الانتخابات النيابية اللبنانية .. طوق نجاة أم ساحة صراع بين طهران والرياض ؟

الانتخابات النيابية اللبنانية .. طوق نجاة أم ساحة صراع بين طهران والرياض ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بدأ العد التنازلي للانتخابات النيابية اللبنانية منذ أن أغلق، منتصف ليل الإثنين – الثلاثاء 26 آذار/مارس 2018، باب تسجيل لوائح المرشحين للانتخابات النيابية اللبنانية، التي ستجرى في 6 أيار/مايو المقبل، وسط تحالفات غير ثابتة أملاها القانون الجديد الذي يعتمد النسبية والصوت التفضيلي.

واستقر عدد المرشحين للانتخابات البرلمانية اللبنانية على 583 مرشحاً؛ بعد أن أقفل باب تسجيل اللوائح، والذي وصل إلى 77 لائحة تضم 583 من أصل 917 مرشحاً، وقد شطبت وزارة الداخلية المرشحين المنفردين الذين لم ينضموا إلى اللوائح أو أخفقوا في تشكيل لوائح تضم 40 في المئة على الأقل من عدد المرشحين في الدائرة الانتخابية، وذلك إنفاذاً للقانون الانتخابي الحالي الذي يمنع الترشيحات الفردية، وبالتالي رسا عدد المرشحين المقبولين على عدد 583 مرشحاً، ما يعني أن 334 مرشحاً أقصوا أنفسهم أو جرى إقصاؤهم، فخرجوا من السباق الانتخابي.

دائرة “بيروت الثانية” الأعلى في اللوائح المتنافسة..

“دائرة بيروت الثانية” استقطبت العدد الأكبر من اللوائح المتنافسة، حيث سجلت 9 لوائح ستتنافس على 11 مقعداً، وهي الدائرة التي ترشح فيها رئيس الحكومة، “سعد الحريري”، ووزير الداخلية، “نهاد المشنوق”، ورئيس الحكومة السابق، “تمام سلام”.

وفي المقابل سجل في “دائرة الجنوب الثانية” أقل عدد من اللوائح المسجلة؛ وهي “دائرة صور – قرى صيدا”، وقد بلغ عددها لائحتان فقط، حيث ستتنافس لائحة برئاسة رئيس البرلمان، “نبيه بري”، مع لائحة من المستقلين واليساريين.

لم ينتهج تحالف ثابت سوى “حزب الله” و”حركة أمل”..

لم تعتمد الأحزاب والقوى اللبنانية تحالفات ثابتة في الانتخابات التشريعية، والأمر ظهر جلياً بعد تسجيل اللوائح الانتخابية؛ وباستثناء التحالف الثابت والإستراتيجي بين “حزب الله” و”حركة أمل” في الدوائر كافة، لم تنتهج القوى الأخرى هذا النهج، حيث تحالفت في هذه الدائرة واختلفت في تلك، ولكن الملاحظ أن “التيار الوطني الحر” لم يتحالف مع القوات اللبنانية في أية دائرة انتخابية، والأمر إنسحب على عدم تحالف التيار مع “حزب الكتائب” في الوقت الذي تحالف فيه “تيار المستقبل” مع “التيار الوطني الحر” في دائرة “زحلة”، وافترقا في معظم الدوائر الأخرى ومنها “جبل لبنان”، الذي شهد تحالفاً ثلاثياً بين “الحزب التقدمي الاشتراكي” و”القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل”، فيما إفترق “تيار المستقبل” عن “القوات اللبنانية” في دوائر “بيروت الأولى” و”جزين – صيدا” و”البقاع الغربي” و”زحلة”.

أما أبرز حلف بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” و”أمل”؛ فكان في دائرة “بعبدا”، فيما إفترق الحزب والتيار في دوائر “جبيل وكسروان والجنوب الأولى والبقاع الثالثة والبقاع الأولى”.

القانون الهجين باعد بين الحلفاء..

في النهاية فرض القانون الانتخابي النسبي الجديد، “القانون الهجين”، تباعداً بين الحلفاء، وأرسى تحالفات بين الخصوم في ظل تركيبة غريبة عن الواقع اللبناني؛ بعد أن تلاشى حضور قوى “14 آذار”، وكذلك إفتراق بعض مكونات قوى “8 آذار”، وبالتالي تبدل المشهد الانتخابي الذي شهده لبنان في آخر انتخابات تشريعية، في 7 حزيران/يونيو عام 2009، عن المشهد المنتظر في 6 أيار/مايو المقبل.

المتابعون للشأن اللبناني يؤكدون على أن عدم ثبات التحالفات الانتخابية يعود لقانون الانتخاب، الذي سيطبق للمرة الأولى في لبنان، ويعتمد النسبية والصوت التفضيلي، وأن التحالفات الانتخابية ليس بالضرورة تكريسها كتحالفات سياسية، وأن من جمعتهم الانتخابات ستفرقهم السياسة بعد السابع من أيار/مايو المقبل.

ومن أمثلة ذلك على سبيل الذكر لا الحصر؛ التحالفات في “دائرة الشمال الثالثة” والتي تضم أقضية “البترون وبشري وزغرتا والكورة”، حيث جمعت المتناقضين، أي الوزير، “بطرس حرب”، مع “المردة” برئاسة النائب، “سليمان فرنجية” و”الحزب السوري القومي الاجتماعي” في مواجهة “التيار الوطني الحر”، الذي تحالف مع “الحزب السوري القومي” في أكثر من دائرة ومنها “المتن والجبل الرابعة وبيروت الثانية”.

ولكن الثابت ألا تحالفات في أية دائرة بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”؛ على الرغم من “اتفاق معراب”، الذي جمعهما في 18 كانون ثان/يناير عام 2016، كما لا تحالفات بين “التيار الوطني” و”الكتائب”.

تسعى إيران للسيطرة على أغلبية البرلمان اللبناني..

يوجد هدف إيراني من وراء الانتخابات، حيث تسعى إيران؛ عبر أذرعها وأدواتها في لبنان، للسيطرة على الأغلبية في البرلمان اللبناني، وهو ما يعني تأمين قرار الدولة اللبنانية لصالح نظام المرشد الأعلى، “علي خامنئي”.

الهدف الواضح هو ألا يصل رئيس الوزراء الحالي، “سعد الحريري”، على رأس كتلة قوية كي لا يغدو البرلمان قادرًا على التأثير، في أهداف إيران داخل لبنان، ومن ثم تبقي طهران، “دولة الطوائف”، تحت سياستها وعباءتها مما يشكل إنتصاراً إقليمياً ضد خصمها اللدود المملكة العربية السعودية.

حزب الله” يتصدر الانتخابات بالمال الإيراني..

الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي، “محمد علي الحسيني”، ، يقول إن “حزب الله” يتصدر الانتخابات بالمال الإيراني، موضحاً إن الأحزاب اللبنانية الكبيرة والمتوسطة تعتمد على الخدمات لكسب الجمهور، منها من يدفع من ماله الخاص الآتي من التمويل الخارجي أو الذاتي، ومنها من يستغل مرافق الدولة ومؤسساتها، للتوظيف ولتقديم التسهيلات، أو ليجعل منها مصدراً للإعاشة لكثيرين عبر الرشاوى والمخالفات القانونية.

ويقول الكاتب اللبناني، “وسام سعادة”، إنه “يخطىء أخصام الحزب حين يتوهمون أن الحزب لا يقنع بكل هذا ويريد السيطرة الكاملة، بل الهيمنة الشاملة، على نظام يتيح له التحكم شبه الكامل باللعبة، ويتيح له تيسير أو تعطيل قوانين اللعبة، من دون فرض قوانين فعلاً جديدة على اللعبة”.

السعودية تدعم تيار “14 آذار” لمواجهة تيار “8 آذار”..

فيما اعتبر العديد من المراقبين أن السعودية تسعى إلى دعم تيار “14 آذار” من أجل تحقيق نتائج طيبة في وجه تيار “8 آذار” الموالي لإيران.

وهو ما أشار إليه الأمين العام لـ”حزب الله”؛ قائلاً إن هناك “تدخلاً أميركياً وسعودياً ‏في الانتخابات النيابية اللبنانية بإمكانات هائلة ووسائل قذرة وقدرات إعلامية ‏كبيرة لاستهداف المقاومة”.

وأكده مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الرياض، اللواء “أنور عشقي”، حين قال إن ملف الانتخابات البرلمانية اللبنانية؛ وما أسماه “استقرار لبنان”، على رأس الملفات التي ناقشها رئيس الوزراء، “سعد الحريري”، مع الملك السعودي، “سلمان بن عبدالعزيز”.

واعتبر النائب اللبناني، “أحمد كرامي”، أنّه “إذا كانت السعودية، ومن خلال حركتها الأخيرة، تسعى لإستعادة علاقتها برئيس الحكومة سعد الحريري، فهذا موضوع مرتبط بهما ولا علاقة لنا به”، مضيفاً: “لكن ما نعتقده، نتيجة متابعتنا للحركة السعودية، أنها تسعى لإحياء فريق 14 آذار ولم شمله من جديد ليخوض الانتخابات بوجه فريق 8 آذار”.

وأشار نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، الشيخ “علي دعموش”، إلى أن “السعودية لا تزال تتدخل بالشؤون اللبنانية، واليوم أتوا من أجل إعادة لم شمل 14 آذار على أبواب الانتخابات النيابية من أجل حشد الجميع في مواجهة حزب الله، وهم يعلنون بوضوح أن معركتهم هي ضد المقاومة وحزب الله، حيث لا يريدون أن يكون لحزب الله النصيب الأكبر في البرلمان القادم”.

وعن نتائج الانتخابات النيابية؛ يقول الكاتب، “علي الأمين”، أنها لن تحمل تغييراً جديداً في المعادلات الحاكمة من الخارج أو تلك المتصلة بمكونات السلطة، ولن تغير في سيطرة الدويلة وتحكمها ولا بحجم النفوذ الإيراني.

الفائز سيحدد وجهة لبنان..

بهذا المعنى؛ الانتخابات النيابية في لبنان ليست السبيل للتغيير في معادلة سيطرة “حزب الله” على الدولة، فثمة ما هو أقوى من أيّ نتيجة انتخابية من الناحية السياسية، هي سطوة السلاح وتأثيره الحاسم في المعادلة الداخلية، لذا يمكن ملاحظـة أنّ القوى الخارجية ليست مهتمة بهذه الانتخابات كما كان الحال في الانتخابات السابقة، فيما شكلـت الأزمـة السـورية مساحة الصراع الفعلية التي يدرك الجميـع أنّ ما سيرسو عليه الصـراع السوري من ميزان القوى سيقرر إلى حدّ بعيد المسار اللبناني، وسيحدد ميزان السلطة في لبنان، فإذا ما كان النظـام وحلفاءه هـم المنتصرون؛ فإنّ لبنان سيكون هدية لـ”حـزب الله” و”إيران”، أما إذا كان المنتصر فريقاً آخر فهو سيقرر إلى حدّ بعيد وجهة السلطـة وموازينها في لبنان على المستوى الإستراتيجي.

موضحاً أنه فيما تظهر الوقائع أنّ الأزمة السورية إنتقلت من مواجهة بين النظام والمعارضة، إلى نوع من المواجهة الدولية والإقليمية، أو عملية تقاسم نفوذ تركي وإيراني وروسي وأميركي، تتضمن نوعاً من الضمانات الروسية لإسرائيل في منطقة الجنوب السوري، يبقى أنّ المجتمع الدولي، ولا سيما الاتحاد الأوروبي، يولي اهتماماً للمحافظة على استقرار لبنان أمنياً، إنطلاقاً من وجود نحو مليون ونصف مليون لاجئ يحرص الأوروبيون على بقائهم في لبنان وعدم اضطرارهم إلى التدفق إلى أوروبا في حال حصلت تطـورات أمنية في لبنان، وإلى جانب هؤلاء هناك أكثر من خمسة آلاف جندي أوروبي ضمن قوات “اليونيفل” الموجودة في الجنوب اللبناني؛ لا تريد أوروبا أن يكونوا عرضة لأي استهداف، إما بسبب حرب إسرائيلية مع “حزب الله”، وإما بسبب فوضى قد تنشأ في الجنوب اللبناني لأسباب تتصل بأي عامل أمني أو سياسي آخر.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة