4 مارس، 2024 2:56 م
Search
Close this search box.

الانتحار على الهواء مباشرة .. ظاهرة مرعبة تكتسح المجتمع العراقي !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

في بلد ثقلت موازين الضغط فيه؛ والظلم والقهر وغابت فيه آليات المعالجة النفسية وجهود تحسين الحالة الاقتصادية، بات شبابه على حافة الموت، أو قد سقطوا في بئره، فلا يستطيع الشباب الحصول على عمل يؤمن له حياة كريمة، أو أن يبني أسرة قوامها الحب والود، حتى لا يجد أمامه سوى إنهاء حياته عله يجد في الحياة الآخرة ملاذًا.

بلغ عدد حالات الانتحار في “العراق”، خلال الفترة من كانون ثان/يناير وحتى نيسان/أبريل من العام الجاري، 200 حالة، قام بعضهم بعمل بث مباشر للمحاولة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبحسب إحصائيات “لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي”، سجلت حالات الانتحار ارتفاعًا قدره 30%، خلال الفترة من عام 2016 حتى 2018، أي أنه بعدما كان العدد 383 وصل إلى 519.

وتتضمن هذه الإحصائية الحالات التي أُبلغ عنها، أو المعترف بها، رغم أنه في المناطق التي يسكنها الشيعة والأكراد أو حتى من يتبعون المذهب السُني؛ لا يتم اعتبار الشنق أو القتل برصاص حي أو التسمم ضمن حالات الانتحار، كما أنه لا توجد سجلات لحصر المحاولات الفاشلة.

ويحتاج المجتمع العراقي إلى توعية نفسية، للتخلص من العادات السلبية التي تمثل ضغطًا على سكانه، لكن هذا لا يتوفر إذ أنه بحسب “منظمة الصحة العالمية” يوجد أمام كل مليون نسمة، في “العراق”، 3 أطباء نفسيين فقط، بينما يصل العدد في “السويد”، إلى 444، وفي “فرنسا”؛ إلى 209.

بث مباشر وضع المؤسسات أمام المسؤولية !

أمام الانفتاح وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، التي يعتبرها البعض متنفسًا للتعبير عن الغضب والشعور بالظلم، لم يعد غريبًا أن ترى مقطعًا لشاب يبث فيه محاولة انتحاره، انتشرت هذه الظاهرة بين الشباب العراقي خلال الفترة الأخيرة، وبعدها لم يعد خيار التجاهل متاحًا أمام المؤسسات السياسية أو الدينية أو وسائل إعلام، التي أُجبرت على تحمل المسؤولية ومحاولة تقديم حلول بعضها لا يزال مجرد كلام والبعض الآخر بدأ لكنه حتى الآن لم تُثمر عن أي شيء.

شباب كسروا التابو..

يعتبر المجتمع العراقي التحدث حول المشكلات العقلية أو الانتحار من المحرمات، إلى جانب أن الدين الإسلامي، الذي يدين به معظم الشعب يُحرم قتل النفس، لذا كان من الصعب على “أحمد” و”ندى” التحدث بشكل منفتح عن محاولاتهما للانتحار، لكنهما تمكنا من هدم هذا “التابو”، أمام انتشار الظاهرة في البلد العربي.

كشفت “ندى”، (اسم مستعار)، لصحيفة (الكوميرسيو) الإسبانية، أنها قررت الانتحار عندما لم تعُد ترى أي ضوء في الممر الضيق الذي يمثل حياتها، نتيجة ما تعرضت له من سوء معاملة، لذا كانت أولى محاولاتها عندما كان عمرها 12 عامًا، وأشارت إلى أنها جربت كل شيء يمكنه إنهاء حياتها، بداية من سم الفئرات وحتى تناول كميات كبيرة من الأدوية أو قطع الشرايين وحتى شنق نفسها.

بينما حاول “أحمد”، (22 عامًا)، الذي يعيش في مدينة “الناصرية”، التي تقع على بُعد 300 كم من “بغداد”،  الانتحار مرتين كي يلفت إنتباه عائلته التي رفضت زواجه من الفتاة التي أحبها، وأشار للصحيفة الإسبانية؛ إلى أنه لجأ إلى قتل نفسه لأنه لم يجد أمامه أي خيار آخر، لأن عائلته محافظة للغاية وترفض فكرة الزواج عن حب، وأضاف: “إنهم يريدون التدخل حتى في اختيار زوجة لي”.

أسباب اقتصادية..

ترجع أسباب ارتفاع حالات الانتحار إلى عدة أمور أبرزها الأثر البالغ الذي لحق بالبلاد وبأهلها على مدار 40 عامًا من الحرب، لقد وصلت نسب البطالة إلى 15% من الشعب، البالغ عدده 40 مليون نسمة، وتتضاعف النسب إذا ما تحدثنا عن الشباب، بالإضافة إلى وضع المرأة العراقية في المجتمع، والضغط الذي تمثله العادات والتقاليد على الشباب والنساء.

المجتمع في حاجة لحلول داعمة..

أوضحت طبيبة نفسية، رفضت ذكر اسمها، أنه على مدار سنوات مضت لم يكن يشغل البال سوى القضاء على الإرهاب، والآن بدأ الناس يتعاملون مع مشكلات اجتماعية مثل الانتحار أو المخدرات، وأشارت إلى أنه من الصعب للغاية إنكار هذه الظاهرة أمام قيام الشباب ببث محاولاتهم لشنق أنفسهم أو القفز من أعلى جسر بشكل مباشر على منصات التواصل.

وترى الطبيبة؛ أن قضية الانتحار باتت تُناقش في مجالات أوسع، لكنها لا تدار دائمًا بشكل صحيح، مضيفة أن: “كثير من رجال الدين يرجعونها إلى غياب الإيمان وهذا لا يفيد”، وأشارت إلى ضرورة التعامل مع الأزمة من خلال حملات توعية وبرامج تليفزيونية تروج لحلول داعمة.

وترى مديرة منظمة (وومنس نيتورك-Women’s Network) العراقية، “أمل كوباشي”، أن قيام الشباب ببث محاولات الانتحار كان له تأثيرات إيجابية، لأنه سبب ردود فعل من جانب كثير من الجهات حتى أنه خصصت لها برامج بأكملها لمناقشة الظاهرة والبحث عن حلول لها، كما يشارك في المناقشة بعض رجال الدين.

من جانبه؛ طالب المرجع الديني الأكبر للشيعة، آية الله “علي السيستاني”، السلطات العراقية، بالبحث عن حلول لأزمة الانتحار نتيجة شعور الشباب باليأس من المستقبل، بينما وصف القائد الشيعي، “مقتدى الصدر”، الظاهرة بأنها “قاتلة لأي أمل”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب