3 أكتوبر، 2024 6:28 م
Search
Close this search box.

التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان .. هل أفقد أميركا نفوذها بالشرق الأوسط ؟

التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان .. هل أفقد أميركا نفوذها بالشرق الأوسط ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

عامٍ مر على الحرب في الشرق الأوسط؛ أثبت أن القوى الرئيسة في العالم غير قادرة على وقفها، أو حتى التأثير إلى حدٍ كبير على القتال.

فمؤخرًا، تجاهل الاحتلال الإسرائيلي الجهود التي تقودها “الولايات المتحدة” لفرض وقف إطلاق النار في حربه المتصاعدة ضد (حزب الله). عبر شنه هجومًا ضخمًا فاجأ “واشنطن”؛ بحسب مزاعم الأخيرة، وأدى إلى مقتل الأمين العام للحزب؛ السيد “حسن نصرالله”.

والآن؛ بعد التوغل البري في جنوب “لبنان”، أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، تجاهله لمطالب إدارة “بايدن” ومحدودية تأثيرها على أفعاله.

عجز أميركي..

كشفت شبكة (سي. إن. إن) الأميركية؛ أن التوغل البري الإسرائيلي في “لبنان”، يؤكد على حقيقة استراتيجية جديدة ناجمة عن عامٍ من الحرب، وهي أن “الولايات المتحدة”، التي كانت قوية في يومٍ من الأيام، أصبحت عاجزة عن كبح جُماح حليفتها، أو التأثير على الأطراف المتحاربة في الأزمة الإقليمية المتفاقمة بسرعة.

وأوضحت أنه على الرُغم من طلبات “واشنطن” بضبط النفس، والدعوات الدولية لخفض التصعيد، أطلقت حكومة رئيس وزراء الاحتلال؛ “بنيامين نتانياهو”، المرحلة الثانية من هجومها ضد (حزب الله)، وصفته قوات الدفاع الإسرائيلية: بـ “عملية برية محدودة” في “لبنان”.

عرقلة الجهود الدبلوماسية..

ومع قرب الانتخابات الأميركية، لفتت الشبكة إلى أن مجال المناورة المتاح لـ”بايدن” محدود، إذا كان يُريد تجنب تفاقم التأثير السياسي المحلي للحرب في الشرق الأوسط.

وأوضحت أن المرشحة الديمقراطية؛ نائبة الرئيس؛ “كامالا هاريس”، تمسكت إلى حدٍ كبير بخط الإدارة – على الرغم من التعليقات السابقة التي أشارت إلى أنها قد تتخذ موقفًاً خطابيًا أكثر صرامة تجاه “نتانياهو”، مع التأكيد على محنة المدنيين الفلسطينيين.

وقالت: “تكرر نمط العجز الأميركي والتحدي الإسرائيلي مرارًا وتكرارًا، منذ الهجمات التي شنتها (حماس) على إسرائيل في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى قصف غزة، ومحاولة تدمير (حزب الله) في لبنان مؤخرًا”. بحسب ترويجات الآلة الدعائية الصهيوأميركية المضللة.

وأضافت: “في كثير من الأحيان، يتصرف نتانياهو أولاً ثم يتشاور مع الولايات المتحدة في وقتٍ لاحق، حتى عندما تكون أفعاله كفيلة بالتأكيد بعرقلة الجهود الدبلوماسية الأميركية، وزيادة المخاوف من انزلاق الولايات المتحدة إلى حربٍ إقليمية كارثية”.

وأشارت الشبكة الأميركية؛ إلى أن هذا النهج الإسرائيلي، جعل إدارة “بايدن” تبدو في كثير من الأحيان وكأنها متفرجة، وليس لاعبًا نشطًا في الأحداث، كما ينبغي أن تكون الحال مع القوى العظمى.

إرث كارثي ملطخ..

وذكرت (سي. إن. إن)؛ أن أشهر الدبلوماسية المكوكية الشاقة التي قام بها وزير الخارجية؛ “أنتوني بلينكن”، باءت بالفشل في الغالب. وقالت: “هذا ليس مجرد إحراج دبلوماسي. ففي كل مرة يتم فيها رفض رئيس أميركي علنًا، فإن ذلك يترتب عليه تكلفة لهيبته الشخصية وتصوراته للقوة العالمية للولايات المتحدة”.

وتتزايد احتمالات أن يترك “بايدن”، الذي تولى منصبه مدعيًا أنه خبير في السياسة الخارجية، “البيت الأبيض” في غضون بضعة أشهر، مع حرب مسُّتعرة في الشرق الأوسط من شأنها أن تُلطخ إرثه.

ولكن رهان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي على أن إدارة “بايدن” ستظل، على الرُغم من كل تحفظاتها، الضامن لأمن الدولة اليهودية، قد أتى بثماره. كما تدعي الشبكة الأميركية.

علاقات متوترة..

وأشارت الشبكة الأميركية؛ إلى أن تجاهل “إسرائيل” للمخاوف السياسية والاستراتيجية للإدارة الأميركية، جاءت بتكلفة باهظة. فالعلاقات بين “بايدن” و”نتانياهو” متوترة للغاية. وكثيرًا ما تنفجر العداوة المتزايدة في العلن – ومؤخرًا عندما غضب المسؤولون الأميركيون من استهزاء الزعيم الإسرائيلي، بمقترح وقف إطلاق النار بين (حزب الله) و”إسرائيل”.

وطالبت “واشنطن” الإسرائيليين بإصدار بيان لمعالجة الإحراج الدبلوماسي، وقال العقيد المتقاعد “سيدريك ليغتون”، وهو محلل عسكري للشبكة: “إن المحادثات بين المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين قبل التحرك الإسرائيلي المتوقع في جنوب لبنان؛ كانت متوترة للغاية، وخاصة على المستويات العُليا”.

وأضاف: “الأمر الرئيس الذي يجب وضعه في الاعتبار، هو أن إسرائيل عمدت بشكلٍ أساس إلى إبقاء الولايات المتحدة غير مطلعة، عندما يتعلق الأمر بتفاصيل عملياتها”.

حرب دائمة..

ولفتت الشبكة الأميركية؛ أيضًا إلى أنه كلما طال أمد الحرب، كلما زاد التهديد بأن تتحد الصراعات المتصاعدة في مختلف أنحاء المنطقة، في حربٍ واحدة خطيرة متعددة الجبهات، وأن يندلع صراع مباشر بين “الولايات المتحدة” و”إيران”.

كما من شأن الحرب الإقليمية أن تُخلف عواقب اقتصادية كارثية، وقد تزيد من انحراف “الولايات المتحدة” عن هدفها المتمثل في التعبئة، لمواجهة جديدة بين القوى العظمى و”الصين”. كما تزعم الشبكة الأميركية.

ويرى المراقبين في “واشنطن”، أن “نتانياهو” لديه مصلحة شخصية قوية في شن حرب دائمة، للتكفير عن فشله في وقف هجمات 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، والاستمرار في تأجيل حساباته القانونية بينما يواجه اتهامات جنائية خطيرة.

موقف سياسي محفوف بالمخاطر..

وأشارت (سي. إن. إن) إلى أن “بايدن” و”هاريس” في موقف سياسي محفوف بالمخاطر قبل شهر من الانتخابات. موضحة أنه إذا فشل الرئيس الأميركي في كبح جُماح “إسرائيل” في “غزة ولبنان”، سيؤدي ذلك إلى انقسام الحزب (الديمقراطي)، ويُهدد بخفض نسبة المشاركة بين التقدميين والناخبين العرب الأميركيين، وخاصة في الولايات المتأرجحة مثل “ميشيغان”.

وذكرت أن أي تحرك لمعاقبة “إسرائيل”، قد يُلحق الضرر بـ”هاريس” بين الناخبين المعتدلين والولايات المتأرجحة، الذين يتعرضون لوابل من الإعلانات السلبية لـ”ترمب”، الذي يزعم أنها و”بايدن” ضعيفان، ويقودان “الولايات المتحدة” إلى حربٍ عالمية ثالثة.

إسرائيل تتصرف بشكلٍ أحادي !

ومن جهتها؛ زعمت صحيفة (واشنطن بوست)، في تقريرٍ نُشر يوم الإثنين الماضي، أن الفجوة المتزايدة الاتساع بين رغبات “الولايات المتحدة” والسلوك الإسرائيلي، تركت الإدارة الأميركية تُكافح من أجل تكييف جهودها الدبلوماسية لاستيعاب دوافع “نتانياهو”.

وادعت أن هذه الهوة بين الحليفين، أصبحت واضحة بشكلٍ خاص في الأيام التي أعقبت وعد “البيت الأبيض”، بأن “إسرائيل ولبنان” على وشك الموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار، بينما تعهد “نتانياهو”؛ في “الأمم المتحدة” بالقضاء على (حزب الله).

بدوره؛ قال الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية؛ “ريتشارد هاس”، إن: “هذا الأمر ضئيل للغاية. لقد شهدنا في الأساس (12) شهرًا، حيث كانت الإدارة تدعو إلى شيءٍ واحد، بينما فعلت إسرائيل شيئًا آخر في غزة”.

وأضاف: “في الأيام القليلة الماضية، كان لدينا موقف حيث تصرفت إسرائيل مرة أخرى بشكلٍ أحادي الجانب، بمعنى عدم التنسيق معنا مسبقًا. وفي هذه الحالة مرة أخرى، بدا أن الإدارة كانت على صفحة مختلفة، حيث دعت إلى وقف إطلاق النار، في حين لم يكن لدى الإسرائيليين أي مصلحة في ذلك”. بحسب مزاعمه.

تحذيرات من نتائج عكسية..

وفي ذات السيّاق، نصح مسؤولون كبار، “إسرائيل”، بعدم القيام بغزو بري لـ”لبنان”، محذرين من أن مثل هذه الخطوة قد تأتي بنتائج عكسية، من خلال بناء الدعم السياسي لـ (حزب الله) داخل البلاد، وإطلاق العنان لعواقب لا يمكن التنبؤ بها على المدنيين والتورط الإيراني.

وقالت “إلين لابسون”؛ مديرة برنامج الأمن الدولي في جامعة (جورج ماسون)، وخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إنه: “على المستوى العسكري، هناك تبادل مهني صادق للتقييمات على الأرض، ولكن على المستوى السياسي، لا أعرف ما إذا كانت هذه المحادثة صادقة كما ينبغي”.

وتساءلت: “هل يُخبرنا القادة الإسرائيليون الذين يتمتعون بالسلطة حقًا، بما هي أهدافهم السياسية، وما يمكن تحقيقه أم لا ؟”.

وزعمت الصحيفة الأميركية؛ أن الافتقار في التواصل أدى إلى إعاقة قدرة “الولايات المتحدة” على تقديم مدخلات بشأن كيفية إدارة الحرب، مع وجود مخاطر على “واشنطن” بينما تحشد قواتها إلى المنطقة، في محاولة لتحذير “إيران” من الانتقام.

دعوات متكررة للمفاوضات..

وكتب “روجر كوهين”؛ في صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية؛ أن إدارة الرئيس؛ “جو بايدن”، دعت مرارًا وتكرارًا إلى البدء بمفاوضات بين “إسرائيل” و(حماس) لإنهاء القتال في “غزة”، وقالت إنها على وشك تحقيق انفراج، لكنها باءت بالفشل. إن المحاولة الحالية التي يقودها الغرب لتجنب حربٍ واسعة النطاق بين “إسرائيل” و(حزب الله)؛ في “لبنان”، ترقى إلى مستوى الاحتشاد لتجنب الكارثة. وتبدو فرص نجاحها غير مؤكدة إلى حدٍ كبير، بعد قيام “إسرائيل” بقتل “حسن نصرالله”، زعيم (حزب الله) الجمعة. على حد ما مزاعمه المتسق مع تصدرات الآلة الدعائية الصهيوأميركية من أكاذيب وتضليلات لتغييب الرأي العام.

اتفاقيات وإمدادات أسلحة..

ولسنوات عديدة، كانت “الولايات المتحدة” الدولة الوحيدة التي يُمكنها ممارسة ضغط بناء، على كل من “إسرائيل” والدول العربية. لقد هندست اتفاقات “كامب ديفيد” عام 1978؛ التي جلبت السلام بين “إسرائيل ومصر”، والسلام “الإسرائيلي-الأردني” عام 1994. وقبل ما يزيد قليلاً عن ثلاثة عقود، تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “إسحاق رابين” و”ياسر عرفات”، رئيس “منظمة التحرير الفلسطينية”، في حديقة “البيت الأبيض” باسم السلام، ليتآكل بعد ذلك الأمل الهش لذلك العناق، بشكلٍ مطرد.

وتتمتع “الولايات المتحدة” بنفوذ دائم على “إسرائيل”، لا سيما في ما يتعلق بمساعدات عسكرية تتضمن حزمة بقيمة (15) مليار دولار، وقعها الرئيس “جو بايدن”، هذا العام. لكن التحالف الصارم مع “إسرائيل” المبني على اعتبارات سياسية استراتيجية ومحلية، فضلاً عن القيم المشتركة لديمقراطيتين، يعني أنه من شبه المؤكد أن “واشنطن” لن تُهدد أبدًا بوقف تدفق الأسلحة، ناهيك عن وقفه.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة