“الاتفاق النووي” والنفط الإيراني .. طهران تستعد للمغانم و”بايدن” متفاءل وأوروبا تحلم رغم العوائق !

“الاتفاق النووي” والنفط الإيراني .. طهران تستعد للمغانم و”بايدن” متفاءل وأوروبا تحلم رغم العوائق !

وكالات – كتابات :

بدأ البعض في التطلع إلى “يد العون” الإيرانية، في ظل ضغط “روسيا” على “أوروبا” بتعليق إمدادات “الغاز الطبيعي”، بالتزامن مع حظر “أوروبا” النفط الروسي. لكن الأمر يتوقف بالطبع على قيام “طهران” و”واشنطن” بإعادة إحياء “الاتفاق النووي” الإيراني الخاص بعام 2015، ورفع العقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة على “إيران”، والتي حدّت من قدرتها على تصدير موارد الطاقة.

لكن التنفيذ سيظل مُعقدًا وتدريجيًا، حتى في حال التوصل إلى اتفاق قريبًا، ومن المُرجح أن يستغرق رفع العقوبات بالكامل عدة أشهر. وربما نشهد تأثيرًا فوريًا على سوق النفط بتهدئة مخاوفها، لكن الإمدادات لن تصل في الوقت المناسب لتخفيف الضغط على الأسواق العالمية في الشتاء، بحسب ما يقول خبراء، لصحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية.

هل تكون “إيران” مفتاح الحل لمشكلة الطاقة عالميًا ؟

لا يُمثل “النفط” مصدر قلقٍ لـ”أوروبا” فعليًا، لكن “روسيا” تمنع وصول كميات كبيرة من “الغاز الطبيعي” إلى الدول الأوروبية، التي تُحاول بدورها الحصول عليه من مصادر أخرى. وربما تمتلك “إيران” الكثير من “الغاز الطبيعي”، لكنها تستخدم غالبيته محليًا حتى كوقود للسيارات، بينما لا تمتلك خطوط أنابيب تربطها بـ”أوروبا” أو أي مرافق لتسييل “الغاز الطبيعي”.

إذ قال “سيمون تاغليابيترا”، خبير الطاقة في مؤسسة (Bruegel) للبحوث الاقتصادية: “تستطيع إيران توفير بعض صادرات النفط الإضافية على المدى القريب، لكن لا يمكنها فعل ذلك مع الغاز الطبيعي الذي تحتاجه أوروبا في الواقع. ولن أراهن على قدرة إيران أن تُعيد التوازن لسوق الطاقة العالمية قريبًا”.

وقال “غيكوب فانك كيركغارد”، الخبير الاقتصادي في مؤسسة (German Marshall Fund) البحثية: “تحتاج أوروبا إلى الغاز الطبيعي في الواقع، وليست هناك وسيلة للحصول عليه من إيران، كما لن يحدث ذلك في الوقت الذي يهم الجميع بحلول الشتاء المقبل”.

وتتسابق الدول الأوروبية من أجل توفير مصادر بديلة للطاقة حاليًا، لكن المسؤولين الغربيين يُصرون على أن توقيت “الاتفاق النووي” لا علاقة له بأزمة الطاقة، مُشّيرين إلى أن أسعار “النفط” تراجعت بشكلٍ كبير من أعلى مستوياتها في الصيف الجاري بالفعل.

ما كمية “النفط” التي يمكن لـ”إيران” تُصّديرها بعد الاتفاق ؟

ربما يُساعد تدفق “النفط الإيراني” إلى السوق في الحفاظ على انخفاض الأسعار، لكن البعض يقترحون أن “إيران”، صاحبة رابع أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، قد تُصدِّر بنهاية المطاف أكثر من مليوني برميل من “النفط الخام” يوميًا، أي نحو ضعف الكمية التي تُصّدرها الآن بحسب التقديرات.

لكن شحن وإخفاء “النفط” يُعتبر أسهل بكثير. فيما تُجني “روسيا” أموالاً من “النفط” أكثر من “الغاز”، ولهذا تواصل ضخ وبيع “النفط” بمعدلات تقترب من معدلات ما قبل الحرب. وحتى دول “الاتحاد الأوروبي”؛ التي فرضت عقوبات تدريجية على “النفط الروسي” – مع العديد من الاستثناءات – لا تزال تشتري “النفط” من “روسيا” بمعدلات تُقارب معدلات ما قبل الحرب.

وربما يتغير كل هذا، في كانون ثان/يناير، مع تفعيل المزيد من العقوبات، وخاصةً المتعلقة بمنع شركات “الاتحاد الأوروبي” من تمويل ناقلات “النفط الروسي” أو التأمين عليها، ما سيضر بقدرة “روسيا” على تصدير جزءٍ من نفطها البعيد عن خطوط الأنابيب. وتعتقد إدارة “بايدن” أن هذه الخطوة سترفع أسعار “النفط” مرةً أخرى، ولهذا تؤيد فكرة فرض حدٍّ أقصى على أسعار الطاقة الروسية.

ومن المحتمل أن يؤدي “الاتفاق النووي”؛ الذي سيدخل حيز التنفيذ تدريجيًا؛ إلى تهدئة الأسواق بضخ كميات أكبر من “النفط” غير الروسي.

وتُصدّر “إيران” حاليًا نحو: 800 ألف برميل يوميًا، وتبيع غالبيتها لـ”الصين”، لكنها تستطيع زيادة إنتاجها بسرعةٍ كبيرة وفقًا للخبراء. حيث قال “هومايون فلك شاهي”، كبير المحللين في شركة (Kpler) لأبحاث الطاقة: “نعتقد أنهم يستطيعون زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميًا في غضون ثلاثة أشهر”.

وأردف “فلك شاهي” كذلك أن “إيران” ستتمكن من زيادة إنتاجها بمقدار: 400 ألف برميل/يوم إضافية؛ بعدها ببضعة أشهر على الأرجح، لتصل بذلك إلى معدلات إنتاج عام 2017، التي بلغت: 3.8 مليون برميل/يوميًا، بزيادةٍ عن المعدلات الحالية التي تتراوح حول: الـ 2.5 مليون برميل يوميًا.

“إيران” تستعد لرفع العقوبات..

وجهّز مسوقو “النفط الإيراني” أنفسهم أيضًا لتسريع عمليات البيع بمجرد رفع العقوبات، حيث قدّر “فلك شاهي”؛ وجود قرابة: الـ 44 مليون برميل من “الخام الإيراني” المحمول على ظهور الناقلات بالفعل، وتقف غالبية تلك البراميل في المياه القريبة من “الصين وسنغافورة”، ما يعني إمكانية وصولها إلى الأسواق سريعًا.

وأشار الخبراء إلى أن بعض تلك الناقلات ربما تُشارك في أنشطة نقل الحمولة من سفينة لأخرى، بغرض التهرب من العقوبات وإخفاء مصدر “النفط” ووجهته.

وصحيحٌ أن زيادة الإنتاج: بـ 1.3 مليون برميل/يوم ستُمثل نسبةً لا تتجاوز: الـ 1% من الطلب العالمي الحالي، لكنها كميةٌ تستطيع صنع الفارق. إذ تُنتج مجموعة (أوبك+) نحو: 2.7 مليون برميل يوميًا في الوقت الراهن، أي أنها لا تُحقق أهدافها الإنتاجية رغم ضغوطات إدارة “بايدن” وحكومات أخرى عليها من أجل زيادة الإنتاج وفقًا لـ”الوكالة الدولية للطاقة”.

ولا شك أن إعادة “النفط الإيراني” للسوق ستُعوّض بعض أوجه النقص وتخفف صدمات تراجع الإنتاج الروسي. إذ أشار تقريرٌ حديث لمحللي “الوكالة الدولية للطاقة”؛ إلى أن: “إيران قد تُمثل مصدرًا لإمدادات كبيرة في حال تخفيف العقوبات، رغم أن عودتها للسوق لن تحدث بين ليلةٍ وضحاها”.

وقال محللو مصرف (Goldman Sachs) إن عودة الإمدادات الإيرانية ستدفعهم لتعديل توقعاتهم بوصول سعر “خام برنت” إلى: 125 دولارًا للبرميل، ليّخفضوها بنسبةٍ تتراوح بين: 05 و10 دولارات للبرميل في عام 2023.

“إيران” قد تكون حلاً لمشاكل الطاقة في “أوروبا”..

يُذكر أن بعض الدول الأوروبية كانت تستورد كميات كبيرة من “النفط الإيراني”؛ قبل إعادة فرض “العقوبات الأميركية” عام 2018. وضمت هذه القائمة: “إيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، وهولندا”، بحسب “إيلي غيرانمايه”، خبيرة شؤون الطاقة في مؤسسة (European Council on Foreign Relations). وأضافت “إيلي”: “ربما ترى هذه الدول في إيران حلاً على المدى القصير”.

لكنها أردفت أنه حتى في حال عدم عثور “إيران” على مشترين مبكرين لنفطها في “أوروبا”: “فيمكن لإمداداتها أن تُخفف الضغط العالمي على الأسواق في آسيا، ما سيُحرر بعض الإمدادات ويتركها تتجه لأوروبا”.

ومع ذلك، لا تتمثل العقبات الوحيدة التي تواجه الصادرات الإيرانية في الجوانب السياسية والعقوبات فقط بحسب “تاغليابيترا”. إذ يلعب ضعف البُنّية التحتية للتصدير دوره في ظل عدم وجود خطوط أنابيب تربط البلاد بـ”الاتحاد الأوروبي” وعدم وجود مصانع لتسّييل “الغاز الطبيعي”.

كما تحتاج “إيران” للخبرات الفنية الخاصة بشركات النفط العالمية، التي ستتردد على الأرجح في العودة إلى البلاد بقوة حتى تُحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، خشية أن يأتي رئيسٌ جمهوري ويُقرر الانسحاب من “الاتفاق النووي” مرةً أخرى ليُعيد فرض العقوبات.

وألمحت “السعودية” كذلك؛ إلى أنها قد تُخّفض إنتاجها في حال عودة “إيران” للأسواق، وذلك من أجل ضمان الحفاظ على ارتفاع أسعار “النفط”. وأوضحت “حليمة كروفت”، رئيسة السلع في مصرف (RBC Capital Markets)، خلال مذكرةٍ للعملاء: “تستطيع (أوبك) خفض إنتاجها بالتأكيد بمجرد أن تبدأ عودة البراميل الإيرانية للسوق. ولا شك أن مثل هذه الخطوة قد تقضي بالتبعية على المكاسب السياسية للاتفاق المُثير للجدل الذي تُريده إدارة بايدن”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة