خاص : ترجمة – محمد بناية :
قبل شهر تقريباً؛ أعبر المرشد الإيراني، “علي خامنئي”، في بداية درسه الفقهي، عن أسفه العميق لمقتل أبرياء أفغانستان في العمليات الإرهابية الأخيرة، وقال: “الأيادي التي استخدمت (داعش) بعد تشكيلها كأداة للظلم والجريمة ضد السوريين والعراقيين، هي ذاتها التي تعمل حالياً بعد الهزيمة على نقل أعضاء التنظيم إلى أفغانستان”.
وأكد مراراً في هذه التصريحات المهمة، والتي كانت ذات صدى إعلامي استثنائي على الصعيدين الإقليمي والدولي، على “الدور التأسيسي” للولايات المتحدة والغرب في تشكيل (داعش)، وأنهم أزاحوا الستار عن المرحلة الثانية من خطة هؤلاء المجرمين.
100 وثيقة تورط الأميركان في دعم «داعش»..
منذ بداية فتنة الشام والوجود المكثف للإرهابيين التكفيرين في سوريا، أكد عدد من المسؤولين والخبراء الإيرانيين، بحسب الكاتب الصحافي، “محمد مهدي رحيمي”، في دورية (بيت المقدس) الأسبوعية الإيرانية؛ على دور الدول الغربية في اندلاع الأزمة السورية، وتحدثوا عن الدعم الغربي للإرهابيين بالسلاح والمعلومات فضلاً عن الدعم اللوجيستي. وبينما كانت الأزمة السورية تطوي عامها الأول تطرق آية الله “علي خامنئي” للحديث عن طباع الإرهاب الأميركي؛ وقال: “لدينا حالياً مئة وثيقة غير قابلة للشك تعكس تورط الإدارة الأميركية في صناعة الإرهاب والإرهابيين في إيران أو في المنطقة. وسوف نفضح أميركا في العالم بهذه الوثائق”.
ولم يكن المسؤولون والإعلاميون الإيرانيون وحدهم من أكد على الدعم الغربي لتنظيمات (داعش) و(النصرة)، وإنما تحدث الكثير من مسؤولي الدول الإقليمية، ووسائل الإعلام الدولية الحرة والخبراء والمحللين عن السياسات الغربية الإزدواجية في التعاطي مع الإرهابيين وميل المسؤولين الغربين لاستمرار وجود الجماعات التكفيرية في منطقة غرب آسيا.
التحالف الغربي الأميركي يتيح فرص الفرار للتنظيمات الإرهابية..
إن تشكيل الولايات المتحدة الأميركية لـ”التحالف الدولي” ضد (داعش)، بمشاركة عدد من الحكومات، وإن حظي في البداية بضجة إعلامية وتصور العالم خطأً أن الغرب عازم على مكافحة الإرهابيين، لكن كان لابد من مرور عدة أشهر حتى تتضح الحقيقة للمراقب المحايد؛ وهي أن هذا التحالف ليس فقط لا يميل مطلقاً إلى توجيه ضربة قاضية للكيان التكفيري، وإنما في الكثير من الحالات يهيء المجال لفرار الإرهابيين من الهلاك أمام مقاتلي “محور المقاومة”، ويسعى إلى تمديد (داعش) بساط جرائمها في مناطق أخرى من الأراضي السورية أو العراقية.
وقبل أيام قدم “حسين أمير عبداللهيان”، مستشار رئيس البرلمان الإيراني للشأن الدولي والمكلف بحقيبة عرب إفريقيا بوزارة الخارجية خلال سنوات الأزمة السورية، في حوار متلفز حالات دقيقة وعينية عن هذا الدعم المنظم. وتطرق إلى لقاءته مع الجنرال “قاسم سليماني”؛ والوثائق التي حصل عليها خلال اللقاء، وتكشف عن الدور الأميركي في دعم تنظيم (داعش). وقال: “حين كانت الموصل مثلاً تحت الاحتلال الداعشي، حطت طائرة (330) الأميركية في مطار الموصل وترجل منها عدد من الجنرالات الأميركيين وإنزال المعدات العسكرية. وفي قاعة كبار الزوار بالمطار التقت قيادات (داعش) جنرالات أميركا وأستغرقت مباحثات الطرفين أكثر من ثلاث ساعات، ليستقل الأميركيون بعدها الطائرة مجدداً والعودة من حيث جاؤا. فماذا حملوا للتنظيم ؟.. الأسلحة والمعدات التي يحتاجون واتفقوا معهم”.
وفي نموذج آخر، عن تماهي (داعش) وأميركا، قال “عبداللهيان”: “في الأشهر الأخيرة أُلقي القبض على قيادات (داعش) في لحظاتهم الأخيرة، نقل الأميركيون الجزء الرئيس من قيادات التنظيم إلى الخارج باستخدام الأساليب الأمنية والعسكرية المتنوعة، أو عبر الإستفادة من مجلس الأمن وطالبوا بوقف إطلاق النار بحجة الشعب المحاصر. ثم إنتبهنا إلى أن أميركا قد نقلت جزء من قيادات (داعش) إلى أفغانستان وتسكينهم في المناطق الشمالية، ثم نقلوهم فجأة إلى ليبيا ثم إلى اليمن”.
يستطرد “محمد مهدي رحيمي”؛ ما قدمه مستشار رئيس البرلمان من وثائق بشأن نقل عناصر (داعش)، هو نفس ما ذكره المرشد الأعلى وأوردناه في صدارة المقال، ومن ثم الإشارة إلى المنهج القديم الذي تابعناه مؤخراً في ضجة وسائل الإعلام الغربية بشأن “الغوطة الشرقية” في دمشق، تلك الضجة التي لا شك تهدف إلى التقاط الإرهابيين لأنفاسهم. مع هذا لم تتخذ وسائل الإعلام وخبراء “محور المقاومة”، ومن بينهم الإيرانيون، أي إجراءات لبيان هذا الدعم وإبراز الصلة العميقة بين الغرب والتكفيريين.