خاص : ترجمة – محمد بناية :
بينما تسعى القيادة السعودية إلى إبراز مكانة “المملكة” الإقليمية وتوريط سائر الدول العربية في المستنقع اليمني؛ عبر اجتماعات “مكة”، أثبتت عدم المشاركة العربية الفعالة، في هذه الاجتماعات، والرفض الدولي للحرب على “اليمن”؛ فشل هذه الاجتماعات بشكل عملي.
كان الملك السعودي، الذي يواجه العديد من الأزمات الداخلية والخارجية، يتطلع إلى مناقشة الأوضاع الراهنة بشكل سري خلال الاجتماعات، لكنه تعرض للفشل منذ الخطوة الأولى؛ حيث أحجم عدد من القيادات العربية عن المشاركة في هذه الاجتماعات.
وكما أكدت بعض المصادر المطلعة؛ لن يشارك الملك السعودي، الذي دعا الدول العربية إلى قمة طارئة في مدينة “مكة المكرمة” على مستوى القادة. ومن المقرر بموجب الدعوة أن تشهد مدينة “مكة المكرمة” إنعقاد ثلاث اجتماعات طارئة، اجتماع للقادة العرب، وآخر للقيادات الإسلامية، وثالث لقيادات أعضاء “مجلس التعاون الخليجي”. بحسب صحيفة (السياسة اليوم) الإيرانية.
تسييس الحرمين الشريفين..
من جهة أخرى؛ وصف موقع إعلامي، مُقرب من الحكومة القطرية، الدعوة السعودية لاجتماعات “مكة المكرمة”، بـ”لعبة الرياض السياسية الجديدة بالحرمين الشريفين”، وكتب الموقع التحليلي، (الخليج أونلاين): “مجددًا تتعرض السعودية للانتقادات على خلفية تسييس الحرمين الشريفين، حيث اُتخذت تدابير أمنية مشددة ما أدى إلى تأزم الحالة المرورية داخل مكة المكرمة وحول الحرم الشريف بالتزامن مع إنعقاد الاجتماعات الثلا؛ث بناءً على دعوة الملك السعودي، سلمان بن عبدالعزيز”.
بدوره دعا الشيخ “عبدالرحمن السديس”، رئيس عام شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومسؤول الدفاع عن سلوكيات المسؤولين في “السعودية”، زوار بيت الله الحرام، المشاركة في إنجاح قمم “مكة” الثلاث وتخفيف الزحام عن “منطقة الحرم”؛ أثناء إنعقاد الجلسات.
وكذلك طلب مسؤول أمني سعودي، إلى زوار بيت الله الحرام، التعاون في هذه المسألة. وقد إستفزت دعوة “السديس” آلاف المعتمرين الذين قدموا من دول مختلفة يحدوهم الأمل في زيارة “بيت الله الحرام”.
وهي ليست المرة الأولى التي تتاجر فيها “المملكة العربية السعودية” بتسييس “الحرمين الشريفين”؛ وتجعل منهما مقرًا لإنعقاد المؤتمرات والنزاعات السياسية والأهم استغلال المقدسات الإسلامية في الضغط على الدول للنزول على رغبة “السعودية”.
وما القيود المشددة على الحجيج القطريين، منذ إندلاع “أزمة الخليج” والحصار الرباعي، (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، على “قطر”، في حزيران/يونيو 2017، إلا دليلاً بارزًا على إنتهاكات حقوق الإنسان وتسييس الحج رغم معارضة مؤسسات الحقوق الإنسانية والإسلامية الدولية.
الأزمة اليمنية..
تواجه “السعودية” تحديًا آخر يتعلق باستمرار المساعي الرامية لمكافحة إعتداءات “الرياض” على “اليمن”، وثمة مجموعة تنشط في مجال حقوق الإنسان، بـ”فرنسا”، تعتزم الحيلولة دون تزويد السفن السعودية في موانيء جنوب “فرنسا” بالسلاح.
وبحسب فضائية (راشا تودي)، النسخة الفارسية، طرحت هذه المجموعة، وتُدعى “إجراءات المسيحيين للقضاء على التعذيب”، والمعروفة إختصارًا باسم، (ACAT)، مطالبها القانونية.
بدوره رحب رئيس الهيئة الوطنية اليمنية في المفاوضات بتصريحات وزير الخارجية الفرنسي بشأن ضرورة إنهاء الحرب على “اليمن”، ثم قال: “الكلام لا يكفي؛ ويتعين على باريس وقف مبيعات السلاح للتحالف المعتدي”.
وبينما تُعقد اجتماعات “مكة” الثلاثية، بدعوى حل الأزمات في المنطقة، تنتشر فضيحة سعودية أخرى تثبت استمرار النظام السعودي في إنتهاك بنود اتفاق “أستكهولم” واستهداف مدينة “الحديدة” مجددًا.
وطبقًا لوسائل إعلام عربية، فقد قصف النظام السعودي منطقة “حيس”، في “الحديدة”، بالصواريخ. وكان المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية قد أعلن إنتهاك “السعودية” قرار وقف إطلاق النار في “الحديدة” حتى الآن آلاف المرات.
وبالتالي تتطلع “السعودية” إلى الاستفادة من اجتماعات “مكة” في تبرير عمليات القتل بـ”اليمن”، في الوقت الذي أثبتت فيه عمليات الطائرات اليمنية المسيرة فشل “السعودية” بشكل عملي إزاء عمليات المقاومة.
جبهة عربية مشتركة ضد إيران..
يعتقد بعض خبراء السياسة بالمنطقة، أن الهدف الرئيس لتلكم الاجتماعات، (وكما أعلنت السعودية)، هو الاتفاق على رؤية ضد “إيران”؛ وتشديد صعوبة الأوضاع على “طهران”.
والسؤال: إلى أي مدى يمكن تكشل جبهة مناوئة لـ”الجمهورية الإيرانية” ؟.. يجيب المحلل السعودي، “سالم اليامي”، في حوار إلى فضائية (روسيا اليوم): “تعاني الدول العربية حاليًا من الاختلاف والانقسام وتحتاج إلى شخص يضطلع بمهمة توحيد الدول العربية. وقد منيت السعودية التي بذلت كل جهودها بالفشل، ومازالت تضطلع رغم الاختلافات بمهمة توحيد العالم العربي”.
ووصف اجتماع “مكة” بالفرصة، وقال: “ثمة تحديات اقتصادية وأمنية أخرى بخلاف إيران، لكن ربما يكون التحدي الإيراني على رأس الأولويات. لكن ورغم الجهود السعودية الرامية إلى توحيد الصف العربي، فلن تطلب إلى أي منهم القيام بدور في العمليات العسكرية. فلم تنجح السعودية حتى الآن في جمع العرب حتى تطلب إليهم الذهاب إلى ميدان الحرب ضد “طهران”.. لكن يبدو أنه سيتم التركيز خلال هذه الاجتماعات على بيان خطورة الأحداث.
في المقابل؛ يقول “مجزب الزويري”، رئيس مركز دراسات الخليج بـ”الجامعة القطرية”: “التجارب السابقة على المستويين الإقليمي والدولي لا توحي بنجاح تشكيل جبهة ضد إيران. وللتعرف على مدى إمكانية اجتماعات مكة في تشكيل هذه الجبهة، تجدر مراجعة نتائج اجتماع بولندا الأخير ضد إيران”.
وأضاف: “فكرة تشكيل تحالف ضد إيران تواجه مشكلة جذرية تتعلق باختلاف تصورات أعداء التحالف في التعاطي مع العمليات الإيرانية، البعض يراها تهديد، والآخر يتعامل معها باعتبارها مجرد إجراءات طرف إقليمي في صراع المنافسة السياسية بالمنطقة”.