، نحو تكريس استقلالية القرار الأوروبي الذي يبتعد عن واشنطن”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة