البعض يفضلونها .. ساخنة !

البعض يفضلونها .. ساخنة !

خاص : بقلم – خالد محمد مندور :

بالطبع فهي ليست الساحرة؛ “مارلين مونرو”، في فيلمها الشهير، بل المياه الدافئة.. الحلم التاريخي لـ”روسيا” الإمبراطورية أو السوفياتية أو الاتحادية، احتياج إستراتيجي مُلح للخروج من صقيع الشمال المتجمد.

صقيع الشمال الذي كان يتحكم بة السويديون؛ فخرج إليهم القيصر الخامس “بطرس الأكبر”؛ ويوسس درة التاج الروسية، “سانت بيترسبورغ” أو “لينينغراد”، كي تؤمن طريق الشمال الغربي.

وتدور معارك طاحنة في الشمال الشرقي وفي الشرق مع الإمبراطورية اليابانية، ويكون أحد أهم الدوافع هو تأمين طريق الشمال الشرقي، وتُهزم وتفوز “روسيا” إلى أن ينتهى الأمر بتأمين الطريق بضم ما يُسمى بالجزر المتنازع عليها مع “اليابان” في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ولكن التحالف “الأميركي-الياباني” مازال يطل على الطريق.

ولكن يبقى الحلم الروسي الدائم بالوصول إلى المياه الدائمة الدفء، إلى “البحر الأسود”.

معارك واتفاقات واختلافات مع الدولة الإمبراطورية العثمانية؛ وينجح الروس في النهاية في وضع قدم ثابتة على “البحر الأسود” خروجًا من البحر الصغير قليل العمق، “بحر آزوف”، عن طريق “مضيق كيرتش”، ولكن مخرج “البحر الأسود” تتحكم به “تركيا” العضو في حلف الأطلنطي، “مضيق الدردنيل”، إلى “البحر الأبيض”؛ الذى تتحكم في مخرجه إلى المحيط، “بريطانيا”، الجاسمة في “جبل طارق” رغم أنف الإسبان والعضو المؤسس لحلف الأطلنطي، وبرغم انضمام “إسبانيا” المتأخر للحلف فما زال الاختلاف حول “جبل طارق”.

أن أحد أهم دوافع الحرب “الروسية-الأوكرانية” الدائرة الآن؛ هي تأمين الوصول إلى المياه الدافئة، والتى هددتها الحماقة البالغة للاتجاهات القومية الأوكرانية، فتحركت “روسيا” باستعادة “جزيرة القرم” والتهديد باستخدام القوة لمنع دخول “جورجيا” و”أوكرانيا” إلى حلف الأطلنطي، وهو ما يتحقق الآن.

هذا هو الواقع الإستراتيجي للصراع الدائر في المنطقة، صراع أسهم في إحتدامه غباء البحث عن المصالح واستخدام أساليب قديمة من عهد “الحرب الباردة”، برغم أن “روسيا الاتحادية” ليست “الاتحاد السوفياتي”، الذي لم يكن يُمثل فقط تهديدًا للمصالح الاقتصادية والسياسية؛ بل أيضًا تهديدًا إيديولوجيًا كبيرًا.

ولكن يبقى النظر بدقة إلى التصورات الروسية حول الأزمة الراهنة، فهل صحيح الإعتقاد الروسي في أن من يأتي إلى بيتي قاتلاً يرتد إلى بيتي قتيلاً ؟.. وهل احتمالات انضمام “أوكرانيا” إلى حلف الأطلنطي وعدم تعاونها مع “روسيا” في تأمين الوصول إلى المياه الدافئة هو عمل قاتل في زماننا هذا ؟.. وهل تستطيع “روسيا” مواجهة الضغط الغربي الذي سيتصاعد دون التعرض للاستنزاف ؟.. نفس الاستنزاف الذي تعرض له “الاتحاد السوفياتي”، وهل كان ممكنًا للغرب دمج “روسيا” الجديدة الاتحادية في منظومته، وهو ما حاولت “ألمانيا” أن تقوم به ؟.. وهل الخيار الروسي الحالي هو الخيار الصحيح ؟.. وهل السلوك الغربي هو السبيل الأمثل لمواجهة الأزمة ؟

الكثير من الأسئلة وواقع جديد مليء بالمشاكل التي ستنعكس على الكبير والصغير في هذة الكرة الزرقاء الجميلة؛ التي لم تنعم بالراحة بعد.

ويبدو أن الحل الأمثل لأمثالنا هو البحث عن فيلم (البعض يفضلونها ساخنة)؛ ليشاهد البراءة الجميلة التى لم تتحمل قسوة الحياة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة