كتبت – نشوى الحفني :
بعد صمت دام مدة 20 يوماً، منذ اندلاع الأزمة الخليجية القطرية، أجرى الرئيس الإيراني “حسن روحاني” اتصالاً هاتفياً مع أمير قطر “تميم بن حمد آل ثاني”، الأحد 25 حزيران/يونيو 2017، قال فيه “إن بلاده تريد توثيق العلاقات مع قطر”، مؤكداً “روحاني” على وقوف بلاده حكومة وشعباً إلى جانب الحكومة والشعب القطري، مشيراً إلى أن سياسة طهران تركز على تعزيز العلاقات مع الدوحة.
وأعرب “روحاني” عن استعداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتقديم مساعداتها وتعاونها لإحلال الهدوء في المنطقة، مؤكداً على رفض طهران فرض الحصار على قطر، لافتاً إلى أن الطرق البرية والبحرية والمجالات الجوية الإيرانية مفتوحة دوماً أمام قطر باعتبار أنها بلد شقيق وجار لإيران.
من جانبه، قال الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني” إن علاقات إيران وقطر كانت دوماً علاقات متنامية وقوية، معرباً عن استعداد بلاده لتطوير العلاقات الشاملة بين البلدين والتعاون لحل مشاكل العالم الاسلامي، وهو ما جعله يقوم بمعايدة “روحاني” بمناسبة عيد الفطر المبارك في اتصال ثان، وفقاً لوكالة “تسنيم”.
وهو الموقف الذي يخالف البند الأول في قائمة “المطالب الخليجية”، والذي يطالب “قطر” بتخفيض العلاقات الدبلوماسية مع “طهران”.
المحادثة الهاتفية.. إعلان رفض..
اعتبر مصدر في الخارجية الإيرانية، الاثنين 26 حزيران/يونيو 2017، أن المحادثة الهاتفية بين أمير قطر، الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، والرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، بمناسبة عيد الفطر، بمثابة “إعلان رفض”، لمطالب الدول المقاطعة للدوحة، ومنها تخفيض العلاقات مع طهران.
قائلاً المصدر، في تصريح لوكالة أنباء “إيسنا” الإصلاحية الإيرانية، إن “أمير قطر رد على المطالب الخليجية والعربية من خلال المحادثة مع الرئيس حسن روحاني، بإعلان رفض المطالب”.
مشدداً المصدر على أن طهران “ماضية بدعم قطر في أزمتها مع بعض الدول الخليجية والعربية”.
واصفاً المصدر الشروط، التي قدمتها الدول الخليجة والعربية إلى قطر، بـ”التعجيزية”، معتبراً أن “الدوحة ليست مستعدة لتطبيق هذه الشروط”.
الإتصال الهاتفي سبقته رسالة شفوية..
سبق وأن بعث “روحاني” برسالة للشيخ “تميم”، نقلها “حسين جابري أنصاري” مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية خلال لقاء جمعه بوزير الخارجية القطري الشيخ “محمد بن عبد الرحمن آل ثاني” مساء السبت 24 حزيران/يونيو الجاري، حسبما أوردت وكالة الأنباء القطرية التي لم تذكر تفاصيل الرسالة.
ويُعد “أنصاري” أول مسؤول إيراني رفيع المستوى يزور الدوحة منذ نشوب الأزمة الخليجية في الخامس من حزيران/يونيو الجاري.
سياسة طهران تتماشى مع دول الخليج..
حول ما إذا كانت إيران سبب الخلاف، أكد وزير خارجية قطر، أن سياسة بلاده مع طهران “تتماشى مع سياسات دول الخليج ولم يكن لدينا تعاون يتفوق على تعاون دول الخليج الأخرى”، مشيراً إلى أن “الإمارات هي الشريك التجاري الثاني لإيران”.
ظريف يدعو أوروبا لاستخدام نفوذها..
بدوره دعا وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف”، أوروبا إلى استخدام نفوذها لنزع فتيل التوترات في الخليج، قائلاً في كلمة ألقاها بالعاصمة الألمانية: “إن الدول التي اتهمت إيران أو قطر بالإرهاب تحاول تجنب تحمل مسؤولية فشلها في معالجة مطالب شعبها، وإنها محاولة للتهرب من المسؤولية، والهروب من المساءلة”.
التهدئة كرد فعل أولي..
كان ردُّ الفعل الأولي على التصعيد الخليجي، ضد قطر إيرانياً والتى كانت داعية إلى التهدئة، فيما انتقد بعض المسؤولين الحملة على الأمير “تميم”.
ومع تسارع الأحداث، حافظ الخطاب الإيراني على دبلوماسيته المعتادة، فبقي في موضع الترقب حتى عندما تأزمت الأمور بشكل غير مسبوق.
وكان المساعد المتخصص في الشؤون السياسية في المكتب الرئاسي “حميد أبو طالبي”، أول من عكس، ربما الموقف الإيراني، في تغريدة له على “تويتر”. رأى “أبو طالبي” أن قرار قطع العلاقات “ليس سبيلاً للخروج من الأزمة”، مؤكداً على أن “عهد التحالفات والشقيق الأكبر” قد انتهى.
استفادة إيران من إنشقاق الصف الخليجي..
ما سبق من أسئلة وتصريحات ترافقت مع ضخّ معلومات بشأن: “الحرس الثوري الذي يحمي قصر الأمير تميم” و”فتح إيران أبوابها للأمير” وغيرها من أخبار تدعم “نظرية استفادة إيران من انشقاق الصف الخليجي ومحاولة احتواء قطر”.
في الظاهر الرسمي والدبلوماسي لا يوجد ما يثبت وجود إجراءات مماثلة، إلا أن تلك الأخبار بقيت في إطار البحث عن إثبات ما وُصف بـ”تورط” قطري مع إيران.
وفي تفاصيل البحث عن “التورط”، نشرت صحيفة “فاينانشال تايمز” تحقيقاً يكشف، نقلاً عن مسؤولين سياسيين وعسكريين مطلعين، دفع السلطات القطرية حوالي المليار دولار لضباط استخبارات إيرانيين و”كتائب حزب الله” العراقية و”أحرار الشام” التابعة للقاعدة في سوريا من أجل إتمام صفقة شملت تحرير صيادين قطريين خُطفوا في العراق.
معتبرة الصحيفة أن هذه الصفقة كانت السبب وراء تدهور العلاقات بين قطر والسعودية، التي تحركت لترويض جارتها “المغرورة” كما وصفتها “الفايننشال تايمز”.
تخصيص ميناء “بوشهر” للتبادل الاقتصادي بين إيران وقطر..
في سياق الاستفادة الأيرانية من الأزمة القطرية، كان مساعد الشؤون الاقتصادية لمحافظ بوشهر “سعيد زرين فر”، قد أعلن السبت 10 حزيران/يونيو 2017 إنه سيتم تخصيص ميناء “بوشهر” كمركز للتبادل الاقتصادي بين إيران وقطر، بغية تنمية الصادرات بين الجانبين، وذلك نظراً للمسافة القريبة بين بوشهر وقطر.
مشيراً “زرين”، إلى أن تجار محافظة “بوشهر” لديهم زيارات تاريخية لافتة مع دولة قطر، موضحاً أن تعزيز العلاقات التجارية مع قطر تم الاهتمام به منذ عام 2014، حيث أبرمت اتفاقيات بين الجانبين في هذا الشأن، وذلك وفقاً لوكالة “تسنيم” الإيرانية.
مضيفاً، المسؤول الإيراني، أنه نظراً للظروف المتأزمة التي تمر بها قطر مع دول جوارها، توفرت فرصة مهمة لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين إيران وقطر، مشيراً إلى أنه تم في عام 2014 الاتفاق بين “بوشهر” وقطر على تصدير 22 نوع من المنتجات الإيرانية، قائلاً، نظراً إلى الأزمة في قطر تضاعفت الصادرات الإيرانية إلى قطر.
المجال الجوي الإيراني يستقبل 100 رحلة يومياً..
من جهة أخرى، يستقبل المجال الجوي الإيراني يومياً 100 رحلة إضافية على خلفية توتر العلاقات بين دول عربية وقطر، وإغلاق جميع المنافذ الجوية والبحرية والبرية معها.
وقال “فرهاد برورش”، المدير العام لشركة الطيران الإيرانية، إنه وفقاً للتقارير، ازدادت الرحلات الجوية التي تستخدم المجال الجوي الإيراني بنحو 100 رحلة يومياً، مبيناً في الوقت نفسه أن ذلك لن يؤثر على أنشطة الطيران الإيراني والمجال الجوي لبلاده الذي يملك إمكانيات لاستقبال أعداد كبيرة من الرحلات الجوية، وذلك وفقاً لصحيفة “آيرويز” الأميركية.
هواجس قطرية بسبب التقارب الإيراني..
يسود كثير من الهواجس أوساطاً قطرية من مغبة هذا التقارب “الحميم” بين حكام الدوحة والنظام الإيراني.
وذكرت تقارير من الدوحة، إن هناك جدلاً يحتد داخل الأسرة الحاكمة حول التقارب مع إيران، والخشية من هذه المغامرات غير المحسوبة، ويذهب قطاع عريض من القطريين إلى الخشية من أن يؤدي التقارب مع طهران إلى سقوطها تحت النفوذ الإيراني، شأنها شأن عواصم عربية أخرى، ولذلك يرى مراقبون أنه “ليس من مصلحة قطر الوقوف أمام الدول العربية، كما أنه ليس من مصلحتها التحالف مع إيران”.
تحالف قطر وأيران من أكبر الأزمات..
في هذا السياق، أشارت قناة “راي نيوز” الإيطالية، إلى أن تحالف قطر وإيران يشكل أكبر الأزمات التي قد تواجه المنطقة. وأضافت القناة الإيطالية، أن تعنت قطر أمر غير مفهوم، وعليها إدراك حجمها الصغير وموقعها الجغرافي، ما يجعلها معزولة تماماً، فتعنتها أمام باقي الدول العربية لن يصبّ في مصلحتها في النهاية، خاصة أن إيران لن تبحث إلا عن مصالحها.
إفلاس سياسي..
كما أجمع عدد من السياسيين البحرينيين بأن رهان حكومة الدوحة على “الأجنبي” وفي مقدمتهم “إيران”، يعكس حالة الإفلاس السياسي لحكومة الدوحة، والتي وظفت كافة إمكانياتها المادية لتصدير الإرهاب والموت لجيرانها، موضحين أن المؤامرة القطرية على البحرين والخليج واضحة وساطعة لكل الشعوب الخليجية، ولا يمكن التشكيك بأركانها مؤكدين على أن سياسة إيران وقطر واحدة.
إيران شجعت الحكومة القطرية على التأمر..
الكاتب “أسامة الماجد”، يقول أن ما شجع الحكومة القطرية على التأمر على جيرانها هي “إيران”، والتي شجعت الجارة بتوسيع أجندات التأمر على “البحرين والسعودية والإمارات”، ومن ثم باشرت منذ بدء المقاطعة الخليجية بفتح المجال الجوي الإيراني، وبتصدير المواد الغذائية.
مضيفاً “الماجد” أن المؤامرة القطرية على البحرين والخليج واضحة وساطعة لكل الشعوب الخليجية، ولا يمكن التشكيك بأركانها، خصوصاً فيما يتعلق بتصدير كافة أشكال الفوضى والتخريب لدول الخليج والذي برعت فيه حكومة الدوحة، وبمنهجية عمل واضحة المعالم، تعكس أواصر التعاون الاستراتيجية ما بينها وبين حكومة طهران، متابعاً: “لقد رفع شعار التأمر علينا عيني عينك” وقد يزيد مع الأيام حدة واتساعاً بأشكال مختلفة، ومن البديهي أن يكون كذلك طالما وجدت إيران الثغرة التي تطلق منها النار.
العلاج يكمن في داخل البيت الخليجي..
من جهته، لفت الناشط السياسي “صلاح الجودر” إلى أن الأزمة الراهنة مع قطر لا يمكن معالجتها باستقطاب قوات عسكرية من الخارج، ولا يمكن معالجتها في طهران أو عواصم الغرب وإنما يكمن العلاج في داخل “البيت الخليجي” ذاته.
مؤكداً “الجودر” على أن حالة المظلومية التي يحاول الإعلام القطري اللعب عليها، وتصوير المقاطعة على أنها “حصار وتجويع للشعب القطري، هو بحقيقة الأمر لصرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية للمقاطعة، ومحاولة يائسة من حكومة الدوحة المتأمرة مع الأجنبي لذر الرماد في العيون”.
مستطرداً: إن “موافقة حكومة الدوحة على المطالب الخليجية الـ13 تمثل بوابة العودة إلى البيت الخليجي وجامعة الدول العربية، وكذلك لإطفاء نار الفتنة التي افتعلتها الدوحة، والتي بدأت برهانها على الأجنبي، أولهم إيران، قبالة جيرانها الذين يشاركونها في الجغرافيا والتاريخ وصلة الدم”.
تعنت الدوحة سيضعها في عزلة حقيقية..
أما عضو اللجنة المركزية بتجمع الوحدة الوطنية “جيهان محمد”، فقالت بأن الرهان القطري على الأجنبي لن يجدي نفعاً، مؤكدة على أن هذه السلوكيات تعكس حالة الإفلاس السياسي لحكومة الدوحة والتي وظفت كافة إمكانياتها المادية لتصدير الإرهاب والموت لجيرانها، بشكل يناقض كافة الاتفاقيات الدولية، واتفاقيات التعاون الخليجي والدفاعي المشترك.
ورأت “جيهان” ما تروجه ماكينة الدوحة الإعلامية عن حسن النوايا تجاه دول الخليج، يعكس حالة التعمق الشديدة لها، وحل التقية السياسية، والتي ترتكز على إظهار عكس ما تبطن من نوايا خبيثة ودنيئة.
مشيرة إلى أن تعنت الدوحة في مواقفها قبالة مطالب الدول الخليجية سيضعها بعزلة مستحقة.
قطر أبرمت اتفاقية مع إيران تسمح للحرس الثوري بالتدخل في إقليمها البحري..
استشاري الأمن الدولي والاستاذ المحاضر بأكاديمية دفاع “الناتو” اللواء أ.ح. “سيد غنيم”، معلقاً على دعم تركيا وإيران عسكرياً لقطر، بأنه أمر يجب ألا يدعو للدهشة أو المفاجأة.
مضيفاً: “أنه في عام 2014، ومع بدايات فترة أوباما الرئاسية الثانية أعلنت الإدارة الأميركية توجهها للانسحاب تدريجياً من الشرق الأوسط، تلاه في تموز/يوليو 2014 اتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وقطر، وإنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر يصل قوامها لـ3000 جندي خلال ثلاث أعوام، وتعود بدايات هذه الاتفاقية لعام 2002”.
موضحاً “غنيم”، أن “قطر” أبرمت في تشرين أول/أكتوبر 2015 اتفاقية مع “إيران”، بموجب هذه الاتفاقية تسمح قطر للحرس الثوري الإيراني بالتدخل في الإقليم البحري القطري والتصدي لأي عمل إرهابي اعتباراً بأن إيران في المقام الأول تحمي نفسها، وقد وقعت الاتفاقية القطرية الإيرانية عام 2015، وتنص الاتفاقية كذلك على مساعدة وتدريب إيران للقوات البحرية القطرية في جزيرة “قشم” الإيرانية. مضيفاً أن آخر إتفاقية أمنية موقعة بين البلدين عام 2010 تشمل التعاون في “حراسة الحدود ومكافحة تهريب المخدرات والأقراص المؤثرة عقلياً ومكافحة الجرائم التي تقع داخل وخارج البلدين”.
متابعاً أنه في تشرين أول/أكتوبر 2016 تم إبرام اتفاقية دفاع مشترك بين “الهند” و”قطر” بشأن خطط الأمن البحري المشترك، واتفاقات بشأن الأمن وإنفاذ القانون، تلاها في كانون أول/ديسمبر 2016 اتفاقية دفاع مشترك بين “باكستانط و”قطر”، استكملت في شباط/فبراير 2017.
مشيراً إلى أنه في شباط/فبراير 2017 ايضاً، قامت المبعوث الدائم لقطر بالأمم المتحدة السفيرة شيخة “عالية أحمد آل ثاني”، بإلقاء كلمة أمام الجمعية العمومية بالأمم المتحدة، أكدت فيها على أن قطر حريصة على التعاون مع كافة السلطات الدولية لإنهاء التطرف العنيف، مستعرضة العديد من جهود قطر الرامية إلى القضاء على تهديد الإرهاب، بما في ذلك اتفاقيات الشراكة الإستراتيجية الموقعة مع الأمم المتحدة في هذا المجال. موضحاً أن ما قامت به سفيرة قطر لدى الأمم المتحدة ما هو إلا إجراء وقائي معروف يتم عند اسشتعار الدولة الخطر من احتمال اتهامها بواسطة مجلس الأمن في ذات الشأن، ومن الواضح أن قطر كانت تتحسب ليوم كهذا.
ثلاثة أسباب لقطع العلاقات..
أوضح استشاري الأمن الدولي لواء “سيد غنيم”، أن أسباب قيام كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر بقطع علاقتها مع قطر, يرجع إلى ثلاثة أسباب رئيسة، أولها يتلخص في سلوك دولة قطر تجاه إيران، باعتبارها قوة إسلامية قادرة على حفظ التوازن الأمني بالمنطقة، وهو سبب مُعلن وليس أمراً مُستحدثاً أو جديداً على المراقبين.
وثانيها يتعلق بدعم قطر لما أسمته (الإسلام السياسي) مثل تنظيمات “القاعدة” و”داعش” والمصنفين دولياً تنظيمات إرهابية، فضلاً عن تنظيم “الإخوان المسلمين” والمحظور إقليمياً، وغيرهم، وهو يُعد أيضاً سبب مُعلن ومعروف جيداً.
والسبب الثالث رغم وضوحه إلا أنه غائب عن كثيرين، وهو “المنافسة السياسية والاقتصادية الخليجية/الخليجية”. فقد شهدت منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال السنوات الست الماضية عدة مؤشرات للمنافسات السياسية والاقتصادية بين “المملكة العربية السعودية” و”الإمارات العربية المتحدة” من جهة و”قطر” من جهة أخرى.
تغيير الإدارة الأميركية..
أما بشأن السبب في توقيت ما يحدث الآن مع قطر، فهو ببساطة تغيير الإدارة الأميركية، وتحديداً الرئيس “ترامب”، والذي يحاول أخذ مساراً مخالفاً تماماً للرئيس “أوباما”، فقد كان “أوباما” متفاهماً تماماً مع الرؤية القطرية بشأن تجنب التوتر بين دول الخليج وإيران لضمان الاستقرار وتوازن القوى بالمنطقة، فضلاً عن دعم الإدارة الأميركية آنذاك لمشروع الإسلام السياسي المتمثل في “الإخوان المسلمين”، والذي تبنته ودعمته قطر مالياً وإعلامياً ودعمته تركيا سياسياً.
تحرك “روحاني” حدث بسبب ضغط جماعات المصالح..
متخصص الشؤون الإيرانية “د. محمد محسن أبو النور” اوضح، لـ(كتابات)، إن الأزمة العربية – القطرية انفجرت يوم 5 حزيران/يونيو 2017، ولم يتحدث الرئيس “روحاني” عنها إلا يوم الأحد 20 حزيران/يونيو، مؤيداً سلوك “الحرس الثوري” ورجال الأعمال والتجار في الأزمة.
متسائلاً: “لماذا انتظر روحاني 20 يوماً حتى يفصح عن رأيه في استغلال مؤسسات بلاده لهذه الخلافات ؟”.. قائلاً أنه يميل – من خلال دراسته لشخصية روحاني – إلى أنه أضطر لفعل ذلك بضغوط من جماعات المصالح المرتبطة بالحرس الثوري، وخاصة “اللوبي المالي” في طهران المقرب منه، والذي يحصل على صفقات من الباطن عن طريق شركات “الحرس الثوري” الذي يسيطر كلياً الآن على الدوحة.
متسائلاً أيضاً: “هل يعني ذلك تبرئة روحاني ؟”.. مجيباً بـ”لا”.
لأن الفارق بين الإيرانيين والعرب أنهم يعرفون أين تكمن مصالحهم ويتحركون نحوها، ويمارسون السياسة والدبلوماسية بل والسلاح لو لزم الأمر لتحقيقها, خاصة إذا عرفنا أن الحكومة الإيرانية خططت لتصدير بضائع بمليار دولار إلى الدوحة. وليعمل الشبان الإيرانيون ولتدار ماكينات مصانع “أصفهان وشيراز ويزد” وليتعلم العرب طرق تحقيق المصالح القومية.
وجود العامل السعودي هو سبب التقارب..
حول طبيعة التقارب القطري الأيراني، يرى مركز “المزماة” للدراسات والبحوث الإستراتيجية، أن التقارب الذي يتسع حالياً بين إيران وقطر هو وجود العامل السعودي، وما تمخض من اختلاف في المواقف السياسية والنهج المتبع بين السعودية وقطر في التعامل مع الأزمات التي مرت في المنطقة.
بمعنى أن المحرك الأساسي للتقارب الإيراني القطري هو الخلافات بين قطر من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى، ثم مدى جدية النظام الإيراني في دعم النظام القطري وتحالفه معه أمام أي خطر قد يواجهه.
وإن دخول إيران على الخط الساخن في دفاعها عن قطر أمام السعودية والإمارات هذه المرة، في حين أنها لم تكن تجازف بهذه الحماية لقطر في الخلافات التي كانت تحدث سابقاً، يعود إلى سببين:
الأول: على ما يبدو أن “إيران” متيقنة هذه المرة أن لا مصالحة ستتم على الأمد القريب بين “قطر” و”السعودية والإمارات”، وأنها كانت بالفعل على دراية بوقوع هذه الخلافات مسبقاً، لا سيما بعدما كشفت صحيفة “عكاظ” عن أن قطر كانت تتجسس لصالح إيران في القمم التي جرت مؤخراً في الرياض، ما جعلها تدخل للدفاع عن قطر لعلمها أن هذه الخلافات لا حل لها على الأمد القريب، ولا شك أنها تعمل في الخفاء أيضاً من أجل تمكين قطر من الثبوت على مواقفها أمام السعودية والإمارات.
الثاني: هذه المرة، التي وقعت فيها الخلافات، جاءت في خضم العداء الإيراني السعودي، وبعد التحالفات التي شكلتها السعودية مع أميركا ودول عربية وإسلامية، وأصبحت إيران لا تكترث للموقف السعودي أو الإماراتي في حال دعمت قطر ضدها.
رغم وجود خلافات سابقة بين دول الخليج، غير أن هذه الخلافات والتوترات وخاصة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى قد تفاقمت بشكل غير مسبوق في هذا الوقت، والسبب إعلامياً هو تصريحات أدلى بها أمير قطر ينتقد خلالها السياسة السعودية ويعتبر معاداة إيران باعتبارها قوة إقليمية مؤثرة لا فائدة منها، إضافة إلى رفضه نعت جماعة “حزب الله” وحركة “حماس” على أنها إرهابية معتبراً إياها جماعات مقاومة.
ولكن في الحقيقة فإن السبب الحقيقي لهذا الخلاف، الذي تحول حالياً إلى عداء، هو تراكم خيانات قطر للسعودية والإمارات واستمرارها سراً في دعم الجماعات المصنفة إرهابياً لدى السعودي والإمارات، وخاصة جماعة “الإخوان المسلمين”، والجماعات المسلحة في ليبيا وأخيراً ميليشيات “الحشد الشعبي”.
أدلة التقارب القطري – الإيراني..
ليس فقط اتصال “روحاني” بتميم الدليل الوحيد على التقارب الإيراني القطري، بالإضافة إلى تصريحات “تميم” حول أهمية إيران الإقليمية، وإنما أيضاً ما قامت به قناة “الجزيرة” القطرية من تغطيتها للانتخابات الإيرانية، والتي أظهرت بأن إيران دولة ديمقراطية تتجاوز ديمقراطيات الغرب متناسية ديكتاتورية “نظام الملالي” وقمعه وتدخلاته في المنطقة، واستضافة إيران نحو 39 من مندوبي المؤسسات الإعلامية والبحثية القطرية، كما وتغيرت لهجة الإعلام القطري تجاه إيران وأذرعها، حيث استخدم موقع “الجزيرة” الإلكتروني مصطلح “الجيش العربي السوري” بدلاً من مصطلح “قوات النظام” الذي استخدمته الشبكة الإعلامية منذ عام 2011، كما قامت أيضاً بتغطية فاعليات خطاب السيد “حسن نصر الله” الذي هاجم فيه قمم الرياض الثلاثة التي عقدت مؤخراً.
كما وأنه بعد تصريحات أمير قطر تغير النهج الإيراني تجاه قطر، والذي دائماً ما يشن هجوماً عليها ويصفها بالدولة الراعية للإرهاب، و”تميم” بعراب التطرف في المنطقة.
ولا تزال وسائل الإعلام الإيراني تلعب دور الساعي نحو سلخ قطر عن الصف الخليجي والعربي، وتظهر الأمور بصورة داعمة للمواقف القطرية، وتكشف مزيداً التقارب القطري للمحور الإيراني، مركزة في تناولها للأزمة القطرية على عدة محاور أهمها:
- أن “قطر” لا ترضى بدور محدود في المنطقة.
- هذه الإجراءات غير لائقة بدولة “قطر”.
- مواقف “قطر” الأخيرة حيال “الرياض” نموذج للخطوات العملية والاستقلالية.
- “قطر” ترى نفسها وحيدة وتبحث عن حلفاء أقوياء في المنطقة مثل “إيران”.
- تفكك التحالف السعودي المعادي لإيران.
- الاختلافات بين “السعودية” و”قطر” حول الحدود والملفات الإقليمية ليست بالجديدة، ولا يمكن إخفاؤها، وهذه الخلافات كنار تحت الرماد يمكن اشتعالها في أي لحظة.
- تصريحات المسؤولين القطريين ضد السعودية ليست جديدة، فقد تسربت مكالمة هاتفية بين “حمد بن جاسم” وزير خارجية قطر السابق و”معمر القذافي” الرئيس الليبي السابق، كشفت الستار عن مشروع تقسيم السعودية، الأمر الذي آثار ضجة كبيرة في ذلك الوقت.