وكالات – كتابات :
على الرغم من أن بعض المنتقدين دقُّوا ناقوس الخطر بشأن سجل “الإمارات”، في حقوق الإنسان؛ الباعث على القلق، زوَّدتها شركة كندية بتكنولوجيا المراقبة المتطورة.
نشر موقع “هيئة الإذاعة الكندية”، (سي. بي. سي)؛ تقريرًا سلَّط فيه الضوء على تورط، “ستيفن هاربر”، زعيم “حزب المحافظين” الكندي السابق، ورئيس الحكومة الكندية السابق؛ من عام 2006 حتى 2015، مع شركة باعت تكنولوجيا المراقبة إلى “الإمارات العربية المتحدة”.
دور “هاربر” وشركته..
وفي مطلع التقرير، الذي أعدَّته المراسلة الاستقصائية، “بريغيت بورو”، تُشير المراسلة إلى أن “ستيفن هاربر”، رئيس الوزراء الكندي السابق، يترأس اللجنة الاستشارية لإحدى الشركات التي يقع مقرها في مدينة “تورنتو” الكندية، والتي تسعى حاليًا نحو تسهيل بيع خدمات تكنولوجيا المراقبة المتطورة إلى “الإمارات”، التي يبعث سجلها في مجال حقوق الإنسان على القلق.
ويوضح التقرير؛ أن هذه الشركة هي شركة “إيه دبليو زد فنتشرز”، (AWZ Ventures)، للاستثمارات؛ التي تموِّل بعضًا من أنظمة تكنولوجيا المراقبة الإسرائيلية، والتي تشمل التقنيات والخدمات الخاصة بالتعرف إلى الوجوه، ورصد التجمعات، وغيرها من الخدمات التي تُمكِّن من الوصول إلى معلومات شاملة عن الأفراد في الزمن الفعلي. لكنَّ خبراء التهديدات الإلكترونية الدولية ومراقبي حقوق الإنسان في “كندا” و”المملكة المتحدة” و”إسرائيل”، أدانوا احتمالية تزويد “الإمارات”، التي لديها سجل حافل بانتهاكات حقوق الإنسان، بمثل هذه التقنيات.
ويُؤدي “هاربر” دورًا مهمًّا في شركة الاستثمارات هذه، إذ يشغل منصب رئيس اللجنة الاستشارية الخاصة بها، والتي تتكون من أعضاء سابقين في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجية، (الموساد)، ووكالات استخبارات أخرى، من بينها وكالات استخبارات في “إسرائيل” و”الولايات المتحدة”. كما أن “هاربر” شريك تجاري مع هذه الشركة، التي تستثمر أموالها في: 18 شركة أمن إلكتروني إسرائيلية، بحسب الموقع الإلكتروني للشركة الكندية على الإنترنت.
تسهيل بيع تكنولوجيا الأمن السيبراني إلى دول الشرق الأوسط..
يُنوِّه التقرير إلى أن شركة “إيه دبليو زد فنتشرز” للاستثمارات؛ بصدد تأسيس فرع لشركتها في “الإمارات”، وقد عيَّنت “كاثرين فيرير فريشيت”، دبلوماسية كندية سابقة، في منصب مدير عام لفرعها في “الإمارات”، والذي يحمل اسم: “إيه دبليو زد هورايزونز”، (AWZ Horizons)، ويقع مقره في العاصمة الإماراتية، “أبوظبي”. كما أن “كاثرين” تشغل هذا المنصب بدوام كامل، منذ شباط/فبراير 2021، وفقًا لحسابها على شبكة (لينكد إن) للتواصل الاجتماعي.
وكانت شركة “إيه دبليو زد فنتشرز” قد كلَّفت الدبلوماسية الكندية السابقة؛ بمهمة تسهيل بيع تكنولوجيا الأمن السيبراني إلى عدد من الدول في الشرق الأوسط، مثل: “المملكة العربية السعودية”، وبعض الدول التي تقع في شمال إفريقيا. تقول “سيينا أنستيس”، كبيرة المستشارين القانونيين في مختبر “سيتيزن لاب” للأبحاث بجامعة “تورنتو”، والذي يُركِّز على دراسة التهديدات الرقمية، إن: “بيع تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية إلى دولة، مثل الإمارات، ينطوي بطبيعته على مشكلات من منظور حقوق الإنسان”.
بيد أن شركة “إيه دبليو زد فنتشرز”؛ دافعت عن قرارها بالعمل تجاريًّا مع دولة “الإمارات”؛ إذ أرسل “يارون أشكنازي”، المؤسس المشارك لشركة “إيه دبليو زد” والناطق باسمها، رسالة عبر البريد الإلكتروني يرد فيها على أسئلة “هيئة الإذاعة الكندية”، قائلًا إن: “الشركة تستثمر في تكنولوجيات الأمن الدفاعي المصممة بطريقة لا يمكن التحايل عليها أو عَكْس هندستها واستخدامها لتحقيق أغراض خبيثة”.
وأوضح “أشكنازي”؛ أن شركته تعمل: “بدأب” مع الشركات المندرجة ضمن حافظتها: “لضمان إمتثالها لأعلى معايير الاستثمار الأخلاقية والتنظيمية، في كندا وغيرها؛ من الأسواق التي نمارس فيها أنشطتنا”.
علاقة منسجمة مع روح “اتفاقيات أبراهام”..
يستدرك التقرير قائلًا: لكن أحد محامي حقوق الإنسان في “إسرائيل”؛ قال إن “الإمارات” استخدمت هذا النوع من التكنولوجيا لمراقبة سكانها وعرقلة الإصلاحات الديمقراطية. يقول “إيتاي ماك”، المحامي الإسرائيلي؛ الذي طالب “إسرائيل” بأن تكون أكثر شفافية عندما يتعلق الأمر بصادراتها الدفاعية، إنه: “أمر خطير جدًّا جدًّا”. وأضاف أنه يرى أنه من: “المؤسف جدًّا” أن يتورط رئيس وزراء كندي سابق في بيع تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية إلى النظام الحاكم في “الإمارات”.
وتابع “ماك” قائلًا: “أعتقد أنه كان ينبغي، لهاربر، أن يفعل أشياء أفضل للإنسانية بدلًا من توريط اسمه وسمعته بصفته رئيسَ وزراء كنديًّا سابقًا، (في هذا المشروع). إنه يضفي شرعية كبيرة ليس على المشروع فحسب، بل على انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات كذلك”.
ويلفت التقرير إلى أن “هاربر” و”كاثرين”؛ لم يستجيبا لطلب “هيئة الإذاعة الكندية”؛ للتعليق على الأمر. بينما عزى “أشكنازي” العلاقة التجارية بين شركة “إيه دبليو زد فنتشرز” و”الإمارات”؛ أنها تنسجم مع: “روح اتفاقيات أبراهام” لمعاهدات السلام وتطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وبين “الإمارات” ودول عربية أخرى. مضيفًا أن شركته لديها موظفين في ميدان العمل: “لضمان تنفيذ المعايير الأخلاقية للتشغيل”.
وأشار التقرير إلى أن: “كندا” و”الإمارات” تربطهما علاقات دبلوماسية وتجارية قوية، ويشتركان في عضوية عدد من المنظمات الدولية، مثل: “المنظمة الدولية الفرانكوفونية”، (المنظمة الدولية للناطقين بالفرنسية).
الإمارات متهمة بالتجسس على الصحافيين والناشطين..
استشهد التقرير بتحقيق دولي أجرته: 17 وكالة أنباء هذا الصيف، كشف عن أن “الإمارات” وغيرها من الأنظمة الحاكمة الاستبدادية القمعية؛ كانت من العملاء المستفيدين بخدمات مجموعة “إن. إس. أو، (شركة تكنولوجيا إسرائيلية تركز على الاستخبارات الإلكترونية)»، مطور برنامج (بيغاسوس) للتجسس، والذي يمكن تثبيته سرًّا على الهواتف المحمولة. وحدَّد التحقيق ألف رقم هاتف بوصفهم أهدافًا محتملة لبرنامج (بيغاسوس) للتجسس، من بينها قادة سياسيون وناشطون في حقوق الإنسان وعدد من الصحافيين في مناطق متعددة حول العالم. لكن “الإمارات” نفت التجسس على هؤلاء الأفراد.
وكان مختبر “سيتيزن لاب” قد أفاد في السابق؛ بأن “الإمارات” استخدمت برامج تجسس ضد المدون الإماراتي، “أحمد منصور”، أحد المدافعين عن حقوق الإنسان، والمسجون منذ عام 2017. واستندت المحاكم الإماراتية في حكمها بثبوت إدانة “منصور” إلى القانون الإماراتي للجرائم الإلكترونية، الذي يتعامل مع أي انتقاد للسلطات الحاكمة على أنه جريمة جنائية. وأفاد تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” بأن المحكمة استخدمت عمليات تبادل رسائل البريد الإلكتروني ومحادثات تطبيق (واتس آب) مع ممثلي منظمات حقوق الإنسان ضده في المُحاكَمة.
وينقل التقرير عن المحامية، “سيينا أنستيس”، من مختبر “سيتيزن لاب”؛ قولها إنه: “لا يمكن للشركات أن تدعي جهلها بهذا الأمر. وفيما يتعلق بحالة الإمارات، توجد أمثلة متعددة منتشرة تُثبت استخدام الحكومة لتكنولوجيا المراقبة الإلكترونية وإساءة استخدامها من خلال نشرها ضد الجهات الفاعلة في مجال حقوق الإنسان وضد المعارضين لانتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان”.
رخصة التصدير غير مطلوبة..
ألمح التقرير إلى أنه في “كندا”، لا يُطلَب من شركة “إيه دبليو زد فنتشرز” رخصة تصدير لتسهيل بيع تكنولوجيا الأمن السيبراني. لكن الشركات التي تسهل حركة المعدات العسكرية، أو المواد التي يمكن استخدامها لإنتاج أسلحة الدمار الشامل، هي التي تحتاج إلى الحصول على ترخيص وسيط.
وفي هذا الصدد، يقول “إدين عمانوفيتش”، مدير المناصرة في “منظمة الخصوصية الدولية”، التي تتخذ من “المملكة المتحدة” مقرًّا لها، والتي تناهض استخدام تكنولوجيا المراقبة المنتشرة، إن: “النظام الذي يحكم هذا الأمر لا يزال عالقًا تمامًا في حقبة الحرب الباردة”. وأضاف “عمانوفيتش” أن الضوابط المعمول بها في “كندا” وعديد من الدول الأخرى تركز على الأسلحة التقليدية، مع استثناء عديد من أنواع تكنولوجيا المراقبة، موضحًا أن: “هذه الضوابط عفا عليها الزمن تمامًا، ولا يمكنها التعامل مع مخاطر حقوق الإنسان التي تشكلها هذه الصناعات الناشئة”.
وأفاد التقرير بأن الشركات الإسرائيلية المُموَّلة من شركة “إيه دبليو زد فنتشرز”، والتي تنتج تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية؛ تحتاج إلى الحصول على رخصة تصدير من الحكومة الإسرائيلية. يقول المحامي “ماك”: “إن الحكومة الكندية لا تزال مسؤولة، بموجب القانون الدولي، عن التأكد من أن الشركات الكندية لا تقوِّض حقوق الإنسان خارج بلادها”.
وأوضح “ماك” قائلًا: “صحيحٌ أنه وفقًا للوائح الكندية والأنظمة الإسرائيلية، ربما تكون الشركات الإسرائيلية التي تبيع المعدات فعليًّا هي وحدها التي عليها إلتزامات قانونية مباشرة. لكن الحكومة الكندية يجب أن تكون مسؤولة عن كيفية الحصول على التمويل من خلال الشركات الكندية، وكيفية تأثير ذلك في حقوق الإنسان”.
وتختتم المراسلة تقريرها بالإشارة إلى أن “وزارة الشؤون العالمية”، في الحكومة الكندية؛ رفضت التعليق على أنشطة شركة “إيه دبليو زد فنتشرز” التجارية. لكنها أرسلت رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى “هيئة الإذاعة الكندية”، قالت فيها إن: “كندا لديها أحد أكثر أنظمة مراقبة الصادرات صرامة في العالم، كما أن احترام حقوق الإنسان مكرَّس في تشريعاتنا الخاصة برقابة الصادرات”.
كما أكدَّت الوزارة؛ أنه بينما تتطلب بعض صادرات تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية الحصول على رخصة تصدير، فإن الشركات التي تُسهل بيع هذه التكنولوجيا لا تحتاج إلى رخصة من أجل مزاولة أنشطتها.