25 أبريل، 2024 6:25 م
Search
Close this search box.

الانتخابات البرلمانية المبكرة .. هل تعقد في موعدها أم تتضارب الأسباب فتؤجلها ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن أمر إنعقاد الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة بات مسار جدلاً واسعًا، بدءًا من الرئاسات الثلاث وحتى القوى السياسية التي تحول دون إجرائها، وليس هذا فقط؛ وإنما مآلات حدوثها وسط إنهيار اقتصادي زاد بسبب جائحة (كورونا)، ففي حين تؤكد الحكومة العراقية على إجرائها في موعدها الثابت، في السادس من حزيران/يونيو المقبل، يشهد القصر الجمهوري في “بغداد”؛ حراكًا محمومًا لحسم الجدل حول موعد هذه الانتخابات التي تعتبر مطلبًا أساسيًا لحركة “تشرين” الاحتجاجية؛ وسط تشكيك معظم الأطراف في إمكان الإلتزام به، وتوقعات بمقاطعة واسعة للاقتراع، إذا جرى في فصل الصيف المعروف بقسوته في العراق.

وبشكل عملي، لا يمكن إجراء اقتراع في الربيع، لأن جائحة (كورونا) والإنهيار الاقتصادي؛ إلى جانب فوضى سلاح الفصائل، تُشكل في مجملها عوامل تهدد مفهوم الانتخابات الناجحة، خصوصًا أنها تأتي بعد اقتراع قاطعه نحو 70 في المئة من العراقيين، ربيع عام 2018.

“الصدر” يُحذر من تأجيل الانتخابات..

ومع تفضيل معظم الأطراف تأجيل الانتخابات، يبدو “مقتدى الصدر”، زعيم (التيار الصدري)، الجهة الوحيدة المستعدة لتعبئة جمهورها في أي وقت، لذلك دعا إلى الإلتزام بالموعد، إدراكًا منه بأنه في هذه اللحظة قادر على المنافسة القوية.

وحذر من تأجيل الانتخابات المبكرة، داعيًا المواطنين إلى تحديث سجلاتهم الانتخابية.

وقال المسؤول الإعلامي لمكتب “الصدر”، خلال مؤتمر صحافي: “هناك أصوات تعلو لإلغاء أو تأجيل الانتخابات من قبل الأحزاب وبعض مثيري الفتن، ونحذر من إلغائها وندعو المواطنين إلى تحديث سجلاتهم”.

مضيفًا أن: “الصدر يؤيد الحملة التي يحاول رئيس الوزراء القيام بها ضد الفاسدين، ولابد من خضوع جميع الأحزاب لذلك وإحالة الفاسدين إلى القضاء”.

اجتماع الرئاسات الثلاث..

وعقد رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، مع الرئاسات الأخرى، بمشاركة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، “غينين بلاسخارت”، اجتماعًا يوم الثلاثاء الماضي؛ حول الاقتراع المبكر، بعد أن دخل “مجلس الأمن” على الخط، بطلب من “بغداد”، وأيضًا بنداء سابق من “مرجعية النجف”، حول حاجة الانتخابات إلى حماية ومراقبة من خبراء دوليين لمنع التلاعب الذي شهدته تجربة عام 2018، ولمساندة الحكومة في تأمين انتخابات عادلة وسط فوضى سلاح الفصائل والتهديد الذي يطال قوى “تشرين” الاحتجاجية، التي يبدو أن الأحزاب تخشى من أن تحقق خرقًا يُعيد صوغ الأوزان في البرلمان.

ويدور الحديث عن بطاقة خاصة بالناخب؛ تحتوي على شريحة إلكترونية عليها جميع بياناته بما فيها بصمات الأصابع، وذلك لضمان التأكد من هوية الناخبين والحيلولة دون وقوع عمليات تزوير في الانتخابات المقرر إجراؤها، في السادس من حزيران/يونيو المقبل.

زيادة عدد الخبراء الدوليين إلى ألف خبير..

مستشار الحكومة، “حسين الهنداوي”، قال إن “مجلس الأمن” بدأ فعليًا دراسة حالة الانتخابات العراقية بطلب من الحكومة، متوقعًا زيادة عدد الخبراء الدوليين إلى ألف خبير، وهو رقم لم تعهده أي انتخابات عراقية سابقة.

غير أن ذلك كله يقع تحت عين الفصائل المسلحة التي تمتلك كتلة نيابية مؤثرة في البرلمان، إذ صعّدت من حملات العنف والخطف والتهديد لخصومها، خصوصًا نشطاء حركة “تشرين”، كما هددت بإطاحة رئيس الحكومة، “مصطفى الكاظمي”، المصنف على أنه صديق لحركة الاحتجاج ومعارض لنفوذ “إيران”.

تصاعد المواجهة بين “الكاظمي” والفصائل..

كما تتصاعد المواجهة بين “الكاظمي” والفصائل على وقع التوتر الشديد بين “واشنطن” و”طهران”، إلى درجة أنها تفكر بالضغط أيضًا لتأجيل الانتخابات، وتحاول الحصول على مزيد من الوقت لجعل “الكاظمي” يصل هو وأنصاره إلى صناديق الاقتراع، وهو خارج الحكومة عبر إطاحته في الفترة المقبلة.

كما تتردد أنباء عن أن “الكاظمي” يدرس إعلان حال الطواريء كبداية لدخول مواجهة عسكرية لإرساء القانون ووقف الفوضى، لكن ذلك يحتاج إلى موافقة ثلثي البرلمان، ويتطلب إجماع كل الأطراف الخارجة عن كتلة الميليشيات، وهو أمر يبدو صعبًا جدًا.

ويرجح تأجيل الانتخابات مبدئيًا، من حزيران/يونيو إلى تشرين أول/أكتوبر المقبلين، لكن هناك من يذهب إلى إمكان تعرضها إلى تأجيل آخر حتى العام المقبل.

لن تجري في الموعد المحدد..

المراقبون يرون أن تلك الانتخابات لن تجرى في هذا الموعد؛ لأن كل الظروف غير مهيئة، علاوة على أن الصراعات بين القوى السياسية والأحزاب والفصائل والسلاح المنفلت والمال الخارجي لن تسمح بتمرير وجوه جديدة قد لا تتفق مع خطط وطموحات بعض دول الجوار، إضافة إلى ذلك لن يقبل الشباب العراقي المنتفض حاليًا بأي ترقيع في العملية السياسية ويطالب بتغيير جدري.

ليس من مصلحة العراق..

إلا أن مستشار رئيس الجمهورية العراقي، “إسماعيل الحديدي”، يرى إن تأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة، ليس من مصلحة “العراق”، لأن ذلك قد ينتج عنه العديد من المشكلات، موضحًا أن هناك قوى سياسية تحاول تأجيل الانتخابات؛ لأنها غير مهيأة لها، لافتًا إلى أن الرئاسات الثلاث تؤكد على إجراء الانتخابات في موعدها من خلال لقاءات مع مفوضية الانتخابات باعتبارها الجهة القادرة على إنجاز الانتخابات فنيًا.

وأوضح “الحديدي” أن تأجيل الانتخابات قد يُنتج عنه فقدان الثقة من قِبل المواطن العراقي، الذي قد يلجأ للتظاهر مجددًا لأن الانتخابات كانت مطلبًا جماهيريًا خلال الاحتجاجات التي شهدتها العراق.

تضارب في الصلاحيات..

فيما يقول الخبير الأمني والإستراتيجي العراقي، العميد الركن “حاتم الفلاحي”، إن “العراق” يمر بظروف استثنائية الآن، فهناك أزمة اقتصادية خانقة وسلاح منفلت وانقسام سياسي وخلافات سياسية كبيرة جدًا، وإشكالات بين حكومة المركز وبين حكومة “كُردستان العراق”، كما أن هناك عدم تناغم بين الرئاسات الثلاث الموجودة؛ وبشكل خاص بين البرلمان وبين رئيس الحكومة، فكيف تجرى الانتخابات في ظل تلك الأوضاع.

مضيفًا لـ (سبوتنيك)، إن مسألة تحديد موعد الانتخابات في البلاد تخضع لسلطة رئيس البرلمان العراقي وليس لرئيس الوزراء، وهو ما يعني أن قيام رئيس الحكومة بتحديد هذا الموعد يعني تضاربًا في الصلاحيات بين الجانبين، لذلك من المبكر القطع بأن الانتخابات سوف تجرى، في السادس من حزيران/يونيو المقبل، طبعًا للتاريخ الذي حدده رئيس الحكومة.

موضحًا “الفلاحي” أنه علاوة على ما سبق؛ فإن مسألة إجراء انتخابات نزيهة تعتمد على أمور كثيرة، منها “مفوضية الانتخابات”، التي تم تشكيلها، ويجب أن تكون نزيهة في هذا الأمر؛ وأيضًا تعتمد النزاهة على مدى تأثير السلاح المنفلت والمال الخارجي وتأثيره على الداخل العراقي، هذا بالإضافة إلى أن الشارع العراقي مازال يفقد الثقة في الوجوه السياسية الحالية، وليس لديه أمل في إجراء تغييرات سياسية حقيقية، وبالتالي أعتقد لو تم إجراء تلك الانتخابات في الموعد المحدد سيكون هناك عزوف كبير من جانب المواطنين عن الذهاب إلى المقرات الانتخابية للإدلاء بأصواتهم.

قد يواجه برفض في الشارع.. 

كما أشار الخبير الأمني والإستراتيجي إلى أن المناطق الغربية في “العراق” مازالت مدمرة؛ وتعاني من إشكال كبير جدًا في البنى التحتية، هذا سيجعل هناك ردة فعل من الناس بعدم الذهاب للانتخابات مرة أخرى، ولم تدرج تلك المناطق في الموازنة الجديدة لإعادة إعمارها أو إعطاء التعويضات للمواطنين.

لافتًا إلى أن الوضع في “العراق” يُشبه إلى حد كبير الجمر تحت الرماد، وقبل أيام كان هناك تصريح للكيان الجديد الذي أطلق عليه اسم “البيت الوطني”، والذي تم تشكيله من الشباب المنتفض في “الناصرية”، بأنهم لم يحسموا حتى الآن رأيهم؛ فيما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات القادمة، نظرًا لاستمرار عمليات الاختطاف والقتل والاغتيال، والذين قالوا: إن لم تكن هناك قناعة بأن تلك الانتخابات قادرة على التغيير فلن نشارك بها.

تصدر الميليشيات المسلحة للمشهد..

من جانبه قال المحلل السياسي العراقي وخبير القانون الدولي، الدكتور “رحيم الكبيسي”، عندما حدد رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، موعد الانتخابات المبكرة كان يتوقع أن بإمكانه السيطرة على الميليشيات وسلاحها، أما الآن فقد أصبحت الميليشيات لها الدور الفاعل على الساحة، وبالتالي أصبح من الصعب جدًا إجراء الانتخابات في ظل تلك الفترة الزمنية القصيرة التي تستوجب حل “مجلس النواب”، قبل أربعة أشهر من إجرائها، ونحن الآن في نهاية الشهر الأول.

مضيفًا أنه علاوة على ما سبق؛ فإن الشارع يرفض “مفوضية الانتخابات”، والتي جاءت على شكل محاصصة، وأيضًا يرفض كل القوى التي سيطرت على الساحة السياسية، وما يحدث في “الناصرية” و”التحرير” وفي كل الساحات، والتي ترفض تلك الطبقة السياسية.

وأوضح “الكبيسي”؛ أنه إذا أجريت الانتخابات وهو احتمال بعيد في تصوري، فلن تقدم تلك الانتخابات جديدًا ولن تفرز سوى تلك الطبقة السياسية التي سامت الناس سوء العذاب، منذ العام 2003، حتى يومنا هذا، والتي تلاحقها الكثير من الاتهامات، ما بين القتل والسرقة والفساد.

وأشار خبير القانون الدولي؛ إلى أن إجراء الانتخابات قد يكون من الصعوبة بمكان؛ مما قد يدفع إلى تأجيلها إلى موعدها المقرر في الدستور في العام القادم، 2022، وحتى لو أجريت الانتخابات إن لم تكن هناك رقابة شديدة من “الأمم المتحدة”، فإن الطبقة السياسية الحالية هي التي سوف تتصدر المشهد مجددًا بما لديها من سلاح ومال سياسي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب