خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في فصلٍ جديد من فصول المناخ المتغيّر؛ تُعاني العديد من دول العالم من تقلبات غير طبيعية، ففي “أميركا” قررت الإدارة الأميركية إغلاق المقار الحكومية في العاصمة؛ “واشنطن”، مساء أمس الاثنين، بسبب مخاطر هبوب عاصفة شديدة وتوقع وصول إعصار.
وقالت خدمة الأرصاد الجوية الأميركية، إن منطقة العاصمة تترقب وصول إعصار مصحوب برياح عاتية مدمرة.
وستُغلق أيضًا المقار والمسّابح والخدمات البلدية الأخرى أبوابها في منطقة “واشنطن” مبكرًا.
وقال مكتب إدارة شؤون الموظفين بـ”الولايات المتحدة”، إن على الموظفين الاتحاديين مغادرة مكاتبهم.
ويُغطي التحذير من الإعصار: “ميريلاند” و”واشنطن”، ومعظم ولاية “بنسلفانيا” و”فرجينيا”.
إلغاء أكثر من 1100 رحلة جوية..
وقال موقع (فلايت أوير) لتتبع الرحلات الجوية؛ إن أكثر من: 1100 رحلة جوية أميركية أُلغيت، منها: 75 في “مطار واشنطن ريغان الوطني”، أو: 17% من الرحلات، وتأجلت: 4100 رحلة جوية أميركية أخرى.
وفي وقتٍ سابق؛ حذرت “هيئة الأرصاد الجوية” الأميركية، من احتمال هطول أمطار غزيرة ورياح عاصفة وأعاصير وفيضانات على الساحل الشرقي لـ”الولايات المتحدة”، بما في ذلك “واشنطن”.
وقالت “هيئة الأرصاد الجوية” الأميركية في بيان؛ إنه: “من المحتمل أن يكون الطقس سيئًا في المناطق الشرقية من البلاد، ومن بين التهديدات الرئيسة الرياح المدمرة، والأعاصير في المناطق الجنوبية والوسطى من المناطق الشمالية لجورجيا والجنوب ونورث كارولينا، وست فرجينيا، فيرجينيا إلى ولايات وسط المحيط الأطلسي، ميريلاند، ديلاوير، بنسلفانيا، نيويورك، نيو جيرسي”.
كما حذرت “هيئة الأرصاد الجوية” الأميركية؛ من أن الطقس في “واشنطن” قد يتدهور بشكلٍ كبير في فترة الظهيرة، مع توقع هطول الأمطار وهبوب رياح تصل إلى: 26 مترًا في الثانية.
عاصفة ثلجية في “ريوتلنغن” الألمانية..
وفي “ألمانيا”؛ غطت عاصفة ثلجية شوارع وسط مدينة “ريوتلنغن”، بطبقة من الثلج حوالي: 30 سنتيمترًا من الثلج، ومازالت شركات كاسّحة الجليد وتعمل على إزالتها.
كما أن أوراق الشجر التي تسّاقطت في غير أوانها تسّببت في سّد فتحات التصريف للمياه، لذلك تدفقت مياه الثلج إلى مواقف السيارات تحت الأرض، والطوابق السُفلية والمباني السكنية.
كما تم نشر حوالي: 250 من أفراد فرقة الإطفاء المحترفة؛ وجميع إدارات فرقة الإطفاء التطوعية الليلة في حوالي مئة مهمة.
تضرر ثُلثي “سلوفينيا”..
في “سلوفينيا”؛ تسّببت عواصف شديدة في حدوث فيضانات وانهيارات أرضية مدمرة، ما أسّفر عن مقتل: 06 أشخاص. تضرر ثُلثا “سلوفينيا” من جراء الكارثة الطبيعية، وتُقدر الأضرار بأكثر من نصف مليار يورو.
وغمرت المياه العديد من مسّارات القطارات والطرق السّريعة؛ منذ يوم أمس، بسبب الأمطار الغزيرة.
كما تم العثور على جثتي سائحين أجنبيين مجهولي الهوية في منطقة غابات؛ حيث كانا يتنزهان وغرقت امرأة في منزلها، كما اضطر عمال الحماية المدنية إلى إجلاء عشرات الأشخاص بمساعدة طائرات الهليكوبتر، بما في ذلك مرضى من مستشفى للأمراض النفسية في “بيجونغ”، شمال البلاد، بالقرب من الحدود النمساوية، حيث غّمر كل من الطابق السُفلي والطابق الأرضي بالكامل.
إغلاق المعابر الحدودية..
وفي “النمسا”؛ تأثرت “كانتون كارينثيا الألبية”، وهي وجهة شهيرة لقضاء العطلات، كما تم إغلاق العديد من المعابر الحدودية بين “النمسا” و”سلوفينيا”؛ بسبب الفيضانات والانهيارات الطينية والحطام، وتسّببت الأمطار الغزيرة في حدوث انهيارات أرضية وفيضانات في جنوب البلاد.
ووفقًا للسلطات؛ تم الإعلان عن إنذار الحماية المدنية في “ستيريا” و”كارينثيا”، ويُطلب من المواطنين عدم السفر بالسيارة إلا في حالة الضرورة القصوى، حيث أعلنت مقاطعة “كارينثيا”: 80 انهيارًا أرضيًا كبيرًا، بينما سّجلت مقاطعة “ستيريا” المجاورة: 280 انهيارًا أرضيًا.
كما طالبت الحماية المدنية؛ السُكان، بالذهاب بشكلٍ مؤقت إلى منازل الأصدقاء والأقارب الذين هم في أمّس الحاجة إليها لأن العديد من ملاجيء الدولة ليست آمنة، وتم إنشاء مأوى للطواريء في منشأة عامة لأولئك الذين ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه.
وفى “كرواتيا”؛ اندلعت حالة تأهب شديدة خوفًا من انتشار الفيضانات، في شمال البلاد، وارتفع منسّوب مياه الأنهار بشكلٍ كبير وسّريع للغاية، دون أي انخفاض في التوقعات حتى الآن.
وتم إعلان حالة الطواريء في أجزاء مختلفة من البلاد، واستخدم السُكان أكياس الرمل كحواجز مؤقتة لمنع حدوث أضرار جسّيمة في منازلهم.
تحذير من منخفض جوي فوق “إيطاليا”..
من جانبه؛ يُحذر “معهد الأرصاد الجوية” الحكومي النمساوي، من أن منطقة الضغط المنخفض فوق “إيطاليا” ستجلب كميات كبيرة من الأمطار تصل إلى: 60 لترًا لكل متر مربع؛ يوم السبت.
ويوضح عالم الأرصاد؛ “هانيس ريدر”: من المتوقع حدوث فيضانات وتدفقات طينية أخرى، خاصة في جنوب “النمسا”، حيث أن الأرض مشّبعة بالفعل بالأمطار الأخيرة.
فيضانات وانزلاق تربة..
وتسّببت العاصفة (هانز) في هطول أمطار غزيرة وهبوب عواصف رعدية عنيفة على “السويد” و”النرويج”، ما أدى إلى حدوث فيضانات على الطرق، وتعطل بعض خدمات السّكك الحديدية والعبّارات.
وفي “فيتنام”؛ توفي ثمانية أشخاص في فيضانات وانزلاقات تربة، حيث هطلت أمطار غزيرة منذ مطلع آب/أغسطس الجاري، بعد موجات حر عدة، وجفاف متواصل منذ أشهر، وألحقت الأحوال الجوية السيئة أضرارًا بمئات المنازل، وأتت على مساحات مزروعة، ونشرت وسائل الإعلام المحلية صورًا لمنازل جرفتها السّيول، فضلاً عن طرق مقطوعة مع انتشار أشجار مقتلعة، وتعذر الوصول إلى البلدات الجبلية.
قتلى بسبب فيضانات إعصار “دوكسوري” في “الصين”..
وفي “الصين”؛ لقي: 14 شخصًا مصرعهم منذ مطلع الأسبوع الجاري؛ في مدينة “شولان”، بسبب الفيضانات الناجمة عن الإعصار (دوكسوري).
ويشهد شمال شرق “الصين” و”بكين” وإقليم “خبي” سّقوط أمطار غزيرة وفيضانات منذ وصول الإعصار للبر في “إقليم فوغيان” الجنوبي، وجاءت الوفيات المسّجلة في “شولان” في “إقليم غيلين” بعد مقتل أكثر من: 20 شخصًا؛ الأسبوع الماضي، في “بكين” و”خبي”، وكان ثلاثة من المسؤولين المحليين ضمن القتلى في “شولان”، منهم نائب رئيس البلدية بالمدينة.
وقالت السلطات المحلية إن المياه في بعض قطاعات “نهر سونغهوا”، النهر الرئيس في شمال شرق “الصين”، ورافد “نينغيانغ” لاتزال في مسّتويات مرتفعة على نحو خطر.
وأرسل “المقر الوطني الصيني لمكافحة الفيضانات والإغاثة من الجفاف”: 10 فرق للمسّاعدة في أعمال الإنقاذ والإغاثة في المناطق المتضررة من الفيضانات، فيما خصّصت “وزارة الطواريء” فرق إنقاذ محترفة للمناطق الأكثر تضررًا.
تأثر 80% بارتفاع حرارة تموز..
في مطلع الشهر الجاري؛ أظهر بحث نشرته “منظمة المناخ المركزي”؛ أن أكثر من: 80 في المئة من سُكان العالم عانوا من ارتفاع درجات حرارة؛ خلال تموز/يوليو 2023، بشكلٍ أكبر مما كانوا سيشعرون به دون آثار تغيّر المناخ.
وقامت المنظمة غير الربحية بتحليل مناخ تموز/يوليو: لـ 4.711 مدينة حول العالم؛ ووجدت أنه بالنسّبة لأكثر من: 6.5 مليار شخص، أو أكثر من: 80 في المئة من سكان العالم، شعروا بدرجات حرارة أعلى بسبب تغيّر المناخ.
وبلغ عدد الأشخاص الذين عانوا من هذا المستوى من الحرارة ذروته في 10 تموز/يوليو الماضي، عندما توقعت المنظمة غير الربحية أن: 3.5 مليار شخص قد عانوا من مسّتوى مؤثر تغيّر المناخ بدرجة لا تقل عن: 3.
وكانت الدول الجزرية معرضة بشكلٍ خاص لتأثيرات المناخ، مرددة تحذيرات متكررة من قادة تلك الدول. وكان لدى ما يقرب من: 900 مدينة في جميع أنحاء العالم 25 يومًا على الأقل في تموز/يوليو 2023؛ مع مستوى: 3 أو أعلى، والعديد منها في الشرق الأوسط أو الجنوب، وتشمل “مكسيكو سيتي، وفلوريدا، وهافانا، والإسكندرية، والجزائر”.
وعلى الرغم من أن نهاية شهر تموز/يوليو؛ كانت حديثة جدًا بالنسبة لمعظم الأبحاث، بما في ذلك بحث “المناخ المركزي”، التي لم تتم مراجعتها من قبل الأقران، تُشير البيانات المبكرة إلى أن شهر تموز/يوليو أكثر الشهور سخونة على الإطلاق.
وحددت “المنظمة العالمية للأرصاد الجوية”؛ التابعة لـ”الأمم المتحدة”، وخدمة (كوبرنيكوس) لتغّير المناخ التابعة لـ”الاتحاد الأوروبي” – الأسبوع الماضي – أن الأسابيع الثلاثة الأولى من الشهر كانت الأكثر سخونة لمدة ثلاثة أسابيع مسّجلة، حيث كان السادس من تموز/يوليو؛ هو الأكثر سخونة على الإطلاق عالميًا.
تكلفة تغيّر المناخ يحتاج بين 46 و230 تريليون دولار أميركي..
وفقًا لدراسة حديثة أخرى؛ بقيادة الدكتور “تايكان أوكي”، نائب رئيس “الأمم المتحدة” السابق، أجرى فريق من الباحثين من: 23 مؤسسة، بما في ذلك “جامعة طوكيو”، و”المعهد الوطني للدراسات البيئية”، و”جامعة كيوتو”، تحليلاً للتكلفة والعائد بشأن تغيّر المناخ، ودمج الجوانب غير السّوقية التي تم التغاضي عنها سابقًا مثل فقدان التنوع البيولوجي، والآثار المترتبة على صحة الإنسان.
وقام الفريق بحساب تكلفة تغيّر المناخ للأنظمة ذات الأولوية المتنوعة، وقدر التكلفة الإجمالية بما في ذلك التخفيف بين عامي: 2010 و2099؛ بما يتراوح بين: 46 و230 تريليون دولار أميركي.
تُظهر النتائج أن الفوائد المالية للحد من تغيّر المناخ غالبًا ما تكون مماثلة لتكلفة جهود التخفيف، ويُقدر فريق البحث تكلفة جهود التخفيف الإضافية بما يتراوح بين: 45 و130 تريليون دولار أميركي، بينما تتراوح الفوائد المالية لجهود التخفيض هذه من: 23 إلى 145 تريليون دولار أميركي، ووجدوا أنه لكي يكون هدف درجة الحرارة 2 درجة مئوية ممكنًا اقتصاديًا، يجب أن يكون هناك تركيز أكبر على التأثير المستقبلي للتنوع البيولوجي والعوامل الصحية، بحجة أن هذه العوامل ستُصبح أكثر إلحاحًا في المستقبل.
تُظهر الدراسة أنه من الأفضل التعامل مع تغيّر المناخ بطريقة متكاملة مع مراعاة قضايا التنوع البيولوجي والصحة جنبًا إلى جنب مع العوامل الاقتصادية، هذا صحيح بشكلٍ خاص عندما تؤخذ القيم غير السوقية في الاعتبار الكامل بما في ذلك العوامل الصحية مثل أمراض الإسهال والملاريا، وانخفاض الأنواع على الأرض مثل الأسماك والحشرات.
ليس على المسّار الصحيح !
يقول الدكتور “أوكي”؛ الذي كان سابقًا المؤلف الرئيس المنسّق للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ: “إن سعي العالم لتحقيق أهداف المناخ ليس على المسّار الصحيح حاليًا، سيعتمد مستقبلنا على مدى الأهمية التي نوليها للمخاطر مثل الأحداث واسعة النطاق التي لا رجعة فيها، وكذلك كيفية قبولنا لها والتعامل معها، أحد أسباب ذلك هو أن تكاليف التخفيف غالبًا ما تكون مماثلة أو تُزيد عن الفوائد الاقتصادية للحد من تغيّر المناخ، ويجب أن نولي أولوية أعلى للسّلع غير النقدية مثل صحة الإنسان والتنوع البيولوجي وتسّريع الابتكارات التكنولوجية لتقليل تكلفة التخفيف”.