وكالات – كتابات :
“لدينا نظام قادر على إسقاط كافة الأسلحة الأميركية، بما في ذلك الطائرات الشبحية، والصواريخ الباليستية، وفرط الصوتية”. كان هذا لسان حال “روسيا”؛ وهي تُعلن مؤخرًا دخول نظام صواريخ (إس-500) المضاد للطائرات مرحلة الإنتاج الضخم أو المتسلسل.
وقال رئيس شركة تكنولوجيا الدفاع الروسية؛ (ألماز أنتي)، “يان نوفيكوف”، الإثنين : إن نظام صواريخ (إس-500 Prometheus) المضاد للطائرات والصواريخ قد دخل بالفعل في الإنتاج الضخم.
ويأتي الإعلان عن هذا النظام الذي يوصف بأنه قاتل “الطائرات الشبحية” أو قاتل طائرات (إف-22) الأميركية الشهيرة؛ في وقت وصل فيه التوتر بين “روسيا” والغرب إلى أعلى مستوياته منذ عقود، جراء العملية الروسية العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”، ودعم الغرب للأخيرة، كما أنه يأتي في وقت يدعي فيه الغرب عن تعرض “روسيا” لخسائر كبيرة بـ”أوكرانيا”.
قدرات نظام صواريخ “إس-500″ مقارنة بمنافسيه..
ونظام (إس-500 بروميثيوس)؛ هو نظام صاروخي (أرض-جو) من الجيل التالي، ويبلغ مداه: 600 كيلومتر؛ (370 ميلاً)، أي أكبر بنحو: 200 كلم مقارنة بمدى (إس-400)؛ الذي يُقدر: بـ 400 كيلومتر؛ مقابل: 150 – 200 لنظام (ثاد) الأميركي، رغم أن الأخير مدى تقديري كما تزعم التقارير الأميركية؛ لأن المدى الحقيقي لنظام (ثاد) سري.
يعمل نظام (إس-500) على ارتفاعات عالية، مع قدرات دفاعية متزايدة مضادة للصواريخ، وهو مصمم لاعتراض وتدمير الصواريخ (الباليستية) العابرة للقارات، وصواريخ (كروز)؛ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت عدة مرات؛ (فرط الصوتية)، و”الطائرات الشبحية”.
ويؤكد المحللون الروس أن نظام صواريخ (إس-500) يمكن أن يستهدف حتى الأقمار الصناعية في المدار المنخفض، علاوة على ذلك يُلفت إلى أن قدرة النظام على البقاء عُزِّزت بمقاومته العالية للتشويش الإلكتروني.
ونظام (إس-500) يُنظر له إلى أنه تطوير كبير لنظام (إس-400) الروسي؛ الذي يُعد في تقارير الكثير من الخبراء أفضل نظام دفاع جوي في العالم، ويقول بعض الخبراء الغربيون: إنه يتفوق على نظامي (باتريوت) و(ثاد) الأميركيين.
ونظام (إس-500)؛ هو أول نظام صاروخي مضاد للطائرات يُطور ويُصنع بالكامل من قبل “روسيا” في تاريخها الحديث؛ لأن أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات: (S-300) و(S-400) موروثة من “الاتحاد السوفياتي” السابق وحقبة “الحرب الباردة”؛ حيث حدثت “روسيا” فقط أنظمة الدفاع الجوي هذه في العقود الأخيرة.
ويُشار إلى أن نظام (إس-500) سيُصبح نظام الدفاع الجوي الرئيس لـ”الاتحاد الروسي”، ولكن يُعتقد أنه سيعمل إلى جانب نظام (إس-400) الحالي؛ الذي لن يتقاعد، وفقًا لموقع (Bulgarian Military).
وفقًا لـ”وزارة الدفاع” الروسية، سيعترض (إس-500) ما يصل إلى: 10 صواريخ (باليستية) تفوق سرعتها سرعة الصوت في وقتٍ واحد، بما في ذلك صواريخ (كروز) التي تطير بسرعة: 05 كم/ثانية، وتُحلق صواريخ نظام (إس-500) بسرعة: 07 كيلومترات في الثانية، ويبلغ مدى رادار النظام: 03 آلاف كيلومتر.
وقال الخبير العسكري الروسي؛ “يوري كنوتوف”: إن المنظومة الصاروخية الروسية الجديدة؛ (S-500)، يمكنها إصابة الأهداف حتى في الفضاء.
يعتمد على الذكاء الاصطناعي..
ومنظومة (S-500)؛ هي مجمع “روبوت”، مزود بذكاء اصطناعي يمكنه ذاتيًا تحديد وتمييز الأهداف: “صديق أم عدو”، واختيار الهدف الأخطر ونوع الصاروخ وإطلاقه. كل هذا تحت سيطرة الإنسان. ولكن يمكن أن يقوم بهذه المهام المشغل بصورة يدوية.
ووفقًا للخبير الروسي، يُعد تنفيذ المهام في نظام صواريخ (إس-500) ذاتيًا أمرًا ضروريًا؛ لأن الأهداف التي تفوق سرعتها سرعة الصوت تُحلق بسرعة هائلة لا يمكن للإنسان متابعتها.
كما أن هذه المنظومة قادرة على حماية أراضي “روسيا” بأكملها؛ أي يمكن إنشاء مظلة دفاع جوي قادرة على تغطية عدد من المواقع بشكل موثوق.
وقال: إن أعظم قيمة لنظام صواريخ (إس-500)؛ هي قدراتها المضادة للصواريخ؛ حيث يمكن وضعها أولاً لتغطية المدن التي يعيش فيها أكثر من مليون شخص؛ وفيها منشآت عسكرية وإدارية مهمة. كما يمكن بواسطتها توفير الحماية اللازمة للمواقع الرئيسة، أي تشكل منظومة دفاع جوي صاروخية تغطي كامل مساحة البلاد.
هل يستطيع الأميركيون تقديم منافس له ؟
ويقول الخبير الروسي: “لكي تتمكن الولايات المتحدة من صنع منظومة مماثلة لمنظومة (S-500) عليها الجمع بين عدة منظومات صاروخية”.
ويُضيف الخبير: “لكي يعمل المجمع بنفس المستوى على الأهداف الديناميكية الهوائية و(الباليستية)، يجب على الأميركيين ربط إما المجمع الأرضي؛ (Aegis Ashore)، بمجمع (باتريوت)، أو مجمع (ثاد) مع مجمع (باتريوت). وهذا مكلف وغير فعال جدًا؛ لأن مجمع (ثاد) يعمل فقط في قطاع معين. ولتغيير قطاع إطلاق النار، يجب تغيير اتجاه إطلاق النار إلى الاتجاه الصحيح”.
ومن المعروف أن نظام (ثاد) مخصص فقط لإسقاط الصواريخ (الباليستية) وليس الطائرات، ويُفكر الأميركيون في استخدام رادارات (ثاد) المتقدمة لتوجيه صواريخ (باتريوت) ضد الطائرات.
ويُضيف الخبير الروسي: “يمكن نشر مجمع (S-500)؛ خلال دقائق محدودة، وهذه ميزة مهمة لمنظومات الصواريخ المضادة للطائرات، التي يمكنها أيضًا اكتشاف موقع المجمع الصاروخي خلال بضعة دقائق. لذلك يجب أن يكون المجمع قادرًا على مغادرة مكانه في غضون خمس دقائق لا أكثر، وبعكسه سيتعرض موقعه والمنطقة المحيطة إلى قصف مكثف”.
من سيكون أول المستوردين له ؟
في وقت تُعاني “روسيا” من محاولة عزلها ومحاصرتها من الغرب؛ فإن هذا النظام قد يكون مغريًا لعدد كبير من الدول.
في وقت سابق، قال “ديمتري شوغاييف”، الذي يرأس “الخدمة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري الفني”؛ (FSMTC): إن “الهند” و”الصين” يمكن أن تُصبحا أول مشترين أجانب لنظام (إس-500) بمجرد أن تتلقى القوات المسلحة الروسية ما يكفي من هذه الأنظمة.
وقال رئيس شركة تكنولوجيا الدفاع الروسية؛ (ألماز أنتي)، “يان نوفيكوف”: “نظام صواريخ (إس-500) قادر على أن يُصبح أساس نظام الدفاع الجوي الروسي. وستتسلم القوات الروسية النظام في غضون الإطار الزمني المحدد وفقًا لطلبية الدولة”.
اختُبر نظام صواريخ (إس-500)؛ لأول مرة بنجاح، في تموز/يوليو من عام 2021.
وفي أيلول/سبتمبر من العام ذاته، بدأت القوات المسلحة الروسية في استلام أول شحنات صواريخ (إس-500) وفقًا لنائب رئيس الوزراء الروسي؛ “يوري بوريسوف”.
وبحلول تشرين أول/أكتوبر، نُشر اللواء الأول من (إس-500) لقوات الفضاء الروسية؛ لتغطية “موسكو” والمنطقة الصناعية الوسطى في البلاد.
هل يُحدث تغييرًا في حرب أوكرانيا ؟
ويأتي الإعلان عن بدء الإنتاج المتسلسل لنظام صواريخ (إس-500)؛ في وقت يدعي الغرب (بقيادة الآلة الدعائية الأميركية) فيه أن “روسيا” في حاجة لدفعة معنوية كبيرة، بعد أن طالت الحرب الأوكرانية أكثر مما توقع أي طرف، وسط مزاعم أميركية وأوكرانية عن تكبد الروس خسائر كبيرة.
فوفقًا لمصادر أوكرانية، في 25 شباط/فبراير 2022 ، تم إسقاط طائرة (Su-27) أوكرانية بواسطة (S-400) فوق “كييف”.
وفي 14 نيسان/إبريل 2022، ذكرت “وزارة الدفاع” الروسية أن مروحية أوكرانية من طراز (Mi-8) أسقطت بواسطة صواريخ (إس-400) بالقرب من “هورودنيا”، في مقاطعة “تشيرنيهيف” الأوكرانية؛ عند عودتها إلى قاعدتها الجوية، بعد أن نفذت هجومًا سابقًا على الأراضي الروسية بالقرب من “كليموفو”، مقاطعة “بريانسك” الروسية.
ويُشير ذلك إلى أن “روسيا” تستخدم أنظمة (إس-400) في حرب “أوكرانيا”، وإن كان يُعتقد أنه يُطلق من “روسيا” ولم تُرسل بطاريات النظام نفسها للأراضي الأوكرانية.
ويدعي التقرير الأميركي: من الصعب أن تدخل “روسيا” نظام (إس-500) لـ”أوكرانيا”؛ وهو في بداية عملية التشغيل، ولكن قد تُحاول أن تستخدمه من الأراضي الروسية لمنع تسلل الطائرات الأوكرانية لأجوائها، أو استخدامه لمواجهة أي طائرات أوكرانية في “إقليم دونباس” المتاخم لـ”روسيا”.
مستدركًا في مزاعمه: أما إذا طالت الحرب فقد يمكنها إدخاله لـ”أوكرانيا”، وفي هذه الحال ستكون قدراته الأسطورية محل اختبار، خاصة في ظل إعلان “أميركا” خططها لتزويد “كييف” بأنظمة طائرات مُسيرة متطورة توصف بالقنابل الطائرة، حيث ستكون هذه الصواريخ في اختبار صعب أمام طائرات مُسيرة صغيرة وقليلة التكلفة، وحتى إن نجحت صواريخ (إس-500) في إسقاط عدد كبير هذه الطائرات المُسيرة، فإن هذا قد يُمثل تكلفة كبيرة بالنسبة للروس، بالنظر إلى أن هذه الصواريخ مصممة في الاصل لمواجهة الأجسام الطائرة عالية السرعة والتكنولوجيا، وليس القنابل الطائرة التي يمكن أن تُقدم “واشنطن” أعدادًا كبيرة منها لـ”كييف”؛ بحسب الدعايات الأميركية.
كما ستحتاج “روسيا” في هذه الحالة إلى توفير حماية لصواريخ (إس-500) الباهظة الثمن من الهجمات الأرضية الأوكرانية، وهو ما قد يعني مزيدًا من التورط في الحرب؛ كما يختتم التقرير الأميركي مزاعمه.