الإختراقات الإلكترونية .. أحدث حروب الدول العظمى

الإختراقات الإلكترونية .. أحدث حروب الدول العظمى

مع فوز الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” أمام منافسته “هيلاري كلينتون” بمنصب الرئاسة في البيت الأبيض تشرين ثان/نوفمبر 2016، غير المتوقع بحسب أغلب المحللين السياسيين ومراكز الأبحاث والاستقصاءات، خرجت وقتها تسريبات من الاستخبارات الأميركية والمباحث الفيدرالية تتحدث عن عمليات اختراق إلكترونية نفذها مجهولون كان لها أكبر الأثر في ترجيح كافة الرئيس الرأسمالي ترامب، أو على الأقل تقليل فرص فوز كلينتون !

الأمر الذي أدى بكبار مسؤولي “السي. آي. إيه” (الاستخبارات الأميركية) إلى الإدلاء بشهادتهم في الخامس من كانون ثان/يناير 2017، حول ما سمي بعمليات اختراق إلكتروني اتهمت روسيا بالوقوف خلفها في أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية، رغم أن ترامب شكك فيما توصلت إليه الاستخبارات حول ضلوع موسكو في هذه العمليات.

جميع أجهزة الاستخبارات الأميركية أكدتها..

بعدها أطلع مديرو الاستخبارات ترامب على عمليات الاختراق الإلكتروني التي استهدفت خصوصاً “الحزب الديمقراطي”، وشملت الشهادات كلاً من مدير المخابرات العامة “جيمس كلابر”، ومدير وكالة الأمن الوطني “مايك روغرز”، ووكيل وزارة الدفاع لشؤون المخابرات “مارسيل ليتر”، أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ التي يرأسها الجمهوري “جون مكين”.

تزامنت شهادات مسؤولي الأجهزة الاستخباراتية الأكبر في العالم بعد أسبوع من قرار الرئيس الأميركي السابق، “باراك أوباما”، طرد 35 روسياً اتهمتهم إدارته بالتجسس على الولايات المتحدة، كما فرضت عقوبات على وكالتي مخابرات روسيتين للاشتباه في ضلوعهما في اختراق أنظمة جماعات سياسية أميركية خلال الانتخابات الرئاسية، ما اعتبر وقتها أنه انتقام من أوباما لخسارة حليفته هيلاري للانتخابات.

نفي بطعم الإثبات..

روسيا بدورها وعلى لسان الرئيس “فلاديمير بوتين” نفت هذه الإدعاءات، لكنه نفي بطعم الإثبات، إذ قال لبلومبيرغ بدلاً من البحث عن من سرب أو اخترق الأنظمة الإلكترونية.. علينا أن نسأل ماذا سرب ؟!

انتهى الأمر في أميركا – مؤقتا – بالقبول بترامب رغم ما شهدته بعض المدن من احتجاجات واستمرار يقين الأجهزة الاستخباراتية الأميركية أن هناك تلاعباً وقع خاصة في الولايات التي تعتمد على التصويت الإلكتروني لتكرار حصول “هيلاري كلينتون” على نسب قليلة من التصويت في مواجهة ترامب رغم تمتعها بشعبية كبيرة في هذه المدن والولايات !

وعقدت في الثامن من آيار/مايو 2017 جلسة استماع بشأن التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016.

أوروبا تعيش قلقاً غير مسبوق..

على جانب آخر تعيش أوروبا حالة من القلق الاستخباراتي لخروج التسريبات الإلكترونية عن سيطرتها وتخوفات من تأثير وتوجيه مباشر وغير مباشر للناخبين في اي انتخابات رئاسية أو برلمانية مقبلة تسمح بفرض وجهة نظر أو تأتي بأشخاص تفكيرهم وأجندتهم لا يخدمان أوروبا، بل يعمل على تحقيق أهداف دول تسعى لزعزعة الاستقرار الأوروبي السياسي والاقتصادي لصالح كيانات بعينها، فما أن بدأ السباق الانتخابي في فرنسا، حتى مالت موسكو لدعم مرشح بعينه وهي “ماريان لوبان” عبر تصريحات شبه رسمية وتوجيه منظم لحملات إعلامية تروج لها، ما عزز الشكوك الاستخباراتية أكثر بشأن موسكو !

محاولات لتشييد حائط صد إلكتروني ضد الاختراقات..

ففي الأشهر القليلة الماضية، وبحسب تقارير غربية سربتها أجهزة استخبارات أوروبية لوسائل الإعلام، فإن السياسيين ومسؤولي المخابرات في كل من فرنسا وألمانيا كثفوا تحذيراتهم من التدخل الروسي المتوقع في الانتخابات بالبلدين.

وأبرز تلك التصريحات ما ذكره رئيس جهاز الاستخبارات الفيدرالي الألماني “برونو كال” في تشرين ثان/نوفمبر 2016 بعد نحو 7 أشهر من تعيينه في هذا المنصب، من أن ألمانيا تمتلك أدلة على وقوع هجمات إلكترونية في اوروبا ليس لها أي هدف سوى إثارة البلبلة السياسية والتشكيك في المرشحين والعملية الانتخابية والسياسية برمتها.

وأتبع تلك التصريحات تعبير المستشارة الألمانية “أنغيلا ميركل” عن مخاوف مماثلة من معلومات تشير إلى احتمالية تأثير موسكو على الانتخابات البرلمانية في ألمانيا والمقرر لها أيلول/سبتمبر 2017.

الفرنسيون تعاملوا بحذر واستوعبوا اختراقات أميركا..

الفرنسيون بدورهم أخذوا التحذيرات الاستخباراتية على محمل أكثر جدية وحزماً قبل بدء الانتخابات الرئاسية في نيسان/أبريل – مرحلة أولى – وآيار/مايو 2017 – مرحلة ثانية – خشية الوقوع في الفخ الذي وقعت فيه أميركا من اختراقات لمواقعها الانتخابية، ورغم ذلك فإن “غيوم بوبارد” المدير العام للوكالة الوطنية الفرنسية لنظم المعلومات ألمح في كانون أول/ديسمبر 2016، إلى شعور فرنسا بالقلق نتيجة معلومات ودلائل تشير إلى محاولات التدخل في التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية، واصفاً إياه بالتدخل الأجنبي، كاشفاً عن أهم تحد يواجه “الديمقراطيات الغربية” على حد وصفه وهو “تطور القدرات والتهديدات الرقمية” بهدف “زعزعة الأنظمة الأوروبية سياسياً واقتصادياً”.. والتي من شأنها أيضاً بث الشائعات التي تعصف بالاقتصاد والاستثمارات وتتسبب في ارتفاع أعداد العاطلين وربما تؤدي إلى العنف السياسي بترويج المعلومات المغلوطة.

مؤسسات فرنسا وألمانيا غير مؤهلة لمجاراة الهجمات..

التقارير بينت أن ألمانيا وفرنسا ليستا مؤهلتين للتعامل مع مثل هكذا هجمات، كما أن المؤسسات الحكومية بالبلدين لا تمتلك القدرة على صد اي خروقات رقمية على الشبكات الإلكترونية، فضلاً عن عدم وعي السياسيين أنفسهم والمواطنين بكيفية التعامل مع هذا النوع من الحروب غير المعلنة في “الكابلات” وعبر الهواء !

الحواسيب السيبرانية هي الحل..

يقول مسؤولون غربيون إنه لا بديل عن تفعيل “الحواسيب السيبرانية” في مؤسسات الدولة المختلفة منعاً لأي اختراقات إلكترونية، إذ أنها تعمل كشبكات داخلية متصلة ببعضها البعض وفي حال حدوث أي محاولة للاختراق أو عطل في أي مؤسسة يتم الإبلاغ فوراً والتصدي له.

فرنسا قلقة من التأثير على انتخابات البرلمان..

رغم نجاة فرنسا من محاولات الاختراق “السياسي” المؤثر في انتخابات الرئاسة، إلا أنها تتخوف من نجاح هذه الاختراقات في التأثير على انتخابات البرلمان المقررة في حزيران/يونيو 2017، خاصة بعد اختراق رسائل البريد الإلكتروني لحملة المرشح الفائز – قبل التصويت النهائي – “إيمانويل ماكرون” وتسريب رسائل ووثائق تتعلق بتمويل الحملة.

هل تمتلك روسيا كتيبة من “الهاكرز” المحترفين ؟

لكن تبقى روسيا المتهم الأول بامتلاكها كتيبة من المخترقين المحترفين “هاكرز” القادرين على السيطرة على أي حاسوب أو أجهزة مرتبطة بالشبكات التي لها اتصال بخادمات إلكترونية، وأنها تستغلها في التلاعب والاختراقات للتأثير في الانتخابات وتوجيه الدول الغربية لاختيار صناع قرار يميلون إلى دعم وجهة النظر الروسية في المستقبل، رغم هذه الاتهامات، هل يعني تنفيذ هذه الاختراقات من أجهزة تقع على الأراضي الروسية ضلوع موسكو رسمياً، أم أن هناك من يستغلها ؟!

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة