قال مصدر قضائي رفيع إن رئيس الوزراء نوري المالكي طلب من رئيس المحكمة الاتحادية القاضي مدحت المحمود نقض قانوني “تحديد ولايات الرئاسات الثلاث” و “مجلس القضاء الأعلى”، مشيرا الى أن هذا سيكون “آخر مهمة للمحمود قبل تقاعده”.
من جهتها حذرت اللجنة القانونية في مجلس النواب، رئيس المحكمة الاتحادية من التلاعب بالقوانين ومحاولة نقض قانوني تحديد ولاية الرئاسات الثلاث ومجلس القضاء الاعلى. وهدد اعضاء في اللجنة باتخاذ اجراءات “رادعة ومفاجئة” اذا ما خضعت المحكمة الاتحادية لضغوط رئيس الحكومة نوري المالكي.
ورأى نائب عن كتلة التغيير الكردية ان الحل الامثل لمنع تدخلات السلطة التنفيذية بأعمال القضاء يتمثل “بسحب الثقة” عن عن المالكي، محملاً التيار الصدري هذه المسؤولية نظرا لثقله السياسي والبرلماني.
لكن نائبا عن كتلة الاحرار الصدرية اقر بعجز البرلمان عن محاسبة الوزراء فضلا عن رئيس الوزراء، مؤكدا ان الدورات البرلمانية المقبلة ستشهد تصحيح الكثير من الاخطاء.
وتنص المادة 72 من الدستور الدائم على تحديد “ولاية رئيس الجمهورية بأربع سنوات، ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية فقط”، لكن الدستور أطلق ولاية رئيسي الحكومة والبرلمان من غير تحديد، الأمر الذي طالبت كتل سياسية بحصرهما في ولايتين أيضا أسوة برئاسة الجمهورية، حيث صوت مجلس النواب بالاغلبية مطلع كانون الثاني الماضي على قانون تحديد ولايات الرئاسات الثلاث بولايتين اثنين فقط و”بأثر رجعي”. وتم تمرير القانون رغم مقاطعة نواب ائتلاف دولة القانون الذي هدد بالطعن في المحكمة الدستورية.
وتعليقا على ذلك، قال النائب نبيل حربو، عن القائمة العراقية، ان “نقض قانوني تحديد الولايات الثلاث ومجلس القضاء الاعلى امر غير مستبعد من قبل المحكمة الاتحادية”. واضاف حربو، في تصريح لـ”المدى” أن “كثيرا من الدول الديمقراطية تحدد ولايات الرئاسات الثلاث لكي تبتعد عن كل شكل للديكتاتوريات التي تستهدف الانسان وحرياته وهذا ما نخشاه في العراق الجديد”.
وحذر النائب التركماني عن القائمة العراقية من “انتكاس اوضاع البلاد في حال نقض قانون تحديد الولايات من قبل مدحت المحود”. وتابع عضو اللجنة القانونية “في حال اقدام المحكمة الاتحادية على الطعن بهذين القانونين فان ذلك يعطي رسالة واضحة لكل الساسة والشعب بأن محكمتنا تعمل بأمر من السلطة التنفيذية وتحديدا من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي، وبالتالي فإنها مسلوبة الارادة والقرار”.
وعن موقف العراقية وحلفائها في حال نقض القانونين المذكورين، قال حربو “ستكون هناك خطوات جريئة”، مشيرا الى ان “اللجنة القانونية النيابية اجتمعت مع الكتل السياسية، التي صوتت على هذين القانونين، وقررت وضع أجراءات قانونية رادعة لاي طعن أو نقض للقانون او لفقراته ضد المحكمة الاتحادية”.
وحذر حربو المحكمة الاتحادية من لجوئها إلى هكذا خيارات في التلاعب بالقانونين والتي وصفها بالخيارات غير القانونية وغير الدستورية، لافتا الى ان “المحكمة الاتحادية طعنت بالكثير من القوانين التي صادق عليها مجلس النواب وآخرها قانون تخفيض رواتب رئاسات الثلاث”.
ويتعرض رئيس المحكمة الاتحادية القاضي مدحت المحمود للاتهام بالخضوع لتدخلات رئيس الوزراء نوري المالكي، لا سيما بعد نقض قرار الاجتثاث الذي اصدرته هيئة المساءلة والعدالة اواسط شباط الماضي بحق المحمود.
في هذه الاثناء أكد النائب لطيف مصطفى، عن كتلة التغيير الكردستانية، أن “تدخل الحكومة في عمل السلطة القضائية يعد خرقا دستوريا ويشكل جريمة بحد ذاتها”. وقال مصطفى، ان “البرلمان لا يملك القوة الرقابية التي كفلها له الدستور في محاسبة الحكومة على مخالفاتها وتدخلاتها غير القانونية”، وعزا هذا الضعف البرلماني الى “الدعم الذي تتلقاه الحكومة من دول اقليمية”.
لكن مصطفى يرى ان “الحل الوحيد لمنع التلاعب بالقوانين يكمن في سحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي بعد مساءلته عن هذه الخروقات والتدخلات”. ويشدد النائب عن كتلة التغيير على ان ”كتلة الاحرار الصدرية قادرة على لعب دور كبير في اقالة المالكي من منصبه كونها بيضة القبان في العملية السياسية”، لافتا إلى ان “الكتل السياسية تستطيع جمع 163 توقيعا للاطاحة بالمالكي وبالتالي هي قادرة على وضع حد لتدخلاته في الشأن القضائي”. ويلفت الى أن “الكرة حاليا في ساحة البرلمان وكتله السياسية، التي لديها تحفظات على أداء الحكومة، للوقوف بوجه هذه الارادة التي تحاول الطعن في قانون تحديد الرئاسات الثلاث الذي لا تشوبه شائبة قانونية”.
الى ذلك يرى امير الكناني، النائب عن كتلة الاحرار، ان “البرلمان عاجز عن مواجهة خروقات وتدخلات الحكومة في الوقت الحالي، وبالتالي نعجز عن اقالة المالكي”، مشيرا الى “وجود تجاوزات كثيرة وتدخلات في عمل الهيئات المستقلة التي هي تابعة وبحسب الدستور لمجلس النواب”. وحذر النائب البارز عن كتلة الصدر رئيس المحكمة الاتحادية من “نقض قانون تحديد الرئاسات الثلاث في هذا الوقت بالذات لانه يعد امرا مرفوضا للكثير من الكتل السياسية”.