حققت الدبلوماسية الإماراتية أمس الثلاثاء خرقاً يُحسب لها، عندما جمعت غريمين لدودين يعتبران عنوان الأزمة في ليبيا التي تغرق في الفوضى، وهما المشير “خليفة حفتر”، و”السيد فائز السراج”.
فحتى أيام قليلة خلت، كان الحديث عن لقاء يجمع كلاً من القائد العسكري الليبي “خليفة حفتر” مع رئيس الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة “فائز السراج”، مجرّد “لغو” لا طائل من ورائه، فاللقاء مع “اللاءات” التي يرفعها المشير حفتر، وتصلّب موقفه تجاه حكومات طرابلس المتعاقبة، يبدو شبه مستحيل.
لكن الدبلوماسية الإماراتية حققت فيما يبدو يوم أمس الثلاثاء خرقا يُحسب لها، عندما جمعت القياديين المتخاصمين في لقاء بدا أنه “وديّ” حسب الصور التي سربتها قناة ليبية خاصة.
وتضغط قوى إقليمية وغربية على حفتر والسراج لمناقشة إعادة تفعيل الاتفاق الذي جرى بوساطة من الأمم المتحدة وأدى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي يقودها السراج، منذ أشهر بلا جدوى، وكان الاتفاق محاولة لإنهاء الاضطراب المستمر في ليبيا منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي في 2011. وبدأ اللقاء المنتظر بين رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر يوم أمس الثلاثاء، في أبوظبي. ونشرت إحدى وسائل الاعلام، صورة تجمع بين السّراج وحفتر، ظهر فيها القائد العسكري القوي في الشرق مرتديًا زيًا مدنيًا لا عسكريا.
ولم ترد أية تفاصيل عن هذا الاجتماع في إحدى وسائل الاعلام على حدّ صياغة هذا التقرير، في الوقت الذي تحدثت فيه وكالة «سبوتنيك» الروسية في وقت سابق عن لقاء مرتقب أمس الثلاثاء، بين المشير حفتر والسراج في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.
اللقاء حسب المعلومات المتوفرة، يأتي استجابة لدعوة وجهها الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان”، ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات، للطرفين. والاثنين غادر رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج إلى الإمارات في زيارة رسمية، كما توجه القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر في اليوم ذاته إلى أبو ظبي، بحسب مكتب إعلام القيادة العامة للجيش الليبي الذي يقوده حفتر. وفشلت عدة وساطات في السابق أشرف عليه الأوروبيون والمصريون والأميركيون. ورفض قائد ما يعرف ب”عملية الكرامة” خليفة حفتر منتصف شباط/فبراير الماضي، لقاء رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج في القاهرة بعد أن تقدمت لجنة مصرية معنية بالشأن الليبي شكلها الرئيس المصري بمبادرة لجمع الفرقاء الليبيين.
وقال السراج في وقت سابق، إن اللجنة المصرية أبلغتهم برفض حفتر لقاء وفد المجلس الرئاسي دون إبداء أي مبررات أو أعذار وهو ما “ضيّع فرصة كنا نأمل أن تكون مدخلاً لإنهاء حالة الانقسام”، وفق السراج.
وكانت إحدى وسائل الاعلام قد نقلت عن محللين قولهم إن دعوة وجهتها واشنطن لكل من رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج وقائد عملية الكرامة خليفة حفتر للاجتماع على الأراضي الأميركية، تمثل نتيجة لمباحثات بين “ترامب” ورئيس الوزراء الإيطالي “باولو جينتلوني”، لكن لا يبدو أنّ حفتر ووافق على اللقاء حينها. يقول تحليل نشر في إحدى وسائل الاعلام الليبية الخاصة والتي تبث من الأردن، وكانت أول وسيلة اعلام تنشر صورة تجمع حفتر بالسراج، إنّ: “ما بدا “مستحيلا” في الانطباعات الليبية بعد “إخفاق” عقد لقاءٍ على ضفاف نهر النيل المصري قبل نحو شهرين، استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة “كسره” عبر جهود دبلوماسية قادها ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهي دبلوماسية ظلت صامتة حتى لحظة دخول فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي، وقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، قبل أن تأتي الصورة التي انفردت بها إحدى وسائل الاعلام من داخل اللقاء، لتؤكد تحقق “المستحيل الليبي”، قبل أن تُفْشِل أبراج أبوظبي العالية محاولات مد الرقبة لـ”التلصص” على ما دار في لقاء مغلق جمع السراج وحفتر، بعد لقاء أولي لم تتسرب منه سوى “صورة يتيمة”.
ويقول التحليل إنّه ما إن دخل السراج وحفتر إلى “لقاء مغلق” ليكونا وجها لوجه للمرة الأولى منذ أكثر من عام، حتى انتقلت “الماكينة الدبلوماسية الإماراتية” من “التحضير الإيجابي” إلى “المُواكبة” بانتظار “الدخان الليبي الأبيض”.
وتؤكد مصادر إنّ “اللقاء ظللته أجواء إيجابية ودية ومصافحات وابتسامات”. واستمرّ اللقاء قرابة ساعتين، لكن لم يرشح عنه شيء إلى حدّ اللحظة، فيما يرى التحليل أنّ العارفين بثوابت الدبلوماسية الإماراتية يؤكدون أنها لا تغرق في التفاصيل، وإنما تميل إلى تفعيل “النَفَس الطويل”، وهو ما يعني أن أبوظبي لم تراهن على معجزات سياسية من لقاء السراج حفتر، لكنها تراهن حتما على “خطوة واحدة” من خطوات الألف ميل الليبي”.
يشار إلى أنّ المشير حفتر يسيطر على فصائل شرق ليبيا التي رفضت حكومة الوفاق الوطني، ما أسهم في عدم قدرتها على توسيع سلطتها في طرابلس وخارجها. وتدعم فصائل أخرى مسلحة في الغرب حكومة الوفاق الوطني.