9 أبريل، 2024 10:03 م
Search
Close this search box.

الثورة تولد “العراقية الجديدة” .. نساء على خط المواجهة ضد القمع والفقر !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – هانم التمساح :

بدت الشعارات التي رفعتها النساء في التظاهرات الأخيرة بـ”العراق” كرسالة واضحة للساسة والمتخاذلين من زعماء العشائر؛ وكانت أبرز الهتافات: “اليوم الكذلة تسولف … خَلَّي عكالك للدكّات”، وهذا شعار ردًا على قمع السلطة والمجتمع والقبيلة، ويعني أنَّ الكلمة اليوم هي للنساء، (الكذلة تعني الغُرَّة التي تظهر من شَعْر النساء)، وليس للعقال، (الذي يوضع على رأس الرجل). ويتزامن رفع هذا الشعار مع ذهاب عشرات شيوخ العشائر من مدن “العراق” الجنوبية للقاء رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، في “بغداد”، في محاولة لإمتصاص غضب الشارع العراقي وإنهاء التظاهرات ضد النظام القائم على المحاصصة الطائفية والحزبية.

مسعفات ومعدات للمؤن الغذائية..

فاجأتنا أعداد النساء المشاركات في التظاهرات، الفتيات هناك يقدمن الطعام والإسعافات الأولية وكل شيء يمكن تقديمه لدعم المتظاهرين، فتيات يقفن على الأرصفة ويحملن الإسعافات الأولية لتقديمها للمصابين بقنابل الغاز مسيل الدموع.

وفي الأسبوع الأول من التظاهرات، انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع، في “السوشيال ميديا”، لامرأة عراقية تبيع المناديل في شوارع “بغداد”، الفيديو يُظهر تلك المرأة وسط حشود المتظاهرين الذين كانوا يتعرضون للقمع بقنابل الغاز مسيل الدموع؛ وكانت تلك المرأة تركض نحو المصابين وتوزع عليهم المناديل مجانًا.

قيل في بداية الأمر أن تلك المرأة خرساء، لكنّ تبين بعد ذلك أنها تتكلم، وأنَّ اسمها “دنيا”، وفي فيديو آخر تظهر وهي تبيع المناديل في الشارع وتسأل المصور: “هل العراقيون راضين عني ؟”.. فأكد لها أن العراقيون راضون عنها؛ لكن فاته أن يسألها: هل أنت راضية عن “العراق” ؟

وفي الساحات القريبة من “ساحة التحرير” الرمزية، ذكرت مصادر أن أعدادًا كبيرة من النساء والطلاب أنضموا للاحتجاجات لتتسع بذلك رقعة التظاهرات والشرائح المشاركة فيها، حيث إلتحق أيضًا طلاب عراقيون بركب المحتجين المناهضين للحكومة في وسط “بغداد”، في إحكام للحصار على رئيس الحكومة، “عادل عبدالمهدي”، الذي يواجه الشارع من جهة، واعتصامًا سياسيًا لأكبر كتلة برلمانية من جهة أخرى.

وقالت فتاة، رفضت الكشف عن اسمها؛ إنها تعمل ممرضة: “أنا مشاركة من أجل مستقبل الأطفال … جيلنا نحن تعب نفسيًا، ولكن لا بأس طالما الأمر من أجل الجيل الجديد … نحن قضي على شبابنا وطفولتنا.. الجميع؛ التدخل الخارجي القوى السياسية تكالبو جميعًا علينا”.

محاولات فاشلة لتشويه صورة النساء والمتظاهرين..

وبرغم حملات التشويه الكاذبة والفاشلة للنساء المشاركات، إلا أن الحرائر المشاركات مُصرات على مواصلة دعم مستقبل وطنهن وأبنائهن وتتزايد أعدادهن يومًا بعد الآخر، وفي الأيام القليلة الأخيرة نشرت قناة (آفاق)، التابعة لرئيس الوزراء الأسبق، “نوري المالكي”، خبرًا قالت فيه إنَّ المتظاهرين في “ساحة التحرير” يتحرشون بالنساء هناك، وهذا كذب، لم يحدث ذلك إطلاقًا، أي تحرش لم يحدث، فمن ذا الذي سيقلي بنفسه تحت نيران القوات الأمنية والمليشيات التي تستهدف قتل المتظاهرين؛ وليس مجرد تفريقهم !.. وأى تحرش هذا الذي سيكون بين الدم والنار ؟!

تقول “زينب”: “كنت فى وسط الشباب الذين لا أعرفهم، ولم يتعرض أيٌّ منهم لي، ودخلت في أزقة منطقة البتاوين المشهورة بسمعتها السيئة، ولم أسمع أي كلمة تحرش، على العكس، فعند دخولي إلى ساحة التحرير أعطوني الكمامات والبيبسي وهي إسعافات أولية ضد الإختناق بالغاز مسيل الدموع”.

وتضيف: “المفاجيء أكثر في تظاهرات بغداد، وبخاصة في ساحة التحرير، هو التنظيم، فالأمور هناك ليست عبثية أو فوضوية، بل على العكس من ذلك تمامًا”.. “الحشود البشرية منظمة وعندما، تدخل سيارة الإسعاف أو التوك توك لإنقاذ المصابين يفتح لها المتظاهرون الطريق بطريقة لافتة وسريعة، ومن دون أن يُعرقل ذلك التظاهرات أو يؤثر في تنظيم التجمعات البشرية في ساحة التحرير وحولها”.

وتابعت: “أصحاب التوك توك، الذين يُقال عنهم هنا في بغداد أنَّهم همج ومتخلفون وسمعتهم غير طيبة، كان أسلوبهم في التعامل معنا جميلاً، وحين يريد صاحب توك توك المرور من أمامنا يستأذن منا بطريقة لائقة ومحترمة لفتح الطريق أمامه، كان لدي شعور قوي بأنني وسط عائلتي وبيتي وكتبت ذلك في صفحتي الشخصية على (فيس بوك)”.

لماذا خرجت المرأة العراقية للتظاهرات هذه المرة برغم المجتمع العشائري ؟

في “بغداد”، وفي “ساحة التحرير” تحديدًا، يُلاحظ دور المرأة منذ اندلاع الاحتجاجات، وبعدما نصب المتظاهرون خيم الاعتصام عززت المرأة موقعها من خلال تقديم الإسعافات الأولية وتحضير الطعام ميدانيًا وفي المنازل وتوزيعه على الحشود الغفيرة هناك، وأكثر من ذلك شاركت المرأة في الاعتصام المفتوح في “ساحة التحرير”؛ والمستمر منذ 25 تشرين أول/أكتوبر 2019، وهو ما يُعد غريبًا وغير مألوفًا على المجتمع العراقي.. فلماذا ؟

نزول المرأة العراقية اللافت إلى التظاهرات، أستدعى إعادة الحديث عن الظلم الذي تتعرض له في المجتمع، فهي ضحية العادات والأعراف القبلية والدينية الصارمة، طيلة قرون طويلة، وعلى سبيل المثال لا الحصر: نشب عام 2015؛ خلاف بين عشيرتين في محافظة “البصرة”، جنوب “العراق”، استُخدمت فيه الأسلحة حتى الثقيلة منها، وسقط قتلى وجرحى في صفوف العشيرتين، ولإنهاء هذه الحرب كان على العشيرة المعتدية تقديم 40 امرأة، من ضمنهن فتيات قاصرات، “تعويضًا” للعشيرة الأخرى، وتم تزويجهنَّ بالإكراه لرجالٍ من القبيلة الخصم.

وفي حادثة مشابهة، في “البصرة” أيضًا؛ قُدمت 11 امرأة تعويضًا لحلِّ نزاع مسلح بين عشيرتين، إذ يُعد هذا تقليدًا تتبعه العشائر في جنوب “العراق” منذ مئات السنين.

وكشف تقرير لمحاكم العنف الأسري، صُدر في أيار/مايو عام 2015، أنَّ 90 في المئة من قضايا العنف الأسري تكون الضحية فيها هي المرأة. وجاء في التقرير أن: “المحكمة ليست لها أيّ خصوصية من ناحية القوانين بسبب عدم وجود قانون خاص للعنف الأسري، لا سيما أنَّ هناك نصوصًا تتعارض مع هذا المفهوم منها أنَّ للزوج حق تأديب زوجته”.

وبحسب “هيئة الأمم المتحدة لشؤون المرأة” في “العراق”؛ فإنَّ 14 في المئة فقط من النساء العراقيات يعملن خارج البيت، وهذه النسبة هي الأقل على مستوى العالم، والأخطر، أنها تعني أنَّ 86 في المئة من النساء العراقيات لا يتمتعن بالاستقلالية لأنَّهنَّ لا يملكنَ دخلاً خاصًا بهنَّ.

وفقًا لدراسة أجرتها “الذراع الخيرية لشركة تومسون رويترز للأخبار والمعلومات”، عام 2013، لتقييم وضع المرأة في 22 بلدًا عربيًا، من حيث العنف والحقوق الإنجابية والمعاملة داخل الأسرة والإندماج في المجتمع والمواقف تجاه دورها في السياسة والاقتصاد، جاء “العراق” ثانيًا – بعد “مصر” – باعتباره أسوأ بلد عربي يمكن أن تعيش المرأة فيه.

وتبين أن قرابة 72.4 في المئة من النساء العراقيات، في المناطق الريفية، و64.1 في المئة من النساء، في المناطق المدنية، يستأذنَّ أزواجهنَّ للذهاب إلى العيادة الصحية.

على رغم هذا العنف، والإقصاء، نزلت المرأة العراقية إلى الشوارع طبيبةً ومسعفةً وشاعرةً ومؤازرةً للرجال حتى تحقيق المطالب.

حتى إسقاط النظام..

وكان مئات المحتجين العراقيين في “ساحة التحرير”، بوسط العاصمة، “بغداد”، قد استمروا في تحدٍّ لحملة أمنية دامية قُتل فيها من قُتل وخُطف من خُطف  ومداهمة نفذتها قوات الأمن أثناء الليل لتفريقهم، في حين أكدت ممثلة “الأمم المتحدة” في “العراق”؛ حق التظاهر السلمي وقالت أنهم مصرون على إسقاط النظام برمته – “شلع قلع”، حسب تعبيرهم – وبدأ الطلاب بالإنضمام إلى التظاهرات في “بغداد”، حيث أشار ناشطون إلى أن نحو خمس مدارس قررت إغلاق أبوابها والمشاركة في الاحتجاجات بشكل جماعي.

وتجمع مئات المحتجين في الساحة في تحدٍّ جديد بعد ليالٍ طويلة من التظاهرات التي يقوم بها مطالبون بـ”إسقاط النظام”، استخدمت القوات الأمنية لتفريقها الغاز المسيل للدموع.

وتُعد هذه الاحتجاجات غير مسبوقة في التاريخ العراقي الحديث، إذ إنها بدأت عفوية بسبب الاستياء من الطبقة السياسية برمتها، وصولاً حتى إلى رجال الدين.

وشهدت التظاهرات المطلبية أيضًا سابقة في العنف بالتعاطي معها، إذ سقط 157 قتيلاً في الموجة الأولى، ومنها بين الأول والسادس من تشرين أول/أكتوبر الجاري، و67 قتيلاً حتى الآن في الجولة الثانية التي بدأت، مساء الخميس الماضي.

وتقدّم “عبدالمهدي”، ورئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، قبل أيام؛ بمقترحات عدة لتنفيذ إصلاحات، لم تكن مقنعة للمتظاهرين.

وأضاف المتظاهرون: “لا نريد لا الحلبوسي ولا عبدالمهدي.. نريد إسقاط النظام”.

وتمركزت القوات الأمنية على أطراف “ساحة التحرير”، فيما لوحظ انتشار قوات مكافحة الإرهاب مع آليات مدرعة في المناطق المحيطة. وأعلنت قوات مكافحة الإرهاب أنها نشرت وحداتها “لحماية المنشآت السيادية والحيوية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب