كتبت – لميس السيد :
بحلول اليوم الإثنين.. تكون نهاية مهلة العشرة أيام التي حددتها “السعودية والإمارات والبحرين ومصر” لقطر كي تمتثل لثلاثة عشر مطلباً بعيدي المنال على دول الخليج، وكبداية طلبت الدول المذكورة من الإمارة، التي فرضت عليها الحظر الإقتصادي والدبلوماسي، مجموعة من الطلبات أولها، “قطع العلاقات مع إيران، إغلاق شبكة الجزيرة، ووقف منح الجنسية القطرية لمعارضي تلك الدول”.
وعلى الرغم من جهود الوساطة الأميركية والكويتية رفيعة المستوى، إلا أنه يبدو من غير المرجح التوصل إلى اتفاق مع “قطر” لأنها ترى أن المطالب تعتدي على سيادتها، فيما اعلنت الدول الاربع التي اعلنت الحظر الاقتصادي ان مطالبها غير قابلة للتفاوض، ووعدت بمزيد من التصعيد إذا مر الموعد النهائي بدون تنفيذ المطالب.
يشترطون مطالب لن تنفذ..
من وجهة نظر “إريك تريغر”، زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في مقاله بمجلة “أتلانتيك”، أن الخلافات الخليجية مع قطر ليست جديدة، ويرى أن كتلة الدول المضادة لقطر تطالب بشروط لن تنفذ من قبل الإمارة، معترضين على السلوك القطري لدرجة لا تطاق بسبب دعمهم للإخوان الذين يهددون أنظمة تلك الدول، وهو المطلب الأساسي الذي تتمحور حوله مطالب دول الخليج ومصر.
ويقول “تريغر” أن الخليج بشكل عام فقد الثقة إزاء مسألة الإستقرار منذ أواخر عام 2010، التي شهدت ثورات الربيع العربي، فتركت دول تشهد سيناريوهات دموية عنيفة، مثل “سوريا والعراق” ودولاً أخرى حصلت على نتيجة صفرية مثل “تونس” بعد الإطاحة برئيسها “زين العابدين بن علي” وفي “مصر” حيث الإطاحة بـ”مبارك” ومحاكمته، كل تلك الأحداث أثارت حفيظة الخليج بما في ذلك قطر.
وبالرغم ان من قناة “الجزيرة” الفضائية غطت انتفاضة 2011 في مصر، إلا أنها شاركت دول التعاون الخليجي في معارضة “ثورة البحرين” بل وقفت مع التدخل السعودي العسكري لحماية النظام الملكي البحريني وسحق المظاهرات وقتها.
“الإخوان المسلمين” نقطة فارقة في الإختلاف هذه المرة..
لكن مع زيادة نفوذ تنظيم “الإخوان المسلمين” سياسياً في أعقاب هذه الانتفاضات، رسمت قطر مساراً مستقلاً وأيدت بقوة هذه الجماعات، وهو ما يعكس قرار الدوحة جزئياً وميولها الأيديولوجية، حيث كان الأمير القطري “حمد بن خليفة”، وقتها، قريب من رجل الدين المصري “يوسف القرضاوي”، وهو المرشد الروحي للإخوان الذين عاشوا في قطر منذ عام 1961، وكانت شبكة “الجزيرة” قد وفرت لفترة طويلة منصة رأي للقرضاوي وغيره من الإخوان لتعزيز إيديولوجية الجماعة الثيوقراطية. وهو ما يعكس اعتبارات الدوحة الاستراتيجية بعد فوز الإخوان في الانتخابات في “مصر وتونس” عام 2013، وإعتبار الإخوان ممثلين للموجة السياسية للمستقبل. وبشكل عام، لم يمثل الإخوان أي خطر داخلي على النظام القطري، لأن الدوحة حلت التنظيم المحلي في عام 1999.
إلا أن السعودية الإمارات، إعتبرا ظهور جماعة الإخوان بهذا النفوذ يشكل تهديداً خطيراً، حيث تسعى إلى إنشاء “دولة إسلامية عالمية” تحت سيطرتها، مما يعني إسقاط تلك الحكومات الإسلامية التي ليست تابعة لجماعة الإخوان، مما أقلق كل من الرياض وأبوظبي من أن يؤدي نجاح الإخوان في “مصر وتونس” إلى تنشيط جماعات الإخوان في بلدانهم. على الرغم من حل الإمارات جماعة الإخوان، المعروفة بجماعة الإصلاح في أبو ظبي عام 1994.
الإطاحة بـ”مرسي” في مصر كان حلم سعودي إماراتي..
يشرح “تريغر” أنه في البداية، حاول قائد الإخوان “محمد مرسي” أثناء وجوده في السلطة تخفيف هذه المخاوف من خلال زيارة الرياض بعد وقت قصير من فوزه في الانتخابات الرئاسية المصرية في حزيران/يونيو 2012، وحاولت الإمارات إشراك “مرسي” بدعوته إلى أبو ظبي. ولكن انتقادات قادة الإخوان المستمرة والصارمة لدولة الإمارات، وخاصة فيما يتعلق بمحاكمة أبوظبي للإصلاح في عام 2013، أدت إلى تفاقم المخاوف السعودية والإماراتية بشأن نوايا الإخوان الطويلة الأجل. لذلك عندما رد الجيش المصري على الاحتجاجات الجماهيرية بالإطاحة بـ”مرسي” في تموز/يوليو 2013، اعتقدت السعودية والإمارات أنهما أطلقا رصاصة النهاية التي أعقبت انتفاضة طويلة مع الإخوان، ولذلك دعموا بقوة وزير الدفاع المصري آنذاك “عبد الفتاح السيسي” الذي تخلص من حكم الإخوان في مصر.
وعلى الرغم من التهديد المميت الذي شهده شركاء الخليج من الإخوان، واصلت قطر رسم مسار مؤيد لهم، حيث منحت قطر ملجأ لبعض قادة الإخوان الذين هربوا من مصر بعد الإطاحة بهم من الحكم في 2013، واستضافتهم شبكة قنوات “الجزيرة” في فندق الدوحة من فئة الخمس نجوم ومنحتهم أوقات بث واسعة لتعزيز قضيتهم. كما بثت قناة “الجزيرة” احتجاجات جماعة الإخوان المناهضة لما وصفوه وقتها بـ”الإنقلاب”، ورداً على ذلك سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفرائها من الدوحة في آذار/مارس 2014 متهمة إياها بانتهاك مبدأ مجلس التعاون الخليجي والتدخل في الشؤون الداخلية للأعضاء. تم حل الأزمة بهدوء بعد شهرين، وغادر قادة الإخوان المصريون الدوحة في وقت لاحق من ذلك العام.
ولكن من وجهة نظر “السعودية والبحرين والإمارات”، لم تلب “قطر” أبداً اتفاقية عام 2014 بعد المصالحة، واستمرت في أن تكون حلقة وصل بين شبكات الإخوان الإقليمية، محتضنة “حركة حماس”، التي هي فرع الإخوان المسلمين في غزة، على الرغم من إدراج واشنطن للحركة ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، وتستمر “الجزيرة” في منح “القرضاوي” مساحة للرأي عبر شبكتها الإعلامية.