16 نوفمبر، 2024 5:25 ص
Search
Close this search box.

الأزمة الأخطر منذ سقوط “صدام” .. المشهد العراقي يختنق بين إرادة الشعب وآلاعيب ساسة إيران !

الأزمة الأخطر منذ سقوط “صدام” .. المشهد العراقي يختنق بين إرادة الشعب وآلاعيب ساسة إيران !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

أصبح المشهد السياسي العراقي أكثر تعقيدًا وضبابية بسبب الإجراءات الغير مرضية للشارع العراقي فبين ترشيح تحالف موالٍ لـ”إيران”؛ لوزير التعليم العالي لتولي المهمة، ورفض الرئيس “صالح” للضغوط، ومعارضة ساحات الاحتجاج و”الصدر” للترشيح، أستأنف المتظاهرون حراكهم، بالتزامن مع دخول الطلبة في إضراب.

مسؤول عراقي ذكر، مساء أمس، أن رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، لوح بالاستقالة إذا استمر الضغط لتكليف مرشح لا يوافق عليه العراقيون.

في حين، أفادت مصادر بأن قيادات تحالف (البناء) رشحت، “قصي السهيل”، رسميًا لرئاسة الحكومة العراقية.

إعادة مخاطبة مجلس النواب..

وكانت رئاسة الجمهورية في “العراق”، قد خاطبت “مجلس النواب” من جديد، في وقت سابق من أمس الأحد؛ لإعلامها باسم الكتلة الأكبر، وذلك بعد أن حددت “المحكمة الاتحادية العليا” مواصفات تلك الكتلة المناط بها تسمية رئيس لتشكيل الحكومة العراقية، بعد استقالة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”.

المصادر ذكرت أن الرئيس، “برهم صالح”، أرسل كتابًا رسميًا للمرة الثانية إلى “مجلس النواب” يطالب فيه بإعلان اسم الكتلة الأكبر تحت قبة البرلمان لاختيار مرشحها لمنصب رئاسة الوزراء في الحكومة الانتقالية.

وقبلها بساعات، أعلن المتحدث الرسمي باسم “المحكمة الاتحادية العليا” في العراق، “إياس الساموك”، أن رئيس الجمهورية طلب من المحكمة تحديد الكتلة الأكبر الوارد ذكرها في المادة (76) من الدستور، موضحًا أن الكتلة الأكبر هي التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، أو الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية داخل البرلمان.

دعوى لحقن الدماء..

وكان زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، قد دعا في تغريدة على (تويتر)، موجهًا كلامه إلى (كتلة البناء) العراقية، ووزير التعليم العالي، “قصي السهيل”، المرشح لرئاسة الحكومة، إلى حقن الدماء قائلًا: “أحقنوا الدم العراقي واحترموا أوامر المرجع، (في إشارة إلى المرجع الشيعي العراقي، علي السيستاني)”، مضيفًا: “احترموا إرادة الشعب وأحفظوا كرامتكم، هذا خير لنا ولكم وللعراق أجمع”.

كما يُشار إلى أن كتلة “البناء”، (المؤلفة من تحالف هادي العامري ونور المالكي)، أدعت، في وقت سابق، أنها تُشكل الكتلة الأكبر في البرلمان، وقررت في اجتماع لتحالف (البناء)، عقد السبت، في منزل “المالكي” داخل “المنطقة الخضراء”؛ تشكيل وفدين الأول للتفاوض مع القوى السياسية الكُردية، والثاني للتفاوض مع القوى السُنية حول رئيس الوزراء المقبل.

دعوات لإضراب عام..

وفي مقابل تلك الخطوات على المستوى الميدانى، توافد آلاف الطلاب، أمس، إلى “ساحة التحرير”، وسط “بغداد”، للتأكيد على تمسكهم بمطالب الحراك، الرافض لترشيح أسماء محسوبة على الأحزاب لتشكيل الحكومة الجديدة.

كما دعا آلاف المتظاهرين العراقيين إلى إعلان الإضراب العام، في عدة محافظات جنوب البلاد، رفضًا للأسماء المرشحة لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، لا سيما اسم وزير التعليم العالي، “قصي السهيل”، في وقت دخلت رئاسة الجمهورية، صباح أمس الأحد، في خرق التوقيتات الدستورية المحددة لتكليف رئيس حكومة خلفًا لرئيس الوزراء المستقيل، “عادل عبدالمهدي”.

تحدي لإرادة الشعب ونصائح المرجعية..

وتنظر جماعات الحراك إلى طرح ترشيح وزير التعليم الحالي، “قصي السهيل”، المنتمي إلى ائتلاف (دولة القانون)، الذي يتزعمه، “نوري المالكي”، بوصفه تحديًا سافرًا لإرادة الشعب وإستهانة بدماء آلاف الضحايا الذين سقطوا في الاحتجاجات التي إنطلقت، مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي.

كذلك يُنظر إليه بوصفه تحديًا متعمدًا لنصائح مرجعية “النجف”، التي يدّعي تحالف (الفتح) إلتزامه بتوصياتها، خصوصًا بعد أن أوصت خلال خطبة الجمعة الماضية، القوى السياسية بترشيح شخصية سياسية “غير جدلية”.

وتشير المصادر المطلعة على كواليس الغرف السياسية؛ إلى أن تحالف (الفتح)، الذي يضم غالبية القوى والفصائل المسلحة الموالية لـ”إيران”، يتمسك بقوة باختيار شخصية “موالية وضعيفة” يسهل التحكم بها وتوجيهها الوجهة التي تتناسب مع مصالحها والمصالح الإيرانية في “العراق”.

كما تؤكد المصادر أن: “قوى وفصائل (الفتح) لا ترغب في صعود رئيس وزراء قوي ربما يتجرأ على فتح ملفات القتل والاغتيال التي طالت ناشطين وتتهم شخصيات وجهات مقربة منه بالضلوع فيها، كذلك تخشى أن يقوم الرئيس الجديد وبإسناد من جماعات الحراك بفتح ملفات كبرى ضمنها ملفات الفساد والعمل على حرف مسار علاقات العراق الدبلوماسية بمحيطه الإقليمي والعالم التي لا تتناسب مع توجهات (الفتحاويين)”.

وتشير غالبية التوقعات المحلية إلى إمكانية قيام المحتجين بعمليات تصعيد غير مسبوقة، في حال أصرت القوى السياسية على اختيار “السهيل” أو غيره من الشخصيات الحزبية لمنصب رئيس الوزراء.

أكثر ضبابية وتعقيدًا..

ورأى “هاشم الشماع”، عضو مركز “العراق”، للتنمية القانونية، في تصريح لـ (كتابات)؛ أن المشهد العراقي بات أكثر ضبابية وتعقيدًا وإنسدادًا؛ بل بات المشهد في الزاوية الضيقة عند إحتدام الإرادتين الشعبية والسياسية؛ وكلاً منهما يريد أن تتغلب إرادته على الآخر، في وسط هذا الإعتراك يواجه رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، ضغوطًا متعددة من قِبل الجميع وكلٌ يريد أن يسحبه إلى منطقته، بصفته حارس الدستور وعليه أن يطبقه، لكن هذا الدستور واجه الكثير من الإهمال والتجاوز والطعن من قِبل الجميع خلال السنوات الماضية، ويبدو أن رئيس الجمهورية يميل إلى كفت المتظاهرين المطالبين بشخصية بديلة بعيدة عن رحم القوى السياسية، ولهذا يحاول أن يبحث عن مخارج عدة؛ منها سلوكه بإرسال كتاب إلى البرلمان يستوضح منه من هي الكتلة الأكبر دستوريًا، وتارة يرسل إلى “المحكمة الاتحادية” نفس الطلب، ولما تجيب المحكمة يُعيد الكرة لـ”مجلس النواب”.

إذا تقاعد “صالح” سيذهب المشهد إلى المنطقة الخطرة..

ويضيف “الشماع” أن كل ذلك هو مماطلة وتسويف ومضيعة للوقت، في ذات الحال الشارع العراقي ملتهب لما يدور من تسويف لمطالبه وكسر إرادته، رئيس الجمهورية يحاول أن يواجه هذه الضغوط والتهديدات بمساءلته بالتهديد المضاد أيضًا من خلال التلويح بالاستقالة حسب مقرب منه، وإذا استقال رئيس الجمهورية سيتقعد المشهد أكثر ونذهب إلى المنطقة الخطرة.

وأوضح أنه؛ وسط هذا المشهد الملتهب نرى (سائرون) تتناغم مع مطالب الشارع ولَم تشارك في اَي اجتماعات للكتل السياسية لاختيار البديل، ولكن الآن المآخذ على (سائرون) إنها تنازلت عن حقها في ترشيح شخصية بديلة، في الوقت الذي جاء تفسير “المحكمة الاتحادية” مطابق لمواصفات (سائرون)، فيجب عليها الآن سحب هذا التنازل وتقديم مرشح ساحات التظاهرات للخروج من عنق الزجاجة.

أما الشارع الآن فأعتقد “الشماع” أنه يتوعد باعتصامات وتظاهرات مليونية وواسعة في عموم الوسط والجنوب لعدم تنفيذ مطالبه، ويلاحظ تحرك شعبي في “إقليم كُردستان” و”صلاح الدين والأنبار وديالى” بالتحرك على نفس إيقاع محافظات الجنوب العراقي؛ مما يؤشر إلى محاصرة كبيرة للقوى السياسية.

أعتقد إذا لم تنفذ المطالب للمتظاهرين سندخل في حفرة اللاعودة؛ وبذلك تتحمل القوى السياسية المسؤولية، خاصة وأن بعض القوى الخارجية تنتظر حدوث هذا الوقوع لتنفذ أجنداتها.

الكتل السياسية لا نية لديها للإصلاح..

وفي تقرير لها؛ رأت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية أن النفوذ الإيراني يتعاظم داخل “العراق”، معتبرة أن الحدود العراقية باتت مفتوحة لزيارات المسؤولين الإيرانيين الذين يقودون حملة لمواجهة احتجاجات العراقيين.

كما اعتبرت الصحيفة الأميركية أَن الكتل السياسية ليس لديها نية بالإصلاح ولا تدرك مدى الخطورة التي يسير فيها “العراق”. وأشارت إلى أن الأحزاب القريبة من “إيران” تُشن حملة قتل وحشية تستهدف الناشطين والأطباء الذين يقودن المظاهرات.

إلى ذلك؛ تطرقت إلى التظاهرات التي تعم “العراق”، منذ أكثر من شهرين، دون تحقيق لمطالب المحتجين، بل على العكس، قامت السلطات العراقية بقمعهم بشكل وحشي في بعض الأحيان.

الأخطر منذ سقوط “صدام حسين”..

كما نبهت الصحيفة، الساسة في “العراق”؛ إلى أن الأزمة السياسية هي الأخطر منذ الإطاحة بـ”صدام حسين”، قبل 16 عامًا، معتبرة أنه مع ذلك يبدو القادة العراقيون غير مدركين للأمر، وغير متوافقين حول خطة لإصلاح الحكومة تلبية لمطالب المتظاهرين، حتى البرلمان لم يدرس بجدية التغييرات المقترحة على قانون الانتخابات التي طرحها الرئيس، “برهم صالح”، والتي من شأنها أن تقلل من تأثير الأحزاب والفساد الذي ترعاه هذه الفئات.

وتابعت مشيرة إلى أن الموعد النهائي الدستوري للبرلمان لترشيح رئيس وزراء جديد، جاء وأُجل وعاد ولم يحدث أي تغيير.

مأزق الرئيس المكلف..

وتعليقًا على مسألة ترشيح رئيس وزراء مقبول وتكليفه تشكيل حكومة جديدة، قالت “ماريا فانتابي”، كبيرة المستشارين في “العراق” و”سوريا” لصالح مجموعة الأزمات الدولية: “من الصعب جدًا العثور على شخص مقبول على نطاق واسع في الشارع العراقي وبين أوساط المتظاهرين، وفي الوقت عينه لديه دعم حزبي أو سياسي لإدارة المرحلة الانتقالية”، مضيفة أنه: “من غير المرجح أن يتبنى البرلمان إصلاحات من شأنها أن تنهي حياة أعضائه، كما من غير المرجح أن يقبل المحتجون أي شيء أقل من ذلك”.

لا نية للبرلمان للحد من النفوذ الإيراني..

إلى ذلك؛ اعتبرت الصحيفة الأميركية أن البرلمان لا يبدو أيضًا مستعدًا لإيجاد طريقة تحدٍ من النفوذ الإيراني. وذكرت كيف كان السياسيون والعسكريون الإيرانيون – بمن فيهم شخصيات بارزة مثل “قاسم سليماني”، رئيس (فيلق القدس) – يدخلون ويغادرون “بغداد” من أجل ضمان أن يكون أي مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة موال لـ”إيران”.

وفي هذا السياق؛ شددت “فانتابي” على: “أن العثور على شخص مقبول في الشارع العراقي، ومن الأحزاب السياسية الشيعية وإيران يبدو مستحيلاً إلى حدٍ بعيد”.

كما أفادت الصحيفة بأن “إيران” تشعر بقلق، خاص لأنها تحتفظ بنفوذها في الوزارات العراقية، خاصة تلك التي تتعامل مع المسائل الأمنية والاقتصادية.

ومع “العقوبات الأميركية” المشددة ضد “إيران”، تحتاج “طهران”، بشكل متزايد، إلى “العراق” من أجل “التنفس” اقتصاديًا – سواء بالنسبة لأسواقها أو لأغراض عسكرية، أو لحماية مصالحها في “سوريا” و”لبنان”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة