كتب – محمد بناية :
عاد الذباب الأبيض إلى العاصمة الإيرانية كما تنبأ خبراء البيئة، وبحسب تقرير وكالة آنباء “مهر” الإيرانية، شبه الرسمية، لم يعد القلق يساور سكان طهران بشأن تجمع الحشرات الصغيرة البيضاء حول الأشجار. فقد هاجمت هذه الحشرات الصغيرة العاصمة العام الماضي، وأضفت المرارة على أفواه المواطنيين لأشهر. ولكن برودة الطقس ساهمت في خلو طهران تدريجياً من هذه الحشرات الجديدة.
ولكن في الوقت نفسه حذر خبراء البيئة من احتمالات هجوم الملايين من الذباب الأبيض على طهران مجدداً حال عودة الطقس إلى درجات الحرارة المعتدلة.
ما هو الذباب الأبيض ؟
لكن ما هي هذه الحشرة الصيفية وكيف تتكاثر ؟.. “الذباب الأبيض” هو نوع من الآفات التي تهاجم قطاعات واسعة من المحاصيل الزراعية، والحدائق، والأعشاب الضارة، ونباتات الزينة. لكن أكبر هذه التجمعات يتركز بين النباتات الزراعية، والقطن، والمحاصيل الصيفية، والطماطم، والسمسم، وعباد الشمس.
وفي الشتاء تمر البيوض بمراحل النمو المختلفة، من اليرقة إلى الحشرة الكاملة. وطول مرحلة النمو مرتهن بدرجة حرارة البيئة. وتبلغ دورة حياة الجيل الواحد حوالي 15 يوماً، وربما يصل عدد الأجيال في العام الواحد إلى 15 جيلاً.
والخسائر المباشرة لهذه الحشرة تظهر في ضعف الشجيرات وكذا تلوث الأوراق وجميع سيقان النباتات بالمن، ونمو الفطر الأسود والحيلولة دون عملية البناء الضوئي. أما الخسارة غير المباشرة للحشرة فيظهر من خلال تفشي أكثر من 19 مرضاً فيروسياً على 50 نوعاً من المضيف. ولا تتسبب هذه الآفة في ضعف نبات القطن من خلال التغذي على السائل النباتي فقط، وإنما تعبث بترشيحاتها على إلتصاق الألياف. حيث تدفع الحشرة الكاملة واليرقات بخرطومها داخل النسيج على ظهر الورقة وتمتص سائل النبات وبالتالي تقل نسبة المياه والمواد من النبات وتظهر بقع أرجوانية اللون على سطح الورقة، ومن ثم يضعف النبات تدريجياً ويتحول إلى اللون الأصفر.
أسباب التجمعات المليونية للذباب الأبيض..
يعتقد بعض خبراء البيئة أن هذه الحشرة الصغيرة تتكاثر بالمليارات. يقول “قاسم علي أكبر” خبير مكافحة الحشرات الغازية: “الزيادة المطردة في أعداد هذه الحشرة، يكمن في تغيير غذائها أو التدخل البشري غير المختص في حياة أو طرق مكافحة هذه الحشرة، أو التغيير المفاجئ في الماء والطقس وإقليم بحر قزوين”.
وأضاف حول هذه الحشرات الغازية: “بسبب عجز هذه الحشرات عن التحليق لمسافات طويلة، تعمد إلى التحليق مع الرياح ومن ثم تغير على الموقع التالي. ولا يقتصر هجوم هذه الحشرات على الآلاف أو الملايين فقط، وإنما قد يصل إلى حد المليارات بل والتريليون”.
لكن مسؤولوا البلدية لا يساورهم القلق حيال هذا الذباب. حيث أشار “علي محمد مختاري” رئيس منظمة الحدائق والمساحات الخضراء في بلدية طهران، إلى أن الذباب الأبيض من الآفات ذات الدرجة الثانية وقال: “لا تمثل هذه الحشرة أي ضرر على المساحات الخضراء بالمدينة، لكننا بصدد إعداد مكافحة ميكانيكة لهذه الحشرة”.
وأضاف: “تُعرف هذه الحشرة باسم الذباب الأبيض بسبب وجوه الشبه وحبوب اللقاح البيضاء على أجنحتها. هذه الحشرات، وآفات البساتين والمزارع الخضراء الكائنة بالأجواء الخضراء بالمدينة، ليست إلا آفة من الدرجة الثانية ولا تعتبر من الآفات الرئيسية”.
وبحسب “مختاري” فإن أحد أسباب انتشار هذه الحشرة في محيط المدينة هو وضع الماء والهواء وبخاصة طول فترات الدفء في فصل الصيف. فعندما تطول فترات الدفء تتزايد أعداد هذه الحشرة، مع هذا فالسبب الرئيس يكمن في التغييرات التي طرأت على النظام البيئي، أي بسبب الاستفادة غير المتوازنة للسموم الكيماوية الرديئة بالمزارع على أطراف طهران، والتي تقضي على الأعداء الطبيعية للذباب الأبيض مثل الدبابير، ما يترتب عليه زيادة أعداد تلك الحشرة.
استعدادات طهران لمواجهة هجوم الذباب الأبيض..
رأى مسؤولي البلدية العام الماضي أن الطريقة المثلى لمكافحة الذباب الأبيض هو الماء المستعمل وتركيب شريط أصفر حول الأشجار. ومن المقرر خلال العام الجاري السيطرة على أعداد هذه الحشرة بنفس الطريقة.
ويؤكد “علي محمد شاعري” رئيس قيادة البيئة والتنمية المستدامة ببلدية طهران، على عودة ظاهرة الذباب الأبيض إلى العاصمة ويقول: “أمضى الذباب الأبيض فصل الشتاء على مستوى المدينة، وبدأ في دورة التكاثر وتجديد النسل بالتزامن مع فصل الصيف، ولو كانت أجواء الماء والهواء تشبه ما كان في العام الماضي، فسوف يقل المطر ومن ثم تتنامى احتمالات كثرة أعداد هذه الحشرة”.
وأردف: “إذا كانت درجة حراة طهران متوازنة وعادت إلى المستوى المناسب، فلن نشهد هجوم هذه الحشرة ومع هذا فقد استعدت البلدية لمكافحة الذباب الأبيض وبدأت في اتخاذ الإجراءات اللازمة منذ الآن”.
وبحسب شاعري، فالماء المستعمل، وتركيب لاصق أصفر اللون على الأشجار وجمع الأفرع المصابة والتخلص منها، كما أننا وبالتعاون مع وزارة جهاد الزراعة والمؤسسات البحثية ذات الصلة بصدد البحث عن خطة مناسبة لمكافحة هذه الحشرات.
وأردف: “أفضل طريقة لمكافحة هذه الحشرات، هو الاستفادة من الأعداء الطبيعية. كذا السيطرة عليها في الأراضي الزراعية قبل التكاثر”.
وفي معرض إجابته عن سؤال بشأن احتمالات تكرار هجوم الذباب الأبيض على العاصمة كل عام قال: “هذه الحشرات تسكن بلادنا قبل خمسون عاماً وتزداد بحسب نوع الماء والهواء. وأفضل الطرق لمكافحتها هي الأعداء الطبيعية والتي تسيطر على أعداد هذه الحشرة وتمنع من انتشارها”.
وشدد على أنه لا يمكن إبادة الحشرات بشكل تام وإنما لابد من إدراة الأزمة وأوضح: “يتماثر الذباب الأبيض كل عام بمعدل 10 – 12 مرة، وتضم المرة الواحدة حوالي مائة بيضة، وكل بيضة تنتج عدة حشرات، وبالتالي يتزايد أعداد الذباب الأبيض بشكل تصاعدي، والسبب في ظهورها هو تغيير الماء والهواء والإخلال بالتوازن الإيكولوجي للبيئة، وهذا لا يقتصر على طهران فقط، وإنما شوهدت الحشرة في كرمان وعدد من المراكز الأخرى. ويبدو أن الذباب الأبيض هو أحد ضيوف الصيف على العاصمة، وما من سبيل للقضاء عليه، وعلى المواطنيين تعلم كيفية التعايش بسلام مع الذباب الأبيض كما يفعلون مع الفئران.