اعترفت إدارة أوباما بمساعيها الجديدة لإنتاج “صحوة سنية ثانية” في العراق لمحاربة مسلحي (داعش) وتحديداً بمحافظة الانبار.
لكن مسؤولين اميركان يتوقعون عدم نجاح هذه المهمة مجدداً، فضلاً عن قناعة منتقدي الادارة الاميركية، بان هذه الستراتيجية حتى الآن لن تكون قريبة من النجاح كسابقتها حينما حققت نجاحاً ملموساً في عام ٢٠٠٧، وذلك بسبب اغتيال العديد من زعماء القبائل بعد مغادرة القوات الاميركية العراق في عام ٢٠١١.
ويقول مسؤول اميركي بشأن هذه الجهود الجديدة “العملية الجديدة ستكون بطيئة وربما ستستغرق سنوات في حال بدأت العملية فعلياً على الارض”. ويضيف مسؤولون آخرون في الشأن ذاته، ان حملة استعادة السيطرة على مدينة الانبار هي الاكثر تركيزاً اميركياً عبر محاولة الاخيرة تشكيل قوة قبلية سنية تبقى على المدى الطويل وتكون مدعومة من الحكومة العراقية، ظناً من الولايات المتحدة ان هذه الخطوة هي الأنجح لإنهاء وجود المتطرفين في البلاد”.
وليس هناك دليل واضح حول اعتماد الستراتيجية الجديدة وهي تشكيل صحوة سنية ثانية، وفي حال تطبيقها ستثير تساؤلات اهمها، لماذا الولايات المتحدة لم تقدم هذا المقترح في بداية العام الحالي او بمعنى اوضح، لماذا لم تشجع عليه في بداية هيمنة مسلحي داعش على الموصل والانبار؟
البنتاغون خلال حراكها الاخير لجمع الآلاف من المقاتلين القبليين والتنسيق مع القوات الامنية العراقية، كان هدفها استدراج شيوخ الانبار لصحوة جديدة يمكنها مكافحة التنظيم في مناطقهم.
كريج وايتسايد، ضابط سابق في الجيش الاميركي من العاملين مع قبائل الانبار خلال عام ٢٠٠٧، يعمل اليوم محاضراً في الكلية البحرية بالولايات المتحدة وتحديداً في ولاية كاليفورنيا يقول “عملياً انتاج صحوة سنية ثانية امر صعب لان قادتها الرئيسيين قتلوا على يد تنظيم داعش”.
واضاف الضابط المتقاعد ان جمع المعلومات الاستخبارية حول القبائل في هذه الظروف صعب جداً بسبب نشاط مسلحي داعش في المناطق الغربية، مبيناً عبر بحث قدمه للبنتاغون في بداية السنة الحالية، ان عددا من مقاتلي الصحوة السنية السابقة قتلهم التنظيم المتطرف خلال عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٤ بلغوا ١٣٤٥عنصرا.
واشار الضابط مخمناً، الى ان سرعة تنظيم داعش في التغلغل بالمناطق الغربية العراقية جاء في عام ٢٠٠٨ لاستهداف هذا البرنامج الامني، ففي تلك السنة بدأت خلايا التنظيم بالعمل.
صعوبة تشكيل الصحوة السنية الثانية تكمن، بان المجتمع السني عليه ان يوفر ظروفاً لانتاج هذا البرنامج الامني الثاني خلال التعاون مع الاميركان والتصالح مع الحكومة العراقية، لأن مسلحي داعش اليوم لم يسيطروا على المناطق السنية فقط، وانما سيطروا على عوائلهم ايضاً.
واوضح وايتسايد، ان الصحوة الاولى تشكلت في وقت كانت الآلاف من القوات الاميركية في الانبار وقدموا دعماً جوياً وبرياً لمقاتلي الصحوة، فكانت عوامل جيدة، أما اليوم فهذه معدومة في العراق.
وتعتمد ستراتيجية ادارة اوباما بشكل كبير على الحكومة العراقية وقواتها الامنية لاخذ زمام المبادرة بإشراك القوات القبلية السنية لمحاربة مسلحي داعش.
وفي غضون ذلك، قال الكولونيل ستيڤن وارن، المتحدث باسم القوات الاميركية الموجودة في بغداد لصحيفة “التايمز” البريطانية، ان “الحكومة العراقية تشجع على تدريب المقاتلين القبليين، والولايات المتحدة توفر المشورة والاشراف وهناك اتصال مباشر بينها وبين القوات القبلية عبر تبادل المعلومات العسكرية”.
ويستمر تدريب القوات القبلية لمدة ١٠ أيام ويقام في قاعدتي الاسد والتقدم الجويتين، فضلاً عن معسكر التاجي.
وأضاف الكولونيل وارن، ان هناك ١٠٠٠ مقاتل قبلي من السنة يشاركون العمليات العسكرية مع القوات الامنية حول الرمادي لاستعادة السيطرة عليها، ويشارك نحو ١١١٠ مقاتلين آخرين في عمليات عسكرية قرب بغداد.
وسلحت الحكومة العراقية هذه القوى القبلية بأسلحة خفيفة، فضلاً عن تمتعهم بأسلحة اميركية قليلة كانت قد قدمتها الولايات المتحدة سابقاً، بحسب الكولونيل وارن.
واشار مسؤول اميركي، اشترط عدم ذكر اسمه، الى تطوع ٧٠٠٠ مقاتل عشائري، تدرب فعلياً ٣٥٠٠ مقاتل، بحسب تصريح المسؤول لصحيفة التايمز البريطانية، نافياً بالوقت نفسه، تعطل جهود انتاج “صحوة سنية ثانية” بسبب اغتيال اعضاء الصحوة السابقين.
واضاف المسؤول، ان المقاتلين الحاليين يريدون الثأر من تنظيم داعش لان المسلحين قتلوا اهلهم وشردوا عوائلهم لذلك تضاعفت جهودهم وعزمهم. ومع ذلك هناك اسئلة كبيرة تلوح بالأفق حول ما اذا كانت القوات المتدربة قادرة على سحق مسلحي داعش او لا؟
وتعتمد الصحوة السنية الثانية في حال صناعتها، بالضغط على حكومة بغداد التي يديرها حيدر العبادي بإنشاء قوة حرس وطني جديدة تعمل بصفة رسمية في المناطق السنية ويُحسب لها راتب مضمون من بغداد.
ويبدو أن تشريع هذه القوة برلمانياً عُرقل لعدة اشهر، كما يرى البعض ان العبادي غير قادر على إقرار هكذا قانون وسط مقاومته من قبل لاعبين مدعومين من إيران.
عن واشنطن تايمز.. ترجمة: أحمد علاء