خاص : كتبت – نشوى الحفني :
ما زالت الأزمات تتوالى على “حزب الحرية والعدالة” التركي بسبب تخلي أعضاء الحزب عن الحركة التي هيمنت على السياسة التركية منذ ما يقرب من عقدين، وهي الأزمة الأكبر منذ وصوله للسلطة والفوز بأول انتخابات قبل 17 عامًا.
ووفقًا لصحيفة (ذا ناشيونال)، تراجع أعداد أنصار الحزب لخيبة الأمل المتزايدة بين مؤيديها المحافظين، وتقول المعارضة استنادًا على أرقام من “المحكمة العليا” إن نحو 58 ألف عضو غادروا “حزب إردوغان”، خلال الشهرين الماضيين.
وتقول الصحيفة، في تقريرها؛ إنه منذ شهر آب/أغسطس 2016، أي بعد شهر من الانقلاب الفاشل الذي أدى إلى حملة قمع واسعة النطاق، استقال أكثر من 902 ألف من أنصار “حزب العدالة والتنمية” من عضوية الحزب.
انخفاض المنتمين بسبب الوفيات..
بينما قال الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، زعيم الحزب، في أيلول/سبتمبر الماضي، إن عدد المنتمين للحزب انخفض بمقدار 290 ألفًا، زاعمًا أن السبب في ذلك يرجع إلى الوفيات إلى حد كبير.
وأوضح التقرير؛ أنه على الرغم من هذه الخسائر، لا يزال للحزب عضوية 9.8 مليون – وهي أرقام تتفوق على معظم الأحزاب السياسية الرئيسة في “أوروبا”، بالإضافة إلى المنافسين المحليين.
وتشير في تقريرها؛ إلى التهديدات التي يتعرض لها الحزب نتيجة استقالات بعض مؤسسي ورموز الحزب، منهم رئيس الوزراء السابق، “أحمد داود أوغلو” و”علي باباغان، نائب رئيس الوزراء السابق، الذي أشرف على النجاحات الاقتصادية لحكومات “حزب العدالة والتنمية” السابقة، كما يخطط كلاهما لتأسيس أحزاب يمينية مركزية جديدة لتحدي “حزب العدالة والتنمية”، في الأشهر المقبلة.
تحذير من حكم الرجل الواحد..
وحذر “باباغان”، العضو المؤسس لـ”حزب العدالة والتنمية”؛ والمستقيل في تموز/يوليو الماضي، من مخاطر “حكم الرجل الواحد”، قائلًا إن تركيا “دخلت نفق مظلم بمشاكلها في كل قضية تزايد يومًا بعد يوم”.
وأكد “باباغان” أنه؛ كانت هناك مباديء وقيم مهمة أثناء تأسيس “حزب العدالة والتنمية”، “لكن كان هناك خروج كبير عن هذه المباديء”.
تدشين أحزاب جديدة بداية العام الجديد..
وكشف، الثلاثاء الماضي، “علي باباغان”، أن الإعلان عن حزبه الجديد سيكون في مطلع، عام 2020 القادم، أي في كانون ثان/يناير، فيما كشف مقربون من “أحمد داود أوغلو” أن، شهر كانون أول/ديسمبرالمقبل، سيشهد الإعلان عن حزب رئيس الوزراء الأسبق.
60 ألف منشق في الشهرين الأخيرين..
ومن جهتها؛ أوضحت صحيفة (زمان) التركية المعارضة، أنه مع إقتراب موعد الإعلان عن تأسيس حزبين جديدين منشقين عن “حزب العدالة والتنمية”، بقيادة كل من: “داود أوغلو” و”باباغان”، تتزايد الاستقالات وتتوالى داخل “حزب إردوغان”، الذي يسيطر على الحكم في البلاد منذ 17 عامًا، حيث وصل عدد المنشقون في الشهرين الأخيرين إلى 60 ألف، لافتة إلى أن تقارير النيابة العامة التابعة لـ”المحكمة العليا”، كشفت أن عدد أعضاء “حزب العدالة والتنمية” كان 9 ملايين و874 ألفًا و843 عضوًا، في 6 أيلول/سبتمبر الماضي، إلا أنه تراجع إلى 9 ملايين و816 ألفًا و987 عضوًا، خلال الشهرين الأخيرين، بتراجع بلغ نحو 57 ألفًا و856 عضوًا.
قائمة المنشقين..
ولم يكن “باباغان” الوحيد الذي استقال من الحزب في الأشهر الأخيرة، إذ ترك وانشق عدد من القادة البارزين عن الحزب، منهم “أحمد داود أوغلو”، رئيس الوزراء السابق، الذي أعلن استقالته رسميًا من الحزب، في أيلول/سبتمبر الماضي، وأعلن نيته تشكيل حزب جديد.
وتقول تقارير إن “حزب داود أوغلو” الجديد يلقى دعمًا من رئيس الجمهورية التركية السابق، أول رئيس لـ”حزب العدالة والتنمية”، “عبدالله غل”.
وتضم قائمة المنشقين أيضًا: “بشير أتالاي” و”نهاد أرقون”، و”سعدالله أرقين”، و”سلغوك أوزداغ”، و”أيهان سفر أوستون”.
وشغل هؤلاء مناصب وزارية في الحكومة التركية وفي البرلمان، فضلًا عن مواقع قيادية في “حزب العدالة والتنمية”.
وعلى سبيل المثال، كان “أتلاي” يُعد أحد أقرب المقربين من الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، قبل أن يختلف معه في الرؤى السياسية ويستبعده من دائرته المقربة.
وشغل “أتالاي” منصب نائب “إردوغان” عندما كان رئيسًا للوزراء، كما كان وزيرًا للداخلية في الفترة ما بين عام 2007 و2011.
ويمثل انشقاق هؤلاء القادة البارزين خطرًا على الرئيس التركي وحزبه، إذ إن ذلك يهدد القاعدة الانتخابية لـ”حزب العدالة والتنمية”.
إلى هذا؛ فقد “حزب العدالة والتنمية” سيطرته على أكبر مدن “تركيا” خلال الانتخابات المحلية الأخيرة، بما في ذلك “أنقرة” و”إسطنبول”، والتي كانت في السابق مصدرًا رئيسًا لقوة الحزب.
تداعيات الانشقاقات عن الحزب..
تعليقًا على ذلك، يقول “أحمد إيفين”، وهو عالم سياسي في جامعة “سابانشي” في “إسطنبول”، إن التوترات في “حزب العدالة والتنمية” نابعة من التحول إلى النظام الرئاسي.
مشيرًا إلى أن ذلك النظام الجديد خلق منافسة على السلطة بين المقربين من “إردوغان”، موضحًا: “هناك أشخاص مقربون من القصر يعزلون أولئك الذين كانوا يتمتعون بالسلطة؛ وكانوا جزءًا من مجلس الوزراء والحزب”.
وأوضح التقرير أنه على الرغم من أنه من غير المقرر أن تجري “تركيا” انتخابات أخرى، حتى عام 2023، لكن كانت هناك اقتراحات مؤخرًا بأن يتم التصويت في وقت مبكر.
فيما أشارت صحف تركية إلى احتمالية إجراء انتخابات بحلول، نيسان/أبريل 2021، حيث يسعى “إردوغان” مع الوقت لاستعادة الاقتصاد وإلغاء تأثير الأحزاب الجديدة التي شكلها السيدان “باباغان” و”داود أوغلو”.
ويشير محللون أتراك إلى مشكلة أخرى ستواجه “إردوغان”، تتمثل في صعود نجم معارض يتمتع بشعبية جارفة بين الأتراك، هو “أكرم إمام أوغلو”.
وفاز “إمام أوغلو”، وهو مرشح “حزب الشعب الجمهوري” المعارض، الفائز في انتخابات بلدية “إسطنبول”، التي قال عنها، “إردوغان”، ذات مرة إن من يفوز بها يفوز بـ”تركيا”.
في هذا السياق، قال المحلل السياسي التركي، “محمد عبيدالله”، إن: “هذه الانشقاقات كانت متوقعة، نتيجة لتفرد الرئيس التركي، إردوغان، بكل كبيرة وصغيرة وانقلابه على الديمقراطية”، مضيفًا أن: “إردوغان لم يُعد يرى إلا نفسه، وهو الآن تحالف مع القوميين وسيأتي الوقت الذي يضحي بهم فيه، عندما تتبين له مصلحة مختلفة، وهذا ما عهدناه”.
وقال “عبيدالله”: “ستتواصل الانشقاقات داخل الحزب الحاكم، وسيتشظى حزب إردوغان حتى ينتهي، وهذه ستكون نهاية طبيعية لديكتاتور تركيا”.