23 مارس، 2024 3:32 ص
Search
Close this search box.

“البريكسيت” .. هل ينجح في تفجير وزارة “ماي” من الداخل ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تواجه “بريطانيا” أزمة سياسية طاحنة للمرة الأولى في تاريخها؛ وذلك بعدما أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، “تيريزا ماي”، التوصل لاتفاق داخل حكومتها حول شكل “البريكسيت” ونوع العلاقات المستقبلية مع “الاتحاد الأوروبي”، بعد عامين من الصراعات الداخلية المريرة بين جناحي “حزب المحافظين” من أنصار “البريكسيت الناعم” و”البريكسيت الخشن”، حيث تصدع ذلك الاتفاق الهش بعد الاستقالة التي قدمها أهم وزير في الحكومة، وهو وزير شؤون “البريكسيت”، “ديفيد ديفيز”.

وقد وضعت استقالة “ديفيز”، الذي يعتبر أحد صقور الحكومة الداعمين بقوة لخروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، حكومة “ماي” على المحك وسط تقارير بأن هناك احتمالات كبيرة باستقالة عدد آخر من الوزراء المؤيدين لـ”بريكسيت خشن”، ولقد تقدم بالفعل وزير الخارجية، “بوريس جونسون”، بإستقالته.

ورغم ذلك تعتزم رئيسة الوزراء البريطانية، “تيريزا ماي”، البقاء في السلطة رغم التهديد بحجب الثقة عنها بعد استقالة الوزيرين الأساسيين في حكومتها بسبب خلاف معها حول نهجها لـ”بريكسيت”.

تسير نحو “نصف بريكسيت”..

الوزيرين اللذين قدما استقالتهما، بعد ظهر الإثنين 9 تموز/يوليو 2018، اعتبرا أن “بريطانيا” تسير نحو “نصف بريكسيت”؛ وستتحول إلى “مستعمرة” للاتحاد الأوروبي.

ووجه “ديفيد ديفيز”، في خطاب استقالته، انتقادات حادة لأسلوب “ماي” في التفاوض ورؤيتها للبريكسيت، مشككًا في قدرتها على التوصل لاتفاق مرضٍ مع الأوروبيين، موضحًا أنه استقال من الحكومة لأنه شعر بأن سياسات رئيسة الوزراء “تقوض” المفاوضات مع “بروكسل” بشأن الانسحاب من “الاتحاد الأوروبي”، و”أن البرلمان البريطاني لن يستعيد سلطاته بشكل حقيقي بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي”.

كما حذر، في خطاب استقالته لـ”ماي”، من أن “التوجه العام سيتركنا على أفضل تقدير في موقف تفاوضي ضعيف، وربما يكون موقفًا لا مهرب منه”.. وقال: “في رأيي أن النتيجة الحتمية للسياسات المقترحة ستجعل السيطرة المفترضة للبرلمان أمرًا وهميًا وليس حقيقيًا”، وذلك في إشارة إلى أن الخطة التي أقرتها “ماي”، خلال الاجتماع يوم الجمعة الماضي في مقرها الريفي، تترك “بريطانيا” مضطرة للخضوع للإطار القانوني الأوروبي من أجل تسهيل التبادل التجاري بعد “البريكسيت”، ما يُحرم أنصار “البريكسيت الخشن” من أهم مطالبهم، وهو أن يكون البرلمان البريطاني مصدر القوانين وليس التشريعات الأوروبية.

المحافظون يرحبون بالاستقالة..

رحب المتحمسون للخروج من الاتحاد، من “حزب المحافظين”، باستقالة “ديفيز”؛ ووصفوها بأنها “قرار مبدئي وشجاع”. وقال النائب عن حزب المحافظين، “بيتر بون”، إن “ديفيز”؛ “قد فعل الأمر الصواب”، مضيفًا أن “مقترحات رئيسة الوزراء نظرية فقط، وغير مقبولة”. فيما وصف مدير حزب العمال، “إيان لافري”، الاستقالة بـ”أنها فوضى مطلقة، وتيريزا ماي لم تتبق لها سلطة”.

وقال زعيم المعارضة، “غيريمي كوربين”: “إن الاستقالة في مثل هذا الوقت الحاسم تدل على أن ماي ليس لديها سلطة متبقية وغير قادرة على تسليم بريكسيت”، فيما قال “نيقولا ستورغيون”، الوزير الأول الأسكتلندي: إن “حكومة المملكة المتحدة في حالة فوضى تامة وانحسار السلطة في يومنا هذا”.

تعيين بديل لهما..

وعينت “ماي” خلفًا لهما على وجه السرعة، وهي تحاول البقاء على خطها رغم الأوضاع العاصفة، غير أنها تواجه خطر تصويت على سحب الثقة منها في حال تحالف أنصار انفصال كامل وحاد للإطاحة بها.

وتحاول “ماي”، التي تتمتع حكومتها حاليًا بأغلبية ضئيلة، إقناع النواب بأن إستراتيجيتها، التي اتفق “مجلس الوزراء” على تأييدها، في اجتماع في منزلها الريفي في “تشيكرز” الجمعة، هي خطة الخروج الصائبة من الاتحاد، وذلك بإنشاء “منطقة تجارة حرة” للبضائع الصناعية والزراعية مع الاتحاد، وأخرى “جمركية مشتركة”.

الاستقالات ستتواصل..

كتب موقع (بوليتيكو)، الثلاثاء 10 تموز/يوليو 2018؛ “بالرغم من الصخب، فإن المعادلة الحسابية في البرلمان لم تتبدل. وعدد أنصار بريكسيت كامل وواضح غير كاف لطرد ماي من السلطة وفرض صيغتهم لبريكسيت على مجلس العموم”.

غير أن هذا لا يعني أن “ماي” في مأمن؛ وما زال من المحتمل استقالة أعضاء جدد في حكومتها.

هذا ما أكده مناصرون للبريكسيت لصحيفة (ذي غارديان)؛ طالبين عدم كشف أسمائهم، وقالوا إن الاستقالات “ستتواصل الواحدة تلو الأخرى إلى أن تتخلص من (خطة بريكسيت التي أقرت الجمعة خلال اجتماع لحكومتها في مقرها الصيفي) أو ترحل بنفسها”.

“الطريق الثالث” مقترح “ماي”..

وقدمت “ماي” نموذج “الطريق الثالث” لشكل العلاقات مع “أوروبا” بعد الـ”بريكسيت”، في محاولة لإيجاد “حل وسط” يرضي جناحي حزبها.

و”الطريق الثالث”؛ هو مزيج من خيارين.. الأول يسمى: “التسهيلات القصوى” ويتضمن استخدام إجراءات موثوقة وتكنولوجيا لتقليل نقاط المراقبة الجمركية.

والخيار الثاني يتعلق بإقامة “شراكة الرسوم الجمركية”، ويقضي بأن تقوم “بريطانيا” بتحصيل رسوم “الاتحاد الأوروبي” على البضائع المتوجهة إلى دول التكتل، وفرض رسومها الخاصة على البضائع المتوجهة إليها.

يعوق قدرة بريطانيا على إبرام اتفاقيات تجارة حرة..

ويعارض دعاة “الخروج الخشن” من أوروبا؛ خيار رئيسة الوزراء المفضل بإبرام “شراكة جمركية” مع “الاتحاد الأوروبي”، الأمر الذي من شأنه تسهيل التبادل التجاري بلا قيود، موضحين أن ذلك سيعوق قدرة بريطانيا على إبرام اتفاقات تجارة حرة مع “أميركا” وغيرها من دول العالم، لأن “بريطانيا” ستظل ملتزمة بالإطار القانوني الأوروبي.

فيما رحبت أوساط الاقتصاد والمال من جهتها بمشروع “ماي”، ورأت أنه يتضمن منعطفًا طفيفًا نحو “بريكسيت ناعم” يلبي رغباتهم، لكن الأسواق البريطانية بدت قلقة إثر استقالة “جونسون” خشية سقوط الحكومة، ما يؤدي إلى تراجع الجنيه الإسترليني.

يحفظ ماء وجه بريطانيا الاقتصادي..

وصف خبراء الاقتصاد المقترحات البريطانية الأخيرة؛ بمحاولة مقنعة لإبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، واعتبر الدكتور “مصطفى بدره”، الخبير الاقتصادي، بأنه يعكس غياب الرضاء عن نتيجة استفتاء حزيران/يونيو للخروج من الاتحاد الأوروبي، خصوصًا بعد التكلفة الاقتصادية التي تتكبدها المملكة بفعل الخروج الذي يهدم علاقات اقتصادية تمتد لعشرات السنين، لافتًا إلى أن المقترح يحفظ ماء وجه بريطانيا الاقتصادي، خاصة أن إنشاء مناطق تجارية مشتركة والمناطق الجمركية من النقاط الجوهرية في التعاون المشترك مع التكتلات الاقتصادية العالمية، ومن المبكر التحدث عن التأثير السلبي لاستقالة الوزير المسؤول عن الملف على مناقشات البرلمان الجارية لقبول مقترحات “ماي”، التي تقلل من خسائر بريطانيا بفعل الخروج؛ وتقدر بـ 300 مليار جنية إسترليني.

خطوة للرد على القرارات الأميركية..

ويقول الدكتور “إيهاب الدسوقي”، رئيس قسم الاقتصاد بـ”أكاديمية السادات للعلوم” والخبير في المحكمة الاقتصادية، أن بريطانيا لا تزال موجودة داخل الاتحاد الأوروبي اقتصاديًا، لافتًا إلى أن بريطانيا أدركت أن وضعها الاقتصادي سيكون أفضل في ظل استمرار وجود خيوط تربطها بالاتحاد الأوروبي تغذي اقتصادها، مضيفًا أن إنشاء “منطقة حرة” يعد خطوة ترد على القرارات الأميركية بفرض رسوم جمركية حمائية ضد عدد من دول العالم، تتضرر منها دول الاتحاد الأوروبي، ما يجعل موافقة بريطانيا على الاستمرار في الشراكة التجارية مع الاتحاد أحد طرق المواجهة في “الحرب التجارية العالمية”.

جهود “ماي” أثارت رد فعل عكسي..

صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية؛ تقول في تقرير لها، إن رئاسة الوزارة على مدار العام الماضي، بالنسبة لـ”تيريزا ماي”، شهدت سلسلة من الأزمات، لكن الأمور الآن بلغت ذروتها.

ورأت الصحيفة، أن “المملكة المتحدة” تواجه لحظة حاسمة في تاريخها الحديث؛ إذ يتعين عليها استكمال مفاوضات معقدة على نحو استثنائي حول مستقبل الأمة البريطانية.

وأضافت الصحيفة البريطانية أن جهود “ماي”، على صعيد خروج (ناعم) سهل من الاتحاد الأوروبي، أثارت ردّ فعل عكسي؛ وبينما لم تتبق سوى أسابيع قليلة على ختام مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، متابعة: “اللحظة الراهنة تمثل نقطة حرجة لبريطانيا”.

شهادة على طبيعة الـ”بريكسيت” المثيرة للخلاف..

اعتبرت الصحيفة، استقالة كلاً من “ديفيد ديفيز”، وزير البريكسيت، و”بوريس جونسون”، وزير الخارجية، بمثابة شهادة على طبيعة “بريكسيت” المثيرة للخلاف؛ و”كلا الوزيرين لا يقبلان الحلول الوسط التي تعتقد ماي أن ثمة حاجة إليها لحل جمود المحادثات مع الاتحاد الأوروبي”.

ولم تستبعد (فاينانشيال تايمز)، حدوث استقالات أخرى بين أعضاء حكومة “ماي”؛ لكن هذه المواجهة بين أنصار الخروج من ناحية والواقع من ناحية أخرى هي مواجهة تأخرت كثيرًا؛ ولربما كان يتعين على رئيسة الوزراء أن تواجه المتشددين قبل أن تبدأ المفاوضات رسميًا.

وتابعت الصحيفة قائلة إن الطامحين إلى انفصال، (نظيف)، من الاتحاد الأوروبي قد اصطدموا بوقائع صعبة تتعلق بالمصالح الاقتصادية للملكة المتحدة؛ وبدلاً من الإضطلاع بمسؤولية الخيارات الصعبة المتطلبة، لجأ بعض هؤلاء القادة من أنصار الخروج إلى الانتفاض والتبرّم.

ووصفت (فاينانشيال تايمز) الطريقة التي استقال بها “جونسون” بأنها تتماشى مع أسلوبه الانتهازي، بخلاف أسلوب استقالة “ديفيز”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب