18 أبريل، 2024 5:00 ص
Search
Close this search box.

“الاتفاق النووي” .. ما بين تصريحات طهران المتناقضة ومباحثات إدارة بايدن .. هل يتغير مستقبلاً ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، بات على موعد مع العمل الدولي المتسارع، خاصة في ظل الأزمة المتعلقة بـ”الاتفاق النووي”، حيث تدفع “إيران” باتجاه ذلك بكل قوة منها، ففي آخر تصريحات من جانبها، أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، “علي ربيعي”، أن “طهران” ستوقف العمل بالبروتوكول الإضافي من “الاتفاق النووي”، في 21 شباط/فبراير المقبل، إذا لم تلتزم بقية الأطراف بتعهداتها وإلغاء العقوبات.

وقال “علي ربيعي”: “لا يوجد أي خطة للتفاوض مع أميركا، وأي تطور في هذا المجال منوط بخطواتها العملية وتنفيذ القرار (2231)”.

وتابع: “يتعين على إدارة الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، استثمار الفرصة المتاحة لبناء الثقة، والعودة إلى إلتزامات واشنطن في الاتفاق النووي”.

وأضاف: “فرصة أميركا والدول الأوروبية للعودة للاتفاق النووي وتنفيذ إلتزاماتها؛ باتت محدودة ولن تبقى للأبد”، مشيرًا إلى أن: “طهران لم تجرِ أي اتصال مع الإدارة الأميركية الجديدة، وتنتظر موقفها الرسمي من الاتفاق النووي”.

وأعرب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية عن أمله: بـ”اتخاذ إدارة بايدن الخطوات العملية اللازمة لإثبات حسن النوايا وبناء الثقة، قبل تأزيم الأوضاع أكثر”.

لا تعتزم طرد مفتشي “الوكالة الدولية”..

وفي السياق ذاته؛ ورغم تلك التحذيرات، تُهادن “طهران” أيضًا، فقد أعلنت، أمس، على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، أنها لا تعتزم طرد مفتشي “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وذلك في أعقاب صدور قانون مثير للجدل عن “مجلس الشورى”، الشهر الماضي.

وقال المتحدث، “سعيد خطيب زاده”، في مؤتمر صحافي؛ إنه على الرغم من إقرار هذا القانون: “فإن تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن يتوقف، و(تطبيق النصّ)؛ لا يعني طرد مفتشي الوكالة”.

وتبنى “مجلس الشورى الإسلامي”، الذي يهيمن عليه المحافظون، في كانون أول/ديسمبر 2020، قانونًا بعنوان: “خطة العمل الإستراتيجية لرفع لعقوبات وحماية مصالح الشعب الإيراني”، وأبدت حكومة الرئيس المعتدل، “حسن روحاني”، عدم موافقتها عليه، لكنها أكدت إلتزامها بتطبيقه.

ويُلزم القانون، الحكومة، وقف: “تنفيذ البروتوكول الإضافي”، لـ”معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية”، اعتبارًا من 21 شباط/فبراير 2021، في حال لم يتمّ رفع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، على “الجمهورية الإسلامية”، بحلول ذلك التاريخ، أو في حال لم يتمكن شركاء “طهران” في الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني؛ من مساعدة “طهران” على الإلتفاف على هذه العقوبات التي تمنعها عمليًا من التجارة مع سائر دول العالم.

وأبرمت “إيران”، عام 2015، اتفاقًا مع الدول الست الكبرى: (الصين والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا)، بشأن برنامجها النووي، يُعرف رسميًا باسم: “خطة العمل الشاملة المشتركة”. ويُنصّ الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في “فيينا”، على رفع العقوبات الدولية المفروضة على “الجمهورية الإسلامية” مقابل الحدّ بشكل كبير من برنامجها النووي وتوفير ضمانات؛ بأنها لا تسعى لتطوير سلاح نووي.

استفزاز إضافي من “طهران”..

والاتفاق مهدد بالإنهيار منذ أن أعلن “ترامب”، من جانب واحد، عام 2018، سحب بلاده منه، وأعاد فرض عقوبات مشددة انعكست سلبًا على الاقتصاد الإيراني وقيمة العُملة المحلية.

وتراجعت “إيران”، بعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، عن تنفيذ معظم إلتزاماتها الأساسية المنصوص عليها في “اتفاق فيينا”.

وبموجب الاتفاق، وافقت “إيران” على الخضوع لنظام التفتيش الأكثر صرامة على الإطلاق، الذي تقوده “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

ويتضمن برنامج التفتيش هذا؛ التطبيق الطوعي لبروتوكول مضاف إلى “معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية”، (بدون انتظار مصادقة البرلمان الإيراني عليها)، ومراقبة الوكالة الأممية للبرنامج النووي الإيراني، على ضوء الإلتزامات التي تعهّدت بها “طهران” في “فيينا”.

والمعاهدة عبارة عن وثيقة موقعة من جانب “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ ودول مختلفة مشاركة فيها، تنصّ على إجراء عمليات تفتيش مكثفة في المنشآت النووية للأطراف الموقعة.

وإذا تخلت “إيران” عن تطبيقها الطوعي، قد تعتبر “برلين ولندن وباريس”؛ هذه الخطوة بمثابة “استفزاز” إضافي. وتُبدي العواصم الأوروبية الثلاث رغبتها في الحفاظ على الاتفاق، لكنها تطالب “طهران”، منذ أشهر، بالعودة إلى الاحترام الكامل لإلتزاماتها. في المقابل، تعتبر “طهران” أن الأوروبيين لم يلتزموا بما يتوجب عليهم وفق الاتفاق.

وقد يُعقد هذا الأمر المعطيات بالنسبة للرئيس الأميركي الجديد، “جو بايدن”، الذي ألمح إلى رغبته في “تغيير المسار”، الذي أتبعه سلفه، “دونالد ترامب”، مع “إيران”، وإعادة “الولايات المتحدة” إلى “الاتفاق النووي”، لكن ينبغي عليه الأخذ في الاعتبار عوامل سياسية داخلية تحدّ من هامش مناورته.

وأبدت حكومة الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، الذي سمح انتخابه، عام 2013، بتحقيق اختراق دبلوماسي أدى إلى إبرام “الاتفاق النووي”، استعدادها لمناقشة عودة “الولايات المتحدة” إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. إلا أنها تطالب قبل كل شيء بإلغاء، “بدون شروط”، العقوبات التي فرضتها “واشنطن” على “الجمهورية الإسلامية”، منذ 2018.

تصريحات متناقضة..

ودائمًا ما تستمر “إيران” في إطلاق الرسائل المتباينة، فقد صرح وزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”، بأن ملف الصواريخ ونشاط “إيران” في المنطقة؛ لم ولن يكون جزءًا من أي “اتفاق نووي”.

وفي وقت لاحق، قال مسؤول دبلوماسي إيراني كبير؛ إن بلاده غير متهمة حاليًا بإجراء محادثات مع “الولايات المتحدة”.

إلا أن نائب الرئيس الإيراني، “إسحاق جهانغيري”، قال إن بلاده في: “الأيام الأخيرة من العقوبات.. أرى أيامًا سعيدة في الأسابيع والأشهر المقبلة للبلاد”.

وتظهر هذه التصريحات تناقض المواقف ما بين التصلب والمرونة؛ إزاء “الولايات المتحدة”.

محادثات مع قادة العالم..

وعلى المستوى الأميركي، لم تمض سوى أيام على تولي، “جو بايدن”، الحكم في “واشنطن”، لكنه شرع مع طاقم إدارته في العمل على صعيد ملفات السياسة الخارجية، ولا سيما البرنامج النووي الإيراني، الذي يبدو أنه مفتوح على سيناريوهات عديدة.

وفي اليوم التالي لدخول “بايدن”، البيت الأبيض، قالت متحدثة باسمه إنه سيتحدث مع عدد من قادة العالم وحلفاء “الولايات المتحدة” بشأن الملف النووي الإيراني.

وبالفعل، أجرى “بايدن” اتصالاً مع نظيره الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، الأحد الماضي، واتفق الرجلان على التعاون في ملف “إيران”.

وسبق وأن تحدث مسؤول حكومي في العاصمة الأميركية، “واشنطن”، إن إدارة الرئيس، “جو بايدن”، ستُطلق مبادرة، عبر وسطاء أوروبيين، لفتح حوار مباشر مع “طهران”.

ولفت إلى أن هذه الخطوات ستترافق مع اتصالات بحلفاء “الولايات المتحدة” في المنطقة، وتحديدًا مع دول خليجية و”إسرائيل”.

دخلت “مرحلة الفرصة..

وقال مرشح “بايدن” لشغل منصب وزير الخارجية، “أنتوني بلينكن”، إن أي اتفاق مع “إيران” يجب أن يتضمن الصواريخ (الباليستية) وأنشطتها المزعزعة للاستقرار.

وقال، خلال جلسة استماع في “الكونغرس” الأميركي؛ من أجل تثبيت تعيينه في المنصب؛ إنه لا يجب السماح لـ”إيران” بالحصول على السلاح النووي، متعهدًا بالعودة إلى الاتفاق في حال إلتزمت “إيران” بالبنود الجديدة.

واعتبر قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي، الجنرال “كينيث ماكينزي”، أن العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”إيران” دخلت “مرحلة الفرصة”، بعد أن أصبح “جو بايدن”، رئيسًا، وذلك إثر أشهر من التوتر.

“بايدن” يرغب في العودة للاتفاق..

يُذكر أن “بايدن”، كان نائبًا للرئيس الأميركي، “باراك أوباما”، عندما تم التوصل إلى الاتفاق، في صيف عام 2015، وعرف الاتفاق حينها رسميًا باسم: “خطة العمل الشاملة المشتركة”، واختصارًا: بـ”الاتفاق النووي”، ويُنص على رفع العقوبات وتخفيفها مقابل فرض قيود على البرنامج النووي.

وخلال حملته الانتخابية، أعرب “بايدن” عن رغبته بالعودة إلى “الاتفاق النووي”، لكن الأمور ليست كما كانت، في 2015، مع بروز أمور خطيرة تُشكل تهديدًا لدول المنطقة والغرب على حد سواء، ولا سيما الصواريخ (الباليستية).

التوفيق بين الموقفين صعب !

حول ما يمكن أن يحدث مستقبلاً، يقول الدكتور “محمد عباس ناجي”، الخبير في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بـ”الأهرام”؛ إن التوفيق الآن بين الموقفين الأميركي والإيراني صعب، متوقعًا ألا تقدم “إيران” على تنازلات في الملف الصاروخي؛ حتى لو فشلت التفاهمات.

ورأى أنه قد تحاول الإيحاء بأنها تدعم بعض جهود التهدئة في الملفات الإقليمية، لكن مع ضبط أي تحركات في هذا الصدد، بما يتوافق مع مصالحها، بما يمثل أحد السيناريوهات.

لافتًا إلى إن النظام الإيراني سيحاول: “تحمل العقوبات كي لا يقدم تنازلات في الملف الصاروخي، ولاحظنا في الفترة الأخيرة قدرته على الإلتفاف على العقوبات، وتصدير النفط زاد بشكل ملحوظ”.

وأشار الخبير في الشؤون الإيرانية؛ إلى أن “طهران” ذاهبة نحو انتخابات رئاسية مقررة، في 18 حزيران/يونيو المقبل، موضحًا أن هذا يعني أن التصعيد ضد “الولايات المتحدة”، سيدعم جهود المحافظين للفوز بها.

وقال “ناجي” إن تصريحات، الجنرال “كينيث ماكينزي”، قد تعني وجود مباحثات غير رسمية تجري بين الطرفين في إطار ما يسمى المسار الثاني، وربما تُشير إلى أن إدارة “بايدن” تتبنى سياسة العصا والجزرة وأنها توفر فرصة، لـ”إيران”، للتفاهم لكنها فرصة لن تطول.

عقبات أمام عودة “واشنطن” للاتفاق..

من جهته، يرى الخبير في الشأن الإيراني، الدكتور “نبيل العتوم”؛ إن “طهران” تدرك أن هناك عقبات كثيرة أمام عودة “الولايات المتحدة” إلى “الاتفاق النووي”.

مضيفًا أن هناك أصواتًا داخل الإدارة الجديدة ترى أن عقوبات “ترامب” ليست سلبية، وربما تساعد على الضغط على “إيران”، حتى تستطيع انتزاع تنازلات في ثلاث ملفات؛ هي البرنامج الصاروخي الذي بات يُشكل هاجسًا كبيرًا بشأن دول المنطقة و”الولايات المتحدة”، وسياسة “إيران” المزعزعة للاستقرار عبر الميليشيات ووكلائها، وثغرات البرنامج النووي بما يضمن عدم عسكرته.

سيناريوهات الحل..

وأشار “العتوم” إلى أنه لا توجد إجابات سهلة في “إيران”، بشأن العلاقة مع “الولايات المتحدة”، مستقبلاً، لذلك هناك عدة سيناريوهات، ومنها العودة غير الكاملة إلى “الاتفاق النووي”، والسيناريو الثاني أن “أميركا” قد تنتظر نتائج الانتخابات الإيرانية، المقررة في حزيران/يونيو المقبل.

متحدثًا عن قراءات متباينة داخل النظام الإيراني تتراوح بين التفاؤل والحذر، مع شبه إجماع على أن الكرة في ملعب “بايدن”، وأن ما يفعله الأخير سيحدد خطوات “إيران”، وضرب مثلاً، فقد ترفع “الولايات المتحدة” بعضًا من العقوبات، على أن ترد “إيران” بالمقابل؛ بالعودة إلى بعض الإلتزامات بـ”الاتفاق النووي”، تمهيدًا إلى مفاوضات مباشرة.

تفاوض على الملفات الإقليمية..

كما رأى “العتوم”؛ أن الإيرانيين قد لا يتفاوضون على البرنامج الصاروخي، لأنهم يعدونه نوعًا من الضمان تجاه الدفاع عن البلاد، نظرًا لعدم قدرتهم على أسلحة حديثة.

ولفت إلى صحيفة محسوبة على (الحرس الثوري)، تحدثت عن احتمال أن تفاوض “طهران” مع “بايدن” على بعض الملفات الإقليمية، وخاصة “اليمن”، بما يخفف الضغط عليها، لكنها قد لا تتفاوض على الملفات التي تشكل أوراق قوة بالنسبة لها؛ مثل “العراق”، وربما إعادة الانتشار في “سوريا”، مشددًا على أنه: “لن يكتب النجاح للاتفاق مع “إيران”، إذا لم يتم إشراك الدول الإقليمية التي تعاني من الخطر الإيراني، ولا سيما دول “مجلس التعاون الخليجي”، ومعالجة الثغرات التي اعترت الاتفاق القديم، وخاصة البرنامج الصاروخي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب