30 نوفمبر، 2024 1:52 ص
Search
Close this search box.

الأحد المقبل .. بريطانيا والمفوضية الأوروبية يتفقا على مستقبل ما بعد “بريكست” !

الأحد المقبل .. بريطانيا والمفوضية الأوروبية يتفقا على مستقبل ما بعد “بريكست” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

اتفقت “المفوضية الأوروبية” و”بريطانيا” على اتخاذ قرار حازم بشأن مستقبل ما بعد (بريكست)، بحلول الأحد المقبل.

هذا الاتفاق “الأوروبي-البريطاني” تم، الأربعاء، بين رئيس الوزراء، “بوريس غونسون”، ورئيسة المفوضية، “أورسولا فون دير لايين”، لوضع النقاط فوق الحروف بخصوص مرحلة ما بعد خروج “لندن”.

وأجرى الزعيمان، خلال مأدبة عشاء في بروكسل: “مناقشة صريحة”، وأشارا إلى أنه لا تزال هناك فجوة “واسعة جدًا” بين لندن وبروكسل.

وقد اتفق الطرفان على أن المناقشات يجب أن تستمر في الأيام المقبلة.

المواقف لا تزال متباعدة..

ورغم هذه الخطوة، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية من أن مواقف “بروكسل” و”لندن” لا تزال “متباعدة جدًا”؛ فيما يخص شروط الاتفاقية التجارية لمرحلة ما بعد خروج “بريطانيا”.

وقالت “فون دير لايين”، في بيان، إثر عشاء عمل مع رئيس الوزراء البريطاني، “بوريس غونسون”: “أجرينا مناقشة حيوية ومثيرة للاهتمام. لقد اكتسبنا فهمًا واضحًا لمواقف بعضنا البعض.. هي لا تزال متباعدة”.

وأضافت: “اتفقنا على أن تجتمع فِرَق (التفاوض) على الفور لمحاولة حل هذه القضايا الأساسية. وسنتخذ قرارًا بحلول عطلة نهاية الأسبوع”.

وبعد أشهر من المحادثات الشاقة في خضمّ الأزمة الصحية، دخل “الاتحاد الأوروبي” و”بريطانيا”، تشرين ثان/نوفمبر الماضي، في الجولة الأخيرة من المفاوضات حول مرحلة ما بعد (بريكست) للتوصل في ختامها إلى اتفاق تجاري غير مسبوق، أو في خلاف ذلك إلى فشل سياسي مرير.

المنافسة..

وتتعثر المفاوضات بسبب ثلاث مسائل؛ أولها “المنافسة”، حيث أن “الاتحاد الأوروبي” على استعداد لتقديم اتفاقية تجارية غير مسبوقة إلى “لندن” بدون رسوم جمركية أو حصص، لكن دون أن يسمح بأن يتطور على أبوابه اقتصاد غير منضبط قد ينافسه بشكل غير نزيه.

لا يمكن مثلاً السماح لـ”المملكة المتحدة” بالتسبب بمزيد من التلوث؛ بينما يتعين على المنتجين في القارة احترام معايير بيئية صارمة. ولـ”المفوضية الأوروبية” طلب واحد بشأن البيئة؛ وكذلك قانون العمل أو الشفافية الضريبية، وهو أن يتعهد البريطانيون بعدم تقليصها.

لكنها تدعو أيضًا إلى وضع: “بند للتطور” لتحسين هذه المعايير الدنيا على مر الوقت لتبقى “قواعد اللعبة” عادلة. ومن بين الإمكانيات أن يقترح كل طرف عمليات تحديث يمكن الاتفاق عليها بعد ذلك.

لكن “الاتحاد الأوروبي” يريد أيضًا ضمان تقارب على مر الوقت؛ وإلا فإنه ينوي اللجوء إلى تدابير مضادة أحادية الجانب وفورية، مثل فرض رسوم جمركية حتى قبل حل المشكلة بإجراء تحكيم تقليدي. لكن “لندن” تعارض ذلك بشدة.

الحوكمة..

وثاني هذه المسائل هي “الحوكمة”، حيث أن إنجاز النص المقبل قانونيًا أساس للأوروبيين منذ مشروع القانون البريطاني الأخير، الذي يشكك في أجزاء معينة من المعاهدة السابقة المبرمة بين الطرفين، وهي اتفاقية الانسحاب التي تحكم مغادرة “المملكة المتحدة”، في 31 كانون ثان/يناير، والفترة الانتقالية التي تنتهي في نهاية العام الجاري. وألحق هذا التغيير ضررًا كبيرًا بثقة المفوضية في “بريطانيا”.

ويتفاوض الطرفان على آلية لتسوية المنازعات، أي محكمة للتحكيم في حال خرق الاتفاقية على غرار ما هو موجود في معاهدات تجارية أخرى في العالم.

لكن ما زالت هناك نقطة خلاف تتعلق ببند يطالب به “الاتحاد الأوروبي” ويسمح، في حال إنتهاك في مجال ما في الاتفاقية بفرض عقوبات في مجال آخر. مثلاً، إذا انتهكت “المملكة المتحدة” اتفاقية صيد السمك، يمكن لـ”الاتحاد الأوروبي” تطبيق تعريفات على السيارات.

صيد السمك..

والإشكالية الثالثة تكمن في “صيد السمك”، فقد وعد الأوروبيون باتفاق سريع بشأن “صيد السمك”؛ لتهدئة صياديهم الذين يخشون من أن يخسروا إمكانية دخول المياه البريطانية الغنية بالسمك.

لكن تصلب المواقف على ضفتي “بحر المانش”؛ جعل التوفيق بين الطرفين صعبًا. فالجانب الأوروبي يُصر على إبقاء الوضع على ما هو عليه في ما يتعلق بدخول هذه المياه، و”لندن” تريد سيطرة كاملة وتحديد حصص يتم التفاوض عليها كل سنة.

وهذا النشاط لا يمثل سوى جزء ضئيل من اقتصاد الدول، الـ 27 و”المملكة المتحدة”، إذ يقوم الأوروبيون بصيد ما قيمته 635 مليون يورو كل عام في المياه البريطانية، والبريطانيون 110 ملايين في مياه “الاتحاد الأوروبي”.

ومع ذلك تبقى هذه القضية قابلة للانفجار ومسيسة جدًا من قِبل عدد قليل من الدول الأعضاء: (فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا والدنمارك وإيرلندا).

أما البريطانيون فأدركوا الفائدة التي يمكن أن يجنوها من هذا الملف في المفاوضات.

وباتت الدول الـ 27 متفقة على أن الوضع لا يمكن أن يبقى على حاله، وقد يقوم كبير المفاوضين الأوروبيين، “ميشال بارنييه”، بصياغة اقتراح لعرضه على “لندن”، في الأيام المقبلة.

لكن أي خسارة أوروبية في المياه البريطانية يفترض أن يتم التعويض عنها بخسارة بريطانية في المياه الأوروبية.

يُذكر أن “بريطانيا” خرجت رسميًا من “الاتحاد الأوروبي”، في 31 كانون ثان/يناير الماضي، إلا أن تأثير الانفصال لن يظهر قبل؛ الأول من كانون ثان/يناير 2021، بعد إنتهاء الفترة الانتقالية التي يُفترض أن يتواصل خلالها تطبيق المعايير الأوروبية.

بريكست” مؤلم اقتصاديًا !

ومع أو بدون اتفاق، يُتوقع أن يتسبب خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي” بمزيد من التأرجح في الاقتصاد البريطاني، الذي تعصف به أصلاً الأزمة التاريخية الناجمة عن تفشي فيروس (كورونا) المستجدّ؛ ويبدو أن التحسن المأمول سيتطلب وقتًا.

ففي الأول من كانون ثان/يناير 2021، ستنفصل “بريطانيا” عمليًا عن “الاتحاد الأوروبي”، شريكها التجاري الرئيس، من خلال مغادرة “السوق الموحدة والاتحاد الجمركي”، اللذين استفادت منهما شركات بريطانية كثيرة على مدى عقود.

وإذا كان حجم الأضرار يعتمد على نتيجة المفاوضات الجارية حاليًا بين “لندن” و”بروكسل”، فإن الخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن يكون (بريكست) مؤلمًا اقتصاديًا.

توقعات بانفصال دون اتفاق..

وتتوقع “جامعة لندن للاقتصاد” أن يكون: “بريكست من دون اتفاق”، أي العودة لفرض رسوم جمركية وتدابير رقابية على الحدود، مكلفًا أكثر من (كوفيد-19)، لأن تداعياته ستكون ظاهرة لفترة أطول، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

ولم تُخف الحكومة المحافظة السابقة؛ تأثير (بريكست) في المستندات الرسمية، التي كُشف عنها أواخر عام 2018. وبحسب التقديرات، آنذاك، سيتسبب الانفصال “من دون اتفاق”؛ في تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.6 في المئة على مدى 15 عامًا. وإذا جرى التوصل إلى اتفاق، سينخفض بنسبة 4.9 في المئة، وهو تأثير كبير إلى حد ما، ويُشكل مؤشرًا للتحدي المتمثل في مغادرة “الاتحاد الأوروبي”.

وسيُشكل غياب الاتفاق التجاري صدمة مزدوجة مع أزمة الوباء، وسيُترجم بدءًا من 1 كانون ثان/يناير المقبل، من خلال إعادة فرض قواعد “منظمة التجارة العالمية” مع رسوم جمركية تكون أحيانًا باهظة على مجموعة كبيرة من المنتجات، بدءًا بقطع السيارات، وصولاً إلى اللحوم.

وستشهد شركات كثيرة ارتفاع تكاليفها في ليلة وضحاها، ويُتوقع أن تزيد الأسعار بالنسبة للمستهلكين أيضًا، خصوصًا في مجال الأغذية والمنتجات الطازجة، التي يتمّ استيراد قسم كبير منها من “الاتحاد الأوروبي”. وقد يفاقم هذا الواقع إنهيار “الجنيه الإسترليني”، مما سيزيد أسعار السلع المستوردة.

غير أن اتفاقًا تجاريًا لن يحلّ كل المشكلات، وسيبقى أقلّ فائدة من السوق الموحدة التي تضمن مبادلات سلسة مع القارة.

ويلغي اتفاق تبادل حرّ الرسوم الجمركية أو يقلّصها بشكل كبير، إلا إنه لا يلغي الإجراءات الإدارية والرقابية على الحدود. لذلك، يجري حاليًا إنشاء 10 مواقف هائلة للشاحنات في جنوب إنكلترا بهدف إحتواء زحمة السير التي يُخشى أن تكون خانقة في البداية.

اضطرابات لا مفر منها..

الخبير الاقتصادي في معهد “كابيتال إيكونوميكس” للأبحاث، “توماس بوغ”، يرى أنه: “ستحصل اضطرابات لا مفرّ منها في الوقت الذي تتعرف فيه الشركات على القواعد الجديدة. لكن هذه الفترة يجب أن تكون قصيرة نسبيًا”، ويمكن للندن وبروكسل: “أن تتفاهما على معادلات للخدمات المالية”، وهو قطاع أساس بالنسبة لـ”بريطانيا”.

ويتوقع “بنك إنكلترا المركزي” تراجع الصادرات واضطرابًا في سلاسل الإمدادات، مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة واحد في المئة، في الفصل الأول من عام 2021.

وتعلّمت الشركات والأسواق التعايش مع إنعدام اليقين منذ الصدمة التي أثارها تصويت البريطانيين لمصلحة (بريكست) أثناء استفتاء عام 2016.

ضغوط لتجنب الخروج دون اتفاق..

فبعد مرور 4 أعوام ونصف العام، يُمارس أرباب العمل والنقابات ضغوطًا على الحكومة للقيام بكل ما يمكن لتجنّب الخروج من دون اتفاق.

وقال الرئيس الجديد لاتحاد الصناعة البريطاني، “توني دانكر”، لصحيفة (فايننشيال تايمز)، في نهاية الأسبوع الماضي: “إنها لحظة محبطة للغاية”، لكنها: “ليست من اختصاص الشركات. إنها سياسة”.

وقطاع صناعة السيارات معرّض للتحولات بشكل خاص؛ إذ إنه يصدّر قسمًا كبيرًا من إنتاجه إلى “الاتحاد الأوروبي”. وتضمّ “بريطانيا” على أراضيها شركات مصنعة دولية مستعدة لإغلاق مقارها إذا لم يسر (بريكست) على ما يرام.

ولم تخف شركة “نيسان” اليابانية واقع أن مصير مصنعها في “سندرلاند” على المحكّ.

ويؤكد رئيس الوزراء البريطاني، “بوريس غونسون”، من جهته أن البلاد ستزدهر حتى في حال الانفصال من دون اتفاق، خصوصًا عبر إبرام اتفاقات تجارية مع كل دول العالم.

استمرار ركود الاقتصاد البريطاني..

تنفيذ (بريكست) يأتي مع الخروج الفعلي، في الأول من كانون ثان/يناير المقبل، في نهاية فترة انتقالية، في أسوأ مرحلة يشهدها الاقتصاد البريطاني، الذي يتعافى بالكاد من صدمة الوباء ومن ركود تاريخي تقدّر الحكومة نسبته بـ 11.3 في المئة لعام 2020، قبل انتعاش بنسبة 5.5 في المئة عام 2021.

وترى “منظمة التعاون والتنمية” في الميدان الاقتصادي أن البلد يمرّ بـ”لحظة حرجة” في مواجهة هاتين الصدمتين.

وتتوقع المنظمة أن يستمرّ الركود الاقتصادي البريطاني بنسبة 6 في المئة، أواخر عام 2021، مقارنة بمستواه فيما قبل الأزمة.

وحدها “الأرجنتين” من بين الاقتصادات الرئيسة في العالم، تسجّل ركودًا (- 8 في المئة)؛ أكبر من ذلك المسجّل في “بريطانيا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة