خاص : ترجمة – محمد بناية :
دشنت “الولايات المتحدة الأميركية”، رسميًا، مشروع تصفير صادرات “النفط” الإيرانية، لكن من المستعبد أن تنتهي مساعي “دونالد ترامب”، الفاشلة، بشأن تصعيد الضغط على “إيران”، إلى أقصى حد، إلى النتائج التي يتطلع إليها.
لكن ما يحوز على أهمية مضاعفة في هذا الموضوع؛ هو بلوغ العداء الأميركي للشعب الإيراني مرحلة الذروة، وتحديدًا في هذا التوقيت، حيث يصارع الإيرانيون ضد المصائب الطبيعية وخطر الفيضانات الذي يهدد 26 قرية إيرانية، من ثم فإن إصرار “ترامب” على الحقد والعداء للشعب الإيراني في ظل هذه الظروف؛ سلوك غير إنساني. على حد تعبير صحيفة (الجمهورية الإسلامية) الإيرانية.
مصير حقد “ترامب” الأسود..
ولقد اقترن الضرب على طبول العداء ضد الشعب الإيراني تحت وطأة هكذا ظروف، بمجموعة من ردود الفعل الخاصة تمخضت عن حركة هائلة وتعاون على مسار تقديم الخدمات للمنكوبين بسبب السيول والفيضانات، وهو ما يعرض صورة خالدة عن وحدة وإرادة الشعب الإيراني.
في السياق ذاته؛ إمتزج أداء “ترامب”، الأسود، وحقده على الآخرين بالكثير من الدروس، ويؤكد لو لا يكون حلفاء “الولايات المتحدة” على استعداد لقبول السياسات الأميركية غير الإنسانية، فسوف يواجهون يومًا نفس هذا العداء، إن لم يكن أسوء.
وتحوز هذه المسألة تحديدًا الأهمية؛ بسبب أن النظام الملكي الجائر كان أقرب وأكبر حليف لـ”الولايات المتحدة” في المنطقة، في حين لا تتورع “واشنطن”، حاليًا، عن إرتكاب أي شرور ضد “إيران”.
علاوة على ذلك، فقد تابعنا، على مدى الأشهر القليلة الماضية، سلوك “ترامب” العدائي ضد “تركيا”؛ وهو ما ترتب على إنهيار الاقتصاد التركي وسقوط قيمة “الليرة” التركية، قبل أن تنتهي المسألة مؤقتًا بإنقياد “أنقرة”.
سياسات إلغاء السيادة الوطنية للدول الحليفة..
وحالياً يحاول، “دونالد ترامب”، بنفس الأسلوب تعديل وجهة النظر التركية فيما يتعلق بوارداتها النفطية من “إيران”، ويوجه بفرض أقصى الضغوط على الحكومة التركية. وهذا بمثابة تحذير لكل حلفاء “الولايات المتحدة الأميركية”، إذ يتعين عليهم أتباع السياسات الأميركية والإفتقار للحد الأدنى من الإرادة والحرية في تبني السياسات التي يرونها.
وقبل أيام، أجرى “دونالد ترامب” مباحثات مع رئيس وزراء “اليابان” مستخدمًا نفس النبرة، وتحقق له ما أراد.
والمشكلة أن الإنقياد للسياسات الأميركية هو بمثابة سلب الإرادة السياسية من الحكومات والدول.
يجب إظهار من العدو ومن الصديق !
وبغض النظر عن الآخرين، في فضاء السياسة العالمية الرحب، تحوز هذه الظاهرة معنى ومفهوم آخر بالنسبة للجيران، وهو أن “ترامب” سوف يطيح بهم من السلطة، لكن جيراننا سيظلون جيرانًا لـ”الجمهورية الإيرانية” للأبد، ولابد أن يشرعوا في أعمالهم لليوم والغد برؤية مستقبلية، بحيث تتناغم سلوكياتهم مع المصالح الوطنية والإقليمية.
ولتتذكر شعوب وحكومات المنطقة أن الدولة التي سارعت إلى نجدة الشعب العراقي، أثناء حروب “الولايات المتحدة الأميركية” الأولى والثانية، على هذا البلد هو “الجمهورية الإيرانية”.
وأن الدولة التي أحتضنت اللاجئين الكويتيين؛ كانت “إيران”. وأن الدولة التي سارعت إلى نجدة “قطر”؛ بعد تصاعد وتيرة الحملة الوحشية “السعودية”، هي “إيران”.
وأن الدولة التي وفرت ملاذًا آمنًا للمهاجرين الأفغان، طوال أربعة عقود، وأحتضنت ملايين الأفغان؛ هي “إيران”. وأن اليد التي أمتدت بالمساعدة للجيران في الشمال، إبان سنوات ما بعد “الاتحاد السوفياتي”، إنما خرجت من “إيران”.
والواقع؛ لم تتمنى “إيران” مطلقًا أي سوء للجيران، وإنما تسارع إلى نجدة الجميع، بل وأولئك الذين ظلموها بالأمس.
إن الدولة التي أجهزت على ملف الإرهاب الوحشي، المدعوم من “الولايات المتحدة” وعملائها في “العراق” و”سوريا” و”لبنان”، وفرقت الإرهابيين هي “إيران”.
إنها “إيران”؛ التي رفضت تمرير المخطط “الأميركي-الإسرائيلي”، الوقح، بشأن تصعيد التيارات الإرهابية في “سوريا” و”العراق”.
لابد أن تتذكر شعوب ودول المنطقة هذه الحقائق العينية والملموسة وإلقاء “الولايات المتحدة الأميركية” في بئر الحوادث. لأن العلاقات المستقبلية في المنطقة سوف تتبلور بناءً على ما يحدث الآن، وسوف يتضح العدو من الصديق.