تحتدم مسابقة كبيرة بين كبار المعماريين العالميين للفوز بتصميم مبنى البرلمان العراقي الجديد والذي يتوقع أن يكلف مليار دولار وأن يحتل قلب العاصمة العراقية على مساحة خمسين هكتاراً، في الأرض التي كانت تضم مطار المثنى حيث ينتظر أن يتم الاختيار بين ثلاثة تصاميم فازت في المسابقة التي أعلن عنها عام 2011.
ورغم أن شركة “اسيمبليدج” حصلت على جائزة التصميم الخاصة بالمبنى والبالغة 250 ألف دولار في آب/ أغسطس الماضي، إلا أن الهيئة المشرفة لا تزال تتفاوض مع شركة المعمارية البريطانية من أصول عراقية زها حديد للعمارة التي حصلت على المركز الثالث في المسابقة.
ويمثل التصميم الفائز قرصا دائريا أبيض لبث علاقة بين الجمهور وممثلي الحكومة، عبر إشكال هندسية مبسطة تجمع الإدارات وتحيط بها مصفوفة من الشوارع والساحات لابتكار مساحة للاجتماعات مع فرصة التدفق الحر، في دلالة تاريخية للبلاد والتحولات التي طرأت عليها، فيما أطلقت شركة زها حديد أسم “الجبال المتآكلة” على تصميمها والذي لم تنشر أي صوراً له.
وكانت شروط المسابقة قد طالبت أن يراعي التصميم المقدم بجدية ورصانة، التاريخ الحضاري للعراق ودوره في صناعة مستقبل الإنسانية.
وفي الاجتماع الأولي مع شركة زها حديد المعمارية، تم إبلاغها بأن قواعد المسابقة تعني أن أيا من المشاركات الثلاث الفائزة بالمسابقة يمكن أن يقع عليها الاختيار للتنفيذ بغض النظر عن ترتيبها في منح الجائزة. وتعمل شركة زها حديد المعمارية على هذا الأساس بالرد على استفسارات اللجنة المتواصلة، حيث لم يتخذ بعد القرار النهائي بخصوص التصميم الذي يجد طريقه إلى التنفيذ.
وتعد زها حديد التي ترتبط بذكريات ضئيلة عن بلدها العراق، المرشحة الأكثر قبولا بوصفها رمز الدولة التي تنهض من ركام الحروب، وهو الأمر الذي سيكون كتحقيق الحلم للمعمارية العراقية التي تبلغ من العمر 62 عامة، لتجد لها تصميما في بلدها العراق بعد أن انتشرت تصاميمها في بلدان العالم.
وإذا غيرت الهيئة المشرفة رأيها وقررت اختيار تصميم زها حديد المسمى “الجبال المتآكلة”، فأن الهيئة – حسب المحرر المعماري في صحيفة الغارديان- ستخسر تصميما جميلا وثوريا لمبنى برلماني معاصر بأجواء مفتوحة تعبر عن الحس الديمقراطي في بناء المدن الكبرى.
وقامت الهيئة المشرفة على المسابقة بدعوة المعمارية البريطانية من أصول عراقية زها حديد، التي كان ولدها من أعضاء الحزب الديمقراطي الوطني في العراق خلال عقد الخمسينيات، للنظر في بعض المواصفات الفنية الخاصة بالتصميم.
وزها حديد المولودة في بغداد 31 تشرين الثاني- أكتوبر 1950، لها شهرة واسعة في الأوساط المعمارية الغربية، وحاصلة على وسام التقدير من الملكة البريطانية، انتظمت كأستاذة زائرة أو أستاذة كرسي في عدة جامعات، وتسنى لها أن تحصل على شهادات تقديرية من أساطين العمارة مثل الياباني كانزو تانك، وقفز اسمها إلى مصاف فحول العمارة العالمية.
ومن أهم أعمالها نادي الذروة “كولون”، وتنفيذها لنادي مونسون بار في سابورو في اليابان 1988 وكذلك محطّة اطفاء “فيترا ويل أم رين” 1991. وأكثر مشاريعها الجديدة غرابة وإثارة للجدل مرسى السفن في باليرمو في صقلية 1999، والمسجد الكبير في عاصمة اوروبا ستراسبورغ، 2000 ومتحف الفنون الإسلامية في الدوحة وجسر في أبوظبي. تخرجت زها حديد من الجامعة الأميركية في بيروت في مادة الرياضيات قبل الالتحاق بكلية الهندسة المعمارية في لندن، وهي تحمل الجنسية البريطانية.
وتعد زها حديد التي أكملت دراستها الثانوية في مدرسة “الراهبات” وسط العاصمة العراقية بغداد من بين أشهر معماري العالم اليوم وواجهت بثقة النقد القاسي الذي يصف تصاميمها “بمهندسة قرطاس” غير قابلة للتنفيذ لصعوبتها.
وجاءت نجاحاتها المتصاعدة وحصولها على جوائز عالمية لتهمش النقد الأمر الذي دفع ملكة بريطانيا إلى منحها وسام التقدير الملكي.
ولا تحفل ذاكرة زها وهي ابنة وزير المالية العراقي محمد حديد أبان عقد الخمسينيات، بالكثير من المشاهد المعمارية العراقية لكنها تحب كثيراً نصب الحرية للفنان جواد سليم. وباستثناء تصميم متحف الفنون الإسلامية في الدوحة وجسر في أبوظبي وبرج في القاهرة فليس لزها حديد تصاميم أخرى في بلدها العراق والدول العربية الأخرى.