خاص : ترجمة – آية حسين علي :
تعيش قطاعات من الشعب التركي بين تأييد النظام وحملته العسكرية شمال شرقي “سوريا”، وبين التعاطف مع الميليشيات الكُردية ومعارضة عملية “نبع السلام”؛ مدينتي “سروج” و”أقجة قلعة” تتبعان إلى نفس المحافظة “أروفة”؛ إلا أنه يبدو أن سكان كلًا منهما يعيشون في عالم آخر فيما يخص موقفهم من الحرب؛ إذ بينما قام سكان “أقجة قلعة” بإعداد الحلوى والطعام وإرسالهم إلى الجنود، احتفل سكان “سروج” بالاتفاق الذي وقعته الميليشيات الكُردية مع النظام السوري.
هل لا يزال هناك أكراد ؟
ذكرت صحيفة (البايس) الإسبانية؛ أن الشعب التركي لديه نظرة مختلفة فيما يخص عملية “نبع السلام” التي تنفذها بلاده شمال شرقي “سوريا”، وأشارت إلى أن أحد الأتراك يدعى، “أكرم”، إقترب من مراسلها بمدينة “أقجة قلعة” الحدودية، وسأله: “هل لا يزال هناك أكراد في البر الثاني ؟”، وأوضحت الصحيفة أن التركي لم يسأل عن تواجد ميليشيات تابعة لـ”قوات سوريا الديموقراطية” أو “وحدات حماية الشعب”، أو “حزب العمال الكُردستاني”، وإنما استخدم مصطلح “أكراد”؛ رغم أن الخطاب الرسمي يؤكد أن الحرب تستهدف الميليشيات الإرهابية الكُردية وليست الأكراد بشكل عام.
وتابعت الصحيفة أن الرجل أجاب: “يرجع ذلك إلى اختباء بعض منهم في كهوفهم، إنهم يهاجمون جنودنا من الخلف”، وأردف: “أعذرني على كلماتي البذيئة، لكنهم مثل الكلاب، يختبئون في أنفاق ويوجهون ضربات مفاجئة لجيشنا ثم يرجعون إلى الإختباء”.
الحرب منعتهم من العمل ويؤيدونها..
تُعد مدينة “أقجة قلعة” التركية، الواقعة قرب الحدود مع “سوريا”، مسكنًا رئيسًا للاجئين السوريين؛ يعيشون إلى جانب السكان الأصليين، البالغ عددهم نحو 115 ألف نسمة، أغلبهم من العرب، وكثير منهم لديهم أقارب يعيشون في البلد المجاور، ولفتت الصحيفة إلى أن “أكرم” مثله مثل كثير من الشباب التركي الذي يراوضه حلم الهجرة، وتعتبر “أروفة” أحد المناطق الأشد فقرًا في البلاد؛ إذ يبلغ نصيب الفرد نحو 1562 يورو سنويًا.
وقال صديقه، “إسماعيل”، للصحيفة الإسبانية، إنه لا توجد فرص عمل في المدينة حاليًا، وقبل بدء الحرب في “سوريا” كان من الممكن عبور الحدود إلى “سوريا” وجلب بضاعة مثل؛ السكر والشاي والسجائر والهواتف وبيعها، ومع ذلك، ورغم أن الأمر قد يبدو متناقضًا إلا أنهما يدعمان العملية التركية داخل “سوريا”.
وأوضح “إسماعيل” أنه بمجرد أن تتمكن “تركيا” من تطهير المنطقة سوف يعود الوضع إلى طبيعته، وسوف تفتح الحدود ومن ثم سيتمكن التجار من مزاولة أنشطتهم، داعيًا الله أن يبارك في جيش بلاده.
بينما أعترف “حسين”، الذي يقيم في قرية “أكدكن”، أن الحرب في “سوريا” ليست أمرًا محببًا، لكن عدم بدء العملية كان يحمل خطرًا كبيرًا، مضيفًا: “الإرهابيين يقعون على الجانب الآخر من الحدود ويتسللون إلى داخل بلادنا”، وتابع: “أشعر الآن أنني أنعم أكثر بالحرية والهدوء، لأنني أعلم أن جنودنا يحمونني”.
“سروج” تكذب الإعلام وتعارض العملية..
تُعد الأوضاع الاقتصادية في منطقة “سروج” شبيهة بمدينة “أقجة قلعة”؛ كما يقترب عدد السكان فيهما، لكن تسكنها أغلبية كُردية، ويُعد موقف سكانها من الحرب مختلفًا؛ إذ يدعمون الميليشيات الكُردية ويعارضون العملية، وصرح أحد سكان المدينة للصحيفة الإسبانية بأنه: “هنا لا نشاهد القنوات التليفزيونية التركيا، إنها تسوق الأكاذيب”، وأوضح أنه عرف بالعملية التركية من خلال صفحات على (إنستغرام) ومنصات أخرى مؤيدة للميليشيات الكُردية، وهي أيضًا دعائية مثل القنوات التركية، وعندما سئل عن سبب تأييد مناطق أخرى للعملية؛ أجاب بأن السبب يرجع إلى كونهم عرب.
وقال “عمارة”، أحد سكان المدينة: “عندما بدأت العملية التركية في سوريا، كان الناس يشعرون بالقلق”، وبالفعل سقطت قذائف داخل البلدة وقُتل 3 أشخاص، لكن “السكان لا يعرفون على وجه الدقة ما إذا كانت القذائف قد أطلقت من قِبل أكراد سوريا، أم أطلقها الأتراك”، وأضاف: “في اللحظة التي دخل فيها الروس والجيش السوري إلى كوباني، شعرنا بأننا أكثر اطمئنانًا”، وأوضح أنه يعلم أنه لولا سمحت “موسكو” لما تمكنت “أنقرة” من تنفيذ هجومها في هذه المنطقة.
ولا يصدق السكان من الأتراك أو العرب أن تكون القوات المسلحة التركية قد قتلت مدنيين، خلال عملية “نبع السلام”، كما أكدت “أنقرة” أن ما قيل بهذا الخصوص هو محض دعاية يسوقها إرهابيون ووسائل إعلام أجنبية، لكن الوضع في “سروج” مختلف؛ لأن المواطنين الأكراد الذين يؤمنون بالقومية الكُردية لا يقتنعون بفكرة أن يكون أكراد مثلهم هم من أطلقوا عليهم القذائف من الجانب الآخر من الحدود.