الاتهام بـ”القرصنة الإلكترونية” .. وسيلة أميركية جديدة لتضييق الخناق على طهران !

الاتهام بـ”القرصنة الإلكترونية” .. وسيلة أميركية جديدة لتضييق الخناق على طهران !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في ضوء الحرب المشتعلة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، فرضت الأولى عقوبات على شركة إيرانية وعشرة أفراد آخرين لاتهامهم بالقرصنة الإلكترونية، بينها هجمات على مواقع لمئات الجامعات.

وضمت قائمة الأشخاص كل من: “غلام رضا رافتنغاد”‏، و”إحسان محمدي”، و”سيد علي مير كاريمي”، و”مصطفى صديقي”، و”سغاد تهمسيبي”، و”عبدالله كريما”، و”أبوذر قوهاري مقدم”، و”روزبه صباحي”‏، و”محمد رضا صباحي”، و”بهزاد مصري”.

وتواجه شركة “معهد مبنى” الإيرانية اتهاماً بسرقة 31 تيرابايت من “مواد الملكية الفكرية والبيانات القيمة”.

وقالت وزارة العدل الأميركية إن الشركة إخترقت إلكترونياً مواقع 320 جامعة في أنحاء العالم، بالإضافة لعشرات الشركات ومواقع تابعة للحكومة الأميركية.

واتهم تسعة من الأشخاص العشرة، بشكل منفصل، بسبب جرائم ذات صلة، وبينهم مؤسساً الشركة.

سيتم ترحيلهم من 100 دولة..

قال نائب المدعي العام الأميركي، “رود روزنستاين”، في مؤتمر صحافي: “هؤلاء المتهمون الآن فارون من العدالة”.

وكالة أنباء (رويترز)؛ نسبت له القول إن هؤلاء الأشخاص سيواجهون إمكانية الترحيل إلى الولايات المتحدة في 100 دولة، في حال سافروا إلى خارج إيران.

وقد تأسست شركة “معهد مبنى” في عام 2013، ويقول الإدعاء العام الأميركي إنها تأسست بهدف مساعدة مراكز الأبحاث الإيرانية على سرقة المعلومات.

وتواجه الشركة اتهامات بإختراق مواقع 144 جامعة أميركية، بالإضافة إلى 176 جامعة أخرى في 21 بلداً بينها “المملكة المتحدة وألمانيا وكندا وإسرائيل واليابان”.

وتفيد “وزارة العدل الأميركية” بأن القراصنة استهدفوا البريد الإلكتروني لأكثر من 100 ألف أستاذ جامعي، واخترقوا 8 آلاف منها.

أكبر عملية قرصنة..

وصفت السلطات الموضوع بأنه أكبر عملية قرصنة برعاية دولة يجري تقديمها للقضاء.

وقال “روزنستاين”: “وزارة العدل ستحقق بشكل صارم في الموضوع وتحاكم من يحاولون إختراق أنظمة الكمبيوتر الأميركية وسرقة مواد الملكية الفكرية”.

وأضاف أن عمليات الإختراق تمت “بناء على طلب من الحكومة الإيرانية، وخاصة الحرس الثوري الإيراني”.

كلفت أميركا ما بين 57 و109 مليار دولار..

كان تقرير للبيت الأبيض قد أفاد بأن القرصنة الإلكترونية كلفت الولايات المتحدة بين 57 و109 مليارات دولار عام 2016.

وأشار التقرير إلى عمليات القرصنة التي استهدفت مؤسسات خاصة وعامة، ومنها “قطع الخدمة وإنتهاك البيانات وسرقة الحقوق الفكرية”.

وحذر التقرير من نشاطات قرصنة إلكترونية تقوم بها دول، كما نبه إلى خطورة خاصة تتميز بها بعض الهجمات، وهي تلك التي تستهدف بنية تحتية حساسة كالطرق السريعة وشبكات الكهرباء وأنظمة الاتصالات والسدود وشبكة إنتاج الأغذية، حيث قد يمتد تأثير هذه الهجمات خارج نطاق الجهة المستهدفة بشكل مباشر.

وعبر التقرير عن قلق خاص من الهجمات التي تستهدف القطاع المالي وقطاع الطاقة، بسبب اتصالها بقطاعات أخرى مما يجعل تأثيرها متشعباً.

ولم يتضمن التقرير الكثير من التوصيات بخصوص مواجهة هذه الهجمات، لكنه نوه إلى عدم توفر بيانات كافية حول الموضوع وقلة الاستثمارات في الأنظمة الدفاعية.

هجوم NotPetya..

يأتي إصدار هذا التقرير بعد اتهام “روسيا” بالوقوف وراء الهجوم، الذي وقع العام الماضي، تحت اسم “NotPetya”، واستهدف شركات في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى، ووصفته الولايات المتحدة بأنه محاولة من الكرملين لزعزعة الاستقرار في “أوكرانيا”.

وقال التقرير إن “الصين وكوريا الشمالية وروسيا” تشارك أحياناً في عمليات قرصنة إلكترونية، كما أشار إلى قرصنة ينفذها ناشطون سياسيون ومنظمات إجرامية.

وخلص التقرير إلى أن تصميم النظم الدفاعية سيكون أسهل لو توفرت البيانات المتعلقة بهجمات وقعت في الماضي.

مؤشر على العداء الذاتي من الإدارة الأميركية للشعب الإيراني..

من جانبه، أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “بهرام قاسمي”، العقوبات الأميركية الجديدة، واصفاً إياها بالاستفزازية وغير القانونية، ولا يوجد أي مبرر لذلك، ومؤشر بارز آخر على العداء الذاتي للإدارة الأميركية تجاه الشعب الإيراني.

وأكد “قاسمي” على أن “الولايات المتحدة لن تتمكن، بواسطة هذه الأساليب، من إعاقة التطور العلمي للشعب الإيراني”.

تضغط من أجل إسقاط النظام..

يوضح الباحث في الشأن الإقليمي، “إسلام نجم الدين”، أنه منذ أعوام تعرضت إيران لخطر تقني خطير؛ وهو إيقاف مفاعلاتها النووية ومصادر الطاقة التي جعلت طهران تلتفت إلى أن هناك حرب أخرى غير العسكرية تضر مصالحها، وأشارت علناً أنها تتهم “الولايات المتحدة وإسرائيل” بأنهم وراء تلك المحاولة التخريبية للقدرات الإيرانية.

مضيفاً أن العقوبات الأميركية على المؤسسات الإيرانية والأشخاص التي إدعت “واشنطن” إدراتهم لعملية إختراق وقرصنة واسعة لمؤسسات الملكية الفكرية وبراءات الإختراع، والتي ترجح مصادر أميركية أنها تتعلق بمنظومات عسكرية ونووية وتكنولوجيا محظور على إيران إمتلاكها من أجل محاولة تصنيعها بالامكانيات الإيرانية؛ كما فعلت مع الطائرة بدون طيار التي اسقطتها وصنعت منها نسخة إيرانية وغيرها، وهو أمر يضر بالمصالح الأميركية والإسرائيلية والأوروبية في ظل تصاعد الحرب بين إيران والولايات المتحدة بشأن برنامجها الصارووخي والاتفاق النووي.

وهنا نجد أن إدارة “ترامب” ستحاول، وبكل قوة، إدانة إيران والضغط عليها من أجل إحداث إختلال فى إيران واستغلال الثورات والغضب الداخلي من أجل محاولة إسقاط النظام بكل الطرق.

واشنطن تستخدم إستراتيجية دبلوماسية وعسكرية لتضييق الخناق على طهران..

الكاتب “سعد راشد”، يقول في موقع (الوطن)، أن الولايات المتحدة الأميركية تتجه لتنفيذ إستراتيجية حديثة بشأن تعاملها مع الملف الإيراني؛ بعدما تهاونت إدارة الرئيس السابق “باراك أوباما” مع ساسة طهران وجعلتهم يتصدرون الساحة الدولية في ملفات الشرق الأوسط وعلى رأسها المشهد السوري.

وعن ملامح الإستراتيجية الأميركية، على ما يبدو أن الخطة تتجه في مسارين، الأول وهو دبلوماسي، والثاني عسكري، وكلا الإتجاهين يسيران نحو تضييق الخناق على طهران.

تحشيد المؤسسات الدولية..

يوضح “راشد” أن المسار الدبلوماسي سيبدأ عن طريق تحشيد المؤسسات الدولية لإتخاذ قرار شبه موحد لفرض عقوبات أكثر جدية على إيران عبر فرض حزمة عقوبات اقتصادية وعسكرية تتمحور في تشكيل لجان تقصٍّ أممية تكشف مصانع الصواريخ “الباليستية” والاستخدامات النووية لها.

كما أن الإتجاه الدبلوماسي لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيتعدى ذلك، حيث سيعتبر من يتعامل مع النظام الإيراني شريكاً في دعم البرنامج النووي، وستتجه الأنظار نحو تلك الدول وستتم محاربتها بالأدوات غير العسكرية عبر تجميد الحسابات البنكية وغيرها من الإجراءات المتعارف عليها.

واشنطن عسكرت قطاعاتها السيادية لتنفيذ الإستراتيجية العسكرية..

إلا أن الإتجاه العسكري هو من سيكون الأهم والأبرز على الساحة الدولية، فالإدارة الأميركية بدأت بإعداد الإستراتيجية العسكرية للتعامل مع إيران من خلال عسكرة قطاعاتها السيادية، وعلى رأسها هيكلية الحكومة الأميركية لتكون أقرب إلى العسكرية، وذلك لتطويع جميع الخبرات العسكرية لتنفيذ تلك الإستراتيجية.

وأشار “راشد” إلى أن تلك الملامح بدأت منذ زيارة وزير الدفاع الأميركي، “جيمس ماتيس”، للمنطقة والاجتماع بقادتها للإطلاع على مستوى القدرات العسكرية ودعمها من الترسانة الأميركية، وهي دول حليفة وترى أن الإستراتيجية تحظى بمباركة أغلب دول الخليج العربي والدول المحيطة بإيران.

وعن تفاصيل تلك الإستراتيجية؛ فهي مرتبطة إرتباطاً كلياً مع المسار الدبلوماسي، فهي تذهب نحو تأييد دولي لفرض أو خلق حصار مؤقت على النظام الإيراني واستخدام القوة العسكرية على نطاق ضيق جداً، وستكون الساحة قد تمت تعبئتها نحو التوجه لضرب مصانع الصواريخ “الباليستية” ومراكز الأبحاث التطويرية.

المسار العسكري سيؤدي لاندلاع حرب عالمية ثالثة..

يرى “راشد”؛ أن المسار العسكري هو الأخطر على المستوى الإقليمي، فأي ضربة عسكرية قد تؤدي لاندلاع حرب عالمية ثالثة، فليس من مصلحة دول المنطقة أن تشهد تحركات عسكرية مهما توفرت الضمانات الأميركية، فإيران لن تقف مكتوفة الأيدي، ولا الدول الداعمة للنظام الإيراني، وسيكون ضفاف الخليج العربي هدفاً رئيساً لـ”الحرس الثوري” الإيراني، وأرى أن دعم المعارضة الإيرانية من الداخل هو الحل الأنسب والأجدى في هذه الظروف، فأي فتيل حرب سيضعنا أمام منعطف تاريخي بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة