خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
الاضطرابات الأمنية حول العالم هو عامل مثير للتداعيات، ولذلك في أدبيات علم السياسة الحديث يمكن ملاحظة هذه التحديات الهامة والمتعددة، وهذا الأمر الراديكالي قد يُهدد حياة البشر؛ مثل زرع القنابل وقد يتخذ أشكالًا ناعمة مثل بناء الجزر والسدود وخلافه مما يُهدد أمن المجتمعات؛ بحسب “برهام بور رمضان”؛ الباحث في العلاقات الدولية، في مقاله التحليلي الذي نشر على موقع (المركز الدولي لدراسات السلام) الإيراني.
ومن المهم أن تُراعي الدول عند تخطيط برامجها الأمنية الدول الأخرى، لذلك فإن مناقشة قضايا على شاكلة بناء الجزر الصناعية في الخليج وتهديد الأمن القومي الإيراني يحظى باهتمام كبير. وبعد هذه المقدمة؛ فإننا سوف نبحث في التداعيات البيئية، والسياسية، والاقتصادية على أمن ومصالح “الجمهورية الإيرانية”.
الجزر الصناعية..
تُطلق الجزر الصناعية على البيئات التي لا تتكون بشكل طبيعي أو تلقائي، ولكن على البيئات التي يستحدثها البشر على الأنهار والبحيرات، ويمكن القول إنها لا تتمتع بنظام بيئي طبيعي، وهذا الأمر يُعتبر نتيجة للتطور والتقدم البشري الحالي في تكنولوجيا البناء والمنشآت المستحدثة حول العالم.
والطريف أن أبعاد هذه الجزر ونوع المكاسب تختلف تمامًا مع الأهداف المطروحة.
من الناحية القانونية..
من المنظور القانوني من حق أي دولة على ساحل الخليج بناء جزر صناعية داخل مياهها الإقليمية، لكن وبالنظر إلى اتفاقية “الأمم المتحدة” القانونية عام 1982م؛ واستنادًا للمادة رقم (123)؛ واعتبار هذه البيئات أجواء شبه مغلقة، فإن على الدولة التي تنشيء مثل هذه المناطق الاستفادة من عنصر التعاون مع الآخر بأي شكل.
من منظور التعاون الاقتصادي..
هناك رؤيتان عامتان، الأولى والتي سوف نذكرها في هذه المقالة وتتعلق بالاعتماد المتبادل وبموجب هذه الرؤية نعتقد أن استحداث أي جزر صناعية سيكون سببًا في حركة بين حكومات وشعوب المنطقة من وجهات نظر مختلفة، وهذا الأمر نفسه سوف يتسبب في المزيد من الازدهار لتلك الدول.
لكن هناك أيضًا الرؤية الأمنية التي تعتقد أن هذه الجزر سوف تتسبب فقط فرض المزيد من العزلة على بعض الدول الأخرى؛ مثل “الجمهورية الإيرانية”، وسوف تقتصر المكاسب الاقتصادية في المنطقة على دولة واحدة.
من المنظور البيئي..
إنطلاقًا من التحديات الكبيرة والمتعددة من منظور البيئة الخليجية زيادة الكثافة السكانية، والتوسع في بناء المدن، والتطور الصناعي والاستفادة الخاطئة من المصادر الطبيعية، وهذه العوامل قد تسبب على المدى القصير في تلوث نظامها البيئي الفريد بنسبة: 47 ضعف الحد الطبيعي، وبهذه الطريقة تواجه الحيوات المائية في هذه البيئات خطر الفناء.
لذلك فإن هذه الجزر قد تعمل كعامل نمو مثل بناء المدن، لكن بشكل عام سوف تُفضي إلى زيادة التلوث. والسؤال: كيف يمكن أن تؤثر من منظور الأمن القومي على المجتمع الإيراني ؟.. الإجابة فيما يلي:
الأمن الدفاعي..
إنطلاقًا من أن الخليج يُمثل بيئة إستراتيجية، تحتل الجيواستراتيجية من المنظور “الدفاعي-العسكري”؛ لـ”الجمهورية الإيرانية”، مكانة هامة في العقيدة الدفاعية لـ”الجمهورية الإيرانية”.
من هذا المنطلق فسوف يؤثر بناء هذه الجزر على الاستعداد الدفاعي لـ”الجمهورية الإيرانية”، وقد تؤثر على ارتفاع التكلفة الاقتصادية الدفاعية في هذه المنطقة.
الأمن الاقتصادي..
في رؤيتها الخمسية تعتزم “الإمارات” بناء هذه الجزر التحول إلى مركز تبادل عالمي للعُملات الإلكترونية، وهي تستطيع جذب السكان والسياح إلى هذه الجزر؛ وهذا الأمر قد يؤثر على تخطيط استخدام الأراضي الإيرانية، وبالتالي خسارة فرص العمل في هذه المنطقة ومن ثم هجرة السكان إلى هذه الجزر للبحث عن عمل.
الأمن السياسي..
بسبب الخلاف بين “الجمهورية الإيرانية” و”الإمارات” على خلفية الجزر الثلاث (أبوموى وطنب الكبرى والصغرى)، فقد يتسبب بناء الجزر الصناعية في رفع قدرة “أبوظبي” على المساومة والتفاوض بالنظر إلى البارومتر السكاني والحداثي، وحال استمرار الوضع الاقتصادي الإيراني فقد يتسبب هذا الأمر في انفصال الجزر عن “الجمهورية الإيرانية”.
لكن ما هي المكاسب التي قد تعود على “إيران” من التفكير في بناء جزر صناعية ؟.. لسنوات ثارت الأسئلة في “إيران” عن كيفية إدارة الدولة دون الاقتصاد النفطي، وتحولت هذه المسألة إلى ملاحظة هامة في قضايا التنمية.
والحقيقة إن بناء “طهران” جزر صناعية قد يُتيح للجمهورية إمكانية تحقيق هذا الهدف بخلاف مسألة السياحة الهامة، وهذا يعني أن “الجمهورية الإيرانية” قد تتمكن من تحسين أوضاع السياحة في البلاد ببناء مثل هذه الجزر الصناعية والتحرر من الاعتماد على عوائد “النفط”.