خاص : كتبت – هانم التمساح :
تصدرت عملية مقتل قائد (فيلق القدس)، التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية الخبرية الأميركية، وكذلك الصحف البريطانية، التي أكدت غالبيتها على أهمية مقتل قائد عسكري وصفته بأنه: “لطخت يداه بالدماء؛ ولعب دورًا بارزًا في تأجيج الصراعات في الشرق الأوسط، ويُعتبر الرجل الثاني في إيران بعد المرشد”، لكن في الوقت ذاته، يخشى العديد من المراقبين ومن بينهم دبلوماسيون وعسكريون أميركيون سابقون من تصعيد خطير بين “واشنطن” و”طهران”. وحذر بريطانيون، إدارة بلادهم؛ في تظاهرات خرجت تندد بالحرب من الإنزلاق خلف “ترامب” في حرب جديدة؛ وقالوا أنه بالرغم مما يبدو من عدم الوفاق في تصريحات مسؤولي “لندن” و”واشنطن”، على عكس ما حدث وقت غزو “العراق”؛ إلا أن هذا الخلاف شكلي متوقعين إنخراط بلادهم في الحرب إن حدثت.
إحتفاء ومخاوف..
وتحت عنوان: “مخاوف من صراع جديد بعد قتل الولايات المتحدة، قاسم سليماني”، نقل موقع (مليتاري تايمز) الأميركي المتخصص في مراقبة شؤون الدفاع، عن “وليام فالون”، الأدميرال المتقاعد الذي أدار القيادة المركزية الأميركية، بين عامي 2007 و2008؛ القول إن مقتل “سليماني” يمثل “ضربة كبيرة” لـ”إيران”، مشيرًا إلى أنه: “ليس هناك أدنى شك في أنه كان في بغداد للتحضير لعمل ما”.
وأحتفى “سيث فرانتسمان”، في مقال له بصحيفة (غيروساليم بوست) الإسرائيلية؛ بمقتل “قائد الظل” و”أخطر عدو لإسرائيل”، الذي كان: “يفلت كل مرة، (من الاغتيال)، حتى لقي نهايته هذه المرة”.
كتب “فرانتسمان”: “حدث ما لا يمكن تصوره”، مشيرًا إلى أنه: “تم استهداف الرجل الذي وقف وراء مساعي إيران للهيمنة الإقليمية”.
“مارا كارلين”، المسؤولة السابقة في “وزارة الدفاع” الأميركية، والتي لديها خبرة بمنطقة الشرق الأوسط وعملت مؤخرًا نائبة لمساعد وزير الدفاع للشؤون الإستراتيجية وتطوير القوات، قالت إن الضباط العسكريين الذين خدموا في “العراق” يكنون “كراهية” شديدة لـ”سليماني”، لمسؤوليته عن مقتل المئات من العسكريين الأميركيين.
(وول ستريت جورنال)؛ وتحت عنوان: “ضربة أميركية أمر بها ترامب تقتل قياديًا عسكريًا إيرانيًا في بغداد”، توقعت أن: “يؤجج مقتله التوترات المتصاعدة بين واشنطن وطهران ويزيد من حدة الإحتكاكات في الشرق الأوسط المضطرب”.
تحدثت الصحيفة عن: “فصل جديد وخطير” محتمل من التوتر بين البلدين؛ تصاعد بعد أن حاول أنصار مليشيا شيعية، تدعمها “إيران”، اقتحام السفارة الأميركية في “بغداد”، هذا الأسبوع.
مقامرة ضخمة لـ”ترامب”..
محررو موقع (بوليتيكو) كتبوا تقريرًا بعنوان: “مقامرة ضخمة لترامب بقتل سليماني”؛ وأشاروا فيه إلى أن الضربة الجوية التي استهدفته “تعني القضاء على عدو أميركي خطير، لكن مقتله يمثل أيضًا تصعيدًا خطيرًا في نزاع متقلب يمكن أن يأتي بنتائج عكسية على أفراد وحلفاء أميركيين”.
الجنرال المتقاعد، “ديفيد بترايوس”، الذي أشرف على “زيادة” عديد من القوات الأميركية في “العراق”، بعد عام 2003؛ توقع حدوث “ردود فعل (إيرانية) في العراق؛ وربما سوريا والمنطقة”.
موقع (بوليتيكو) ذكر أن الضربة الأخيرة فاجأت حتى بعض أعضاء إدارة “ترامب”، الذين قالوا إن: “قتل الجنرال الإيراني لم يتم النظر فيه بجدية، (على الأقل ليس مؤخرًا)”.
مسؤول أميركي، نقل عنه الموقع، قال إن الأهم الآن هو معرفة “الخطوة الإيرانية التالية”. مسؤول أميركي سابق، عمل في ملف الشرق الأوسط؛ قال إن الضربة مهمة بشكل خاص لأنها استهدفت “قائد جهاز دولة”، لكننا “نحتاج إلى أن نكون مستعدين لأننا الآن في حالة حرب”.
إلا أن “فالون”، قائد القيادة المركزية السابق؛ الذي تحدث لموقع (مليتاري تايمز)، الذي رجح تصاعد التوتر بين “الولايات المتحدة” و”إيران”؛ استبعد في الوقت ذاته وقوع “حرب واسعة النطاق”.
وقال “فالون”: “سيكون من المثير للاهتمام معرفة حجم الضربة المضادة التي تريد إيران تجربتها”، وتوقع أن تشن “هجمات إرهابية” وأن يقدم قادة الميليشيات التي تدعمها إيران “عرضًا جيدًا أمام السفارة الأميركية في بغداد”.
وأضاف: “سواء كانت الهجمات التي ستشنها إيران بالناقلات أو هجمات بالطائرات من دون طيار، سيتعين عليها أن تحسب إلى أي مدى ستذهب هجماتها”.
وصفوها بالخسارة الكبيرة لإيران..
وقالت (وول ستريت جورنال)؛ إن مقتل سليماني “سيُحرم إيران من زعيم يتمتع بالكاريزما والفعالية ويدير شبكة إيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكنه يثير أيضًا بشكل كبير فرص حدوث مواجهة عسكرية كبيرة بين واشنطن وطهران ووكلائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
“أندرو إكسوم”؛ الذي عمل نائبًا لمساعد وزير الدفاع لسياسيات الشرق الأوسط، كتب مقالًا على موقع (ذا أتلانتيك)؛ تحت عنوان: “إيران تخسر رجلها الذي لا غنى عنه”، وذكر أن “سليماني” قضى الكثير من وقته في بلدان عربية أكثر من الوقت الذي قضاه داخل بلده، واعتبر الكاتب مقتله “خسارة كبيرة لإيران وحلفائها”.
الصحف البريطانية : الحرس الثوري لن ينهار..
تناولت الصحف البريطانية، الصادرة الإثنين؛ تبعات مقتل القائد العسكري الإيراني، “قاسم سليماني”، على منطقة الشرق الأوسط والعالم، في ضوء تبادل التهديدات بين “الولايات المتحدة” و”إيران”.
ونشرت صحيفة (آي) مقالًا تحليليًا كتبته، “بل ترو”، تقول فيه إن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، جعل من سليماني “شهيدًا”، مشيرة إلى أن “الحرس الثوري” الإيراني “لن ينهار بمجرد قتل أحد قادته”.
وتقول “ترو” إن بعض المعلقين سارعوا، بعد تأكيد مقتل “قاسم سليماني” في غارة أميركية على مطار “بغداد”، إلى الحديث عن إنهيار وشيك لـ (فيلق القدس)، الذي يقوده، وكذا شبكة المليشيا التي تُسيرها “إيران” عبر العالم.
فقد صور هؤلاء المشهد بأن كل هذه التنظيمات التي دربها “الحرس الثوري” الإيراني وسلحها في الخارج؛ مثل (الحشد الشعبي) في “العراق”، و(حزب الله) في “لبنان”، ستنهار بمجرد مقتل “سليماني”، الذي شبهوه بـ”أسامة بن لادن”، وفقًا لما جاء في المقال.
لكن الكاتبة ترى أنه من السذاجة الإعتقاد بأن كل هذه التنظيمات ستنهار ومعها “الحرس الثوري” لمجرد مقتل أحد قادته، فالإيرانيون خططوا لمثل هذا اليوم.
وتقول “ترو” إن: “هذا القائد الغامض الذي أشرف على قتل مئات الجنود الأميركيين في العراق وعلى عمليات القتل والحصار في سوريا هو الوجه الأبرز للمصالح العسكرية الإيرانية في المنطقة، وهو إنتاج حملة إعلامية متقنة، وموته لن يؤثر على الحرس الثوري وقدراته؛ لأن هيكلته أكثر تعقيدًا، ولن تقطع علاقات إيران بالكيانات والمليشيا التابعة لها في الخارج”.
وتضيف أنه قد تحول الآن إلى “شهيد رمز عند أنصاره”، ولذلك فإن مقتله قد يؤدي نتيجة عكسية تمامًا ويجلب المزيد من التأييد لتلك الجماعات، مثلما حدث مع اغتيالات مشابهة، على غرار مقتل القيادي في (حزب الله)، “عماد مغنية”، عام 2008.
وتشير الكاتبة إلى خروج مسيرات تعاطف في “الأحواز” وفي “غزة والعراق ولبنان”.
وتقول إنه؛ باغتيال “سليماني” والتهديد، على (تويتر)، بضرب المواقع الثقافية في “إيران”، أوقد “ترامب” شعلة الإنسجام القومي والتماسك في المجتمع الإيراني بشكل لم يكن متوقعًا بالنظر إلى حالة الغليان الشعبي والغضب من قمع المسيرات والمظاهرات المناوئة للحكومة.
“تعاطف مع إيران” !
ونشرت صحيفة (الغارديان) مقالًا تحليليًا كتبه، “باتريك ونتور”، يتوقع فيه المزيد من التعاطف مع “إيران” بعد مقتل القائد العسكري، “قاسم سليماني”، بغارة أميركية داخل “العراق”.
ويقول الكاتب إن المتأمل في التغريدات والخطابات النارية من “واشنطن” و”طهران” يجزم بأن وقت الدبلوماسية قد مضى، وأن الطرفين باتا على أبواب حرب لا مفر منها عقب مقتل “قاسم سليماني”. ولعل الأمر الوحيد الذي يمسكهما هو التفكير في العواقب.
وبحسب المقال؛ فإن “إيران” جربت مزاج الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، المتقلب، ومهما كانت رغبة الإيرانيين قوية في الانتقام لمقتل “سليماني”؛ فإن قادة “الاتحاد الأوروبي” يسعون لإقناع القيادة الإيرانية بأن أي ضرب لأهداف أميركية في الشرق الأوسط سيدفع “ترامب” إلى التصعيد أكثر.
ويضيف الكاتب أن “إيران” هاجمت، في السنوات الأخيرة، “الولايات المتحدة” وحلفاءها؛ عن طريق جماعات ومليشيا موالية. لكن “الولايات المتحدة” لها قوات قوامها 60 ألف جندي في المنطقة، من بينها أكثر 5 آلاف في “العراق”، ولذلك فإن الدبلوماسيين سيجدون صعوبة كبيرة في إنجاح مساعي التهدئة، على الرغم من وجود قنوات بين “واشنطن” و”طهران”.
ومن بين هذه القنوات؛ “سلطنة عُمان واليابان والاتحاد الأوروبي”، وكذا “السفارة السويسرية”.
مقتل “سليماني” حقق نصرًا لإيران !
لكن الكاتب يرى أن مقتل “سليماني” حقق نصرًا لـ”إيران”؛ عندما صدق “البرلمان العراقي” على قرار يطالب بالعمل على رحيل القوات الأميركية من البلاد. ويرد على تصريح وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، بأن العراقيين خرجوا يهتفون إبتهاجًا لمقتل “سليماني”؛ بأن الاغتيال أضعف القوى المناوئة لـ”إيران” في “بغداد”، وأن ضبط “طهران” نفسها سيقوي شوكة الأطراف العراقية الموالية لـ”إيران”، تزامنًا مع التفاوض لتعيين رئيس وزراء جديد.
ويضيف أن المزاج العام الموالي لـ”إيران” قد يجد طريقه أيضًا إلى عدد من العواصم في المنطقة، لأن الناس بدأوا يستنكرون تهديدات “ترامب”، الذي أصبح أقل رؤساء “الولايات المتحدة” شعبية في الشرق الأوسط.
“الرد المتكافيء”..
ونشرت صحيفة (التايمز) مقالًا افتتاحيًا تقول فيه؛ إن قرار “الولايات المتحدة” قتل أحد أكبر جنرالات “إيران” سيكون له تأثير طويل الأمد على المنطقة، ولكن من مصلحة كل طرف تجنب التصعيد العنيف.
وتذكر الصحيفة أن المعارضين للرئيس، “ترامب”، في “واشنطن”، أصدروا تحذيرات خطيرة من أن قراره قتل “سليماني”؛ قد يُشعل فتيل الحرب بين “الولايات المتحدة” و”إيران”. ولكنها ترى أن الحقيقة غير ذلك، وأن تأثير العملية سيكون أقل بكثير
وتضيف أن “إيران” سترد حتمًا، ولكنها ستضطر إلى تحجيم ردها بعناية كبيرة. فالنظام بحاجة إلى رد يظهر أنه قوي يصون به صورته في الداخل، التي أضعفتها “العقوبات الاقتصادية”، ولكن ليس بالقوة التي تستفز “الولايات المتحدة” وتدفعها إلى نزاع عسكري ستنتصر فيه “أميركا” دون شك.
وتقول (التايمز) إن العملية الأميركية كانت في حد ذاتها متوازنة مقارنة بالخيارات الأخرى التي كانت أمام “ترامب”، فهو لم يضرب في الأراضي الإيرانية، ولا في “لبنان”. وأي ضربة عسكرية إيرانية مباشرة لأهداف أميركية مثل الهجوم على سفن أميركية في الخليج ستدفع “واشنطن” إلى الرد بضرب محطات تكرير “النفط” بالمناطق الساحلية الإيرانية.
فقد وضعت السلطات الأميركية الخطوط الحمراء حول منشآتها ومواطنيها عندما حدد “ترامب” 52 موقعًا إيرانيًا، بعضها مواقع لها قيمة ثقافية ستكون هدفًا أميركيًا إذا هاجمت “إيران” المصالح الأميركية.
وعلى الرغم من تهديدات “ترامب”؛ فإن “الولايات المتحدة” تتوقع ردًا من “إيران”. ويدعي الإيرانيون أن “واشنطن” نبهت، في رسالة إلى “طهران”، عبر “السفارة السويسرية”، إلى ضرورة أن يكون الرد “متكافئًا”.
وهذا دليل، حسب الصحيفة؛ على أن المنطقة لا تتجه نحو حرب مفتوحة. ولكن الاغتيال سيكون له تأثير طويل الأمد على المنطقة والعالم. وقد أعلنت “إيران” أنها رفعت جميع القيود عن تخصيب (اليورانيوم)، منهية بذلك إلتزامها بـ”الاتفاق النووي”.
وترى (التايمز) أن “الولايات المتحدة” بحاجة إلى إستراتيجية للحفاظ على نفوذها في “العراق”، حيث صدق البرلمان على لائحة غير مُلزمة تدعو إلى طرد القوات الأميركية من البلاد. وأسعار “النفط” بدأت تتحرك، كما شعر قادة “الاتحاد الأوروبي” بالقلق؛ لأنهم لم يخطروا بالعملية مسبقًا، وهم متخوفون من لجوء “الولايات المتحدة” إلى إجراءات أكثر صرامة.
وتقول الصحيفة إن عملية الاغتيال كانت تهدف إلى إرغام “إيران” على الكف عن رعاية ما وصفته، بـ”الإرهاب بالوكالة”، وإشعال النزاعات المسلحة والفتن في منطقة الشرق الأوسط.
تعجب من إستهانة إيران بمقتل “المهندس” !
ونشرت صحيفة (صنداي تلغراف) مقالًا تحليليًا كتبه الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية، “ديفيد بارتريكاراكوس”، عن الرجل الذي ربط بين جميع المليشيات الموالية لـ”إيران” في “العراق”، “أبومهدي المهندس”، ولكن اغتيال “قاسم سليماني” غطى على خبر مقتله.
يقول “ديفيد” إنه استغرب الطريقة التي تعاملت بها “إيران” و(الحشد الشعبي)، في “العراق”، مع مقتل “أبومهدي المهندس”، في الغارة الأميركية على “مطار بغداد”، مع “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس).
فبعد ساعات فقط من وقوع الغارة؛ كتب حساب (الحشد الشعبي)، على موقع (تويتر)؛ منشورًا بسيطًا يقول: “تنبيه، يؤكد الحشد الشعبي استشهاد نائب قائد الحشد الشعبي، أبومهدي المهندس، وقائد فيلق القدس في غارة أميركية قُرب مطار بغداد الدولي”.
ثم بعدها لم يصدر أي شيء عن المليشيا الأخرى، التي تنضوي تحت لواء (الحشد الشعبي)، كما لم تنشر منظمة (بدر) أي تحديث على صفحتها، على (فيس بوك)؛ إلا في آخر نهار الجمعة.
ويرى الكاتب أن مقتل الرجلين أربك (الحشد الشعبي)، وأنها تواجه الآن مشكلتين لا يتحدث عنهما أحد. المشكلة الأولى هي مقتل “المهندس”، الذي غطى عليه مقتل “قاسم سليماني”.
وبحسب الكاتب، فـ”المهندس” كان يعرف بولائه المطلق للنظام الإيراني؛ كما أنه كان يربط بين مختلف المجموعات المسلحة التي تنضوي تحت لواء (الحشد الشعبي)، وهو الذي أسس عددًا منها.
المشكلة الثانية؛ هي الاحتجاجات المناوئة لـ”إيران” التي تشهدها “بغداد”. فالمحتجون لهم مطالب مشروعة ولا يزالون حتى الآن متمسكين بمطالبهم.
ومن بين هؤلاء المحتجين مقاتلون في مليشيا (الحشد الشعبي)، فهم شيعة ملتزمون، ولكنهم وطنيون عراقيون سئموا من تلاعب “إيران” بشؤون بلادهم الداخلية، على حد قول الكاتب.
وعلى القيادة أن تختار إما أن تبقى وفية للمحتجين أو تعود إلى حضن “إيران”. ولذلك فإنه من الصعب التوصل إلى اتفاق للإصطفاف ضد أعداء “إيران”.
ويختتم مقاله بالقول؛ إنه إذا أرادت “طهران” الانتقام فعليها أن تستعد لذلك أكثر من أي وقت مضى.
“إيران سترد بقوة”..
ونشرت صحيفة الـ (أوبزرفر) مقالًا كتبه، “سيمون تيزدل”، يقول فيه أنه ما من شك أن “إيران” سترد بقوة.
مشيرًا “تيزدل” إلى إن “قاسم سليماني” أصبح مهندس توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة بعد سقوط نظام الرئيس، “صدام حسين”، على يد الأميركيين، في عام 2003. وتمكنت “إيران” من فرض سيطرتها في “العراق”. ثم إمتدت تلك السيطرة إلى “سوريا وغزة ولبنان واليمن”، في وجه “الولايات المتحدة” وحلفائها.
وكان “سليماني” رمز هذه المواجهة المستمرة مع “واشنطن”، التي ستحدد شكل رد “إيران” على عملية الاغتيال التي أمر بها الرئيس، “دونالد ترامب”.
ويرى الكاتب أن إدعاء بعض المحللين، في “واشنطن”، بأن ضعف “إيران” سيجعلها تتخلى عن فكرة الانتقام؛ دليل على قلة معرفة أغلب الأميركيين بحقيقة هذه البلاد.
فأغلب الإيرانيين، داخل البلا،د ينظرون إلى القتل على أنه إعلان حرب ويعتبرون “سليماني” شهيدًا لابد من الانتقام لمقتله، مثلما أشار إليه المرشد الأعلى، “علي خامنئي”، ووزير خارجيته، “محمد جواد ظريف”. وسيستغل النظام هذا الاغتيال لحشد الدعم له.
ويرى “سيمون”؛ أنه ما من شك أن “إيران” سترد بقوة في الوقت والمكان الذي تختاره، ومن المحتمل أن يكون الرد على أكثر من جبهة.
ويضيف أن الأهداف الأميركية في المنطقة متوفرة؛ مثل القاعدة العسكرية في “البحرين”، التي فيها قيادة القوات البحرية في المنطقة، والأسطول الخامس، ستكون هدفًا بارزًا.
ولكنه لا يرجح هجومًا سافرًا على قاعدة أو منشأة أميركية. أما منشآت حلفاء “أميركا” في الخليج فلابد أنها ستكون أهدافًا للضربات الإيرانية، وأمام “طهران” العديد من الخيارات.
فيمكن أن تضرب منشآت نفطية إماراتية أو سعودية؛ مثلما فعلت بنجاح في خريف العام الماضي، باستعمال الطائرات المُسيرة، أو تغلق “مضيق هرمز” أمام الملاحة، لإحداث صدمة نفطية عالمية.
وقد أنشأت “إيران” قوات موالية لها وقواعد عسكرية وبطاريات صواريخ في “سوريا”، قريبًا من المدن الإسرائيلية.
وتملك “إيران”، بحسب الكاتب، خيارات سياسية أيضًا يمكن أن تستغلها ضد أعدائها؛ كأن تستغل الغضب الشعبي في “العراق” ضد استعمال “أميركا” للأراضي العراقية في عملية الاغتيال، وتحريض (الحشد الشعبي) على الضغط من أجل إخراج القوات الأميركية من “العراق”، وحتى الدبلوماسيين والمقاولين.
وقد تلجأ “إيران” إلى حلفائها؛ مثل “روسيا” و”الصين”، للحصول على الدعم السياسي والدبلوماسي، ولابد أنها ستحصل عليه في أي نزاع مع خصومها.
ذهب “سليماني”.. فلا ينبغي أن تحل الفوضى محله !
ونشرت صحيفة (صنداي تايمز) مقالًا افتتاحيًا؛ تقول فيه إن “سليماني” ذهب فلا ينبغي أن تحل محله الفوضى.
تقول الصحيفة إن اغتيال القائد العسكري الإيراني الكبير، “قاسم سليماني”، بطائرة مُسيرة أميركية، سيجعل العالم أكثر أمنًا دون شك. فخلال 20 عامًا، قاد “سليماني”، (فيلق القدس) في “الحرس الثوري”، في مهمة لتصدير العدوان والإرهاب الإيراني للشرق الأوسط والعالم.
وتضيف الصحيفة أن “سليماني” مسؤول عن مقتل مئات الجنود الأميركيين في حرب “العراق”، وربما عشرات البريطانيين، بتوفيره الألغام التي قتلتهم. كما سلح المليشيا الشيعية في “البصرة”، ودعم “بشار الأسد” في “سوريا”، ومكنه من قتل الآلاف من شعبه. وزرع بذور النزاع في “اليمن”، مما أدى إلى ما وصفته “الأمم المتحدة” بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم. وسلح (حزب الله) لتنفيذ هجماته على “إسرائيل”.
وكان يخطط، حسب الصحيفة، لهجمات على دبلوماسيين وعسكريين أميركيين، وهو ما جعل الرئيس الأميركي يعطي الضوء الأخضر لقتله.
وتقول (التايمز)؛ إن “سليماني” كان يستحق دون شك ما حصل له، ولكن السؤال هو إذا ما كانت طريقة اغتياله ستفتح الباب أمام نزاع أوسع في المنطقة. وتجيب الصحيفة أن “ترامب” تأخر في الواقع في الرد على استفزازات “إيران”، وآخرها إسقاط طائرة مُسيرة أميركية، وقصف منشآت نفطية سعودية، في أيلول/سبتمبر 2019، وسلسلة من الهجمات على قواعد أميركية في “العراق”.
وتضيف؛ أن “ترامب” حفظ درسًا من تجربة “أوباما”، هو أن عدم التحرك مثلما حدث في “ليبيا”، عندما قُتل السفير الأميركي، في “بنغازي”، سيضعف “أميركا” في العالم.
وترى الصحيفة أن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، لم يكن منصفًا عندما عبر عن إنزعاجه من موقف حلفائه الأوروبيين ووصفهم بأنهم لم يكونوا صريحين. وذكرت الصحيفة أن الحكومة الألمانية قالت إن القتل كان ردًا على استفزاز إيراني. أما “بريطانيا” فهي تواجه صعوبة التفاوض بشأن مستقبل علاقاتها مع “الاتحاد الأوروبي” دون المساس بشراكتها مع “الولايات المتحدة”.
وتقول (التايمز) إنه من الواضح أن “الولايات المتحدة” ليس لها إستراتيجية منسجمة في الشرق الأوسط. وتستبعد أن تندلع حرب ثالثة في الخليج، ولكن من المؤكد أن تستمر الأعمال العدائية والحروب بالوكالة، وهو ما لا تريده “أميركا”، ولا يريده الرئيس الأميركي، الذي سيكتشف أن التدخل في الشرق الأوسط أسهل من الإبتعاد عنه.