خاص : ترجمة – محمد بناية :
يخوض العراق – باعتباره أحد الحوزات الرئيسة للتطورات في منطقة غرب آسيا – منذ تحرير الموصل من قبضة الإرهابيين مرحلة جديدة من تحقيق الأمن والاستقرار الدائم.
وتشكل “تلعفر” باعتبارها المعقل الرئيس لتنظيم “داعش” الإرهابي محور هذه العمليات. وبينما يؤكد الجميع على ضرورة تنفيذ هذه العمليات، تكشف تحركات بعض الدول الإقليمية وفوق الإقليمية وحلفاءها داخل العراق عن عدم الرغبة في مشاركة “الحشد الشعبي” في هذه العمليات.
السر وراء معارضة مشاركة “الحشد الشعبي” في معركة “تلعفر”..
النقطة الجديرة بالاهتمام هي أن تشكيل وتكوين “الحشد الشعبي”, ومعناه القوات الشعبية, إنما جاء بناءً على فتوى علماء الدين ورغبة الشعب العراقي بكل أطيافه ومذاهبه. وبالنظر إلى انجازات “الحشد الشعبي” الكبيرة في عمليات تحرير الموصل والإمداد وتوفير الأمن العراقي؛ تُثار الكثير من الأسئلة حول أسباب هذه المعارضة, وأول ما يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى, بحسب مقال الكاتب الصحافي “قاسم غفوري” في صحيفة “السياسية اليوم” الإيرانية، أن هذه المعارضة تأتي في إطار المخططات الأميركية الرامية إلى تجذير الأزمة بالعراق.
لأنهم, وبعد فشلهم في عمليات “تلعفر”, يريدون شراء الوقت للإرهابيين والعمل على تقويتهم من جديد، وذلك بالتوازي مع بث الشقاق والخلاف بين الفصائل العراقية المختلفة بدءً من القوات المسلحة مروراً بالحشد الشعبي وحتى الفصائل التي تسعى للانخراط في صفوف القوات المسلحة العراقية.
الملاحظة الثانية على المخطط الأميركي, تكمن في ابتزاز العراق بحسب ما ذكرته وسائل الإعلام الإخبارية حول إنشاء قاعدة عسكرية أميركية شمال غرب العراق. إذ يسعى الأميركيون إلى تحويل أمن العراق إلى امتياز أو مكسب ويعملون على فرض المزيد من التواجد والحضور على الساحة العسكرية العراقية إلى جانب تقويض القوى العراقية الداخلية، بالشكل الذي يسوغ في النهاية عملية التدخل الأميركي في الشؤون الاقتصادية والسياسية العراقية.
مؤشر القوة الداخلية وترسيخ ثقافة الإستقلال..
من جهة أخرى، تمتلك القوى الشعبية التي هي دليل الوحدة والتماسك الوطني للعراقيين مثل “حزب الله” اللبناني مثل هذه المكونات. إن تشكيل القوى الشعبية التي تحظى بدعم السياسيين والمراجع الدينية هو مؤشر القوة الداخلية وثقافة الاستقلال, كما يراه “قاسم غفوري”، وهذا الأمر هو بمثابة هزيمة كبرى للولايات المتحدة الأميركية التي تريد تقديم نفسها باعتبارها المنقذ، ومن ثم تقوم بتفريغ الدول الأخرى من قدراتها الداخلية.
إن معارضة “الحشد الشعبي” تهدف من جهة إلى التغطية على قوة وقدرة العراق على تشكيل قوات شعبية وداخلية، وتعمل من جهة أخرى على بث الخلافات وتقسيم العراق, الذي سيكون أكبر الانجازات الأميركية. لكن المكون الأهم الآخر في العمليات الأميركية هو مناهضة الفكر الثوري الإيراني في المنطقة. لقد اعترف العالم أن تكوين القوات الشعبية هو استراتيجية تبناها النظام الإسلامي في التعامل مع التهديدات, خاصة إبان الحرب العراقية – الإيرانية، وقد حققت على مدى أربع عقود هي عمر الثورة الإيرانية الكثير من الانجازات العظيمة والكبيرة للشعب الإيراني على الأصعدة المختلفة. ودائماً ما يسعى الأميركيون إلى تقديم الجمهورية الإيرانية باعتبارها تهديد للأمن الإقليمي، وبالتالي يعملون على نشر “إيران فوبيا” في المنطقة إلى جانب التقليل من أهمية النموذج الإيراني، وما معارضة القوات الشعبية في دول المنطقة, ومنها العراق, إلا دليلاً على ذلك. على كل حال، إن ما يحدث في العراق ضد “الحشد الشعبي” إنما يهدد أمن ووحدة العراق، ومشاركة هذه القوات الشعبية في عمليات “تلعفر” سيكون مكوناً رئيساً في احباط وافشال هذه المؤامرة.