24 أبريل، 2024 1:44 م
Search
Close this search box.

البوصلة الإفريقية تتجه لبكين .. الصين تحتكر صناعة الملابس عبر مصر والسودان

Facebook
Twitter
LinkedIn

خطط اقتصادية لها جدوى على المستوى المحلي والدولي لكنها ستُبنى هذه المرة خارج الحدود.. فعلى بعد آلاف الكيلومترات وخارج القارة بأكلمها قرر التنين الصيني العملاق الاستثمار الزراعي داخل إفريقيا في أهم المجالات التي تلقى رواجاً في جميع الأسواق.

فمن خلال خبرين مقتضبين نشرتهما وكالات اقتصادية عالمية، الأول في آب/أغسطس 2016، والثاني خلال نيسان/أبريل 2017، نكتشف من الخبر الأول أن بكين قررت زراعة مليون فدان من محصول القطن في السوادن، وبعدها بـ6 أشهر اتفقت مع مصر الجارة الشمالية للسودان على زراعة 150 ألف فدان – الفدان يساوي 4200 متر مربع – من القطن أيضاً، ما يعني أن التنين الصيني بدأ يكشف عن طموحاته واتجاهاته الاحتكارية لأهم صناعة في العالم وهي صناعة الملابس.

أجود أنواع القطن

اتجاه الصين إلى مصر والسودان لزراعة كل هذه المساحات الشاسعة لم يأت من فراغ.. فالخطوة جاءت بعد دراسات وبحوث أكدت للصينيين أن أرض الدولتين من أفضل الأراضي لإنتاج أجود خامات القطن كـ”القطن طويل التيلة” الذي يدخل في صناعة أفخم المنتجات القطنية.

مليون مغزل في محيط قناة السويس

تفاصيل اتفاق الصين مع مصر تكشف أنه في خلال 4 أشهر تنتهي القاهرة من وضع دراسة جدوى لتنفيذ الاتفاق مع شركة “شاندونج رويى جروب” الصينية التي تعمل كسلسلة إنتاج متكاملة، بدءاً من زراعة القطن، مروراً بجميع مراحل الإنتاج وصولاً للملابس فى شكلها النهائى، فضلاً عن الاستعداد لإقامة منطقة “مغازل” صينية مغلقة تضم مليون مغزل صيني في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس خلال فترة قريبة جداً بمجرد وضع الترتيبات وتنفيذ البنية التحتية.

حوافز وإغراءات

مصر بدورها وعلى لسان رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة “محمد قاسم”، قال إن القاهرة ستمنح بكين حوافز لجذب استثمارتها إلى مصر بدلاً من الذهاب لدول إفريقية أخرى، كما تبحث القاهرة مع بكين إنشاء وتطوير مدينة الصناعات النسيجية بمحافظة المنيا “الصعيدية”.

مليون فدان سوداني

بينما في السودان، كشف رئيس مجلس تشريعي ولاية الجزيرة بوسط السودان عن مذكرة تفاهم بين الحكومة السودانية وشركات صينية لزراعة مليون فدان قطن بينها 450 ألف فدان ستزرع بولايته، إلى جانب مصانع للغزل والنسيج والملابس الجاهزة، فيما لفت نواب بالبرلمان السوداني النظر إلى ضرورة تحسين نظام الري بمشروع الجزيرة، بعد سنوات من الإهمال وسوء الإدارة التي طالت أحد أكبر المشروعات المروية في العالم، وحان الوقت لتعيد الصين إحيائه بعد أن كان أهم مورد للقطن الفاخر خلال فترة الاحتلال البريطاني للسودان.

صحيفة سودانية كشفت عن أن الصين بدأت بالفعل منذ سنوات زراعة القطن في “مشروع الجزيرة” في مساحات تجريبية، كما شيدت محلجاً حديثاً للقطن ومصنعاً للنسيج كنواة صغيرة للمشروعات الأكبر التي تنوي الانطلاق منها إلى العالم.

العمل في صمت

إن ما يميز الصين أنها تعمل في صمت دون ضجة وتحقق أهدافها في التوسع بمشروعاتها بعد أن تكسب ثقة الدول الإفريقية لأنها لا تتدخل في شؤونها الدخلية، فضلاً عن أنها حينما تعطي منح أو قروض لا تقدم أي شروط مقابلها على عكس الدول الغربية التي عانت إفريقيا من استعمارها لها لأكثر من 70 عاماً.

نفس موقع الاستعمار البريطاني

فيكفي أن نعرف أن الصين قررت زراعة القطن على نفس الموقع – مشروع الجزيرة – الذي شيد في عشرينيات القرن الماضي على يد الاستعمار الإنكليزي، وكأنها ترسل رسالة لأهم إمبراطورية غربية “بريطانيا”، بأنه حان الوقت لنأخذ مكانكم ولو اقتصادياً كـ”بداية”، ولتكن البداية من أراضي طالما كانت المفضلة لديكم مثل مصر والسودان.

مشروعات كثيرة

بالتأكيد زراعة القطن ليست أول استثمارات الصين في السودان، إذ أعلن في آيار/مايو 2016 عن وجود 155 مشروع عمل مشترك مع بكين بتكلفة عشرة مليارات دولار، شملت خطوط نقل الكهرباء والسدود ومشروعات زراعية.

كما وقع السودان والصين آواخر آيار/مايو 2016 وبعد نحو 4 أعوام من الاتفاق، اتفاقية فى مجال الطاقة النووية تسمح بتشييد المحطة النووية الأولى فى السودان للاستخدامات السلمية، وهو مفاعل بحثي نووي صادقت عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

إعجاب مصري بالتجربة الصينية

في المقابل ترى مصر أن الصين من أهم التجارب العالمية فى تحقيق التنمية الزراعية، إذ بعد أن فرضت كل إجراءات التقشف القاسية على مواطنيها، لتفشي الفقر والجوع وكان عدد سكانها ثلث العدد الحالى تقريباً، تحولت بإصرار وعمل غير عادي إلى واحدة من أكبر الكيانات الاقتصادية العالمية، بعد أن تبنت سياسات الإصلاح الريفي، وربطته باقتصاد السوق مع الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة، وسمحت للاستثمار الاجنبي فى التزايد المستمر.

انفتاح بتوازن

وتقول دراسات وبحوث حول “التنين الصيني”، إنه فى أوائل التسعينيات كثفت الصين من جهودها فى الانفتاح الاقتصادى المنظم على السوق العالمى، كما حرصت على إحداث التوازن بين الانفتاح والحفاظ على دور الدولة للتدخل في الاقتصاد بكل انواعه، ومن أهمها الاقتصاد الزراعى، وأعطت أولوية لقطاع الزراعة، وزيادة دخل المشتغل بالزراعة، وتحسين مستواه المعيشي، استطاعت من خلال ذلك تحقيق اكتفاء ذاتي مع زيادة في الإنتاج الزراعي منذ الخطة الخمسية التاسعة من 1997 – 2001، وحافظت على تحقيق معدلات التنمية حتى الآن، وتبنت مع خطتها إنشاء مجمعات زراعية أساسها الملكية التعاونية، وتنظيم النشاط الزراعى طبقاً لتوجهات واحتياجات الدولة والسوق العالمي، ثم اتجهت لإفريقيا ذات المساحات الشاسعة من الأراضي بأقل تكلفة لتأمين جميع منتجاتها الغذائية ومؤخراً احتكار إنتاج وتصنيع أهم وأجود الملابس القطنية.

قوة اقتصادية عالمية بأقل تكلفة

تدرك بكين جيداً أن إفريقيا ستعطي لها “بور” هي في حاجة إليه بأقل تكلفة ممكنة، لذلك تعهد الرئيس الصينى في أواخر تموز/يوليو 2016 بالتعاون الشامل مع إفريقيا بعد توقيع اتفاقيات بـ50 مليار دولار، بينها 46 مليار دولار في صورة استثمارات صينية مباشرة وقروض تجارية لدول إفريقيا.

وقال إن الصين تشارك بقوة في مشروعات التصنيع والتحديث الزراعي في إفريقيا، مع التركيز على التعاون في مجالات التمويل والاستثمار.

ولمن لا يعلم فإن التبادل التجاري الصيني – الإفريقي انتقل من مليار دولار في السبعينيات, إلى ما يزيد على الـ200 مليار دولار في عام 2013, لتصبح صادرات إفريقيا إلى الصين ضعفي الصادرات إلى الولايات المتحدة وأربعة أضعاف الصادرات الإفريقية إلى دول الاتحاد الأوروبي، ومن أبرز الدول المستفيدة من التبادل التجاري الصيني – الإفريقي “أنغولا” الشريك الإفريقي الأكبر للصين بحجم تجارة بلغ 17.66 مليارات دولار, تليها “جنوب إفريقيا” 16.6 مليارات, و”السودان” 6.39 مليارات, و”مصر” 5.86 مليارات, و”نيجيريا” 6.37 مليارات.

وتستورد بكين من إفريقيا منتجات زراعية بنحو 2.33 مليارات دولار, من بينها: “القطن والبرتقال من مصر, والكاكاو من غانا, والبن من أوغندا, والزيتون من تونس, والسمسم من إثيوبيا, والخمور من جنوب إفريقيا”, فضلاً عن “الفوسفات والحديد والنحاس والبترول”, خاصة من أنغولا والسودان ونيجيريا, إضافة للجلود والرخام والنسيج والمعادن ومنتجات الأخشاب، أيضاً من دول إفريقيا، كما أن للصين مشروعات كثيرة في أنحاء إفريقيا كالطرق والمستشفيات والمدارس ومحطات توليد الكهرباء، فضلاً عن إرسالها لـ1600 طبيب لمتابعة الريف الإفريقي ومساعدة الفقراء من المرضى.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب