15 يناير، 2025 10:12 ص

الازمة المالية قد تحيل 7 ملايين موظف ومتقاعد الى البطالة

الازمة المالية قد تحيل 7 ملايين موظف ومتقاعد الى البطالة

تقريرعدوية الهلالي : اثار التصريح الذي ادلى به وزير المالية هوشيار زيباري قبل ايام حول عجز الحكومة عن تسديد رواتب الموظفين في نيسان المقبل ، ردود افعال سلبية لدى الموظفين.
ورغم ان الوزير زيباري عاد ونفى التصريح ، واشار الى ضرورة ايجاد بدائل لضمان حقوق الموظفين ، الا ان الاستياء مازال مستمرا ما دام الموظفون يشعرون بان رواتبهم مهددة وان ابواب رزقهم يمكن ان تغلق.
وترى الموظفة ميسون الاسدي ان مثل هذا التصريح يثير القلق والاحباط لدى الموظفين ما ينعكس على روحهم المعنوية وادائهم في دوائرهم ، اذ لكل موظف ميزانية انفاق شهرية ترتبط بالراتب ويتم توزيعه عليها حسب الاولويات.
وتقول ” هناك اجور السكن التي تلتهم معظم الراتب احيانا او القروض المستلمة من الدولة او السلف التي ينظمها الموظفون فيما بينهم وهناك الديون فضلا عن متطلبات الحياة الضرورية الاخرى كخطوط النقل وخطوط المولدات الاهلية واشتراكات الانترنت والدروس الخصوصية “.
وانتقدت استهداف الموظفين بقرارات التقشف التي نتجت عن عجز ميزانية الدولة وانخفاض اسعار النفط ، وتؤكد ان هذه الشريحة هي الاكثر احتياجا لمورد رزقها لأن الموظفين نظموا حياتهم وفق رواتبهم وليس لدى اغلبهم القدرة على ممارسة اعمال اخرى ، كما ان الحكومة لم توفر لهم قطع اراض او مساكن او ضمان صحي على الأقل لتقتصر حاجتهم الى الراتب على متطلبات اخرى.
من ناحيتها ، تنظر الموظفة ابتهال محمود الى هذا الموضوع من زاوية اخرى ، فالتصريح بعدم منح الموظفين رواتبهم في نيسان المقبل سيؤدي الى ارتفاع اسعار السوق لأن ذلك سيؤثر حتما على الحالة الاستهلاكية للموظف ويصاب السوق بالشلل ما قد يؤدي الى تزايد عمليات السرقة والخطف والانحراف.
وتفكر ابتهال جدياً في استغلال رصيد اجازاتها السنوية بعد ان كانت ترفض مبدأ الاكثار من الاجازات لاخلاصها في عملها وحرصها على انجازه ، وتقول : ما الداعي الى الالتزام بالدوام بينما يشعر الموظف بأنه ينتظر قرار احالته على (البطالة ) ، في الوقت الذي سارع العديد من الموظفين الى تقديم معاملات التقاعد رغم عدم استيفائهم الخدمة الوظيفية ، فالتقاعد بالنسبة لهم يمكن ان يكون أضمن من الوظيفة التي تستهلك الجهد والوقت مقابل راتب يخضع يوميا الى الترشيق وربما يتبخر قريبا !.
وتشير الاحصائيات الى ان سبعة ملايين شخص يتقاضون رواتب من مجموع سكان العراق الذي يقدر عددهم بـ 36 مليونا ، اذ ان الحكومة تدفع ما مقداره 52 تريليون دينار لتسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين ما يشكل نسبة كبيرة من الموازنة والتي تبلغ 105 تريليونات دينار حسب كمية بيع النفط شهريا ، كما اشارت اللجنة النيابية في البرلمان.
ولا يعتبر الخبير الاقتصادي محمد الزبيدي تصريح وزير المالية حقيقيا ، فلن تصل الأمور ـ بحسب رأيه ـ الى حرمان الموظفين من رواتبهم تماما اذ لابد من ايجاد منافذ جديدة لتأمين رواتبهم ونفقات الدولة الاخرى كتحصيلها من بيع النفط رغم انخفاض اسعاره او عن طريق القروض ، فكل ما يتم تحصيله من بيع النفط يتحول الى عملة عراقية بعد بيعه الى البنك المركزي ثم يدفع كرواتب للموظفين.
ويرى ان هذه الازمة ستدفع بالعراق الى استغلال منافذ اخرى لتحصيل الايرادات كالكمارك والجباية والضرائب والصناعة والزراعة والسياحة ، وهناك خيار آخر يتمثل في بيع النفط واستلام المال مقدما او رفع تسعيرة خدمات المواطنين مثل الماء والكهرباء والمحروقات لكن مثل هذا الخيار لابد ان تواجهه حملة اعتراضات ورفض من قبل المواطنين.
ويؤيد الزبيدي خيار عدم منح الرواتب كاملة فهو افضل من حجبها تماما على ان تسدد الدولة ما يتبقى بذمتها للموظف حتى ولو بعد حين .. اما ما ذكر حول تقليص ساعات الدوام الرسمي او منح الموظفين راتبهم الاسمي فقط فهي محض مقترحات تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي وتعبر عن حجم القلق الذي يعيشه الموظف العراقي حالياً.
ومع انها مجرد مقترحات ، فقد اشاعت القلق بين الموظفين كما يعبر عن ذلك الموظف قيس جبار الذي سبق له تسلم قرض الاسكان من الدولة وعليه تسديد بقية الاقساط ، واذا تسلم راتبه الاسمي فقط فلن يكون بامكانه تسيير وضعه المعيشي بطريقة مناسبة.
ويتساءل جبار عن البديل الذي يمكن ان يساعد الموظف على اجتياز مثل هذه الازمة ، فهل يمارس الموظفون جميعهم اعمالا اخرى ، ومن اين تتوفر مثل هذه الاعمال في ظل انتشار البطالة في العراق ؟.
بينما يسخر الموظف علي الحسيني من القرارات الجديدة حتى لو لم يتم تطبيقها لأنها تستهدف راتب الموظف البسيط وتغض النظر عن رواتب المسؤولين وانفاقهم اموال الدولة دون حساب..
ويتساءل الحسيني ساخرا : هل نتحول جميعا الى سائقي تاكسي ؟ ثم يستدرك قائلا : لن نحصل ايضا على رزق جيد فلن يكون هناك ركاب كثر اذا غابت الرواتب او تقلصت !.
من جهته ، يؤكد عضو اللجنة المالية البرلمانية سرحان احمد ما ذهب اليه وزير المالية زيباري في تصريحه ، ويشير الى ان العراق يمر حاليا بواحدة من اصعب الازمات المالية في ظل انخفاض اسعار النفط وقد تعجز الحكومة فعلا عن تأمين رواتب الموظفين او تعمل على تأخيرها لحين الحصول على ايرادات سواء عن طريق بيع النفط او عن طريق بدائل اخرى كتحصيل الضرائب على سبيل المثال وتقليل الانفاق الحكومي او الاقتراض.
واشار الى ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص والاستثمار لدعم القطاع الحكومي بعد ايقاف الاستيراد من الخارج ، والى الاهتمام بشكل فعلي بالقطاع الزراعي واستغلال مساحات العراق الزراعية الشاسعة والاهتمام بزراعة النخيل والثروة الحيوانية.
وحتى يمكن السيطرة على هذه الازمة الاقتصادية ، يظل الموظفون يعيشون اياما مقلقة وهم ينتظرون تكذيبا للتصريحات والشائعات التي تمس اهم عصب في حياتهم ، او في الاقل حلولا مقنعة لاجتياز الازمة دون المساس برواتبهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة