23 ديسمبر، 2024 9:52 م

التصعيد التركي في إدلب .. هل يراهن “إردوغان” على الدعم الأميركي ؟

التصعيد التركي في إدلب .. هل يراهن “إردوغان” على الدعم الأميركي ؟

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

دعا وزير الدفاع التركي، “خلوصي أكار”، “حلف شمال الأطلسي”، لتقديم دعم جاد وملموس بهدف وقف هجمات قوات الجيش السوري على “إدلب”، شمال غربي “سوريا”.

جاء ذلك في مقابلة أجرتها، أمس الثلاثاء، وكالة (أسوشيتد برس) الأميركية، مع “أكار”، الذي قال إنه أعطى تعليماته لجنوده للرد الفوري بالمثل على أية هجمات لقوات الجيش السوري تستهدف نقاط المراقبة التركية أو النقاط العسكرية بـ”إدلب”. وأشار “أكار” إلى أن “أنقرة” تواصل الضغط على “روسيا” بهدف دفعها لاستخدام ضغوطها على الحكومة السورية وإجبارها على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، والتراجع لما بعد طريق (إم 5)؛ ذو الأهمية الإستراتيجية الكبيرة.

روسيا مدعومة أميركيًا !

يؤكد الكاتب الصحافيّ السوريّ، “فايز سارة”، أن أحدًا لا يمكنه تجاهل الدور الروسي في “سوريا”؛ والعلاقات المميزة لـ”موسكو”، مع “إسرائيل” و”تركيا”، جارتي “سوريا” في الجنوب والشمال على التوالي.

ولكن من المهم أن ندرك أيضًا حقيقة تفويض “الولايات المتحدة”، “روسيا”، بالملف السوري، ولولاه ما كان بإمكان الروس، أن يتدخلوا عسكريًا بالشكل الذي تم، في العام 2015، بعد أربعة أعوام ونصف العام من الصراع في “سوريا”.

وللحقيقة، فإن التفويض الأميركي لـ”روسيا”، في “سوريا”، ليس منحة، إنما حاجة ومصلحة أميركية لإدارة قررت، ألا تتدخل مباشرة في قضية معقدة ومكلفة، وتستلزم القيام بأعمال قذرة، يُشارك فيها خصوم معلنون لها؛ بينهم “إيران” وميليشياتها ونظام “الأسد”.

الروس راغبون في القيام بالمهمة، ويملكون كل الإمكانيات اللازمة، وفوق ذلك كله، فإنهم لن يكلفوا “واشنطن” أي أعباء سياسية أو مادية، بل سيجعلون من “واشنطن”، حيث رغبت في أن تظهر معارضتها لسياسات مواقف الروس القائمين بالمهمة، ويمكن لها في أي مرحلة من المراحل، أن تتدخل لتكون طرفًا في تسوية، تحفظ لها مكانتها وحصتها في الكعكة السورية.

الحل العسكريّ قد يكون الخِيار الوحيد..

يقول الكاتب “عبدالباري عطوان”؛ لقد كان لافِتًا أنّ الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، لم يستَجِب، “حتّى الآن”، لطلب لِقائه الذي أعلنه نظيره التركي، “إردوغان”، أكثر من مرّةٍ لبحث تصاعُد حدّة المُواجهات في مُحافظة “إدلب”، وتَزايُد احتِمالات تحوّلها إلى حربٍ شاملةٍ إثر تقدّم قوّات الجيش العربي السوري واستِعادتها عشرات القُرى والبلدات، وفتح الطّريقين الدّوليين اللّذين يَربُطان بين “حلب” و”دِمشق”، و”حلب” و”اللاذقيّة”، لأوّل مرّةٍ مُنذ عام 2012.

رفض الرئيس، “بوتين”، لِقاء نظيره، “إردوغان”، يعكِس استِيائه من التّعزيزات العسكريّة التركيّة في مِنطقة “إدلب”، التي تتناقض مع اتّفاق “سوتشي” بين الزّعيمين، ومُحاولة الرئيس التركي إجبار القِيادة الروسيّة على بدء مُفاوضات جديدة للتوصّل إلى اتّفاقٍ بديل، عُنوانه الأبرز إعلان هدنة جديدة وإجبار القوّات السوريّة على الانسِحاب من كُل الأراضي والمُدن التي استَعادتها في الأسابيع الأخيرة، والحُصول على ضمانات باستِمرار الوجود العسكريّ التركيّ في “عفرين” و”جرابلس” و”الباب”.

كما أن فشل المُفاوضات، التي أجراها الوفدان العسكريّان الروسيّ والتركيّ في “أنقرة”، العاصمة التركيّة، حول “إدلب” يعني أنّ الرّوس يرفضون جميع المطالب التركيّة، ويُصرّون على إلتِزام الرئيس، “إردوغان”، باتّفاق “سوتشي” وتطبيقه حرفيًّا والتوقّف عن أسلوب المُناورة لكسب الوقت؛ وإلا الحل العسكريّ الذي بدَأه الجيش العربي السوري المدعوم روسيًّا في الجو، وعلى الأرض، سيكون الخِيار الوحيد.

هل يُراهِن على دعم أميركا و”النّاتو” ؟

يضيف “عطوان”؛ أنه من غير المُستَبعد أن يكون الرئيس، “إردوغان”، يُراهِن على الدّعم الأميركيّ لتدخّل قوّاته في “إدلب” لمنع سُقوطها في يد الجيش العربي السوري، فمندوب “الولايات المتحدة” إلى جانب مندوبي الدول الغربيّة الأعضاء في حلف (النّاتو) عبّروا، أثناء لقائهم على هامِش اجتماع لـ”مجلس الأمن الدولي” حول “إدلب”؛ عن وقوفهم في خندق “تركيا”، العُضو في الحِلف، الأمر الذي قد يتطوّر إلى مُواجهةٍ مُباشرةٍ مع “روسيا”.

ويشير “عطوان” إلى أن حلف (النّاتو) لم يقف مع “تركيا” أثناء أزمتها مع “روسيا”، التي تمثّلت في إسقاط طائرة الأخيرة بصاروخ أطلقته طائرة تركيّة من طِراز (إف-16)، كما أنّ “أميركا”، أثناء إدارة “باراك أوباما”، لم تسمح ببيع “تركيا” صواريخ (باتريوت) للدّفاع عن أجوائها، فلجأت إلى صواريخ (إس-400) الروسيّة، وإذا صحّت التّقارير حول عزم “أميركا” إعادة تفعيل دورها، وحلف (النّاتو) في “سورية”، فإنّ هذا الموقف قد يتطوّر إلى صِدامٍ مُباشرٍ مع الرّوس، وجرّ العالم إلى حافّة حربٍ عالميّة ثالثة.

الأحلام النرجسية لـ”إردوغان” !

فيما يرى المحلل السياسي التركي، “تورغوت أوغلو”، أن “تركيا” طبَّقتْ حتى، عام 2010، إستراتيجية “أربح-أربح” في العلاقات الدولية، ويمكن القول إنها، على الرغم من بعض الثغرات والعيوب، نجحت في ذلك بصفة عامة. وبالأخص حققت مقولة: “صفر مشاكل مع الجيران” مكاسب سياسية وتجارية لـ”تركيا” لدى الرأي العام العالمي.

ولكن لسوء الحظ، مع اندلاع “ثورات الربيع العربي”، في نهاية عام 2010، بدأت حكومة “حزب العدالة والتنمية” تخرج – على الرغم من كل تحذيراتنا – عن هذا المسار، وتتجه نحو الرجوع إلى ما يكمن في عقلها الباطن من نوازع الإسلام السياسي، حتى سيطر على جسمها المرضُ الذي نسميه “العثمانية الجديدة”. ومما زاد الطينَ بِلَّةً تلك الأحلام النرجسية التي أستولت على قلب الرئيس، “إردوغان”، ما أودى بالبلاد نحو مهاوٍ يصعب الخلاص منها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة