خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
يترقب جميع الخبراء والمحللين وصناع القرار، في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كيف سترد “طهران” على اغتيال قائد (فيلق القدس)، “قاسم سليماني”. هناك من يرى أن “طهران” متخوِّفة من الصدام العسكري مع “واشنطن”، خاصة أنها تُمر بتحديات داخلية وخارجية خطيرة، وهناك من يزعم أن الانتقام الإيراني قادم لا محالة.
غير أن الجميع تناسى أن “العراق” – بعد مقتل “سليماني” برفقة مسؤول (الحشد الشعبي) العراقي، “أبومهدي المهندس” – إنفلت من الهيمنة الأميركية؛ وأصبح يدور في فُلك ايراني.
لذا فإن أول رد فعل قوي قد صدر عن “بغداد”، وليس عن “طهران”. وبموافقة “البرلمان العِراقي” على طرد القوات الأجنبية، فقد تم حسم صراع النّفوذ بين “أميركا” و”إيران” على أرض “العِراق”؛ لصالح “نظام الملالي”.
العراق يقرر طرد القوات الأميركية !
كان “البرلمان العراقي” قد وافق، الأحد الماضي، على مقترح إنهاء وجود القوات الأجنبية وعدم استخدامها لأراضيه ومجاله الجوي ومياهه لأي سبب. ووفقًا لقرار البرلمان؛ فإن حكومة “بغداد” مُلزمة بإلغاء طلب المساعدة الأمنية من “التحالف الدولي”، الذي يقاتل تنظيم (داعش) الإرهابي، بسبب إنهاء العمليات العسكرية في “العراق” وتحقيق النصر.
جدير بالذكر أن قرارات البرلمان تختلف عن القوانين، إذ إنها غير مُلزمة للحكومة، لكن رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، دعا، في وقت سابق، إلى إنهاء وجود القوات الأجنبية في “العراق”. وهاجم “عبدالمهدي”، “الولايات المتحدة”، في كلمة له خلال الجلسة الطارئة للبرلمان بعد اغتيال، “سليماني”، ووصف قتل “سليماني” و”المهندس”؛ بأنه كان اغتيالًا سياسيًا.
إلغاء شرعيّة الوجود الأميركيّ..
بعد موقف “البرلمان العراقي”؛ قال الكاتب، “عبدالباري عطوان”، إن رصاصة الثّأر الأُولى من جريمة اغتِيال “سليماني” و”أبومهدي المهندس”؛ جاءت سياسيّة تشريعيّة وإنطَلقت من “برلمان بغداد”، الذي إتّخذ قرارًا بالأغلبيّة بطرد جميع القوّات الأجنبيّة، وعلى رأسها الأميركيّة، من “العِراق” فَورًا، وإلغاء الاتفاقيّة الأمنيّة، ومنع أيّ استخدام للأجواء العِراقيّة.
فيما أكد “مقتدى الصدر”، زعيم كُتلة (سائرون) في البرلمان، أنّ طرد القوّات الأميركيّة من “العِراق” يُعتَبر ردًّا هزيلًا لا يرتقي لمُستوى الإنتهاك الأميركيّ للسّيادة العِراقيّة، ولا بُد من أن يتم هذا الطّرد بطريقةٍ “مُذلّة”، ودعا الفصائل المسلّحة للاتّحاد وتشكيل أفواج المُقاومة المسلّحة لتوجيه ضربات لـ”أميركا” في الخارج؛ وليس في الداخل العِراقي فقط، وإغلاق “السّفارة الأميركيّة” وتجريم أيّ اتّصال بـ”واشنطن”.
وبحسب “عطوان”؛ فإن إنضمام، “مقتدى الصدر”، إلى (الحشد الشعبي)، وإتّخاذه هذا الموقف المُتشدّد، ومُطالبته بإذلال القوّات الأميركيّة؛ يَعكِس تحوّلًا خطيرًا جدًّا، وهو أن “العِراق” أصبح عُضوًا أصيلًا في “محور المُقاومة”، وقاعدة إنطلاقٍ ضِد “أميركا” وحُلفائها.
العراق يُرضي إيران على حساب مصالحه !
ترى الباحثة، “شذى خليل”، إن “البرلمان العراقي”، الذي اجتمع، الأحد الماضي، لم يدرك أهمية العلاقة الاقتصادية والأمنية مع “أميركا”، مشيرة إلى أن التحالف بقيادة “واشنطن”، في مواصلة قتال تنظيم (داعش) الإرهابي ودحره، يُعد مصلحة مشتركة لـ”أميركا” و”العراق”، لكن البرلمان لم يرى سوى إرضاء “إيران” والخضوع لإرادتها، إثر مقتل قائد (فيلق القدس) الإيراني، ونائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”.
وتُحذر الباحثة؛ من تداعيات موقف “البرلمان العراقي”، الذي سيدفع “الولايات المتحدة” لإلغاء الاستثناء الممنوح لـ”العراق” باستيراد “الغاز” و”الكهرباء” من “إيران”، مما سيؤثر سلبيًا على تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية. كما سيتعرض “القطاع المصرفي” العراقي للخسائر بسبب “العقوبات الأميركية” المحتملة. وسيلتزم “العراق” بدفع مليارات الدولارات إلى “الولايات المتحدة”؛ مقابل إخلائها لقواعدها العسكرية على أراضيه.
بلطجة أميركية !
أما الكاتب، “أسعد عبدالله”، فيبرر الموقف العراقي الرافض للوجود العسكري الأميركي، لا سيما في ظل المواقف الغربية الباهتة إزاء البلطجة الأميركية.
واعتبر “عبدالله” أن ما فعلته الإدارة الأميركية، من عملية اغتيال في قلب العاصمة العراقية، “بغداد”، يُعدُّ بمثابة “بلطجة أميركية”. مُضيفًا أن شركاء “أميركا”، الغربيين، كلهم تفاجأوا بما فعلته “أميركا” من قتل لقائد عسكري ايراني ومسؤول عراقي كبير.
فـ”أميركا” لم تهتم بالسيادة العراقية، ولا بموقف حكومة “بغداد”، ولا حتى بتنفيذ بنود الاتفاقية الأمنية التي تشترط إخبار “العراق” قبل الشروع بأي عملية، ولم تشغل بالها بإخبار شركائها بما تسعى لفعله، ولقد أحسَّ الغربيون بخطر الإعتراض على الموقف الأميركي، لذلك لجئوا فقط إلى دعوات ضبط النفس والتهدئة، فكان هذا جل جهد الغربيين.