كتبت – لميس السيد :
التصدي لتحديات العراق الاقتصادية.. تعتبر أولى خطوات القضاء على تنظيم “داعش”، حيث أنه في الوقت الذي يعمل فيه استراتيجيون عسكريون على طرد “داعش” من العراق، يجب على المسؤولين أن يضعوا في الوقت نفسه استراتيجية اقتصادية لمكافحة عدم الاستقرار وانعدام الأمن والسخط الذي يساعد على خلق أرض خصبة للتطرف.
التحديات الإقتصادية وزيادة معدلات التطرف.. وجهان لعملة واحدة..
هكذا يرى “والي أديمو”، كبير مستشاري “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” بواشنطن، عبر مقاله المنشور حديثاً بمجلة “ذا هيل” الأميركية، ويقول: أن “التحديات الأمنية في العراق من المستحيل حلها دون استراتيجية اقتصادية ذات مصداقية.. ومن المهم أن يستفيد الرئيس “ترامب” من رحلته إلى قمة مجموعة السبعة لوضع نهج سياسي واقتصادي يكمل الإستراتيجية العسكرية.. حيث أن الفشل في دمج الاقتصاد بشكل صحيح في استراتيجيتنا العامة هو بمثابة التخطيط نحو الفشل”.
ويدلل “أديمو” على صحة كلامه تاريخياً، بما حدث من إستثمار أميركي هائل في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي ساعد على تيسير السلام والازدهار لأكثر من 70 عاماً، وهو ما يؤكد على أن الرخاء مرتبط بشكل وثيق مع إستقرار الأمن.
ويرى المحلل الأميركي أن التحديات المعقدة في العراق من غير المرجح أن يكون لها نهاية مثل الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك، فإن أي استراتيجية لاحتواء ملاذات التطرف وإضعافها وتدميرها يجب أن تضع في اعتبارها وجوب تهيئة فرصة اقتصادية حقيقية للمواطنين العراقيين.
ثلاثة أهداف لا غنى عنها لإستراتيجية العراق الإقتصادية..
يحدد “أديمو” ثلاثة أهداف حاسمة لاستراتيجية الاقتصاد.. أولاً: الحد بشكل كبير من الفساد، وإعادة البناء السريع للاقتصاد العراقي، وتعزيز المؤسسات الدولية التي تعمل على إصلاح وإعادة بناء الاقتصادات المتهدمة في المنطقة.
ويعتقد “أديمو” أن كسر قواعد الفساد هو أول ركائز محور الاستراتيجية الاقتصادية للعراق، لأن الفساد يؤدي إلى انعدام الثقة والسخرية ويؤجج الدعاية المتطرفة. وهذا هو السبب في أن المساعدة الاقتصادية والعسكرية الدولية معاً، يجب أن تحفز محاور المساءلة والشفافية لمؤسسات الدولة وينبغي أن تشمل الجهود الرامية إلى تحسين المساءلة ترشيد مجموعة هيئات مكافحة الفساد، التي لها حالياً اختصاصات متداخلة بل تفتقر إلى السلطة والاستقلال الواضحين. وعلى الرغم من إحراز بعض التقدم على مدى العقد الماضي، إلا أن زيادة استخدام طرق الدفع الإلكترونية من شأنها أن تحسن الشفافية في المعاملات التي تحمل شبهات الفساد المالي.
ويتابع أديمو: “لقد أنفقت الولايات المتحدة مئات المليارات من الدولارات في حرب العراق، وستتخطى تكلفة إعادة بناء البنية التحتية والمؤسسات هناك عشرات المليارات من الدولارات في حالة إذا ما فشلت الإدارة الأميركية والكونغرس في دعم المؤسسات المتعددة الأطراف المكلفة بجمع الأموال للعراق.. وكلما زادت مدة جمع الأموال لمشاريع إعادة إعمار العراق، أصبح هناك احتمال أكبر لوجود أجيال جديدة من المتطرفين خلفاً لداعش. وإذا لم يتمكن العراق، الغني بالنفط، من إيجاد طريق لتحقيق الاستدامة الاقتصادية، فلا أمل للمنطقة كلها”.
ويعتبر انخفاض أسعار النفط وتغير التركيبة السكانية هما أساس التحديات الاقتصادية التي تواجهها المنطقة، بينما الطريقة الوحيدة الموثوقة للتصدي لهذه التحديات هي قدرة الحكومات على التعاون مع “صندوق النقد الدولي” والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف التي في النهاية تصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي.
“أوباما” قدوة “ترامب” في العراق..
يوضح الكاتب أن الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” عليه أن يتبع خطى سلفه الرئيس الاسبق “أوباما” في شحذ مساعي القوى الدولية نحو العراق لدعمها إقتصادياً من أجل مكافحة “داعش”، قائلاً: “هذا ما رأيته بعيني، حيث كان يذهب أوباما لقادة الدول في إجتماع مجموعة السبع لحثهم على دعم العراق”، وهذا هو الإستخدام الذكي لميزانية المساعدات الخارجية الأميركية.