كتب – وائل نعمة :
تستمر القوات التابعة لوزارة الداخلية العراقية، للاسبوع الرابع على التوالي، بمراقبة جامع النوري ومنارة الحدباء في وسط المدينة القديمة وسط الموصل.
وتحاول تلك القوات مع مجموعة من القناصين، التقدم ببطء شديد نحو مواقع تحصن داعش، حيث يرجح وجود نحو 250 ألف مدني بالداخل.
بالمقابل تخوض قوات مكافحة الإرهاب معارك وصفت بـ”الضارية” ضد عناصر التنظيم، في مناطق تقع إلى الغرب من المدينة القديمة.
وتجتاز قوات النخبة الاحياء القديمة في وسط الموصل، باتجاه نهر دجلة إذ تحاول تطويق تلك المناطق بشكل كامل.
تكتيك “التخطي العسكري”..
أجبر المأزق، الذي تعيشه عمليات تحرير الموصل، إلى اتباع تكتيك “التخطي العسكري”، وترك تحرير المدينة القديمة إلى وقت آخر. ودعا بعض المسؤولين في نينوى إلى الذهاب نحو هذا الخيار في وقت مبكر من العمليات في وسط الموصل، للحيلولة دون توقف المعارك.
من جانبه اوضح النائب عن محافظة نينوى “أحمد الجربا” انه: “لو ألتفت قوات مكافحة الإرهاب، من شمال المدينة القديمة فمن شأن ذلك انهاء المخاوف ويصبح داعش محاصراً تماماً”.
وتطوق قوات الداخلية ومكافحة الارهاب من الجانبين الجنوبي والغربي للمدينة القديمة، فيما يحدها نهر دجلة من الشرق، وتقف القوات العراقية على الضفة الأخرى.
ويخشى “الجربا” من توقف العمليات تحت اي ظرف من الظروف، قائلاً: “لو توقفت العمليات فان التنظيم سيزيد في اجرامه ضد المدنيين.. وسيعيد إلتقاط انفاسه”.
وتطلق قوات الشرطة الاتحادية في المدينة القديمة، النيران بكثافة باتجاه مواقع تحصن المسلحين على الرغم من بطء حركتها باتجاه عمق المدينة. وتمنع كثافة النيران تنظيم “داعش” من ان يهاجم القطاعات العسكرية، وفق ما صرح به مسؤولون هناك.
وأرسل تنظيم “داعش” أثناء معارك الموصل، منذ انطلاقها في تشرين أول/اكتوبر الماضي، 1061 سيارة ملغمة، بحسب احصائيات قيادة العمليات المشتركة.
بالمقابل يتوقع ان لا يزيد عدد المسلحين في داخل الموصل، عن ألف مسلحاً، اغلبهم يتحصن داخل المدينة القديمة، وأحياء شمال غربي الموصل. بدوره يقول “محمد البياتي”، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى، ان: “قوات مكافحة الإرهاب تخوض معارك ضارية ضد التنظيم في غربي الساحل الأيمن من الموصل”. مضيفاً البياتي: “اتوقع ان يشن التنظيم هجوماً خلال اليومين المقبلين على المدينة من كل المحاور”.
في السياق ذاته نفى المسؤول الأمني في مجلس المحافظة، تدخل قوات مكافحة الارهاب في معارك المدينة القديمة بشكل مباشر. مؤكداً على انها “معركة الشرطة الاتحادية.. لكن مكافحة الإرهاب ستطوق المدينة”.
كما واجهت عملية تحرير الساحل الأيمن، التي انطلقت في شباط/فبراير الماضي، تلكؤاً واضحاً عندما وصلت قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع إلى المدينة القديمة. بالإضافة إلى ان العدد الكبير من المدنيين، الذين يقطنون أزقة ضيقة لا يزيد عرضها على المترين وداخل مباني قديمة للغاية، يعيق كثيراً من عملية التقدم. وكان مسؤولون في الموصل قد رأوا ان الشرطة الاتحادية غير قادرة بمفردها على خوض حرب شوارع، وطالبوا بدعمها من قوات مكافحة الإرهاب.
ربيع الموصل..
من جهته يشير قائممقام الموصل “حسين علي حاجم” إلى ان “القاطع الأخير من الموصل، ونصف المدينة القديمة فقط هي من تبقى بيد التنظيم”. وقسمت السلطات المحلية الموصل القديمة إلى 4 أجزاء. وحي الربيع هو الجزء الاخير الذي لازال تحت سيطرة داعش.
يقول “حاجم”، ان: “هذا القاطع يضم 31 حياً سكنياً، لكنه الأخطر”. ويضم ذلك الجزء من الموصل، احياء مثل 17 تموز، الرفاعي، والعريبي، وغيرها من الاحياء”.
وكان التنظيم قد نقل عوائله مبكراً مع بدء عملية تحرير الساحل الايمن، إلى حي 17 تموز، حيث يعتقد بانه سيكون بعيداً عن العمليات. ولم تصل حتى الآن القطاعات العسكرية إلى تلك المنطقة، لكن طائرات التحالف كانت قد وجهت عدة ضربات على ذلك الحي.
إلى ذلك تقفت الفرقة التاسعة بالجيش العراقي وفصائل من الحشد، على بعد بضعة كيلومترات معدودة من شمال غرب الموصل، بعد ان سيطرت على منطقة “بادوش” بالكامل ووصلت إلى ضفة النهر. ويدعو المسؤول المحلي سكان تلك المناطق، لاسيما 17 تموز في شمال غربي الساحل الايمن، إلى الخروج من المدينة بأسرع وقت. ويتوقع قائممقام الموصل ان “تشهد تلك المناطق معارك شرسة، باعتبارها ابرز معاقل داعش”.
ينتظرون الليل للفرار..
اما فيما يخص عمليات إخلاء المدنيين في شطر الموصل الغربي، فهي لا تسير بشكل آمن. فاغلب السكان ينتظرون حلول الظلام للهروب، حيث تتراجع الاشتباكات بشكل نسبي. وعن هذه المشكلة يقول حاجم ان نسبة نجاح وصول المدنيين إلى مناطق تواجد القطاعات العسكرية “ضعيفة جداً”. ويمر السكان بحقول من الالغام، كما تتابعهم قناصة التنظيم. كما يشير المسؤول المحلي إلى ان “داعش بدأ يفجر سيارات ملغمة ضدهم”.
وزاد داعش خلال الايام الماضية، من عمليات الانتقام ضد المدنيين في الموصل، خاصة الذين ينوون الهروب. ويقدر عدد الذين أعدمهم التنظيم خلال الايام الأخيرة عبر اطلاق النار، باكثر من 50 شخصاً، في مناطق “اليرموك والزنجيلي”.
إلى ذلك يواجه المدنيون الذين يصلون مراكز الإيواء، صعوبات اخرى، حيث تزدحم المخيمات بشكل لا يصدق، بحسب قائممقام الموصل. ويقول حاجم: “اغلب المخيمات في حمام العليل، وحسن شامي، والجدعة قد امتلأت باكثر من طاقتها بأضعاف”، مؤكداً على ان نحو 300 ألف شخص انتقل إلى الساحل الأيسر. ولايوجد في الجانب المحرر منذ عدة اشهر، مخيمات للنازحين، ويضطر سكان الساحل الايمن، الذين ليس لديهم اقارب هناك، إلى استئجار دور. ويوضح حاجم ان “مكاتب العقارات تؤجر بيوت المسيحيين في الساحل الأيسر إلى النازحين، حيث ان معظمها خالٍ، لكن بضعفي السعر القديم”.