10 أبريل، 2024 3:47 م
Search
Close this search box.

الاحتجاجات المتزايدة في “الجزائر” .. هل تؤتي بتغيير ديموقراطي حقيقي ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

يستمر الشارع الجزائري في تنظيم مسيرات مليونية اندلعت، مع نهاية الأسبوع الماضي، ضد الولاية الخامسة المحتملة للرئيس الجزائري، “عبدالعزيز بوتفليقة”.

تحرك المواطنون ردًا على الأنباء التي تفيد بأن الرئيس الحاكم، “عبدالعزيز بوتفليقة”، سوف يترشح لولاية أخرى في انتخابات نيسان/أبريل 2019. وكان المتظاهرون من الشباب والرجال معظمهم يرددون الهتافات والشعارات المؤيدة للديمقراطية مثل: “أرحل يعني أمشي” و”لا للولاية الخامسة” و”لا بوتفليقة؛ لا سعيد”، في إشارة إلى شقيق الرئيس. حتى أن البعض طالبوا بسقوط النظام كاملًا وأنضم إليهم الطلاب والمحامين والصحافيين أيضًا.

تُطلق شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لمنع المتظاهرين من الوصول إلى المناطق الوسطى في العاصمة، “الجزائر”. حتى أن الحكومة أغلقت شبكات البيانات اللاسلكية لمنع تزايد المظاهرات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، كما تم اعتقال الصحافيين واعتقال المتظاهرين بتهمة التخريب والإخلال بالنظام العام.

وفي اجتماع للبرلمان، الخميس الماضي، ألقى رئيس الوزراء، “أحمد أويحيي”، باللائمة على “الأيادي” الخارجية في التحريض على المظاهرات، محذرًا من أن المزيد من الاضطرابات قد يحول “الجزائر” إلى “سوريا” أخرى، لكن هناك مجموعات أعلنت عن إنطلاق احتجاجات جديدة مستمرة حتى إشعار آخر من قِبل الحكومة بعدم ترشح “بوتفليقة” للرئاسة للمرة الخامسة.

رئيس مخفي عن أعين الناس !

في 10 شباط/فبراير 2019، أعلن “بوتفليقة”، عبر وكالة الأنباء الرسمية، أنه سيرشح نفسه لفترة رئاسية خامسة. وفي الرسالة، برر ترشيحه بأنه: “لا يستطيع مقاومة الرغبة في خدمة الوطن”.

الإعلان لم يكن مفاجأة؛ على الرغم من أنه كان هناك تكهنات لعدة أشهر بذلك القرار.

بعد إنضمامه إلى الحركة الثورية ضد “فرنسا”، في الخمسينيات من القرن الماضي، حافظ “بوتفليقة” على وجوده مستمر في مشهد السياسة الجزائرية. وهو يرأس حاليًا “جبهة التحريرالوطنية”، التي حكمت “الجزائر”؛ منذ استقلالها عام 1962.

وقام الرئيس “بوتفليقة”، منذ عام 1999، بتعديل الدستور للحفاظ على منصبه لعدة مرات، ومنذ أن شهد، في عام 2013، السكتة الدماغية، واقترب الرئيس ما يقرب من 82 سنة، فقد أقتصر ظهوره على كرسي متحرك وأصبح نادرًا ما يتحدث للجمهور.

من وجهة نظر صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية؛ ليس هناك شك في أن “بوتفليقة” سيفوز بولاية جديدة، لأنه لا يواجه أي منافسة، حيث لم تتمكن أحزاب المعارضة من الاتحاد خلف مرشح واحد. وعلى الرغم من واجهة التعددية السياسية، حيث يتنافس 70 حزبًا تقريبًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فإن “جبهة التحرير الوطني”، وتحالفها، استمروا في السيطرة على كل من صناديق الإقتراع وصنع السياسات.

أعلن رئيس وزراء سابق لـ”بوتفليقة” وأبرزمنافسيه، “علي بنفليس”، دعمه للمتظاهرين وأظهر نيته لتحدي “بوتفليقة” للمرة الثالثة، في أعقاب محاولات ترشح فاشلة في عامي 2004 و2014. ورغم ذلك، ليس من المحتمل أن يحدث تباين في توزيع السلطة الراهن في “الجزائر”.

تكرار لسيناريو عام 2014.. أم مرحلة جديدة ؟

بالنظر إلى صحة “بوتفليقة” المتدهورة، هناك سؤال يتبادر لذهن متابعي المشهد الجزائري وهو؛ من يدير الدولة ؟.. تتخذ السلطة السياسية، التي تشمل مثلث تقاسم السلطة بين “الرئاسة والجيش ورجال الأعمال الموالين للنظام”، والمعروفين باسم، (لو بوفوار-السلطة)، كل القرارات المهمة في الدولة، بما في ذلك من سيشغل المنصب الرئاسي. ولأن هؤلاء اللاعبين الرئيسيين في سلطة “الجزائر” لا يستطيعون الاتفاق على خليفة، فإنهم يفضلون السماح لرجل مسن مثل “بوتفليقة”، بالرغم من حالته الصحية الواهية، أن يستمر كرئيس للدولة، وفقًا للصحيفة الأميركية.

أحتشد المتظاهرون في جميع أنحاء البلاد، في عام 2014، عندما كان “بوتفليقة” يترشح لولايته الرابعة. وعلى الرغم من أن صحته التي كانت ضعيفة للغاية لدرجة أنه لم يكن قادرًا على الترويج لنفسه خلال الحملة الانتخابية، فقد حاز “بوتفليقة” أكثر من 80 بالمئة من الأصوات.

على عكس نظرائه في “تونس” و”ليبيا”، نجا “بوتفليقة”، من الانتفاضات العربية التي إجتاحت المنطقة في عام 2011. وهذا يرجع إلى حد كبير لأن ذكريات الحرب الأهلية التي استمرت لعقد من الزمان، ظلت عالقة في أذهان الجزائريين، حيث اندلع صراع أودى بحياة 200 ألف شخص في أول انتخابات تنافسية متعددة الأحزاب جرت في “الجزائر”، في عام 1991. وفي هذه المنافسة، كان من المتوقع وصول الجبهة الإسلامية المعارضة، (جبهة الإنقاذ الإسلامية)، إلى السلطة، لكن الصراع الذي تلا ذلك إنتهى إلى عودة الاستبداد في صورته الكاملة.

إمكانية التغيير..

نصف السكان الجزائريين، اليوم، هم دون سن الثامنة والعشرين. على الرغم من أنهم لم يعرفوا سوى رئيس واحد، إلا أن هؤلاء الشبان لديهم أيضًا ذكريات قليلة نسبيًا من الحرب الأهلية الدموية التي أضرت بالأجيال الأكبر سنًا. وبالتالي، فقد يكونوا أكثر إصرارًا على الحفاظ على مطالبهم بالتغيير الديمقراطي.

في رسالته، أعلن “بوتفليقة” دعمه لتوافق وطني يهدف إلى تحسين “سلطة الشعب”. ويمكنه المساعدة في تحقيق ذلك بالتنحي سلميًا قبل أن يتم إزالته إما من قبل النخبة أو التعبئة الشعبية.

هناك عدد قليل من البدائل المحتملة لـ”بوتفليقة”؛ ومنها شقيقه “سعيد”، الذي كان يدير البلاد بدلاً من الرئيس المريض. كما يشاع أن “علي حداد”، أحد أشهر رجال الأعمال في “الجزائر”، لديه طموحات سياسية. المنافس المحتمل الآخر هو، “أويحيى”.

وسواء كانوا سيختارون أحد الشخصيات الثلاثة أو حتى شخصيات أقل شهرة، فقد يأتي الائتلاف الحاكم لحل الخلافات ويقرر دعم زعيم جديد. في هذه الحالة، قد يظهر النظام درجة من الاستجابة للناس. قد يقوم الزعيم الجديد بتقديم الإصلاحات الضرورية لحل مشكلة “الجزائر” الاقتصادية.

قد يختار الجيش الجزائري العودة إلى ثكناته بدلًا من مواجهة الاضطرابات الشعبية بقمع الاحتجاجات. بالإضافة إلى ذلك، إذا هبطت أسعار “النفط” مرة أخرى، ستفتقر الدولة النفطية إلى الموارد اللازمة لمواجهة التحديات الاقتصادية؛ ومن ثم قد تحدث المزيد من الاضطرابات التي لا تهدف إلى سقوط النظام، ولكن قد أوضح الجزائريون أنهم لا يريدون دمية أخرى في النظام عوضًا عن “بوتفليقة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب