وكالات – كتابات :
اعتبر موقع (ستراتفور) الأميركي، اليوم السبت، أن المنافسة الجارية بين الفصائل الشيعية، تحول دون تشكيل حكومة عراقية جديدة، فيما يُثير الشلل السياسي مجازفة بتحوله إلى صراع أكثر عنفًا وعُمقًا، ما سيُقلل من القدرة المحدودة لـ”بغداد”، على حل أزماتها الاقتصادية العديدة، والحد من القلاقل الاجتماعية.
واستعرض تقرير (ستراتفور)؛ المقرب من مجمع الاستخبارات الأميركي، الأحداث الأخيرة في “العراق” بما فيها اقتحام أنصار (التيار الصدري)؛ مبنى البرلمان، ومطالبتهم بانتخابات جديدة وإصلاحات سياسية، وتنظيم خصومهم في (الإطار التنسيقي) تظاهرات مضادة، ودعوة رئيس الوزراء؛ “مصطفى الكاظمي”، إلى حوار وطني بين الطرفين للتخفيف من حدة الأزمة.
واعتبر التقرير؛ أن: “المواجهة الحالية تُمثل تصعيدًا في الصراع على السلطة؛ المستمر منذ شهور لتشكيل حكومة، وهي تُسلط الضوء على التحدي الهائل المتمثل في تعديل نظام الكوتا السياسية في العراق”.
مخاطر العنف السياسي..
وفي حين اعتبر التقرير الأميركي أن “الصدر” قرر؛ على ما يبدو: “تأجيج الخلاف قبل عاشوراء بقليل، مع تصاعد المشاعر بين أتباعه المخلصين، بهدف تعزيز أعدادهم خلال الاعتصام في البرلمان”، خلص إلى أن هناك أربعة طرق إلى الأمام للخروج من الجمود الحالي، وهي كلها تحمل معها مخاطر العنف السياسي.
وأوضح التقرير الأميركي؛ أن حكومة “الكاظمي” ستُحاول إقناع الأطراف المتنافسة بالانضمام إلى الحوار السياسي الذي اقترحه بهدف الحؤول دون وقوع أعمال عنف بما فيها التظاهرات العنيفة أو حدوث مواجهات محدودة من جانب الميليشيات، أو وفق السيناريو الأكثر تطرفًا، المتمثل باندلاع حرب أهلية.
ثم حدد التقرير السيناريوهات التي رتبها بترتيب تنازلي للاحتمالية، مُشيرًا إلى أن “العراق” يمكن أن يشهدها:
شلل سياسي طويل بين الخصوم الشيعة..
في هذا السيناريو؛ يتواصل خلاف الصدريين و(الإطار التنسيقي)؛ لأسابيع وربما لشهور، مما يُعرقل انتخاب رئيس جديد ويُعطل صنع السياسات.
واعتبر التقرير أن هذا الوضع قد يمنح الفرص لبعض الأطراف الأخرى في عملية التفاوض، بما في ذلك القيادتين السُنية والكُردية، من أجل اقتراح ائتلافات قد تكون مرضية لكل من الصدريين و(الإطار التنسيقي).
وتابع قائلاً أنه من الممكن أن يجري الحوار الوطني ضمن هذا السيناريو، وإنما مع مشاركة الطرفين فقط على مستوى سطحي للغاية، ولهذا فإنه من غير المُرجح أن يؤدي هذا السيناريو إلى تغيير منهجي.
تدخل خارجي للحد من الأزمة..
وذكر التقرير أنه في حال قررت قوة خارجية التدخل، فإن هذا السيناريو قد يُحقق إمكانية مشاهدة الحل الأكثر سرعة، مضيفًا أن “إيران” تُعتبر اللاعب الأجنبي الرئيس الذي يتمتع بالنفوذ بالنظر إلى أن اللاعبين الرئيسيين هما كتلتان شيعيتان.
وتابع أن “طهران” أيضًا مستمرة في حوارها المنتظم مع المسؤولين العراقيين، وخصوصًا قادة الميليشيات الممولين والمدربين من (الحرس الثوري) الإيراني، مثل (كتائب حزب الله) و(عصائب أهل الحق).
واعتبر التقرير الأميركي؛ أن بمقدور “طهران” إرسال مسؤولين ليحاولوا التفاوض مع حلفائها في (الإطار التنسيقي)، بما قد يُساعد في تخفيف حدة المأزق في حال نظر الإيرانيون إلى الوضع الحالي باعتبار أنه يضر بمصالحهم، وأن تُقرر التعايش مع نتائج انتخابات تشرين أول/أكتوبر 2021، باعتبارها أفضل من المقامرة بانتخابات جديدة يُمكن أن تؤدي إلى خسارة “إيران” لنفوذها.
وتابع التقرير أن “الولايات المتحدة” والحكومات الغربية الأخرى تتمتع بنفوذ كبير في “بغداد” بفضل دعمها الاقتصادي والأمني للسلطات الاتحادية، مضيفًا أن هذه الروابط تكمن بشكل أساس مع أطراف سُنية ومسيحية، أكثر من ارتباطها مع قادة وطنيين مثل: “الصدر”؛ الذي يرفض النفوذ الغربي أو القيادات ذات الميول الإيرانية؛ كـ”نوري المالكي”، وهو ما يعني أن “واشنطن” تفتقر إلى الكثير من الإمكانية ليكون لها تأثير في الصدام الحالي.
اتفاق لتنظيم انتخابات جديدة..
وذكر التقرير أن مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى تخبط في أعداد نواب (التيار الصدري) مقابل نواب (الإطار التنسيقي) في البرلمان، فيما يُطالب الصدريون بانتخابات جديدة على أمل أن يحصلوا على الأغلبية العظمى اللازمة لاختيار رئيس جديد من دون الحاجة إلى تشكيل تحالف.
وأضاف التقرير؛ برغم ذلك إن نتيجة الانتخابات غير مؤكدة بالطبع، وأنه بكل الأحوال يتحتم على “البرلمان العراقي”؛ بداية الأمر، الموافقة على إجراء هذه الانتخابات الجديدة.
حرب أهلية جديدة..
واعتبر التقرير الأميركي أن هذا السيناريو الأسوأ يظل الأقل احتمالاً في الوقت الحالي، مضيفًا أن مثل هذا الصراع قد يتمثل باندلاع قتال “شيعي-شيعي”، حيث إن لبعض الأحزاب الشيعية ميليشيات مسلحة وأتباع مستعدين للنزول إلى الشارع، وهو ما قد يُثير عنفًا كبيرًا بينهم.
إلا أن التقرير أكد على أن الصدريين و(الإطار التنسيقي) يبدون؛ حتى الآن، غير مهتمين بإشعال مثل هذا الصراع العنيف وذلك لخشيتهم من إثارة غضب الرأي العام والنخبة، ما سيتسبب بالتالي بتقليص نفوذهم السياسي.
وخلص التقرير إلى القول أنه بغض النظر عن السيناريو الذي سيتحقق، فإن المشاكل الاقتصادية الهيكلية العميقة في “العراق” ستظل قائمة، تاركة العوامل التي تُحرك الاضطرابات، مكانها، على الرغم من ارتفاع أسعار “النفط” التي تُفيد الاقتصاد العراقي.
وتابع قائلاً إنه في ظل عدم وجود حكومة دائمة لتطبيق السياسات، فإنه لن يكون بمقدور البلد أن يُعالج بشكلٍ فعال المشكلات الاقتصادية التي يُعاني منها العراقيون في مختلف طبقاتهم الاجتماعية، بالإضافة إلى الشُح المزُمن في المياه والكهرباء، مضيفًا أن ذلك سيؤدي إلى بقاء مخاطر الاضطرابات الاجتماعية مرتفعة بغض النظر عن كيفية تطور التوترات الحالية بين صفوف الشيعة.